في تلك الليلة كانت الابتسامة هي البطل . حيث ظلت عاملا مشتركا بين الحاضرين ، فالفائزون يبتسمون فرحا بلحظة تدشينهم كمبدعين حقيقيين ، يحصلون علي صك اعتراف بأدبهم ، صك يفتح أمامهم الباب أمام انتشار أوسع ، بعد سنوات قضاها أغلبهم في الكتابة وعرض إنتاجهم في دائرة محدودة من المحيطين بهم ، والمحكمون يشاركون الحضور ابتسامات تفاؤل بغد أكثر إبداعا بعد أن كان مهددا بظلام يتوعده ، وطارق الطاهر رئيس التحرير يتبادل مع زملائه ابتسامات السعادة بتحرير شهادات ميلاد اثني عشر مبدعا ، واستعادة الدور المحوري لأخبار الأدب بعد سنوات تراجعت فيها المسابقات ، رغم كونها واحدة من أهم الأساليب التي استخدمتها الجريدة منذ نشأتها لاكتشاف المواهب . كانت الليلة إذن استثنائية بما تحمله من دلالات ، فلم يكن الأمر مجرد حفل لتوزيع الجوائز الذي قدمه المذيع حسن الشاذلي بل تحول إلي ملتقي لتكريس الأمل ، بعد اكتشاف اثني عشر كوكبا جديدا تدور في فلك الإبداع . مساء الأربعاء الماضي كان الجميع علي موعد مع التفاؤل إذن ، وهو الأمر الذي جعل الكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم يفتح أبوابا أخري للأمل ، حيث وعد في كلمته بالتوسع في الجوائز ، واكتشاف المزيد من المبدعين الذين يمتليء بهم الوطن ، وهكذا لم يكن الحفل فقط هو الذي يقام تحت رعايته ، فالرعاية امتدت لتشمل الإبداع الذي يحتاج بالفعل إلي من يدعمه ، وهو الأمر الذي أكد عليه بدوره الدكتور عبد الواحد النبوي وزير الثقافة وراعي الحفل ، خلال حواره مع الحاضرين الذي امتد منذ الإفطار وحتي انطلاق الحفل . استهل رئيس تحرير "أخبار الأدب" الحفل مرحبا وشاكرا، فقال: "نلتقي في هذه الليلة لكي نحتفي ونحتفل بمجموعة من مبدعي هذا الوطن، المليء بالمواهب، الذين يحتاجون فقط أن ننير لهم الطريق، وها نحن نفعل ذلك في هذه اللحظة الكاشفة، إن هذه المسابقة التي نظمتها أخبار الأدب بدعم مالي من وزيري الثقافة والشباب والرياضة، اتسمت بكل عناصر الشفافية، التي حرصت مع زملائي علي توافرها، فقد تم اختيار لجان التحكيم دون أن يعرف أي محكم من معه في ذات الفرع، ورغم ثقتنا التامة في كل المحكمين إلا أننا نزعنا أسماء المتسابقين وحولناها إلي أرقام، ليعطي كل محكم درجته دون أن يعرف أي معلومات عن المتسابقين، ثم جمعنا الدرجات التي كشفت أن المنافسة كانت بالغة الحدة، لدرجة أن الفارق بين من فاز ومن لم يفز، في مجال القصة القصيرة علي سبيل المثال لم يتجاوز الدرجتين". واستكمل : "هذه المسابقة التي أفرزت هؤلاء المبدعين، تشعرني أنا وزملائي أننا أوشكنا أن نكسب الرهان، رهان أن نعيد لأخبار الأدب سيرتها الأولي، فهي بذلك استعادت دورا أصيلا لها في الكشف عن المواهب، وهو الدور الذي لعبته في الفترة التي تولاها الروائي جمال الغيطاني كرئيس تحرير، واحتلت معظم الأسماء التي فازت بجوائزها في سنواتها الأولي الصف الأول حاليا بين أجيالها". واختتم طارق الطاهر كلمته بشكر جميع من قدم الدعم لتلك المسابقة، وأعلن عن مفاجأة: "عندما قرأ د.أحمد مجاهد مقالي بعنوان "أول الأوائل" عقب إعلان النتائج، سارع بالاتصال بي من أجل أن ينشر ديوان الشاعر محمود البنا الفائز بالمركز الأول في شعر العامية، باعتباره الحاصل علي أعلي الدرجات بين الفائزين بالمراكز الأولي في مختلف الفروع، وها هو الديوان مطروح بين أيديكم اليوم". ثم انتقلت الكلمة لمحمد أبو سعدة، فأوجزها قائلا: "تمتلئ قري مصر ونجوعها بالمواهب الشابة والمبدعين الجادين الذين يمكن أن نري منهم في المستقبل رموزا فكرية وأدبية تضاف إلي سلسلة الرموز المصرية التي نفخر بها، ولو عدنا إلي الوراء وتذكرنا عميد الأدب العربي طه حسين ابن إحدي قري المنيا، الذي صار فيما بعد كاتبا ومفكرا ذا باع كبير في مسيرة الأدب العربي، لأدركنا أهمية دورنا في الكشف عن اللآلئ المختفية في باطن أرض الوطن الخصبة بالأدباء في كافة المجالات، ومن هنا تأتي أهمية المسابقات الأدبية ودورها في تقديم أسماء جديدة إلي المشهد الثقافي المصري، ومن واقع رسالتنا الثقافية التي نضطلع بها، نتقدم بجزيل الشكر لمؤسسة أخبار اليوم العريقة لاهتمامها بهذه المسابقة التي تصب في صالح الثقافة المصرية، خاصة في وقتنا الحالي الذي يشهد مخاضا جديد للإبداع والمبدعين المصريين الشباب في كافة المجالات الفنية والأدبية، وباسم صندوق التنمية الثقافية أتقدم للقائمين علي هذه المسابقة ولجان تحكيمها الذين أنفقوا الجهد والوقت من أجل اختيار الأعمال الفائزة بالشكر والتقدير لجهودهم الدءوبة، كما أود أن أهنئ الفائزين متمنيا لهم مزيدا من الإبداع وأن يتبوأوا في المستقبل مكانة أدبية رفيعة نفخر بها جميعا". بينما اختتم ياسر رزق الحديث بكلمته، حيث شكر القائمين علي جريدة أخبار الأدب مؤكدا حرصه علي قراءتها أسبوعيا ، باعتبارها الواجهة الثقافية لجريدة أخبار اليوم ، كما وعد بمزيد من التوسع فيها، وقال: "سنزيد المبالغ بالنسبة للفائزين، وسيكون دورنا الأهم والأكبر من الحافز المادي هو الحافز المعنوي، سوف نلقي الضوء علي شباب مصر المبدعين في الرواية والقصة وشعر العامية والفصحي، وفيما بعد قصيدة النثر، وأي مجال آخر من مجالات الأدب، كالدراسات والنقد، فعندما أتحدث عن العملاق عباس محمود العقاد والعميد طه حسين، ومن قبلهما أحمد لطفي السيد والروائي العربي الأول د.محمد حسين هيكل، نجد أنهم ظهروا ولمعوا قبل ظهور الفضائيات والمواقع الإخبارية وانتشار الصحافة، ولذلك أقول إنه من العار علي الإعلام المصري بانتشاره الهائل، ألا يسلط الأضواء علي مواهب تستحق إبراز إبداعاتها وأن تصل لأكبر عدد من الجماهير والشباب المصري، فمصر علي مدي تاريخها دولة ولادة، في كل المجالات وليس الأدب فقط، ولن نكتفي بالمسابقة الأدبية وحدها، بل سنهتم بمجالات أخري، وسنشجع الفنون الراقية والشهيدة ، وندعم الفن التشكيلي، فمصر التي ولد بها محمود سعيد، لابد أن بها مائة محمود سعيد ينتظرون اكتشافهم ". وعبر رزق عن تمنياته بأن يتم الاهتمام بأعمال كل من تقدموا للمسابقة وليس أعمال الفائزين فقط، إذ انه لا شك أنها تتضمن إبداعات متميزة ، وأكد أن الاحتفاء بهذه الأعمال لن يكون من خلال " أخبار الأدب " فقط ، بل إن " الأخبار " تفتح ذراعيها لهم أيضا عبر صفحة "فنون وثقافة" التي تشرف عليها الكاتبة الصحفية عبلة الرويني. عقب انتهاء تلك الكلمة صعد إلي منصة التكريم د.عبد الواحد النبوي، ياسر رزق، محمد أبو سعدة، وطارق الطاهر لتسليم الجوائز وشهادات التقدير، وتكريم لجنة التحكيم في كل فرع، ففي شعر العامية تكونت اللجنة من الشعراء محمد كشيك، مسعود شومان، محمود الحلواني، وفاز بالمركز الأول محمود البنا، المركز الثاني محمد سالم عبادة، والمركز الثالث أسماء محمد سليمان. أما لجنة تحكيم القصة القصيرة فتشكلت من سعيد الكفراوي، د.سمية رمضان، د.محمود نسيم، وفاز بالمركز الأول عبد القوي محمد عبد القوي، و الثاني أحمد عبد المنعم رمضان، و الثالث محمد إبراهيم محمد. وفي الرواية، حضر من لجنة التحكيم محمود الورداني، د.شيرين أبو النجا، ولم يتمكن الروائي جمال الغيطاني من التواجد نظرا لظروف صحية منعته، وقد فاز بالمركز الأول أحمد الملواني، المركز الثاني عادل الدريني، والمركز الثالث ضحي صلاح. بينما تكونت لجنة شعر الفصحي من الشعراء: محمد سليمان، شعبان يوسف، عبد المنعم رمضان؛ والذي اعتذر عن عدم الحضور لظروف طارئة، وحصل علي المركز الأول عبد الغفار محمود عبده، المركز الثاني محمد مجدي عبد الفتاح وشهرته »هرمس«، المركز الثالث مصطفي السيد سمير. بعد انتهاء توزيع الجوائز صعد أعضاء لجان التحكيم والفائزون لالتقاط صورة جماعية مع منظمي المسابقة. ليكتمل المشهد الذي أضفي علي الليلة الرمضانية بهجة خاصة ، تؤكد أنه إذا كان رمضان في العالم كله حاضرا في المساجد ، فإنه في مصر حاضر في المساجد والمحافل الثقافية والشوارع ، وهي اللقطة التي رصدها الإعلامي حسن الشاذلي مقدم الحفل .