تشهد العلاقات الدبلوماسية بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالصين، توترًا كبيرًا، قد تصل إلى مواجهة اقتصادية، وذلك جراء تصريحات دونالد ترامب العدائية تجاه بكين، حيث أنه صرح في أكثر من مرة بأنه سيضع حدًا للنفوذ والصعود الصيني في العالم. ووصل الأمر إلى تهديد الرئيس الأمريكي بعدم الاعتراف بعد الآن بمبدأ "الصين الواحدة" الذي دفع واشنطن إلى قطع علاقاتها مع تايوان في 1979، إذا لم تقدم بكين تنازلات خصوصًا في قطاع التجارة. صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، ردت على الرئيس الأمريكي بالقول: إن "سياسة الصين الواحدة لا يمكن المساومة عليها"، واصفة ترامب بأنه جاهل في الدبلوماسية تمامًا كطفل. وفي هذا الإطار، عكفت بيكن على نشر أحدث الصواريخ الباليستية الصينية "DF41" في مقاطعة هيلونغجيانغ المجاورة لروسيا، تمهيدًا لأي خطوة قد يتخذها الرئيس الأمريكي تجاه الصين. الرئيس الصيني شي جينبينغ وجَه رسالة إلى دونالد ترامب، اليوم الاثنين، قائلًا: إن "العلاقات الثنائية بين البلدين تأثرت بعوامل سلبية بعد سلسلة من التحركات الأمريكية التي أثارت غضب بكين". وأكد "شي" أن العلاقات الصينيةالأمريكية حققت نتائج مهمة، إلا أن التوترات التي حدثت جراء الأزمة مع كوريا الشمالية تسببت في خلق حالة من العداء. الأمر الذي دفع الرئيس دونالد ترامب إلى إرسال سفينة حربية أمريكية قرب جزيرة متنازع عليها تحتلها بكين فى بحر الصين الجنوبي، وذلك في إطار عملية تهدف لإثبات حرية الملاحة في هذه المياه. حيث عبرت السفينة الأمريكية "يو إس إس ستيثام" على مسافة أقل من 12 ميلا بحريا (22 كلم) من سواحل جزيرة ترايتون الصغيرة فى أرخبيل جزر باراسيل الذي طالب تايوان وفيتنام بالسيادة عليه، بحسب مسؤول أمريكي. وتهدف العملية إلى الاحتجاج على سيادة الصين في الجزر المتنازع عليها، على أمل التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء تلك الأزمة. لكن الصين، اعترضت على الخطوة التصعيدية الأمريكية تجاهها، وقامت في هذا الصدد بإرسال سفنا حربية ومقاتلات، أمس، لإرغام البارجة الأمريكية على الابتعاد عن الجزيرة التي تسيطر عليها في بحر الصين الجنوبي. وزارة الخارجية الصينية اعتبرت أن التحرك الأمريكي "أمر استفزازي خطير على المستوى السياسي والعسكري". وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية أن الجانب الصيني يدعو بقوة الجانب الأمريكي إلى التوقف فورًا عن هذا النوع من العمليات الاستفزازية التي تنتهك السيادة الصينية وتهدد أمن الصين"، موضحًا أن بكين ستواصل أخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن سيادتها وأمنها القومي. "ستيفن أس روتش" عضو هيئة التدريس في جامعة ييل ورئيس بنك مورغان ستانلي في آسيا سابقًا ومؤلف كتاب "العلاقة غير المتوازنة.. الاعتماد المتبادل بين أمريكاوالصين"، قال: إن "إدارة ترامب تلعب بذخيرة حية، وهو ما يشير إلى تداعيات عالمية خطيرة، ويتجلى هذا بأكبر قدر من الوضوح في الرد الصيني المتوقع على نوبة استعراض العضلات الأمريكية الجديدة". وأوضح "روتش" أن فريق ترامب لا يبدي اهتمامًا برد فعل الصين على تهديداته، ظنًا منه أن الولاياتالمتحدة ليس لديها ما تخسره وبوسعها أن تكسب كل شيء ومع ذلك، يبدو احتمال وقوع نزاع مسلح واسع النطاق بين الصينوالولاياتالمتحدة في ظل قيادة الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب ضئيل للغاية. فالصينوالولاياتالمتحدة دولتان نوويتان، وليس من مصلحتهما تأجيج الصراع العسكري بينهما بشكل مباشر، وعلى الأرجح سيظل النزاع بينهما تجاريا واقتصاديا، كما كان عليه الوضع بين الاتحاد السوفييتي والولاياتالمتحدة بين عامي 1960 - 1970، وهو ما يعني أن العالم قد أصبح على شفا حرب باردة جديدة بين أكبر اقتصادين في العالم. إلا أن المخابرات الأمريكية كشفت عن تقرير حول الإجراءات التي يجب أن تتبعها إدارة ترامب للوقاية من الأخطار المقبلة من شرق آسيا، حيث تمثلت في: 1 - الإصرار على الوجود فى المناطق التى تمكنها من الوقوف عن كثب على ما يجرى فى الصين، وإنشاء قواعد عسكرية تدعم هذا الوجود. 2 - محاولة مد النفوذ الأمريكى لدول آسيا الوسطى، سعياً وراء إقامة حزام أمريكى حول الصين، يتيح للأمريكيين فرصة منعها من مد نفوذها نحو تلك البلدان. 3 - حرص أمريكا على تغطية حاجتها من النفط خلال العقدين المقبلين اللذين سيشهدان زيادة مطردة فى كمية النفط التى تستوردها من الخارج تصل لنحو 25% من مجمل استهلاكها السنوى، وحاجتها للحفاظ على الدخول الهائلة لصناعة السلاح الأمريكية، ونهم اقتصادها الشديد لوجود أسواق ضخمة تستوعب منتجاتها، كل ذلك يدفعها للعمل على إيجاد صيغة من شأنها أن تحفظ التوازن بين حتمية التصدى الأمريكى للتنين الأصفر من ناحية، وبين حاجة أمريكا للسوق الصينية باعتبارها سوقاً استهلاكية واعدة لا يستطيع الاقتصاد الأمريكى الاستغناء عنها من ناحية أخرى. 4 - إيجاد صيغة للحد من قدرة الصين ودول شرق وجنوب شرق آسيا التنافسية، والتصدى لمحاولاتها إغراق الأسواق العالمية بمنجاتها، بما فى ذلك السوق الأمريكية. ولتجنب سيناريو الصراع، يجب على الولاياتالمتحدةوالصين تشكيل فريق مشترك يتضمن كبار المسؤولين ذوي الخبرة وخبراء بارزين من كلا الجانبي، حيث يمكن أن ترسم هذه المجموعة مسار العلاقات بين الولاياتالمتحدةوالصين، وتحدد الصراعات المحتملة، وتقدم حلولًا قبل وصول التوترات إلى مرحلة الغليان. لذلك يجب على ترامب الاختيار بين التعاون والمواجهة كإطار لسياسة الولاياتالمتحدة تجاه الصين، على أن يكون اختياره واضحًا.