حالة من الترقب والقلق تسود الشارع المصرى على كل المستويات، عقب قرار الرئيس مبارك بتعديل التعريفة الجمركية وإعفاء عدد من المنتجات من كل الرسوم الجمركية. أما الترقب فهو من نصيب القطاع العريض من الشعب، الذى يعانى من الارتفاع الرهيب فى أسعار السلع، ولذلك فهم فى انتظار ما سيسفر عنه تنفيذ هذه القرارات، وهل ستؤثر بالفعل على أسعار هذه السلع. فى حين تسود حالة القلق جموع التجار بعد هذا القرار، خوفا من أن يؤدى إلغاء الجمارك، خصوصا مع الثلاث سلع التى تحقق البلاد فائضا فى إنتاجها (الأسمنت، الحديد، الأرز)، إلى إغراق الأسواق بالمستورد منها وما ينتج عنه من خسائر يتعرضون لها. ففى الوقت الذى أكد فيه رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة أن تعديلات التعريفة الجمركية جاءت بهدف الحد من المضاربات فى الأسعار، إلا أن الخبراء انقسموا بين مؤيد للقرار، متفائل به، متوقعا أن يؤثر تأثيرا مباشرا على أسعار السلع المستهدفة من القرار، فى حين عارض آخرون ومعظمهم من التجار القرار معللين ذلك باحتمال حدوث عمليات إغراق للسوق تؤدى بدورها إلى خسارتهم. ضرورة متابعة تنفيذ القرار الدكتور سلطان أبو على وزير الاقتصاد الأسبق أكد أن قرار رئيس الجمهورية بإلغاء التعريفة الجمركية كان يجب صدوره قبل قرار منع تصدير "الأسمنت والأرز"، لأنه كفيل إذا تم تنفيذه، بإحداث التوازن فى السوق والسيطرة على الأسعار. وأشار أبو على إلى أن هذه القرارات التى جاءت جملة واحدة، تكمن أهميتها فى الكيفية التى سيتم تطبيقها بها والنتائج التى تترتب عليها، حيث من المتوقع أن يكون هناك جدل بين الكثير من التجار خاصة تجار "الأسمنت والأرز"، الذين يشملهم قرار منع التصدير، بالإضافة إلى أن هذا القرار من المتوقع أن يحدث لهم نوعا من الخسارة غير المتوقعة، بل إنهم من الممكن أن يلجأوا إلى تخزين هذه السلع بعد إغراق السوق بها، لذلك لابد أن تكون هناك متابعة مستمرة لتنفيذ هذه القرارات فى المرحلة القادمة حتى نجنى ثمارها وتستطيع الحكومة بالفعل السيطرة على موجة ارتفاع الأسعار. القرار.. خطوة جادة وأعرب الدكتور على لطفى رئيس الوزراء الأسبق، عن تفاؤله من قرار إلغاء التعريفة الجمركية على بعض السلع الغذائية والاستهلاكية المهمة، ووصفه بأنه خطوة جادة من الرئيس لضبط أسعار السوق، الذى شهد ارتفاعا غير مبرر فى الأسعار. نافيا أن يؤدى هذا القرار إلى إغراق السوق المحلى بهذه السلع، لأن هناك زيادة فى الطلب لن تؤدى إلى إحداث إغراق فى الأسواق. وأشار لطفى إلى أن هذا القرار بمثابة دعم مقدم من الحكومة على السلع التى شملها القرار، نتيجة فقد جزء من الموارد والرسوم الجمركية التى كانت الحكومة تستفيد من تحصيلها، ولكن ليس هذا هو المهم، وإنما الأهم هو السيطرة على السوق وأسعاره، التى لابد أن تحدث حتى لو فقدت الحكومة جميع مواردها، وأضاف أن هذا القرار من شأنه تخفيف العبء عن المستهلك. القرار.. تسكين للرأى العام من جانبه أكد الدكتور حمدى عبد العظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن القرار ما هو إلا محاولة لتهدئة الرأى العام الثائر على جميع الأوضاع، مشيرا إلى أن العبرة فى النتائج التى ستقع على المواطن الذى دائما ما يعانى من كثرة هذه القرارات، وأضاف أن فى حالة تطبيق هذا القرار بصورة صحيحة ستقل الأسعار ولكن بصورة بسيطة. القرار.. اقتراح قديم جمال عمر عضو مجلس الإدارة المنتدب لحديد عز قال تعليقا على قرار إلغاء الجمارك على الحديد، إن المجموعة كانت اقترحت منذ فترة إلغاء الجمارك على الحديد، مشيرا إلى عدم وجود ضرورة لهذه الجمارك، حيث إن استيراد الحديد مفتوح ولا تحتاج المجموعة إلى فرض قيود على الاستيراد لحمايتها، خاصة أن السوق دخل فى مرحلة جديدة وهى قلة المعروض من الحديد نتيجة للتكالب الشديد على الطلب بغرض التخزين خوفا من زيادة الأسعار المتتالية. تخفيض الجمارك.. لن يؤدى إلى إغراق السوق وأكد عبد الرحمن الصالحى أستاذ الاقتصاد فى جامعة الزقازيق أن تخفيض الجمارك أو إلغاءها مع منع التصدير لن يؤدى إلى إغراق السوق، بل سيؤدى إلى حالة من التوازن بين السلع، بالإضافة إلى تقليل السعر بطريقة مقبولة. وأضاف أنه طالما هناك محاولة لتخفيض فى الجمارك لسلع حيوية وأساسية للمستهلك مثل: الزيت والأرز، فلابد من وضع رقابة صارمة على التجار والمستوردين ومراقبة الأسعار فى الأسواق، مشيرا إلى أن بدون هذه الرقابة الصارمة فإن بعض التجار يمكن أن يستغلوا الموقف لاحتكار السلعة وزيادة سعرها. من جهته، قال طلعت القواس – نائب رئيس غرفة تجارة القاهرة وكيل اللجنة الاقتصادية فى مجلس الشعب سابقا – إن القرار جيد وفعال ونؤيده تماما، فمن خلاله تقول الحكومة للمواطنين: "إحنا عملنا إللى علينا" لتوفير المزيد من السلع الاستراتيجية والغذائية والأدوية فى السوق المحلية للعمل على دعم أبناء الشعب بكل الصور المباشرة وغير المباشرة مراعاةً للبعد الاجتماعى وحلا للمشكلات الاقتصادية، التى ظهرت بوضوح مؤخرا. وطالب القواس التجار والمستوردين بعدم ممارسة أى نوع من أنواع الجشع والطمع، لضمان تنفيذ القرار بصورة صحيحة ولخلق ثقة متبادلة بين الشعب والحكومة، والتأكيد على أن القرارات يتم إصدارها من أجل "التنفيذ" ولن تكون "حبراً على ورق". وأشار إلى أن السبب فى ضعف مناخ الثقة بين الشعب والحكومة يكمن فى المشاكل العديدة التى يعانى منها المواطنون فى حياتهم اليومية وخاصة الفقراء ومحدودى ومعدومى الدخل، مثل ارتفاع أسعار السلع وأزمة رغيف العيش وغيرها، بالإضافة إلى وجود بعض التجار المتلاعبين الذين يستغلون الظروف والقرارت لتحقيق أعلى الأرباح بأسلوب غير مشروع، مثل استيراد السلع بأسعار منخفضة بعد إلغاء الجمارك عليها ثم بيعها بنفس الأسعار المرتفعة التى كان يتم البيع بها قبل إصدار القرار وكأن شيئا لم يكن، بالإضافة إلى وجود بعض العشوائية فى إصدار القرارات التى لا يتم الاهتمام بتنفيذ كثير منها مع مرور الوقت. وأضاف القواس أن الخطوة التالية لإصدار القرار هى ضرورة اهتمام الجهات الرقابية الحكومية المسئولة بمتابعة ما يحدث فى السوق بصدق وأمانة، وتوقيع أشد العقوبة على المتلاعبين . مؤكدا أن القرار الجمهورى الصادر لابد وأن يتبعه مزيد من القرارات خلال الأيام القادمة، لأنه وحده لن يضع حلا جذريا للمشاكل الموجودة بالسوق. الحد من الاحتكار فى حين أكد إسماعيل شلبى أستاذ الاقتصاد فى كلية الحقوق جامعة الزقازيق، أن اللجوء إلى تخفيض الجمارك على السلع يهدف إلى تقليل الاحتكار الموجود بالنسبة لسلع الحديد والأسمنت ودخول السلع بسعر أقل من السوق الداخلى. وأضاف أنه لن يكون هناك تأثير على التجار من تخفيض الجمارك أو إلغائها لأن ذلك يساعد على ضبط الأسعار، فالتاجر يقوم ببيع السلعة بثلاثة أضعاف تكلفتها وفى هذه الحالة فإن تخفيض الجمارك سيقلل من أرباحهم فقط.