عودة : مصانع السكر في طريقها للدمار.. والوزارة مديونة ب3.8 مليار جنيه لشركة السكر من وقت إلى آخر يسقط محصول زراعي مهم من حسابات الدولة، حتى باتت مصر لا هي زراعية ولا صناعية ولا تجارية، بل دولة مستوردة لأهم المحاصيل التي كانت تفاخر بها العالم. بينما كان محصول القطن واحدًا من أبرز المحاصيل المصرية التي نصدرها إلى الخارج، يلقى محصول قصب السكر أيضًا نفس المصير الذي انتهى إليه مصير القطن. قصب السكر الذي يسد أكثر من 70% من احتياجات المصريين، بات يعاني إهمال الدولة وقلة المساحات المنزرعة مع تركيز الدولة على الاستيرد، مما يضعف الصناعة المحلية. يُزرع محصول القصب في عدد من محافظات الصعيد، بدءًا من محافظة المنيا حتى أسوان، وتبلغ المساحة الكلية المنزرعة بمحصول القصب 275000 فدان، وما يتم توريده إلى شركة السكر والصناعات التكميلية مساحته 235000 فدان، ويستهلك قصب السكر نحو 8232.5 م3 من المياه للفدان، طبقًا لتقديرات معهد بحوث الزراعة الآلية ومجلس المحاصيل السكرية ومحطة أبحاث القصب بشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية بكوم أمبو. موسى قرين: حقوق الفلاح منهوبة من المصانع والدولة عينها على الاستيراد يقول موسى أبو قرين وكيل اتحاد منتجي قصب السكر جنوب الصعيد (تحت التأسيس): "نحن نعاني من تراكم الديون وفوائدها من بنوك التنمية والائتمان الزراعي وكذلك هيئة الإصلاح الزراعي التى ما زال أغلب الفلاحين يدفعون أقساطها منذ عام 1952 دون تمليك والمطاردة من الأحكام النهائية ضد آلاف المزارعين من الحجوزات ورفع الشيكات من بنوك التنمية وهيئة الإصلاح الزراعي". وأضاف "الشركة القابضة للسكر تقوم بنهب إنتاج الفلاحين الحقيقي لمحصول قصب السكر الذي ينتج فعليًّا أكثر من 22 سلعة إنتاجية، مثل السكر والأعلاف والخشب الحبيبي والأوراق والكحول والفازلين والمولاس الذي يدخل فى صناعة أرقى أنواع العطور". وأوضح أن طن القصب الخام ينتج نحو 120 كجم سكر، وثمن الكيلو أكثر من 4 جنيهات، وإذا كان الناتج من الفدان الواحد 40 طن خام قصب يكون ناتج السكر 4.8 طن صافي بسعر 19200 جنيه، وعندما يحسب سعر طن القصب 400 جنيه عن الطن وينتج الفدان 40 طنًّا إجمالي المبلغ 16000جنيه للفدان، وما يصرف على الفدان طوال العام أكثر من 13400، ليكون الدخل الصافي في العام 2600 جنيه ليشكل دخلا شهريا 216 جنيها من الفدان، فمن يمتلك فدانين يكون دخله في الشهر 432 جنيها، ومن يمتلك 3 أفدنة يكون دخله في الشهر 648 جنيها، ومن يمتلك 5 أفدنة ويعتبر من كبار الملاك 1080 شهرايًّا. وأشار قرين إلى أن الفلاح لا يتقاضى أي مقابل من المنتجات الأخرى المجملة ب22 منتجا تخرج من القصب ويتم دفع المقابل المالي على منتج السكر فقط لا غير، موضحًا أن طن القصب 120 كيلو سكر صافي يتبقى 880 كيلو خام قصب لكل طن. وأوضح أن ثمن المحصول من المصانع يتم تقسيطه للفلاحين طوال العام بنسب 50% ثم 25% والمتبقي يحصلون عليه في توقيت التصافي 25% حتى آخر العام. وتابع "الأعباء تزيد على كاهل الفلاح، من فوائد البنوك التي تتراكم لأكثر من عام حتى يصل الفدان إلى أكثر من 500 جنيه فائدة، بجانب المهانة والذل الذي يواجهه الفلاح في صرف المستحقات المالية، فيتزاحم الآلاف من الفلاحين في صالات ضيقة بالمصانع وغير آدمية، مما يطيل فترة انتظار الصرف إلى أكثر من 16 ساعة وربما يتأجل إلى اليوم التالي، وهذا يتم أكثر من 5 مرات طوال العام". ولفت وكيل اتحاد منتجي قصب السكر إلى أن المصانع تحجب قيمة الوزن اليومي الخاص بتوريد المحصول للمصنع عن الفلاح، موضحا أنه إذا كان الفلاح من قرية بالأقصر ويقوم بنقل المحصول إلى مصنع قوص أو أرمنت بمسافه لا تقل عن 30-40 كيلومترا، ويتعرض المحصول للإهدار أو السرقة رغم خصم نسبة من كل طن لحراسة المحصول بالطريق، وإذا انقلبت سيارة محملة بالمحصول أمام المصنع المسؤول عند إعادة شحنها وتعبئتها من جديد بتكلفة أخرى يتحمل الفلاح كل ذلك. ويبلغ عدد مصانع السكر بجنوب الصعيد 9، وهي أسوان (مصنع كوم أمبو – مصنع إدفو)– الأقصر (مصنع أرمنت)- قنا (مصنع قوص- مصنع دشنا– مصنع نجع حمادي)– سوهاج (مصنع جرجا)– المنيا (مصنع أبو قرقاص)- الجيزة (الحوامدية). ويبلغ عدد الفلاحين الذين يزرعون قصب السكر في مصر قرابة 500 ألف مزارع، ومتوسط الأسرة لكل فلاح منهم 5 أفراد، ما يساوي أكثر من 3 ملايين فرد يتعايشون من زراعة قصب السكر، بالإضافة إلى بعض الفلاحين الذين يأخذون الحشائش لتغذية المواشي، فضلاً عن عدد عمالة المصانع. نادر نور الدين: تراكم مليون طن سكر مصري في المخازن لصالح المستورد وعلق الدكتور نادر نور الدين، الخبير الزراعي ومستشار وزير التموين الأسبق، قائلا "إن وزير التموين ترك السكر الحكومي وباع سكر القطاع الخاص على بطاقات التموين وفي المجمعات، بما أدّى إلى تراكم مليون طن في مصانع سكر القصب، ومصر في الأساس دولة مستوردة للسكر". وأضاف قائلا "يعني نخلص إنتاجنا اﻷول وبعدين نستكمل الباقي من المستورد، لكن وزير التموين استهلك المستورد أوﻻً وترك المحلي، فتراكم في المصانع وأصبحوا ﻻ يجدون سيولة مالية لسداد مستحقات المزارعين، واﻷخطر أن المحصول الجديد للقصب بعد أسبوعين في أول يناير، والمصانع تهدد بعدم استلام المحصول الجديد ﻷن مخازنها مكدسة بالسكر وﻻ تجد مكانا لتخزين السكر الجديد وأيضا ﻻ توجد سيولة مالية لسداد ثمن المحصول الجديد، ﻷنهم لم يبيعوا سكر المحصول القديم بسبب وزير رعاية التجار وليس وزير الفقراء أو وزير التموين". وأوضح نورد الدين أن مساحة زراعات القصب نحو 350 ألف فدان، وما يقارب 700 ألف أسرة فقيرة من فلاحي الصعيد للقصب وفلاحين سيتعرضون للجوع بسبب سياسات وزير التموين الموجهة لصالح التجار وضد مصانع الدولة، وبالتالي لن يزرعوا القصب الموسم القادم، ثم يتركوا الساحة للاستيراد والتجار، وبعدها يتم إغلاق مصانع عريقة وصناعة قديمة أنشأها عبود باشا من 100 سنة وتبور أراضي القصب ومن أجل تجار وزير التموين. برغش: 15% من الفلاحين تحولوا إلى زراعة الموز يرى محمد برغش، نقيب الفلاحين، أن زراعة القصب في حالة تدهور مستمر على الصعيدين، رعاية الدولة لزراعة القصب وانخفاض المساحات الزراعية المخصصة لها، حيث إن الدولة حددت مساحة زراعية من محافظة المنيا حتى أسوان قدرها 36 ألف فدان لكل مصنع، لضمان تشغيل المصنع بالكامل، وهذه المساحات تناقصت وحلت مكانها زراعات الموز، لأن القصب أصبح غير مجدٍ للفلاح، بالإضافة إلى تحكم المصنع في كل شيء بشأن المحصول، مما يمثل ضغوطا متزايدة على الفلاح. وأشار إلى أنه نحو 15% من مساحات القصب خرجت من زراعته إلى الموز، والمخزون الحالي لا يقل عن مليون طن في مخازن مصانع الشركة القابضة، لأنه تم فتح باب الاستيراد على مصرعيه لصالح التجار، ولأن الزراعة لم تعد أمنا قوميا لمصر، وهناك أيادٍ تحاول تحويل الفلاح إلى قوى سلبية ضد الدولة. الهواري: السكر المحلي يداس عليه بالأقدام والسيارات في المخازن أما المهندس مظهر الهواري رئيس نقابات الفلاحين بالصعيد، فيتطابق كلامه مع سابقيه، ويضيف عليهم "هناك فساد في وزارة التموين ومصالح المستوردين والتجار هي المتحكم في الزراعة في مصر، والقصب ليس ببعيد عن القمح وما يجري فيه، حتى إن إنتاج السكر موجود في مصانع شركة السكر والصناعات التكميلية وملقى على الأراض ويداس عليه بالأقدام والسيارات لعدم وجود مخازن له". وأوضح أن محافظاتأسوانوالأقصروقنا 100% من أراضيها زراعتها تعتمد على قصب السكر، بينما سوهاج 50%، ومراكز شمال أسيوط 100%، والمنيا 75% قصب وبنجر، وبني سويف جميع مراكز جنوب قصب وبنجر، والفيوم 50% بنجر، والحوامدية والبدرشين والعياط 50%. وأشار الهواري إلى أن الفلاح بدأ يتجه إلى تبوير الأراضي بسبب سياسات الدولة، والفلاحون لم يحصلوا، حتى اليوم، على مستحقات محصول العام الماضي، حيث إن وزارة التموين كانت تأخذ من المزارعين المحصول أولا ثم تلجأ إلى الاستيراد لسد الفجوة، لكن العام الجاري وزارة التموين لم تأخذ السكر من شركة "السكر والصناعات التكميلية المصرية"، واستوردت من الخارج، لذلك يتفاخر وزير التموين بأن مخزون السكر يفوق حد الأمان ب8 أشهر. وأوضح مظهر الهواري أن كل مصانع قصب السكر مملوكة للدولة، الفدان بيطلع 3.5 إلى 4 طن مخلفات، تحتوي على 8% بروتين ولو تم معاملتها هتوصل إلى 24%، وفي حال قامت وزارة البيئة بتوفير مواد تعالج المخلفات يمكن استخدامها كعلف للحيوانات، أو يعاد تدويرها وتستخدم كسماد للأرض من جديد. فندي: فلاح الصعيد كسلان ونستورد السكر الخام لاستغلال طاقات المصانع في التكرير حسن فندي رئيس شعبة صناعة السكر والحلويات باتحاد الصناعات المصرية، يقول: "قبل ثورة يناير كان هناك مخطط بأن تدخل مصانع جديدة لسوق إنتاج السكر ولم يتحقّق هذا حتى الآن. وأوضح أن كل 9 فدادين من القصب تنتج طنًّا من السكر، وقال: "للأسف فلاح الصعيد كسلان و"بيحش" القصب دون استخراج الجذور حتى يعود لحصده مرة أخرى، والصعيد بها 412 ألف فدان لزراعات القصب وجميعها تورد لمصانع شركة السكر والصنعات التكاملية". وأضاف أن مصر تستهلك قرابة 3 ملايين طن سنويا، والإنتاج المحلي يزيد على 2 مليون و200 ألف طن، ولدينا فجوة قرابة مليون طن، لذلك نستورد السكر الخام لاستغلال طاقات المصانع في التكرير بدلاً من تعطلها، لأن موسم العصير ينتهي في شهر فبراير وتظل الطاقات في المصانع معطلة، لافتا إلى أن العام الحالي تم استيراد أكبر من الكمية التي تستوعبها السوق، لذلك هناك مخزون في المصانع.
وأشار إلى أن مصانع الحلويات تستهلك 300 ألف طن من السكر سنويا ما يعادل 10% من استهلاك مصر، والمنازل تستهلك نحو 90% من المطروح في السوق سنويا، قرابة 2 مليون و700 ألف طن، مؤكدا أن صناعة السكر في مصر بتكبر وفيها قيمة مضافة عالية، وفي شركات تستهدف السوق المصرية، وهناك شركة "مجموعة الغورير" الإماراتية تعتزم الدخول في السوق المصرية لإنتاج 500 ألف طن سكر. عودة سيد: مصانع السكر في طريقها للدمار.. والوزارة مديونة ب3.8 مليار جنيه لشركة السكر عودة سيد عضو اللجنة النقابية بشركة السكر والصناعات التكاميلية، قال "لدينا 9 مصانع تابعة للشركة خاصة بقصب السكر، و3 مصانع لتعبئة للسكر (شبرا وإسكندرية وبورسعيد)، و3 مصانع تستخرج مادة الكحول، ومصنع للمعدات في الحوامديةل تصنيع معدات وتشغيلها بالكامل"، مشيرًا إلى أن الشركة فيها 24 ألف عامل ثابت و4000 عامل مؤقت. وأشار إلى أن إنتاج الشركة من السكر خلال السنة يبلغ مليونًا و 400 ألف طن، ويبلغ سعر كيلو السكر المحلي 4.75 قرش، بينما يبلغ سعر كيلو المستورد 4.5 قرش، ويبلغ سعر طن السكر المحلي بعد التصنيع 4250 جنيها، أما طن المستورد فيبلغ 3650 جنيه قبل التكرير. وفي ما يخص زيادة المخزون في المصانع أوضح أن ذلك بسبب الغرفة التجارية وأنها استوردت مليونا و800 ألف طن بدل من 600 ألف طن لتغطية الفجوة، وأدى ذلك إلى الإغراق، متوقعًا أن تصل شركات السكر إلى الدمار في عهد وزير التموين الحالي خالد حنفي، لأنه خلق مشكلة مع المزارعين والعمال، مشيرًا إلى أن الشركة لها مستحقات على وزارة التموين 3 مليارات و800 مليون جنيه، كما أن مطالب العمال وأرباحهم 2 مليار و400 مليون.