مكالمة تليفونية جاءتنى منذ أيام من الأخ المناضل الهارب «أيمن نور»، وهذا على غير العادة.. فمنذ هروبه المفاجئ من مصر لم أحاول أن أتذكره.. وكنت أظنه أيضا نسانى.. قلت له : أؤمرنى يا أيمن بيه.. أخبار الغربة إيه يادكتور؟! قال: عشرة على عشرة يا عمنا.. عايشين عيشة 5 نجوم.. ولا ينقصنا إلا وجودك معنا.. فأنت معارض شرس ضد الحكومة ونحن تلاميذك قلت: أنت لو كنت تلميذى حقا.. ما كنت هربت من ساحة المعركة.. قال: المضطر يركب الصعب ياعمنا.. وإحنا هنا محتاجينك معانا قلت: وما المقابل؟! قال: كل اللى تؤمر بيه.. ممكن تعمل برنامج في قناة الشرق.. ولو عايز قناة مكملين برضو عادى.. أو ممكن نستضيفك في قناة الجزيرة وأهو كله بالدولار يا عمنا. قلت: طب أنا راجل ساخر وفشار ومجنن كل وزراء الحكومة وأنا هنا في بلدى.. إيه بقى الجديد اللى هعمله عندك؟ قال: مش عايزين منك أكتر من كده.. مع شوية حرية أكتر في الأداء.. يعنى بدلا من أن تنتقد الحكومة فقط.. ممكن تنتقد النظام بأكمله.. البلد بأكملها.. كبيرها وصغيرها. قلت: يعنى أطلع انشر غسيلنا الوسخ كله بره مصر.. والعالم يتفرج علينا بقى وإحنا أبطال وكده.. صح؟! قال: عداك العيب يا عمنا.. وكله بالدولار يامولانا. قلت: طب أنا يعنى بكده هبقى إعلامي معارض ولا إعلامي ببردعة؟! قال: قصدك إيه يا عمنا؟! قلت: شوف يا أيمن يا حبيبى.. أنا هحكيلك حكاية وأنت افهم زى ما أنت عايز قال: اتفضل احكى يا عمنا.. وحشتنا حكاياتك من أيام الميدان قلت: كان فيه زمان إمبراطور ألماني.. وكان في زيارة إلى «دمشق» ومعه زوجته.. فخرج له شعب سوريا على بكرة أبيه ليرحبوا به.. واستقبلوه استقبالا حافلا، وخلال الاستقبال وبينما هو عند مدخل القلعة لاحظت زوجته الإمبراطورة حماراً أبيض جميلاً يقف بجوار سور القلعة فأثار انتباهها.. وطلبت من والى دمشق أن يأتيها به لكي تأخذه معها إلى برلين كذكرى من دمشق، ذهب الوالي بكل براءة يبحث عن صاحب الحمار.. وكان يدعى «أبو الخير».. فطلب منه أن يتنازل عن حماره، ويهديه إلى زوجة الإمبراطور.. إلا أن أبو الخير اعتذر ورفض أن يتنازل عن حماره.. فغضب الوالي غضبا شديدا، وعرض عليه شراء الحمار بأى ثمن، إلا أن أبو الخير أصر على الرفض وقال له: «يا أفندينا، لدي ستة رءوس من الخيل.. إن شئت قدمتها كلها إلى اإمبراطورة هدية دون مقابل.. أما الحمار فلا! فاستغرب الوالي هذا الجواب وسأله عن السبب! فرد أبو الخير مبتسماً:"إنهم اذا أخذوا الحمار إلى بلادهم ستكتب جرائد الدنيا عنه.. وسيسأل الناس منين هالحمار؟.. فيردون عليهم: "من الشام".. وساعتها سيصبح "الحمار الشامي" حديث كل الناس في الخارج.. وربما يصبح معرضًا للسخرية ويقول الناس هل يُعقل ان إمبراطورة ألمانيا لم تجد في دمشق ما يعجبها غير الحمير؟!.. ولن يصدقوا أنها وجدت لدينا أفضل من ذلك.. ولذلك لن أقدمه لها ولن أبيعه أبدا". ها.. انتهت الحكاية ياعم أيمن.. فهمت حاجة؟! قال: مش قوى يعنى يا عمنا! فقلت: عايز أقولك يا أخ أيمن إن هناك أناسا يخافون على سمعة بلادهم أن تمسها الألسن بالسوء في الخارج، حتى لو لم يعجبها الحال بالداخل... وهناك حمير تبيع البلد بما فيه ولا يفرق معاها الخارج من الداخل.. مادامت تحصل على المقابل!