يحكى أنه فى بلاد مصر المحروسة، وفى ظل قبضة الإنجليز القوية على أم الدنيا، ثار الإخوة العربجية على سعد زغلزل باشا، أول رئيس وزراء مصرى الهوية فى تاريخ أم الدنيا بعد فتح العرب لها، أول حاكم منتخب بإرادة شعبية.. كنت خليها بجميلة سعادتك! الجمعة 20 مارس 2020 وراء كل مهرجان.. انكسار (1) الجمعة 21 فبراير 2020
خرج المواطنون العربجية وكلهم حماس فى اشعالها ثورة كثورة مارس 1919، والتى لم تمر بسلام على الخاصة الملكية ورعاتها من الإنجليز، فتمخض عنها دستور عظيم، وإنتخابات نزيهة أتت بسعد ورجاله لسدة الحكم..
كان الإخوة العربجية من سائقى عربات الحنطور حانقين على ابنهم سعد، والذى لم يحمى أرزاقهم بعدما توغل (الأتوموبيل)، ذلك الشيطان الرجيم الذى عربد فى شوارع المحروسة يلتقط منهم زبائنهم، الذين كانوا لا يجدون غيرهم لنقلهم بين أحياء القاهرة العامرة!
اقرأ ايضا: وراء كل مهرجان انكسار (2 )
اذ فجأة جاء التحديث وأطللت التكنولوجيا لتهدد أرزاق الحصان ومن يقتنيه ومن ينفق عليهم من سنابك خيره، أوشك العربجية على التسول وأوشكت هيبة الخيل على الذهاب بعيدا، فتجمع العربجية فى ظل أجواء ديموقراطية حقيقية فى أحد ميادين القاهرة وانطلقوا يرمون بالشرر من أفواههم تارة، ومن أسواطهم تارة أخرى.. كرباج ورا يا أسطى، كرباج على كل من يريد إفقارنا وتجويعنا.. كرباج يصرخ كالرعد ولا يخشى اعتقال أو مسائلة، فتلك ثمرة الحرية وحصاد الثورة وريع شهداء 19 !
تجمع الثوار بالكرابيج أمام بيت الأمة (بيت سعد)، ونادوا على خادمهم الذى خرج بنفسه ليمتص غضب من أتوا به وبأووه منصبه، قائلا لهم (انا أيضا عربجى مثلكم.. فإذا كنتم تقودون الحنطور، فانا عربجى على عربة الوطن.. أنا واحد منكم، أنا مثلكم).
بين لهم سعد أن العالم كله يسير نحو الحداثة، وأن السيارات الحديثية صارت إحدى مفردات العالم الجديد، والذى لا يرضيهم كمصريين وطنيين أن تتخلف مصر عن ركابه، لكن لقمة عيشهم مصانة وأن الجوع لن يطولهم أبدا، فلقد أمر بمساعدة كل من يريد الحصول على رخصة (سواقة) منهم على نفقة الدولة..
اقرأ ايضا: ابن البيضا!
ومن يريد شراء سيارة حديثة أو الإشتراك فيها مع آخرين سيجد كل العون والدعم منه ومن وزارته المصرية التى أتت لخدمة المصريين وتحقيق أمالهم فى وطن عادل حر، ومن يريد البقاء على حنطوره فلن يتعرض لمضايقات من الدولة ومؤسساتها، فالحداثة لا تعنى قتل البسطاء، وإن كانت تعنى ذلك فلا مرحبا بها، وبالقطع سيستمر الحنطور لمن يحب ركوبه واستمر بالفعل ليومنا هذا ولكن على استحياء !
تفرق الجمع قانعين برئيسهم العربجى الأصيل، الأمين على مقدرات حياتهم، وقبل أن يتفرقوا كانت صيحات سعد سعد يحيا تسعد تهز أرجاء المحروسة !
ربما كان ذلك دهاءً سياسيا من الباشا سعد زغلول، والذى ضرب مثلا رائعا فى كيفية ادارة أمور البلاد فى وقت عصيب مرت فيه بثورات وأحداث جسام، واليوم لا يحب البعض أن يقلد سعد أو يقتدى به، لا يحب المسؤول ان يكون عربجيا شريفا وطنيا محنكا مثل أول رئيس وزراء مصرى..
يريد سيادته أن يكون سيدا ملهما قاطعا لا يستمع غيره وإن كانوا هم الأكثرية، والدليل على ذلك ما يحدث فى وزارة (التابلت والأبحاث) أو ما كان يعرف عندنا بوزارة التربية والتعليم سابقا، فلا بد للطالب أن يتحول إلكترونيا فى غضون أيام قليلة وفقا لقرار من السيد الوزير..
اقرأ ايضا: روائع الخيانة في السينما المصرية (1)
حتى وإن كانت هناك جائحة قاتلة جعلت العالم بأسره ينهى العام الدراسى وينقل الطلاب للعام المقبل دون ابداع وزارى ندر مثيله، حتى وإن كانت الإمكانات وظروف الدولة لا تسمح بذلك، حتى وإن كانت الأموال المهدرة على السيد تابلت كثيرة ومؤلمة لخزينة الدولة..
حتى وإن كان الأطفال من المرحلة الإبتدائية أو الإعدادية لا يعرفون معنى كلمة بحث علمى، ولكن الوزير يخالهم أساتذة جامعيون وباحثون فى جامعة هارفارد أو اكسفورد، ولا يعرف شقاء أبائهم من فئات الشعب المتنوعة العاملة البسيطة والمجاهدة وشبه المتعلمة، أو حتى المثقفة والتى لا تجد وقتا لهذا الأمر العجيب.. المهم هو أن الوزير يريد أن يحقق ما يريده.. لا ندرى لمن، للوطن الذى يحتاج لوزيرعربجى مثل سعد زغلول رحمه الله أم لمن! [email protected]