قبل اندلاع الثورة بأيام، وعلي وجه التحديد في الأسبوع الأول من يناير الماضي أنشأ القاص الجنوبي محمد علي إبراهيم صفحة علي "الفيس بوك" يعلن من خلالها ترشحه للرئاسة تحت هذا الشعار "وليه لأ؟ محمد علي إبراهيم رئيساً 2011" في البداية ظن البعض أن الأمر محض دعابة، خاصة وأن تعديلات المادة 76 من دستور 1971 لم تكن لتسمح له بذلك.. لكن حلم هذا الأديب الصعيدي لم تمض عليه أيام حتي انطلق الشباب إلي ميدان التحرير ليقودوا البلاد إلي تغيير شامل جعل من امكانية ترشحه مسألة ممكنة. هل كنت جادًا في طرحك؟ بالقطع لم تكن دعابة, ولكن يجب الإشارة إلي أن هذا الطرح كان في الأسبوع الأول من يناير 2011 أي قبل اندلاع الثورة؛ وهذا يعكس مدي مصداقيتي في إحداث تغيير بداخل الوطن، وليس مجرد انتهاز لنتائج الثورة. وكان شعار حملتي "وليه لأ". فقد كنت أدعو وقتها للتخلي عن ثقافة الخوف، طارحا فكرة التحرر السياسي بطريقة سلمية. واعترف بأن الطرح قوبل بمستهجنين ومستهزئين كما قابله أيضاً خائفون ومؤيدون, ولا أخفي عليك سعادتي حين قامت دينا سليمان وعبد الله صبري بتصميم أول صفحة علي الفيس بوك لحملتي الانتخابية، وعندئذ ايقنت فقط أن المشوار قد بدأ. الثورة حلم داعب الكثيرين من أبناء الوطن.. فكيف كنت تراه قبل أن يتحقق علي أرض الواقع؟ رأيت الثورة كمرادف حتميّ لحالة السخط الذي كان يضغط علي عنق المصريين, ومعظم كتاباتي تبحث في هذه اللحظة, التي كنت أؤمن فيها بحتمية قيامها، ولكن هاجسي دائماً كان البحث عن آليات تفعيلها، ويتجه إحساسي لكونها ستكون انقلاباً عسكرياً، وربماً قضائيا. هل تشي رئاستك لإئتلاف 25 يناير بإدفو بملامحك كسياسي؟ خلال الثورة نظمت مع زملائي في إدفو أول مؤتمر شعبي تثقيفي سياسي لتعريف الناس بمفهومها وأهدافها، وحين رحل مبارك عقدنا مؤتمرا آخر للإجابة عن سؤال مهم: كيف يمكن الحفاظ علي مكتسبات الثورة بعد نجاحها؟. وكيف تري المشهد السياسي الآن؟ يبدو لي كلوحة صارخة الألوان مما يرهق العين ولا يعطيها مساحة للتأمل الهادئ, لكنني أثق في أن المشهد سيظل محصوراً بين الجيش والجمعية الوطنية للتغيير. في رأيك.. هل هناك قائد لهذه الثورة الشبابية؟ لا أخفي عليك أنني يسيطر عليَّ هاجسٌ قوي وهو أن هذه الثورة - مجهولة الهوية حتي الآن - يقف علي أعتابها خلايا تنظيمية تتقارب والفكر الشيوعي. قد يبدو كلامي غريباً لكن الاعتصامات الفئوية تحديداً تُلقي بظلال حمراء علي الثورة المصرية. هل أنت مشغول بنماذج حاكمة سابقة أم أن الإبداع يملي عليك خلق شخصية جديدة تماما؟ إن كنت تقصد أنني أستعيد هيئة لرئيس سابق فردي هو: بالطبع لا, ولكن هذا لا يمنع من قراءة التاريخ؛ والتطلع لنماذج مهمة - حتي لو لم تكن مصرية - لنأخذ منها الجيد. كيف يمكنك أن تفيد من الأدب لو وصلت إلي السلطة؟ عندئذ سيجد الأدب من يهتم به، ويُعلي من قيمة الثقافة والمثقفين, وسأظل أستقي رؤاي من خلال القراءة المستمرة, فأنا أسعي لطرح مشروع ثقافي مصري شامل، وهذا لن يتأتَّي إلا بجناح داعم شديد القوة من المثقفين. فيجب ترسيخ قيمة الكتاب, والإعلاء من شأنهم ووضعهم في الدائرة التي تليق بهم كمرادف موضوعي لتقدم الأمم. هذا يعني أن قضايا الثقافة والمثقفين ليست بمعزل عن تكوينك الأيديولوجي؟ بالطبع سيكون من أوائل أولوياتي تحقيق تلك المعادلة.. فكرة وجود حاكم مبدع شديدة البهجة؛ فالمبدع حصان لا توقفه ريح. ما هي رؤيتك المستقبلية للإعلام؟ مؤكداً سينطلق للأفضل؛ فليس هناك ما هو أسوأ مما كان فيه, ولكن لن أذهب بحصاني بعيداً, فالمستقبل سيظل مرهوناً بالرئيس القادم ومدي مرونته, فنحن لن نشهد تحولاً حقيقياً سوي بتحرر الإعلام فعليا من قبضة السلطة. وما هو برنامجك الانتخابي المقترح؟ أولا سأسعي إلي أن تكون فترة الرئاسة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، مع إعطاء كل الحرية لتكوين أحزاب متعددة الاتجاهات، ومحاسبة المفسدين، ومن جهة أخري سيكون اهتمامي الأول عربيا، كما أنني سأقدم مشروعا ثقافيا جديدا يضع العلماء والمثقفين في مكانة تليق بهم، مع العلم أنني سأسعي إلي تخفيض معدلات البطالة من خلال إيجاد فرص عمل جديدة في كل المجالات. وما الذي سيجعلك تتخلي عن منصبك كرئيس للجمهورية؟ شيئان لا ثالث لهما؛ رفض الشعب لرئيسه أو سيطرة روح المبدع علي جسد السياسي مما يشعره بالتقييد وعدم الحرية.