مبدأ الصين واحدة خط أحمر من خطوط الدبلوماسية الصينية الثابتة والاستراتيجية التي تتعامل بها مع جميع دول العالم, وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية, ولذا عندما اخترق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بروتوكول العلاقات بين البلدين واستقبل اتصالا هاتفيا من رئيسة تايوان, تساي إينغ-وين, استغرقت عشر دقائق كأول اتصال من نوعه بين تايوان ورئيس منتخب, أو رئيس فعلي للولايات المتحدة, منذ أن حول الرئيس الأمريكي, جيمي كارتر, الاعتراف الدبلوماسي من تايوان إلي الصين عام1979, معترفا بتايوان كجزء من صين واحدة. وعقب الاتصال مباشرة اندلعت موجة كبيرة من الاحتجاجات من قبل الصين بل, ومن قبل الإدارة الأمريكية الحالية التي أكدت احترامها لسياسة الصين واحدة ولكن الخارجية الصينية قدمت احتجاجا رسميا بسبب الاتصال الهاتفي ووصفته بأنه عمل تافه, ولكن المفاجأة كانت في تبرير ترامب وإدارته للاتصال الهاتفي حيث قال ترامب من المثير كيف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تبيع تايوان معدات عسكرية بمليارات الدولارات, وبالمقابل ينبغي علي أنا ألا أقبل( بالرد) علي اتصال للتهنئة بينما قال فريق ترامب إن الرئيس الأمريكي المنتخب ورئيسة تايوان تطرقا إلي العلاقات الوطيدة في مجال الأمن والاقتصاد والسياسة بين تايوانوالولاياتالمتحدة, كما تبادلا التهاني علي اختيارهما لقيادة بلديهما, حيث انتخب ترامب, في الثامن من نوفمبر الماضي, فيما انتخبت تساي اينغ وين في مايو من العام الحالي. والمثير في الأمر ما جاء في رد فريق ترامب. حيث قال إن المحادثة تطرقت إلي العلاقات الوثيقة في الأمن والاقتصاد والسياسة وهو ما يشير وبصورة واضحة إلي اتجاه إدارة ترامب الاستمرار في السير علي نفس خطي أوباما تجاه تايوان, وبالتالي خلق مزيد من التوتر والقلق مع بكين بسبب إصرار واشنطن علي التعامل مع ملف تايوان, من منطلق خلق بؤر تؤدي إلي مزيد من التوتر مع الصين, إضافة إلي ملفات أخري عديدة في مقدمتها أزمات الجزر الآسيوية سواء في بحر الصين الجنوبي أو الشرقي والدعم اللامحدود وغير المبرر من قبل واشنطن لجميع الأطراف المتنازعة ضد الصين وفي مقدمتها اليابان, وأيضا سياسة واشنطن تجاه قضية التبت واستقبالها الزعيم الروحي الدالاي لاما مما يثير اعتراضات واحتجاجات كبيرة من قبل بكين علي ذلك الإجراء. وأعتقد أن وزير الخارجية الصيني وانغ بي عندما وصف الاتصال بين ترامب ورئيسة تايوان بأنه مناورة من كيد تايوان لن تؤثر علي التفاهم الدولي حول صين واحدة, كان يشير وبوضوح وقوة إلي تمسك الصين بسياستها مع واشنطن وفي نفس الوقت عدم قبول بكين بأي تغيير في تلك السياسة, خاصة أن واشنطن مصرة علي تزويد تايوان بصفقات ضخمة من الأسلحة بلغت قيمتها خلال إدارة الرئيس أوباما فقط12 مليار دولار, وهي صفقات ضخمة للغاية, حيث شملت كافة أنواع الأسلحة وهو ما أثار قلق بكين بل ودفعها إلي اتخاذ اجراءات تصعيدية ضد واشنطن كان من بينها إلغاء اجتماعات عسكرية مشتركة وزيارات رفيعة المستوي كانت مقررة بين الجانبين. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن علي طاولة العلاقات الأمريكيةالصينية هل يسير ترامب علي نفس خطي أوباما؟ أم سيكون هناك اتجاه جديد في علاقات البلدين؟..أعتقد أن ترامب لن يغير كثيرا في علاقات واشنطنوبكين في ظل الضغوط الكبيرة من قبل اليابان والتواجد العسكري الضخم علي أراضيها وأيضا نتيجة السياسة الأمريكية في التوسع وزيادة نفوذها في منطقة آسيا والباسفيك بعد الفشل الكبير في الشرق الأوسط, بالإضافة إلي الهدف الأسمي للدبلوماسية الأمريكية وهو السعي لعرقلة التقدم الصيني ووقف زيادة نفوذ بكين في العالم.