ارتفاع كبير للأسهم الأمريكية في تعاملات اليوم    ترامب: إيلون ماسك فقد عقله ولست مستعدا للحديث معه    الحرب في عصر الذكاء الاصطناعي    المملكة المتحدة : تحديد جلسة لمحاكمة 3 أشخاص في افتعال حرائق استهدفت رئيس الوزراء البريطاني    مبادرة العيد أحلى في مراكز الشباب.. أنشطة ترفيهية وثقافية بشمال سيناء في أول أيام الأضحى    رسميا.. رافينيا أفضل لاعب في الدوري الإسباني    كيفية اختيار أضحية العيد وشروطها؟.. استشاري توضح    وزير التموين: غرفة عمليات لمتابعة الأنشطة التموينية خلال إجازة عيد الأضحى    في أول أيام العيد.. مصرع طالب غرقا ببني مزار بالمنيا    الملايين يصلون «الأضحى» بالساحات والمساجد فى القاهرة والمحافظات    مباراة المغرب ضد تونس مباشر اليوم.. الموعد والمعلق والقنوات الناقلة    وزير التموين: استمرار عمل المجمعات الاستهلاكية خلال أيام العيد    كل أهداف الترجى التونسى فى كأس العالم للأندية (فيديو)    حاملًا سلاحًا في بوستر «7DOGS».. ويُعلق: «زيزو مش في الفيلم.. أنا في الأهلي»    النجم العالمي جيمي فوكس يشارك في إنتاج الفيلم المصري "هابي بيرث داي"    أرقام موسم عيد الأضحى في 10 سنوات: تامر حسني الأكثر استمرارية وكريم وعز يتصدران الإيرادات    جولات العيد في المنيا.. وكيل وزارة الصحة تتفقد عددا من المستشفيات وتطمئن على جاهزيتها    وزيرة العدل الأوكرانية: أمامنا عام واحد لتلبية شروط التمويل الأوروبي الكامل    حسين لبيب: تتويح الزمالك ببطولة كأس مصر نتاج عمل جماعى.. صور    السعودية: 10 آلاف نشاط توعوى و34 مليون رسالة خلال يومي التروية وعرفة    مصرع طفل سقط من علو في أكتوبر    محافظ الإسماعيلية يتفقد المجمع الطبى بحى ثالث فى أول أيام عيد الأضحى    ياسر جلال يحتفل بالعيد مع الفنان مصطفى أبو سريع بفيديو كوميدي    السينما والمسرحيات.. أشهر أفلام عيد الأضحى التي لا غنى عنها في البيوت المصرية    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    المجمعات الاستهلاكية تواصل عملها في أول أيام عيد الأضحى    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية هدى العجيمي مقدمة برنامجي مع الأدباء الشبان وإلى ربات البيوت    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    أمين "الجبهة الوطنية" يؤدي صلاة عيد الأضحي مع أهالي قريته بالغربية (صور)    بالفيديو| مها الصغير تغني "علي صوتك" ومنى عبدالغني تشاركها الغناء    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    الطرق الصحيحة لتجميد وطهي اللحوم    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    «وداعًا للحموضة بعد الفتة».. 6 مكونات في الصلصة تضمن هضمًا مريحًا    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    سعر الريال السعودي مع بداية التعاملات في أول أيام عيد الأضحي 2025    محافظ بني سويف يؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تثمين الخبرة الشخصية
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 10 - 2010

أعتقد أن أهم ما صنعته أمكنة، وما ساعد علي استمرارها، هو استقلالها عن النمط السائد للمجلات التي كانت مطروحة في اللحظة نفسها منذ عشرة سنوات، ولأن المجال الثقافي عندنا هو غالبا مؤلف من شعراء وروائيين (وهي مسألة تستحق النظر)، فقد كانت المجلات السائدة ذات طبيعة أدبية، ومع هذا فقد جاء محررو أمكنة من المجال ذاته، شعراء وفنانون، لكن في لحظة معينة بدا وكأنها مفصلية، بدا وكأن هناك اتفاقا علي الأقل بين مجموعة محددة، أن ثمة مساحة أخري من الكتابة يراد اكتشافها، كان الخراب الواسع لزمن يتحول بسرعة يفرض نوعا مختلفا من الوعي، وربما كان شيء من النضج يقتاد التساؤل إلي مساحة أوسع من أزمات الأدب ومعاركه.
هل كان ثمة رغبة في البعد عن التباس السؤال الشعري مثلا، خصوصا وقد بات مسيسا بعد أن تحولت قصيدة النثر إلي مظاهرة أخلاقية بالمعني العميق للكلمة؟ ربما؟ وربما ابتعث سؤالها البريء عن الحياة، فكرة الحياة نفسها ليس في معناها المجرد بل الحادث والكائن علي مسافة اليد. هكذا تجد نفسك في مساحة أوسع، بدلا من أن تتكلم عن حياة اللحظة وإنسانها، تترك لهذا الإنسان وتلك اللحظة أن يتلكما.
بدلا من أن تعتمد علي المشهد اليومي ومكانه الملموس لتقول كم أنا طبيعي وغير متفلسف وأعيش كالآخرين! تترك الحديث للمكان الأكثر جدلية وتركيبا من أن يكون شهادة أنانية علي نجاتك ومعافاتك من الأفكار والتداعيات الذاتية، و"الأدلجة" الجمالية إذا صح التعبير. فالحياة تصبح هناك فعلا، وتترك القصيدة مكانها لسرد مكشوف يستعيد الخبرات الخاصة لأناس قد لا يكونون كتابا بالضرورة. ليس المطلوب هنا نص أدبي بل حوار، أو ما يشبه الشهادة، أو تحليل ذو صبغة غير أكاديمية، تلتقي جميعا عند محور أو "ثيمة" يتماس فيه الشخصي بالعام، ومن ثم يفلت من التنظير الجاهز والاستباقي، كما يتمكن من تقديم تفسير غير مباشر للواقع الذي بدا بحاجة ماسة إلي تفسير.
كانت فكرة المكان غير مأخوذة في ماديتها فحسب، بل بقدر تداخلها مع خبرات الناس. المكان الطبقي، والمكان التخيلي أيضا.
كان ممتعا أثناء قراءة مادة كل عدد قبل المساهمة في إعدادها أن أري اللحظات النادرة التي تتحول فيها الخبرة إلي نموذج، إلي فكرة ملهمة.
في البداية كانت هناك أداءات كثيرة للمجلة، وكانت غلبة الطابع السردي لا تمنع من تجاور نصوص مترجمة لمفكرين، أو مقالات أو دراسات قصيرة. لكن ما أحب أن أقوله هو أن المجلة كشفت بالصدفة علي الأقل لي عن طبيعة التحول في الذائقة الثقافية نفسها. فقد كان احتفاء المتلقين بالجانب السردي والحكائي علي حساب الأداءات الأخري، وبتجاهلها أحيانا كاشفا عن التباس بدا صادما بالنسبة لي.
لقد ثُمِّنت الخبرة الشخصية في ذاتها، وصارت تشكل، أو يُتعامَل معها باعتبارها نصا أدبيا، دون أن يكون هذا النص معنيا بشروط الأدب، ودون توقف عند مصداقية الخبرة الشخصية ذاتها، وإلي أي مدي يمكن أن تقدم "نموذجا" مفسرا.
فالحكاية عن النفس والتجارب الشخصية ليست بريئة دائما، خاصة حين يسد ثغراتها حس جمالي يقفز فوق المفارقات والثغرات، أو يجتهد في البحث عن ما هو مدهش أو يتصور أنه مدهش. فلا تعود الشهادة شهادة علي واقع وحياة معقدة، بل استسلاما لصورة منها.
لكن يبدو أن ذوقا عاما، باسم البعد عن "الكلام الكبير" و"التنظير"، فضل أن يستعيد مادة الحياة الغنية والمحرجة بأسئلتها ليضعها عند المربع الأول فيتلقاها باعتبارها حكيا عن الذات، وتكون التجربة الشخصية لأنها شخصية خارج التقييم أو متجاوزة له، لأنها استثنائية. وكأنها كما قلت نص أدبي بغير شروط النص الأدبي.
وهكذا كنت أفترض أن تثير أعدادا متوالية من المجلة نقاشات أكثر جدية ومتابعات أكثر عمقا للمادة المنشورة والتي كان يفترض أن تمثل عتبات أولي لتناول قضايا شائكة.
المدينة، الصحراء، البطل، الحدود، الفلاح، الجامعة وغيرها، لم تكن محفزات سرد، ولكن نقاط استرشادية لطبيعة سلوكنا، والظروف التي أحاطت بنا، ولم تكن مجرد نوستالجيا مهمتها أن تقدم لنا الصورة التي نحب أن نتحسر عليها، بل أن تكون كاشفة لمواقع أقدامنا بالذات وأولا، للأساطير، للمسرح الذي نحمله علي رؤوسنا متصورين أننا نتحكم بأبطاله ومشاهده. بينما هناك .. في الواقع. في التاريخ.. يمكننا العثور علي نصه الأصلي، الذي تواطأنا علي كتمانه. إما لعجزنا عن الفهم أو قصور أدواتنا.
العدد الأخير عن الجامعة يكشف كم كانت الجامعات المصرية في أغلب الأحيان مسرحا سياسيا، أو منتدي للأصدقاء، قليلون جدا من تحدثوا عن جانب الخبرة العلمية التي اكتسبوها وكيف أعادت صياغة وتشكيل حياتهم أو أثرت في طريقة مقاربتهم للواقع حتي السياسي منه؟
نحن لم نتأهل علميا بشكل صحيح، ولعل أحد أهم ما شكلته لي أمكنة هو فكرة العمل الجماعي الذي يتلافي بالجماعية قصور الرؤية المفردة ومحدودية الخبرة والتأهيل.
لا أستطيع أن أقدم نصيحة للقارئ وأقول: كيف تقرأ مجلة أمكنة. لكن ربما يتواصل الجهد والدأب واتساع النقاش المتجاوز للنزعة الشفوية يأتي من يضع يده لاستثمار المادة الوفيرة التي تشكل سجلا ليس هينا للحظات تحول هامة، كما تمثل بالقدر نفسه شهادة علي طريقة وعينا بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.