أكثر من مرة حاولت السينما أن تقدم حياة مارلين مونرو، وفى كل مرة تبوء المحاولة بالفشل. جاء رحيل مونرو المبكر لتكتمل ملامح الأسطورة حتى تحتفظ ذاكرة السينما بصورة ثابتة لها، فهى المثيرة إلى الأبد.. لا يمكن أن تؤدى دور مارلين مونرو سوى واحدة فقط هى مارلين مونرو، لهذا بدأ التفكير فى حيلة سينمائية هى إعادة مارلين مونرو إلى الحياة السينمائية من خلال أفلامها القديمة حيث نشاهدها فى لقطات أرشيفية بعد أن يُكتب سيناريو يضع منطقا دراميا مغايرا لهذا التتابع! ولم يتوقف الطموح عند هذا الحد، بل هناك تفكير جدى فى استخدام تقنية الأبعاد الثلاثة لتظهر لنا مارلين مونرو مجددا وهى مجسمة على شاشة سينما 2012. ما شاهدناه فى ليلة ختام مهرجان دبى هو مارلين مرة أخرى نعود معها إلى زمن فيلمها القديم «الأمير وفتاة الاستعراض» الذى شاركت فى بطولته وأخرج الفيلم السير لورانس أوليفييه عام 1956. عنوان الفيلم «أسبوعى مع مارلين مونرو»، فهو لا يدّعى تقديم سيرة لها ولكنه فقط يروى أسبوعا عاشته عندما قرر المخرج البريطانى كولين كلارك أن يصدر مذكراته التى أطلق عليها فى البداية «الأمير وفتاة الاستعراض»، وتناول كولن كلارك مذكراته فى أثناء تصوير الفيلم عندما كان وقتها مساعد مخرج ثالثا. استمر التصوير ستة أشهر إلا أنه أخفى أسبوعا واحدا كان استثنائيا فى علاقته مع مارلين مونرو ارتبطا فيه فى علاقة عاطفية رغم أنها كانت تقضى شهر العسل مع زوجها الكاتب العالمى آرثر ميللر الذى انتقل من لندن عائدا إلى أمريكا بعد بضعة أيام بينما كانت مارلين تعيش أحداث قصة حب ملتهبة مع مساعد المخرج الثالث.. العمل الفنى مأخوذ عن هذا الجزء من مذكرات كلارك أخرجه سايمون كيرتس. يطرح الفيلم أكثر من تساؤل رغم محدودية مستواه الفنى. أولا كيف نستعيد شخصية شكّلت صورة ذهنية راسخة صارت هى أيقونة الإغراء فى السينما. من الممكن أن نستعيد الزمن بكل تفاصيله ولكن كيف نعثر على مارلين أخرى؟ التساؤل الثانى: ارتبطت مارلين بعلاقة خاصة، فهل من حق أحد الأطراف أن يحكى دون استئذان خصوصا أن تلك العلاقة لم تخرج عن دائرة محدودة؟ ورحل أغلب شهود العيان فهل ما يرويه كلارك هو الحقيقة أم إنه يبالغ فى إضفاء الكثير على تلك العلاقة التى تصب فى صالحه؟ إنها ليست قيودا شرقية كما يعتقد البعض ولكنها قواعد عامة لا تفرق بين شرق وغرب! أن تروى عن السحر غير أن تعيش معه، ولم تكن مارلين ممثلة عبقرية فى الأداء إلا أنها كانت هى الأكثر حضورا على الشاشة وسحرا عند الجمهور.. لم تتعلم فن التمثيل معتمدة على حضورها وأنوثتها ودعمت كل ذلك بتلك التلقائية التى تنضح فى أدائها.. قدم الفيلم علاقة أخرى أقامتها مع النجم السير لورانس أوليفييه يعتقد البعض أنها لم تكتمل.. يقدمه الفيلم باعتباره قد عاش أيضا قصة حب من طرف واحد مع مارلين وإن كان قد أشار فى مذكراته إلى أنها جمعت بين طرفين، وبالطبع لا يدرى أحد الحقيقة. مشاعر مارلين توجهت إلى مساعد المخرج الثالث الذى توكل إليه عادة مهمة مراجعة الاسكريبت مع النجوم، فلم يكن له دور إبداعى فى فيلم «الأمير وفتاة الاستعراض»، وإن كنا نقرأ على التترات فى نهاية أحداث الفيلم أنه قد تحقق فنيا وصار واحدا من أهم المخرجين البريطانيين. الحالة الإبداعية التى أرادها الفيلم فى أن يصل إلى ممثلة لها سحر، أقصد تعيد لنا سحر مارلين مونرو، باءت بالفشل، فلم تستطع النجمة ميشيل ويليامز أن تعيد لنا هذا السحر رغم أنها تدربت كثيرا على الأداء وأيضا الغناء.. بينما نجح فى تجسيد دور لورانس النجم كينيث برناه فمنح الدور حياة ونبضا، ربما لأن السير لورانس لم يتجسد سينمائيا ووجدانيا بنفس القدر الذى حظيت به مارلين، ولهذا صدقناه. أسبوعى مع مارلين حكاية من طرف واحد. هل حدثت بالفعل وبكل هذه التفاصيل أم أن مساعد المخرج تمنى أن يقضى معها هذا الأسبوع فى الواقع، وبعد قرابة 55 عاما تجسد فقط على الشاشة؟!