تلقت"أخبار الأدب" من الأستاذ الدكتور صابر عبد الدايم، تقريران بعث بهما إلي رئيس كل من جامعتي الفيوم والمنيا يتهم فيهما بعضا من أساتذة اللغة العربية بالسطو علي أحد مؤلفاته، وكان معهما كتاب "موسيقي الشعر العربي.. بين الثبات والتطور" من تأليف الدكتور صابر عبد الدايم أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر ووكيل كلية اللغة العربية بالزقازيق آنذاك، والذي صدر عام 1993 عن دار نشر مكتبة الخانجي، إلي جانب نسخة من "محاضرات في العروض والقافية.. موسيقي الشعر" إعداد الدكتور علاء الحمزاوي الصادر عن دار التيسير للطباعة والنشر بالمنيا عام 2002، ونسخة أخري من كتاب "دروس في علمي العروض والقافية" تأليف الدكتور مأمون عبد الحليم وجيه والدكتور إبراهيم جميل محمد إبراهيم، المقرر علي طلاب المستوي الثاني بالفصل الدراسي الثاني ببرنامج اللغة العربية والعلوم الإسلامية في مركز التعليم المفتوح بجامعة الفيوم. اقتصر دورنا علي التأكد من صحة ما جاء في التقريرين، وقد قمنا بنشر صورة منهما مرفقين بالتقرير الذي نشرناه الأسبوع الماضي تحت عنوان "سطو مع مرتبة الشرف"، وبالطبع فإن حق الرد مكفول للسادة الأساتذة الكرام الذين اتهمهم الدكتور عبد الدايم، وقد أرسل كل من الدكتور مأمون والدكتور إبراهيم إلي الكاتب الصحفي "طارق الطاهر" رئيس تحرير الجريدة ردا منفصلا والمنشوران في هذا العدد، وأكد الأول أنه لا علاقة له بهذا الكتاب، وأن دوره اقتصر علي المراجعة للمادة العلمية، بينما أنكر الثاني السرقة وأكد أن الكتاب بأكمله من تأليفه وأن الدكتور مأمون لا علاقة له به. من الطبيعي أن ينتهي الأمر عند هذا القدر وعلي كل صاحب حق أن يبحث عن حقه بالطرق القانونية، ومن واجب إدارة الجامعتين أن تبحث في صحة هذا الاعتداء علي مجهودات الآخرين العلمية من عدمه، ولكن ردهما حمل اتهاما للجريدة ولشخصي ككاتبة التقرير، بأننا لم نتحر الدقة، بل أننا نتعمد تلفيق التهم لأغراض غير حميدة ونقوم بالتشهير بالأبرياء، ولهذا وجب علينا توضيح الأمر تفصيليا حتي يتبين للقراء ولمن يهمه الأمر - بالدلائل التي تحملها هذه الكتب - صحة الاتهام من عدمه. بعد إعادة التدقيق في الكتب وفحصها مرة أخري، تبين أن الدكتور عبد الدايم قد وضع كتابه عام 1993، فنقل الدكتور الحمزاوي الأجزاء الخاصة بالتفاعيل وأوزان البحور وأنواعها في كتابه عام 2002، وإن حاول أن يجنب نفسه آثار السطو علي مؤلفات الآخرين بتأكيده علي الغلاف بأن ذلك من إعداده وليس تأليفه، وبعد قرابة 10 سنوات، قام كل من الدكتور مأمون والدكتور إبراهيم بنقل ذات الأجزاء، بالإضافة إلي فقرات من المقدمة التي وضعها الدكتور الحمزاوي، وكذلك بعض المفاهيم والأساسيات ومن بينها علم العروض، مع الأخذ في الاعتبار أن التأكيد علي ذكر اسم الدكتور مأمون في حديثي يأتي من منطلق أن الغلاف الخارجي والداخلي للكتاب يحملان اسمه، وكذلك التوقيع علي المقدمة بكلمة "المؤلفان". وما يدلل علي قيام المذكوران بنقل كتاب الدكتور الحمزاوي، أنهما نقلا بعضا من أجزاء المقدمة التي وضعها الحمزاوي الخاصة بكتابه، منها عبارة "هذه مجموعة من المحاضرات نقدمها لطلاب لغة الضاد ومحبي الشعر وموسيقاه"، بعد وضع كلمة "دروس" بدلا من كلمة "محاضرات"، وفقرتين آخريين من كلمات إحدي عباراتهما "ثم الولوج في الأبحر تنظيرا وتطبيقا". كما قاما بنقل تعريفا لعلم العروض والهدف منه، حرفيا من كتاب الدكتور الحمزاوي، إضافة إلي عدة صفحات عن الخط وأنواعه والكتابة الرمزية أو كما أطلقوا عليها "الرموز العرضية" وذلك قبل الدخول في الأجزاء التي نقلها الدكتور الحمزاوي عن كتاب الدكتور عبد الدايم وقام الآخران بنقلها بالتتابع. ودليل آخر ربما يقطع الشك باليقين هو وقوع الدكتور الحمزاوي في عدد من الأخطاء الإملائية عند نقله بعض الجمل من كتاب الدكتور عبد الدايم، وقد نقلها بدوريهما الدكتور مأمون والدكتور إبراهيم بذات الأخطاء، ومنها علي سبيل المثال . (جدول1) استشهد الدكتور إبراهيم في رده ببضع عبارات ذكر فيها اسم الدكتور صابر، وكأنها دليلا علي أنه قد نسب الأجزاء القليلة التي نقلها عنه، وليست صفحات تتعدي ال 85 صفحة سنستعرضها فيما بعد، والحقيقة أن هذه الجمل نقلت كما هي منسوبة إلي الدكتور عبد الدايم من كتاب الدكتور الحمزاوي، والتي أوضحت في تقريري السابق أنها تعني كأن ما سبق وما تلا هذه الإشارة إلي الدكتور صابر؛ ليست من تأليفه، وإنما فقط تلك الفقرة. وما يؤكد النقل المتتابع هو الاستشهاد بذات الأبيات في كل هذا الشرح، وكأن قصائد الشعر العربي والتي يمكن من خلالها توضيح بحور الشعر اقتصرت علي الأبيات التي اختارها الدكتور صابر بالإضافة إلي بعض أبياته الخاصة، إلي جانب غياب أبسط أسس التوثيق العلمي والتي درستها في السنة التمهيدية للماجستير، بضرورة نسب كل معلومة منقولة لصاحبها بوضع اسمه واسم الكتاب ودار النشر وسنة صدوره والطبعة والصفحة التي نقلت منها، ثم جمع هذه التوثيقات كمراجع في نهاية الكتاب، وإلا اعتبر ذلك سرقة علمية لا تقل في فداحتها عن سرقة الأموال. وجاء في رد الدكتور مأمون تأكيدا غير مبرر بأن الكتاب من تأليف الدكتور إبراهيم جميل، وأن دوره يقتصر فقط علي المراجعة، فلماذا لم يقم بتصحيح الخطأ إلا بعد مرور فترة زمنية علي إصدار الكتاب وتدريسه بالكلية عندما شعر أن ذلك سيؤثر علي توليه لمنصب العميد؟، والذي يشغله حاليا!، ويُسأل في ذلك المسئولين عن مركز التعليم المفتوح في جامعة الفيوم، ويجعلنا نتساءل: هل نسبة أي كتاب يتم تدريسه لأكثر من مؤلف معناه أن كل منهما يتقاضي أجرا نظير مجهوده من إيراد بيعه للطلاب؟ فالكتاب قد تم تداوله بالفعل بين الطلبة. ولو كان الأمر بيدي لقمت بنشر الكتب الثلاث صفحة تقابلها الأخري ثم الثالثة..........، حتي يتأكد لك عزيزي القارئ إلي أي حد كان النقل حرفيا، فيما عدا الأجزاء الخاصة بالتقسيم الموسيقي التي لم تكن موجودة في كتاب الدكتور الحمزاوي، وهي إضافة تخص مؤلفا الكتاب الأخير، ولكن مساحة الجريدة بأكملها لن تكفي لذلك، فما يسعني فعله هو عرض محتوي وأرقام الصفحات الخاصة بها في كتاب د.عبد الدايم، ونظيرتها التي نقلت إلي كتاب د.الحمزاوي، ثم نظيرتها أيضا في الكتاب الثالث. (جدول2) من منطلق هذه التجربة وردود الفعل تجاهها، أهيب بجميع المعنيين بالتعليم الجامعي في مصر، وقبلهم السيد رئيس الجمهورية، فلا يمكن أن يتحقق بناء وطن علي أسس صحيحة والمنظومة التعليمية فيه يشوبها الفساد، وكيف يمكن أن نأمن علي زهور الغد وهم بين أيدي مجموعة سولت لهم أنفسهم أن يستولوا علي المجهودات العلمية لغيرهم من أجل الوصول إلي أعلي المناصب، فتجد منهم العمداء والوكلاء ومن هم أعلي من ذلك، ومن لهم الحق في إصدار قرارات مصيرية يمكن أن تفتح الباب لمن لا يستحق من الطلاب وتغلق أبوابا في أوجه الكفاءات، مع العلم أن هناك أساتذة شرفاء ولكن يعيبهم الصمت والانزواء بعيدا، وهذا هو الواقع حاليا والذي تعاني منه مختلف الجامعات المصرية، فلا تخلو جريدة قومية أو خاصة أو حزبية من خبر يومي يتحدث عن الفساد الجامعي الذي ضحيته طلاب ومستقبل هذه البلاد، أفلا تستحق مصر التي نحلم بها سرعة الإنقاذ وأن تكون جزء من حملة أو ثورة التطوير التي يعتبرها رئيس الجمهورية مشروعه التالي بعد قناة السويس الجديدة؟!