طبعة أمريكية جديدة من رواية مارك توين الكلاسيكية (مغامرات هاكلبري فن) ستنشر مع تغييرات لغوية ملحوظة، فكل المواضع التي ذكرت فيها الكلمة العنصرية المهينة (زنجي- (niggerسوف تحذف. الكلمة تتكرر أكثر من 200 مرة في (هكلبيري فين) التي نشرت أول مرة عام 1884، بالإضافة إلي سابقتها (مغامرات توم سوير) التي نشرت عام 1876، والروايتان تتبعان مغامرات صِبية علي نهر الميسيسيبي في منتصف القرن التاسع عشر. في الطبعة الجديدة ستستبدل الكلمة في كل مرة بكلمة (عبد). وكلمة (هندي- (Injun ستستبدل أيضا في النص. صاحب دار نشر (نيو ساوث بوكس) بألاباما، والتي ستنشر الطبعة الجديدة يقول إن هذا التصرف الجرئ مدعوم بشكل كبير من محرر الكتاب، الأكاديمي المتخصص في توين دكتور آلان جريبين من جامعة أوبيرن مونتجومري. ويري الناشر أن استبدال "الكلمتين المهينتين" سيكون له أثره في مواجهة الرقابة علي الكتاب، التي لاحظ دكتور جريبين أنها أدت لاستبعاد هذين العملين الأدبيين المهمين من المناهج التعليمية علي مستوي العالم. ويقول جريبين إنه قرر أن يتصرف هكذا بعد عقود من تدريس توين، وقراءة أجزاء من نصوصه بصوت عال، فقد كان يجد نفسه يتراجع عن نطق الإهانات العنصرية التي يرددها أبطاله الشباب. يقول: "الكلمة التي تبدأ بحرف (ز) تحمل تحقيرا أقسي من أي إهانة تستخدمها أي جماعة عنصرية أخري، ومع توالي العقود تزداد قسوة هذه الكلمة ولا تقل." يضيف جريبين: "يمكننا أن أن نحتفي بقدرة توين كأديب أمريكي واقعي بارز قادر علي التعبير عن منطقة معينة أثناء فترة تاريخية معينة. ولكن مع ذلك فالإهانات والألفاظ العنصرية في كتبه بدلالاتها الواضحة وتحقيرها البين تنفر القارئ المعاصر." توين نفسه كان ناقدا حادا للعنصرية الأمريكية، بل وتبرع بالأموال لعدد من منظمات الحقوق المدنية ومنها الجمعية الوطنية لرفع شأن الملونين الناشئة آنذاك، بالإضافة إلي مفارقة كونه منتقدا للتعصب في روايتيه (هكلبيري فين) و(ويلسون المغفل)، ولكن الجدل حول لغته ليس جديدا، فمغامرات هكلبيري فين أتت في المركز الخامس في قائمة المنظمة الأمريكية للمكتبات التي تتعلق بالكتب الأكثر حظرا أو التي طولب بحظرها في أمريكا في فترة التسعينيات (تراجع مركزها إلي الرابع عشر في الألفية الجديدة). ولكن فكرة تغيير اللغة في الرواية لزيادة شعبيتها لا يزال مزعجا في بعض الأوساط، دكتور سارة تشيرشويل أستاذة الأدب والثقافة الأمريكية بجامعة شرق أنجليا قالت إن التغييرات جعلتها متقدة بالغضب: "المشكلة تتعلق بالتدريس وليس بالكتاب، فلا يمكن أن أقول سأغير روايات ديكنز لتتلاءم مع طريقتي في التدريس. كتب توين ليست فقط أعمالا أدبية، بل وثائق تاريخية أيضا، والكلمة معبرة لأنها تكشف عن طبيعة العنف الموجه للعبيد، إن المغزي من الكتاب هو أن هكلبيري فين بدأ عنصريا في مجتمع عنصري ثم توقف عن العنصرية وترك هذا المجتمع. وهذه التغييرات ستؤدي إلي عدم إظهار التطور الأخلاقي للشخصية الرئيسية في الكتاب، ستكون الكلمة البديلة بلا معني ومضللة للقارئ. إن الغرض من الأدب هو أن يكشف لنا عن أفكار مختلفة وعصور مختلفة، وهو لن يكون دوما مهذبا ولطيفا، إن ما سيحدث أمر محبط." جيف بارتون، مدير مدرسة الملك إدوارد بباري سانت إدموندز وصف فكرة تغيير لغة توين بأنها (حمقاء) ويقول: "من المحبط أن نكون حساسين لدرجة أننا لا نثق في أن الشباب الصغير سيستوعب سياق النصوص، هل نحن في طريقنا لتدريس نسخة مهذبة من تاجر البندقية؟ ما أريد فعله الآن هو البحث في موضوع كيف تتغير اللغة وفقا للسياق والثقافة. وأضاف بارتون أنه لو كان توين يدرّس بشكل أقل في المملكة المتحدة الآن فهذا بسبب كون المنهج الوطني الذي تقرر عام 1989 قد أكد علي أن تدريس الإنجليزية سوف يعتمد بشكل أوسع علي أعمال من الأدب الإنجليزي لا الأمريكي، يقول: "وبينما لا نزال ندرّس (أن تقتل طائرا بريئا) لهاربر لي، و(عن الفئران والرجال) لجون شتاينبك، إلا أن توين علي ما يبدو لم يمر من الرادار." عن الجارديان 2011/1/5