أبو غازى يتفقد المعرض في افتتاح معرض الكتاب الذي نظمه قسم النشر بالجامعة الأمريكية، أكد الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة، أنه يحمل أكثر من دلالة من حيث كونه أول معرض بعد ثورة 25 يناير، ووجوده بالقرب من ميدان التحرير.. قلب أحداث الثورة، علاوة علي إقامته داخل مكان تاريخي وتعليمي مهم، كما أكد أن هذا المعرض ليس بديلاً عن معرض الكتاب الدولي، إلا أنه يشكل نقطة ارتكاز مهمة لإلقاء الضوء علي تقديم الكتاب، كما أعلن عن إقامة معارض أخري علي هذا النمط خلال الأسابيع القادمة بمبادرات من بعض دور النشر والمكتبات المصرية، وذكر أنه تناقش مع الدكتور أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب، ومحمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين، وعادل المصري رئيس لجنة المعارض في الاتحاد، لعمل معرض كتاب كبير في شهر رمضان المقبل، وسوف يختار له مكانا قد يكون بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب أو حديقة الخالدين أو بالمكانين معا بتكلفة مخفضة للعارضين، وأضاف أن معرض الكتاب القادم سوف يقام في موعده في يناير القادم، إلا أن مكان إقامته لم يحسم بعد، وبالنسبة للتعويضات عن عدم إقامة المعرض، فإن اتحاد الناشرين قدم طلباً ولازالت وزارة المالية تدرسه بعد النظر في معلومات وإيضاحات معينة، حيث أن تعويض كل من تعرض لخسائر أثناء أحداث الثورة مبدأ عام تم إقراره بعد الثورة مباشرة. وصرح مارك لينز، رئيس قسم النشر بالجامعة الأمريكية: "أن قسم النشر يؤمن بقوة بالأهمية الثقافية والفكرية لمعرض الكتاب الدولي بالقاهرة، لذلك كان إلغاؤه دافعاً لإقامة هذا المعرض، الذي نأمل أن يكون دافعا للناشرين والقراء والمفكرين والدارسين، للاشتراك في الندوات والمناقشات من أجل التغيير وإبتكار الأفكار لكتب جديدة". وتقول نبيلة عقل، مدير الدعاية بقسم النشر بالجامعة الأمريكية، إنه بالإضافة إلي تقديم مجموعة كبيرة من الروايات المترجمة عن العربية فهناك أكثر من مائتي كتاب عن مصر والشرق الأوسط في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منها كتاب الدكتور علاء الأسواني "عن الدولة المصرية: تأملات الروائي الاستفزازية"، وكتاب بهجت قرني "تغيير الشرق الأوسط: نظرة جديدة علي التغيرات الإقليمية الديناميكية"، علاوة علي كتاب جلال أمين "مصر في عصر حسني مبارك 1980-2011"، والنتيجة أو التقويم السنوي2011-2012 الذي يوضح تريفور تايلور المدير المساعد للمبيعات أنه يبدأ من إبريل 2011 إلي مارس 2012، وليس من يناير كما هو معتاد، وتزين هذا التقويم 12 صورة التقطها داكس روك، مدير مكتبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة. ويقول عاطف مصطفي الحطيبي، مدير المبيعات بقسم النشر بالجامعة الأمريكية، إن توزيع كتب الجامعة داخل مصر يزيد عنه خارجها، فبالإضافة للقراء المصريين؛ هناك القطاعات العاملة في السياحة والأجانب الزائرين، كما يتم تحليل شهري للمبيعات نستدل منه علي الكتب التي تحتاج إلي تنشيط. وفي مناقشة مفتوحة مع مجموعة من الأدباء أدارتها الدكتورة هدي وصفي ضمت: محمد سلماوي، وجلال أمين، وسلوي بكر، وأحمد صدقي، وسامية محرز، وبهاء عبد المجيد، ومحمد توفيق، وهبة حندوسة، وهالة البدري، وحمدي أبو جليل، وغيرهم تحت عنوان "الثقافة إلي أين"، تحدث محمد توفيق قائلا: "إن الأدب الآن يعالج الأزمة التي تعاني منها مصر، وكيف سمحنا لأنفسنا بالوصول إلي ذلك، وبالتالي عندما يكون توجه الجانب الرئيسي للأدب هو الثورة فيجب بعدها أن يتغير كل شئ، وتصبح جميع الإحتمالات موجودة، فكلنا لدينا أمل وفي نفس الوقت مخاوف كبيرة، وهذا ينعكس علي الأدب ولكن بشكل غير مباشر"، كما دعا الأدباء إلي الإحتشاد للمرحلة المقبلة التي سوف تشهد تحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية، ومدنية الدولة، والإنفتاح علي العالم، للمساهمة بدورهم الثقافي، حيث أثبتت الثورة وجود أدوات جديدة للعمل. أما الدكتورة سامية محرز فقد أشارت إلي أن مطالبها من الأدباء هي نفس مطالب الثورة وهي: التغيير والحرية والعدالة الإجتماعية، وتساءلت حول إمكانية التخطيط للثقافة، وأضافت: "أن ما حدث في الاستفتاء أظهر بشكل جلي مدي مقدرتنا كمثقفين علي التواصل مع هذة القاعدة العريضة، ولو كان هناك تواصل، ما أسفر الاستفتاء عن هذه النتائج، وأن ما حدث في التحرير أظهر أن الناس أكثر وعياً منا، وغيّر مفهوم الأمية، فبالرغم من أمية البعض، إلا إنهم كانوا أكثر ثقافة من بعضنا". وسردت الدكتورة هبة حندوسة نتائج مشروع للتنمية البشرية تم تحت إشرافها عن "الشباب في مصر" وقد كشف عن نسبة أمية عالية، علي الرغم من وجود أكثر من أربعة آلاف مركز شباب إلا أن 4 بالمائة فقط من الشباب هم الذين استفادوا منها، علاوة علي ارتفاع مستوي الفقر، وتمثلت الحلول في معالجة البطالة، وتقديم مشروعات للشباب خاصة في تعليم الأطفال ومحو الأمية، وذكرت أن تكلفة هذه المشروعات أقل من الحكومة. وتحدث الدكتورجلال أمين قائلا:" إن التخطيط في السياسة والاقتصاد أسهل من التخطيط في مجال الثقافة، الذي أتصور أنه يفسدها"، وذكر أن الثورة أمر حيوي لأنها تغير الظروف والمناخ العام، ونحن لكي نتحدث عن الآثار المحتملة للثقافة علينا الرجوع بالتاريخ قليلا، حيث نجد أن طه حسين أصدر كتابا طالب فيه بالانفتاح علي الغرب، قبل الحرب العالمية الثانية حين كانت صورة الغرب أفضل، بينما صدر بعد 15 عاماً كتاب آخر لعبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم أظهرا من خلاله أن الثقافة المصرية تسيطر عليها الطبقة العليا...، وبداية من الخمسينيات كان هناك إنغلاق فكري، ثم بعد السبعينيات حدث انفتاح علي العالم لكنه كان استهلاكيا أكثر منه إنتاجيا، مما أغضب الفئات الاجتماعية التي لم تستطع تحقيق نجاحاً مما غذي الاتجاهات الرجعية، والاتجاهات المغالية في اللاعقلانية، وهو ما حدث مرة أخري في الآونة الأخيرة، أما من حيث الإنتاج الثقافي فقد أسدت ثورة يوليو خدمة عظيمة للطبقة الدنيا برد الاعتبار إليها، وإطلاق طاقاتها، أما بالنسبة للثورة الحالية فكما أن الثورات تأتي بديمقراطية اجتماعية، وتصعد بشرائح اجتماعية إلي أعلي بعد أن كانت طبقات دنيا، كما فعلت ثورة 1952، لابد لثورة 25 يناير الجديدة من أن ترفع شريحة أخري دنيا لأعلي. ودعا الدكتور بهاء عبد المجيد إلي ضرورة إتاحة الفرصة لكل الناس لممارسة أي نشاط ثقافي بغض النظر عن اتجاهاتهم، والاهتمام بقيمة الفرد وبحريته، مع ضرورة إطلاق حرية الإبداع وحمايته، والاهتمام بجميع الفئات وليس المثقف وحده، وأضاف أن هناك ضمانات لاستمرار نجاح ثورة 25 يناير ومنها: أنها ثورة شعبية حقيقية، بل هي أعظم حدث في تاريخ مصر، فلأول مرة يصنع المصريون تاريخهم بأنفسهم، ويسقطون أوهاماً كنا نغذيها كمثقفين عن الشعب من خلال شخصياتنا السلبية، وأكد أن قوة السلم والتسامح هي التي أسقطت نظام الحكم وليس السلاح. أما الروائية هالة البدري فقالت إن عدم قدرة مصر علي محو الأمية شيء غير مفهوم، فقد استطاعت العراق وإيران مثلا محو الأمية لمن تحت 45 عاماً خلال ثلاث سنوات فقط. ثم سردت تجربتها مع الثورة. أما حمدي أبو جليل فتحدث عن الرقابة الشعبية التي تعمل علي مصادرة الكتب دون إجراء قانوني، وشدد علي ضرورة تفعيل دور وزارة الثقافة في حماية حرية الإبداع. أما محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب، فقد أكد علي أن المثقفين لم ينعزلوا عن المجتمع، فهناك سجل حافل للمثقفين المناضلين، بل أن الثورة كانت استجابة لمطالب المثقفين، كما أن أول بيان تأييد للثورة من النقابات المهنية صدر عن اتحاد الكتاب يوم 26 يناير، وضرب مثلا برواية "عودة الروح" لتوفيق الحكيم، التي كانت مصدر إلهام لثورة 1952 التي أعادت الروح للشعب المصري، وأن لافتات ثورة 25 يناير حملت شعارات نادي بها الكتاب والمثقفون علي مدي سنوات طويلة: الحرية، العدالة الاجتماعية، الكرامة الإنسانية، الديمقراطية. وأشار سلماوي إلي أن العصر الذهبي للثقافة بدأ بعد الثورة، التي كانت الثقافة سلاحها الثقيل، ثم حدثت بعد ذلك ردة اضطهد خلالها المثقفين، فبداية من السبعينيات حدث انفصام في شخصية الثقافة، فأصبحت لنا ثقافة مزدوجة: في الأوبرا وفي الشارع! ونحن نواجه الآن تحديا كبيرا، لأن الثورة كسرت الخط الفاصل بين الطبقة الحاكمة والشعب، لذا نحتاج إلي كسر هذا الحاجز، لكي تعود الثقافة مرة أخري معبرة عن القيم الحقة التي كانت دائما عنواناً لمصر علي مر تاريخها. ونبهت سلوي بكر إلي أن أخطر ما تناوله هذا اللقاء هو أن هناك إلتباسا يتعلق بالتخطيط الثقافي والإملاء الثقافي، لأنه في دولة معظم سكانها يعانون من الأمية، يُطرح سؤال مهم: هل نحن في حاجة لمؤسسة ثقافية؟ وما مهمات الثقافة في بلد من هذا النوع؟ وتجيب: إن دور الثقافة وتحديداً بعد الثورة هو المساهمة الفاعلة الجذرية في النهضة، إذن يجب وجود مؤسسة وتخطيط ثقافي. ولكن هل نستطيع من خلاله تفجير إبداعات عدد هائل من أبناء هذا الوطن؟ وتضيف: نحن بحاجة إلي مؤسسة ثقافية يديرها مثقفون، فالدور الأساسي للمثقف هو إنتاج أفكار تعين المجتمع علي النهضة، ويجب عودته لهذا الدور، وعلي مستوي الكتابة تقول سلوي بكر: إن المناخ الآن لن يجعل كاتباً يبدع رواية مثل "الأم" لماكسيم جوركي. وفي ختام اللقاء صرحت الدكتورة هدي وصفي ل"أخبار الأدب" قائلة: "لقد خرجت من هذا الاجتماع وفي اعتقادي أن مسألة أن نفرح بتخطيط مسبق للثقافة سابق لأوانه، وعلينا التأني لنعرف ما سوف يؤدي إليه هذا التفاعل، ثم محاولة قراءة الحصاد في المرحلة القادمة«.