عبد الرحمن: مثل كل المهتمين بالقناة كتبت مسلسل «بوابة الحلوانى»، وفيلم «ناصر 56» خلال عملين بارزين هما المسلسل الملحمى «بوابة الحلوانى» والفيلم الاستثنائى «ناصر 56» تعرض الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن لقناة السويس. المرة الأولى فى «بوابة الحلوانى» كانت من خلال رصد قصص حفر القناة، والثانية عبر تأميم القناة على يد الرئيس عبد الناصر، فى الحوار التالى كواليس العملين. ■ لماذا اهتممت بطرح قصة قناة السويس فى عملين هما «بوابة الحلوانى» و«ناصر 56»؟ - قصة إنشاء وتأميم قناة السويس حازت على اهتمام جيلى والأجيال السابقة. قناة السويس التى مات 120 ألف عامل مصرى فى أثناء حفرها لم يؤتَ بثمارها للمصريين، لكن بعد تأميمها تغير الموقف، ومثل كل المهتمين بالقناة كتبت مسلسل «بوابة الحلوانى»، وفيلم «ناصر 56». فى تاريخ مصر عام 1910 كان هناك اقتراح بريطانى لشراء القناة والأرض، لتكون هذه الأرض دولة داخل مصر، وللأسف بعض المصريين وافقوا على العرض، وعندما أبدى أحد الشبان معارضته أطلق عليه الرصاص، ولم يكن قرار عبد الناصر بتأميم القناة أول ذكر لموضوع التأميم، لكن سبقته عدة دعاوى، مثلا كتب طلعت حرب كتابا عام 1911 عن قناة السويس يدعو فيه لتأميم القناة، ويرفض فيه بيع القناة لبريطانيا، المصريون كانوا يكرهون أى تعامل مع القناة، كانوا يرغبون إما أن تؤمم وإما أن تزول من الوجود، لأنها لم تجلب لهم أى خيرات، واعتبروها وسيلة لاحتلال مصر عام 1881، الزعيم أحمد عرابى قال لديليسبس إنه يريد غلق القناة، لكن الأخير وعده بأن لا تتدخل بريطانيا فى شؤون مصر وهذا لم يحدث. ■ كيف جاءت فكرة مسلسل «بوابة الحلوانى»؟ - من اهتمامى بالتاريخ المصرى، وكان القصد الذى كتبته يختلف عن الذى كنت أفكر به، كنت أريد أن أتناول تفاصيل الحياة اليومية للمصريين خلال سنوات حفر قناة السويس، وبالفعل ذهبت إلى دار الوثائق القومية، وشاهدت عددا منها، وظلت الفكرة فى رأسى، وجمعت عدة مراجع تاريخية عن تلك الفترة، وطلبت بعض الوثائق الأخرى، لكن موظفى الدار لم يجدوها، فحولت موضوعى للكتابة عن سنوات بداية حفر القناة عام 1866 وحتى 1876، وفترة حكم الخديو إسماعيل، صحيح تغيرت الفكرة إنما فى مجملها كانت تتحدث عن الحس الوطنى للمصريين وظهور الفكرة الوطنية، فى هذه الفترة الزمنية التى لم يكن هناك فكرة وطنية يجتمع عليها المصريون بسبب الاحتلال العثمانى، كل ما كان يحيط بِنَا كان لا يرتبط بثقافتنا، مصر كان لديها قدر من الاستقلال لكن هذا تم بجهود المصريين. ■ الفكرة الأساسية التى أردت التأكيد عليها. - فكرة القومية عند المصريين، عندما كتبت عن بدايات إقامة الحزب الوطنى فى «بوابة الحلوانى»، ظهر واحد من كبار الصحفيين، وقال إن هذا الزمن لم يشهد وجود أى أحزاب، صحيح، لكن ظهور أحزاب يحتاج إلى فترة زمنية طويلة قد تمتد إلى عشرات السنين، لا توجد فكرة تولد بين يوم وليلة فى بلد ليس فيه أحزاب أو قانون للأحزاب، حاولت فى «بوابة الحلوانى» التعبير عن كل هذا التطور، إضافة إلى الإشارة لظهور الطبقة الوسطى فى مصر ودورها بعد ذلك، وأظهرت بعض ملامح أخلاق الخديو إسماعيل، ومحاولته فى خلق بلد عظيم، وعن المؤامرات التى حيكت ضده، وصراعات القصر، هذه أبرز الأحداث التى أردت أن أستعرضها فى المسلسل. ■ لماذا لا يتم تقديم مثل هذه الأعمال التى تتناول فترات تاريخية مهمة الآن؟ - للأسف إمكاناتنا قليلة، عندما نقدم عملا تاريخيا يختار الكاتب موضوعات مستهلكة، مثلا فترة حكم الخديو إسماعيل لم يكتب عنها كثيرا، الخديو إسماعيل خرج من مصر منفيا، تم إقصاؤه من جانب الدولة العثمانية فى تركيا، ولم يكتب عنه شىء لا فى تركيا أو فى مصر بعد خروجه، لأنه والد الخديو الموجود فى الحكم، وإذا مدح أو أسىء إليه سيثير غضب الخديو الجديد، لكن كتب عنه بعد ذلك فى عهد الملك فؤاد، الذى تولى الحكم عام 1917، فؤاد أصغر أبناء إسماعيل أطلق مسابقة لأفضل كتاب عن الخديو إسماعيل، لكنه تأخر، من كتب عن إسماعيل هم الأوروبيون رغم كرههم الشديد له، إسماعيل أراد أن يجعل مصر نسخة من أوروبا، لم يكتب أحد عن هذا الحاكم بموضوعية سوى كاتب فرنسى أقام فى مصر فترة، وتعامل مع الناس، وهو الذى أخذ مسلة نفرتيتى الشهيرة الموجودة فى واشنطن حاليا، فى الوقت الذى كانت آثار مصر مستباحة لدى الدول الغربية، وكتب بعد ذلك كتابا عن مصر، وعن إسماعيل، هناك كتاب آخر عن السيرة الذاتية لإسماعيل، ضمن وثائق القصر بعنوان «إسماعيل بين الوثائق». ■ استحضار موقف عبد الناصر فى فيلم «ناصر 56» يرتبط بما يحدث الآن. - بالتأكيد هناك ربط بين الماضى والحاضر، لا يمكن أن أتحدث عن موضوع فى الماضى، لأنه فقط فى الماضى، الحاضر دوما تكرار لأحداث ماضية.