موسيقي "الريجيه" واحدة من الموسيقات التي ظهرت حول العالم نهاية خمسينيات القرن الماضي، ولموسيقي الريجيه تاريخ طويل يبدأ من عصور سابقة عليه أخذت في التطور حتي أصبح لها نجومها المتخصصون في هذا النوع من الموسيقي، و من خلالهم انتقلت إلي بلاد أخري كان منها مصر، والسودان، ولبنان، وبلاد أخري. وأهم ما يميز موسيقي الريجيه إيقاعاتها التي ظهرت في العديد من تلك الأغنيات العربية نذكر منها أغنية "أحبك أكرهك" لعمرو دياب، وأغنيات "شتا، يابنت ياللي" لمحمد منير، وأغنية "ساعات كتير" لأنغام، وأغنية "همسة شوق" للمطرب السوداني محمد أمين.. وغيرها من الأغنيات. ارتبط مصطلح موسيقي "الريجيه" بمملكة جاميكا التي تقع في أمريكا الشمالية، وهي تطور لنوع من الموسيقات المعروفة "المنتو"، التي ُتعتبر الموسيقي الشعبية الأساسية في جاميكا، ويؤكد بعض المؤرخين أن موسيقي "المنتو" هي امتداد لموسيقي وغناء جماعة التروبادور الشعبية التي ظهرت في جنوبفرنسا إبان عصر النهضة ثم انتشرت بعد ذلك في أسبانيا والبرتغال وايطاليا، وعلي موسيقي "المنتو" عرف أهل جاميكا أشهر رقصاتهم الشعبية. كانت الانطلاقة الفعلية الأولي لموسيقي "المنتو" عندما أسس أول استوديو لتسجيل الصوت في جاميكا عام 1951م ، وبدأ الفقراء من مواطني جاميكا يؤلفون الأشعار علي موسيقي المنتو ويسجلونها بشكل فقير لاستغلالها في إحياء حفلاتهم الخاصة، إلي أن أستمع إليها صاحب إحدي الشركات المنتجة للموسيقي الذي راح يجمع هذه الأغنيات ويعيد صياغتها بجميع عناصرها، فراح يستخدم كلمات اللهجة الجاميكية العامية المقفاة لتغنيها المجموعة بعد تسجيلها وطرحها في الأسواق بشكل احترافي، وشاعت أغنيات موسيقي المنتو بهذا الشكل بين جميع شرائح المجتمع بجاميكا. إلي أن ظهر أول مغن منفرد للمنتو يدعي "كين كوري" في عام 1954م ليطرح مجموعة من أغنياته في الأسواق. ومع نهاية الخمسينيات ظهرت بعض الفرق الغنائية التي تقدم نوعا من الموسيقي تمزج بين المنتو، والكاريبي، والبلوز، وتستخدم آلات موسيقية مثل الساكسفون، الترمبيت، الترمبون من مجموعة النفخ النحاسي، والبيانو، والدرامز كآلة إيقاعية، وآلة تعزف الباص سواء كانت باص جيتار أو كونتراباص، مستخدمة نوعا من الوحدات الزمنية الضابطة للإيقاع تعرف باسم السكا ""ska ، فأصبح هذا النوع من الغناء يصطلح عليه بغناء السكا، ومن أهم سماته اعتماده علي آلات النفخ النحاسي، والجيتار ذي النغمات المتقطعة، تعدد الخطوط اللحنية في غناء الكورال، واستخدامه لتآلفات موسيقي الجاز. عام 1968م كان أول ظهور لمصطلح "ريجيه Reggae"، والكلمة مأخوذة من الأسبانية القديمة وتعني ملوك الموسيقي، والتي أصبحت موضوعاتها تدور حول المشكلات الخاصة بشعب جاميكا مثل الحرية، السلام، الفقر، الظلم، التمرد، محاربة الاحتلال، السياسة. أما إيقاعاتها فكانت مزيجا بين السكا والروك المنتظم، وموسيقاها تنفذ بآلات الكترونية التي كانت شائعة الاستخدام في أمريكا وأوروبا آنذاك، فأصبحت موسيقي الريجيه تستهوي المراهقين والشباب من بلاد أوروبا وأمريكا. وأهم ما يميز موسيقي الريجيه إيقاعها الذي يعتمد علي "السينكوب" أي تأخير الضغوطات القوية في الإيقاع، فالطبيعي أن تكون الضغوطات القوية علي بداية وثاني شكل ايقاعي في كل بيت موسيقي "مازورة"، أما في موسيقي الريجيه فتكون علي بداية الشكل الإيقاعي الثاني والرابع في المازورة، ويأتي في بداية المازورة والشكل الإيقاعي الثاني فيها عزف من آلات الجيتار أو الكيبورد بتآلفات نغمية محددة، وأطلق علي إيقاع موسيقي الريجه بالإيقاع الثقيل أو إيقاع خطوات الرجل السمين، وهو النوع من الإيقاع لا يوجد مثله في أي بلد آخر. ومن أشهر المغنين الذين كانوا لهم تأثير في انتشار موسيقي الريجيه عالميا كان "بوب مارلي" الذي قدم عام 1962 ثلاث أغنيات لم يحالفهما النجاح علي طريقة موسيقي الريجيه قبل أن يصطلح علي تسميتها، فقرر بعدها تكوين فرقة مع خمسة من أصدقائه لتحقيق حلمه في الغناء وأطلق عليها فرقة البكاءون "The Wailer"، وفي عام 1963 وافق المنتج "كلمنت وود" علي تبني فرقتهم وطرح ألبومات لها في الأسواق، وبالفعل لاقت أغنيات هذه الفرقة نجاحا عالميا غير مسبوق استمر منذ الستينيات وحتي عام 1981 عند وفاة بوب مارلي، فقد كان روح هذه الفرقة حيث يكتب كلمات الأغنيات ويلحنها ويغنيها، ومن أشهر أغنيات فرقة "الويلرز" اهدأ، روح ثائرة، فأس صغير، لا نساء لا دموع، امسك النار، ... وغيرها، فقد وصل عدد أغنيات هذه الفرقة أكثر من ثلاثين أغنية، واخترق بها بوب مارلي مغني العالم الثالث دول العالم في سلسلة من النجاحات والصفقات الفنية الكبيرة في زمنه. واستكمل مسيرة بوب مارلي في نشر موسيقي الريجيه بعد وفاته عدد من مغنيي الريجيه هم "جيمي كليف"، و "بيتر توش". و معظم مغني الريجيه يعتنقون ديانة يطلق عليها "الراستافارية" وهي ديانة شائعة بين الجاميكيين، وهي نوع من الديانات التي تقبل الإمبراطور "هيلا سيلاسي" الأول، وهو الإمبراطور السابق لأثيوبيا، كتجسيد للرب. وتعتبر جدائل الشعر الطويلة التي اشتهر بها بوب مارلي، بيتر توش وغيرهم من رموز ديانة الراستافارية، وبالرغم من تحريم شرب الخمور وأكل اللحوم، والسجائر باستثناء حشيشة الجانج التي كانت تظهر في العديد من كلمات أغنيات الريجيه.