كشفت وثائق رفعت عنها السرية الأسبوع الماضي عن أن مكتب تابع لجهاز المخابرات البريطانية ظل طوال عشرين عاما يراقب الكاتبة الحاصلة علي نوبل "دوريس ليسنج"، خلال أربعينات القرن الماضي لانتمائها للحزب الشيوعي الذي استقالت منه سنة 1956 . تؤكد الوثائق أن مكتب إم آي فايف طوال تلك المدة راقب مكالماتها التليفونية وفتح رسائلها البريدية، وراقب تحركاتها عن كثب، كما أكدت مساعدة الشرطة في التجسس علي الكاتبة وأصدقائها وجميع المقربين منها، حتي بعد تخليها عن المبادئ الشيوعية لرفضها سحق الانتفاضة المجرية سنة1956، إلا أن مكتب المخابرات كان يشعر بالقلق إزاء استمرار المعارضة الشرسة للاستعمار البريطاني. لفتت "دوريس ليسينج" نظر المخابرات في البداية خلال السنوات الأولي من الأربعينات، حين كانت تعيش في "روديسيا الجنوبية" تحت اسم "دوريس تايلر" ثم تزوجت من "جوتفريد ليسينج" الناشط الشيوعي والقيادي البارز في نادي كتاب اليسار، فتم اعتبارها منذ ذلك اليوم "مهمة ثورية" وقد احتفظت باسم زوجها حتي بعد انفصالها عنه ورحيلها سنة 1949 عن روديسيا الجنوبية التي أصبح اسمها الآن "زيمبابوي" لتعيش في بريطانيا. وكانت MI5 قد بدأت تجسسها عليها في سياق التنصت الدائم علي مقر الحزب الشيوعي البريطاني في "كينج ستريت"، وفي محادثة سجلتها الوثائق كانوا يطلقون عليها اسم حركي هو "لاسي". في عام 45لاحظت MI6 أن ليسينج : "زعيمة مجموعة من الأدباء ينتمون للحزب الشيوعي البريطاني"، وفي سنة 1956 أرسل الفرع الخاص MI5 ان ليسينج التي وصفت بالممتلئة قد انتقلت إلي شقة في "وارويك رود" في "لندن" وأنه: "كثيرا ما يزورها أشخاص من مختلف الجنسيات، منهم الأمريكيون والهنود والصينيون والسود، ويحتمل أن الشقة تدار لأغراض غير أخلاقية"، حيث هذا الفرع يعتقد أن كل من له صلة بالشيوعية يؤيد أهداف الحرب الباردة، ثم الغي في وقت لاحق هذا الافتراض، وبعد وقت قصير أرسل تقارير تفيد بأن "ليسينج" أصبحت من مؤيدي حركة "التجمع الأوروبي للشابات من أجل السلام والسعادة"، لكن سنة 1956 ثبت أن "ليسينج" المشاغبة عليها حظر دخول في "جنوب أفريقيا" و"روديسيا"، ثم جاء قمع موسكو العنيف للانتفاضة المجرية، فرصدت MI5 لقاء في المقر الرئيسي للحزب الشيوعي وافقت خلاله ليسينج التوقيع علي خطاب يفضح: " الجرائم والانتهاكات الخطيرة للاتحاد السوفييتي، وثورة العمال والمثقفين الأخيرة ضد بيروقراطية الشيوعية الزائفة وأنظمة الشرطة"، ورفضت صحيفة الحزب "ديلي وركر" نشر الخطاب، الذي أشار أيضا إلي : " تكبد غير مرغوب فيه لسنوات لتشويه الحقائق" ، ثم نشرته "التريبيون" صحيفة اليسار الأسبوعية في وقت لاحق.