حدائق ومتنزهات أسوان والجزر النيلية تستقبل المواطنين في أعياد الربيع    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    "استقرار أسعار الذهب اليوم".. توقعات ومستجدات في السوق المحلي والعالمي    التخطيط: إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء غدا    تعرف على تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل موعد الاعلان    مسلم: قصف معبر أبو سالم والهجوم الإيراني على إسرائيل لا يخدمان القضية الفلسطينية    محمد الباز: إسرائيل متعنتة وتبحث عن حجج لاستكمال الحرب على غزة    بث مباشر مشاهدة مباراة الهلال والأهلي يلا شوت اليوم في الدوري السعودي    «مش قادر وواقع ومقضيها سوشيال ميديا».. إبراهيم سعيد يهاجم زيزو الزمالك    توزيع الورود على المواطنين في القناطر الخيرية احتفالا بشم النسيم    موعد غرة ذي الحجة فلكيًا.. خلال أيام وهذا موعد عيد الأضحى 2024    دار الإفتاء: الاحتفال بشم النسيم مباح    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجاري المائية    محافظ مطروح يلتقي شباب المحافظات الحدودية ضمن برنامج "أهل مصر"    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    بالصور - تتويج زياد السيسي بالذهبية التاريخية في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    التعليم تعلن تعليمات عقد الامتحانات الإلكترونية للصفين الأول والثاني الثانوي    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    ماكرون يؤكد ضرورة الحوار الصيني الأوروبي أكثر من أي وقت مضى    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محفوظ عبدالرحمن يكتب:قناة السويس والإبداع
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 08 - 2015

كان من المستحيل تقديم فيلم عن جمال عبدالناصر.. كنا فى منتصف حكم الرئيس مبارك. وكان اسم جمال عبدالناصر وتاريخه يتضاءل إعلاميا مع قناعة أن أسطورة ناصر لم تعد باقية. وكان الإعلام يستخدم المقص فى ابعاد صورة جمال عبدالناصر وبالطبع أعماله.
وكان الخروج الوحيد عن المألوف مشهدا وحيدا للفنان الكبير عادل إمام وهو فى مكتب الأجهزة المعنية فيرى صورة جمال عبدالناصر يخاطبه مذعورا ومترددا.
لم نفكر فى تقديم فيلم عن جمال عبدالناصر ولا حتى فكرنا فى فيلم ما. إذ كان المشروع هو سهرات عن الذين قدموا لمصر جهدهم الفريد فى السياسة والأدب والعلم وما إلى ذلك.
هرب معظم المتحمسين لهذا المشروع لإحساسهم بعدم جديته ولأن التحضير له استغرق سنوات. وفوجئت أنه لم يعد فى المشروع سوى أحمد زكى وأنا. وكان أحمد زكى متحمسا جدا للمشروع، وأنه عمل جاد أمام موجة كوميديا مسطحة ومسيطرة حتى ابعدت أى نوع آخر من الأفلام.
قررت أن أقوم بموقف «عنتري» فحددت عشرة اسماء وجعلت أولهم جمال عبدالناصر، وذهبنا إلى كبير المسئولين ليوافق أو لا يوافق، وأحمد زكى يقول أن هذا استفزاز ما بعده استفزاز، لكنه لم يعترض، وقدمنا القائمة للمسئول وقرأها بتمعن وأعلن رضاه الكامل. وطلبت منه أن يوقع بخطه على الموافقة. ففعل بسرعة وجدية. وعندما خرجنا من مكتبه قال أحمد زكى فى حماس لو انتهيت من السهرة الليلة سأكون فى الاستوديو غدا.

ولكن العمل لم ينته قبل نصف عام.
لم أكن بحاجة إلى القراءة عن عبدالناصر، إذ كنت قد قرأت وتابعت ما يخصه باهتمام كبير. كنت أرى أن كل شخصية سنقدمها من الممكن أن تتناولها فى ساعة ونصف الساعة إذا اخترنا جزءا من حياته يعبر عن الشخصية. وعندما كنا فى بدايات المشروع سألنى أحدهم عما اختاره من جمال عبدالناصر مثلا قلت له بسرعة شديدة: «تأميم قناة السويس».
فى فترة البداية كانت الكتابة صعبة لسبب واحد هو يقينى أننى أكتب ما لن يتم تصويره أبدا!
فى تلك الفترة استطاع أحمد زكى انتزاع الموافقة على أن يكون فيلما لا سهرة.
وعندما انتهيت من الكتابة بدت اللعبة التالية فلقد قدموا لى عقدا ونظراتهم تتسلل إلى فى فضول.
وقعت على العقد، فصاحوا بنصيحتى اياى أن اقرأه، لكننى رفضت، وكان المقصود أن أرفض التوقيع، وكان أجرا لا يوازى أى شيء فى الحياة، وعندما عرفته صحت. ولكن بعد عام أو أقل من عرض الفيلم فوجئت أن موظفى المالية يبحثون عني، وأخبرونى أن لى مكافأة مقابل جودة النص، وهذا يؤكد أن للكل ضمائر!
وتكملة للمصاعب قامت مشاكل وحوادث طول عامين أوقفت العمل. وتحقيقات، كان من الواضح أن هناك من لا يريد الفيلم اطلاقا.
وعندما اقترب انتهاء الفيلم ذهبت وبصحبتى أحمد زكى إلى ممدوح الليثى الذى كان رئيسا لقطاع الإنتاج، وطلبنا عرض الفيلم ولو فى دار سينما واحدة لمدة أسبوع، وهز ممدوح رأسه أنه يفكر، وذكرنا بتجربة سابقة للقطاع فشلت، لكننا أخذنا نهون عليه مطلبنا.

كنت قبل واثناء الكتابة محتشدا بأحداث قناة السويس. هذه القناة التى لم يحبها المصريون عندما بدأت! فلم يكن أهل مصر أصحاب الفكرة ولا أصحاب المصلحة، مشروع فرنسي، تسانده قوى عالمية على عكس ما يحدث فى قناة السويس الآن التى يشعر كل مصرى أنه يمتلكها وأنها أحد أحلامه الكبرى فى الحياة.
لم تكن فكرة تأميم القناة مجرد فكرة انتبه إليها جمال عبدالناصر عندما وضعته أمريكا فى موقف سييء، ذلك أن عبدالناصر لفت نظره مشروع السد العالى الذى كان صاحب فكرته مهندس يونانى الأصل سكندري.
ولم يكن عبدالناصر بعيدا عن فكرة تأميم القناة. فبعد قيام الثورة بأسابيع أقام دورة للضباط درس فيها الدكتور محمد مصطفى الحفناوى أهمية قناة السويس. وكانت فكرة التأميم فى خيال المصريين بأشكال مختلفة. وفى بدايات القرن العشرين حاولت بريطانيا فى خطة خبيثة لتسعى لشراء قناة السويس (الشركة والأرض)!
وأعلنت انها ستدفع مبلغا كبيرا وسارع بعض الساسة بمساندة الفكرة ولكن رجال مصر قاموا بمعارضة المشروع، وكان من بينهم الاقتصادى الكبير طلعت حرب، وكتب كتابا فى عام 1911 يهاجم الفكرة، ودعا إلى ما يمكن أن يكون تأميما للقناة.

وأعود إلى الفيلم الذى بدا أنه لن ينتهى ففى كل أسبوع مشكلة.
وفى النهاية تحدد عرض الفيلم فى افتتاح مهرجان الإذاعة والتليفزيون، ولكن المشاكل لم تكن قد انتهت بعد. فالفيلم فى لندن يقوم الأستاذ محمد فاضل بانهاء المونتاج هناك. ثم مرض وسيرسل الفيلم ويظل هو هناك للعلاج متى يأتى الفيلم؟
قبيل افتتاح المهرجان!
وفوجئت باتصال تليفونى مبكر من مسئول كبير وسألنى بود:
ايه حكاية ناصر 56؟
ادركت المشكلة كاملة فقلت:
يا افندم ده فيلم تسجيلي!
رد بدهشة:
فيلم تسجيلي؟ طيب أحمد زكى بيعمل ايه فى الفيلم؟
يا افندم هى الأفلام التسجيلية الآن لها أشكال جديدة. الممثل هنا مقابل موضوعى للنص!
ويبدو انه لم يفهم ما قلته. فسألنى مؤكدا:
يعنى الفيلم تسجيلي!
وأكدت له هذا، ولن أحكى عما حدث فى اليوم التالى فقد ايقظنى من النوم وهو يصرخ:
هو ده فيلم تسجيلي؟!

فى ليلة عرض الفيلم كان أحمد زكى عصبيا، وأخذ يتساءل فى غضب أين »فلان« وكان من رجال المشير عامر، ولما كنت إلى حد كبير أعرف مفاتيح أسباب الغضب. قلت له أن الرجل الذى يذكره هاجر من مصر منذ فترة طويلة، وأنه يقصد شخصا آخر من رجال عبدالناصر، وقال ملاحظة أثناء تصوير الفيلم يعترض على أن أحمد سيؤدى بعض خطب الرئيس. وقد كتمت الملاحظة لمعرفتى أنها حسن نية، ولكن أولاد الحلال أوصلوها إلى أحمد.
الذين يحضرون المهرجانات يعرفون أن هناك بداية احتفالية يحضرها الجميع فى حماس وخاصة إذا كان الرئيس موجودا وبعضهم عيونهم عليه كأنه سيشير لهم. وعادة عندما يخرج الرئيس يخرج هؤلاء. قال لى أحد خبراء المهرجانات أنه مع نهاية الجزء الاحتفالى يختفى ثلث إلى نصف الحاضرين. فى تلك الليلة كان عدد المنتظرين للفيلم أكبر ممن حضروا احتفالية الرئيس. وأحد الأدلة على هذا أننا لم نجد مكانا لنا. وكان ممدوح الليثى حريصا على جلوسنا فى الصف الأول، ولكن تضخم العدد جعلنا نبحث عن مكان. وأخذ أحمد زكى قرارا سريعا وجلس على الأرض فى وسط القاعة وتجمع حوله عدد كبير.
هذا الزحام كان متوقعا لأن عددا كبيرا من الحضور كانوا من ابناء الدول العربية، أى أنهم مازالوا فى الهوى الناصري، ولكن أن يتجاوز الحضور قدرات أكبر قاعات القاهرة، كان شيئا مدهشا.
اشارت إلى سيدة (رحمها الله) وطلبت أن أجلس حيث تجلس وبالطبع رفضت فقالت أن زوجها حجز لها كرسيا فى مكان آخر. وصدقت وجلست.
كنت شديد القلق للبداية كنت خائفا أن يدخل المشاهدون فى نقاش حول مدى الشبه بين أحمد زكى والزعيم الراحل، وهو موضوع شغل أحمد زكى إلى حد أنه كاد يقوم بجراحة ليقرب شكله من الزعيم. وعارضت الفكرة بقوة وشرحت له أن الذين ادوا ادوار نابليون بونابرت دائما كانوا من النجوم الكبار ولم يكن هناك واحد منه فى شكل ولا حجم نابليون.
كما توقعت برز الفيلم وعبدالناصر بعيدا عن الكاميرا لاجهاض محاولة الثرثرة.. وفجأة حتى بالنسبة لى اقتربت صورة جمال عبدالناصر، ودوت الصالة بالتصفيق. ثم بدأنا نسمع البكاء والاستحسان بل وطلب الإعادة(!)
احتضنى باكيا أكثر من شخص سمعتهم يهاجمون عبدالناصر، ووقف فنان كويتى كثير الحركة والكلام، صامتا ودموعه على وجهه، ولم يخطر ببالى فى معرفتى الطويلة به انه من الممكن أن يبكي.
ومنذ تلك الليلة وحتى آخر مرة رأيت الفيلم بين جمهور كان الجميع يصفقون لأمينة رزق فى نهاية مشهدها الوحيد.
لم يكن الرئيس مبارك يحب مشاهدة الأفلام (ولا المسرحيات ولا الباليه ولا الأوبرا..) لذلك اصابتنا الدهشة عندما عرفنا أنه طلب رؤية الفيلم، وتفاعل أحدهم قائلا إن الرئيس سيمنحنا أوسمة، وضحكنا للفكرة.
تسرب بالطبع ما حدث، وبالذات تعليق الرئيس فلقد تساءل فى هدوء: من الذى يحكم مصر الآن؟ نحن أم عبدالناصر؟
ووضع الفيلم منذ تلك الليلة فى خزنة حديدية. ولم نستطع أن نطل عليه إلا عندما ناقشنا محمد فاضل وأنا حذف مشهد وطلبنا رؤيته، وتم ذلك فى زحام ظنناه احتفاء بنا. ولكن عندما طلبنا رؤية المشهد مرة أخرى قالوا إن الفيلم عاد إلى خزنته!
واستمر حبس الفيلم عاما كاملا. وبدا أنه من المستحيل عرض الفيلم. لكن العرض الأول والوحيد حمل تأثيره المشاركون العرب فى مقالات وأحاديث، وعندما كان يأتى وزير اعلام عربى أو صحفى كبير كان غالبا ما يسأل عن الفيلم.
ولم يستمر المنع أكثر من عام. وعرض الفيلم فى احدى دور السينما الكبرى وحقق نجاحا جماهيريا هائلا.. ولقد شاهدته وسط الناس ثلاث أو أربع مرات، كان فى احداها عجوز على سرير مستشفى يحمله ممرضون وأهله. وادخل إلى التليفزيون ما لم يتخيل أن يأتى به فيلم، بل كان رقما جديدا فى صناعة السينما. ومع ذلك قرر التليفزيون ايقاف عرضه!
وما حدث فى مصر حدث اضعاف اضعافه فى العالم العربي. عندما قابلت توجان الناشطة الأردنية الشهيرة رفضت ان تتركنى قبل أن أرد على سؤال اثاره معها صبى من أسرتها عمره خمسة عشر عاما، فلقد سألها: لماذا مات هذا الرجل (جمال عبدالناصر) ورد أحدهم عنى بقول نزار قبانى (فقدناك يا آخر الأنبياء)!

سألونى مرات عن هوايا فى قناة السويس. ولم أجد إجابة فقناة السويس تكاد توازى تاريخ مصر منذ بداية 1866 وربما قبل ذلك إلى ما بعد 1956 عندما أممها جمال عبدالناصر وحتى قبل (ناصر 56) قادنى هوايا إلى (بوابة الحلواني)
وكان هدفى كما قلت مرارا أننى كنت أريد أن أكتب كيف كانت الحياة اليومية فى قناة السويس (1866 1876) والتى مات فيها نحو مائة وعشرين ألف مصرى لأسباب عديدة فى حفر هذه القناة. إذ لم تكن هناك أية رعاية إنسانية ولا طيبة. فدفعنا ثمنا غاليا فى قناة استولت عليها الدول الكبرى من البداية حتى أممها جمال عبدالناصر، ووضعها بين ايدى المصريين.
وكان هدفى كما قلت رغبتى فى أن أذكر بالثمن الذى دفعه المصريون. ولما لم أجد الوثائق التى كنت قد رأيتها بنفسى اختصرت المشروع كله فى مسلسل من 24 حلقة.
وفوجيء التليفزيون وفوجئت معه بالنجاح الكبير والاستقبال الثقافى وبدا الالحاح من الندوات لكتابة أجزاء أخري، وفعلا كتبت جزءين آخرين. وكان رفيقى فى الإخراج إبراهيم الصحن بثقافته وهدوئه وموهبته وكانت خطتنا تغطية عصر إسماعيل والتوقف عند عزل الخديو وسفره إلى إيطاليا. ولكن المسئولين لم يحبوا ان يكملوا مسلسل مسئول سابق ورحبوا بأى موضوع آخر!!

كل كلمة كتبتها فى هذا المقال المطول كنت أحس بقلبى ينبض بالقناة الجديدة... هذا المشروع الكبير. عشت عاما وعيناى عليه عن بعد. وأكاد أفكر كل يوم فى كيف يقدم على الشاشة الصغيرة أو الكبيرة أو ربما المسرح.. أعرف أن الكتاب والفنانين سيتزاحمون على القناة الجديدة. وأعرف أننى أفكر ولكننى سأترك الدور لأجيال أخري، وربما لأننى لا أملك الوقت.
لقد عشنا طويلا والقناة تملك مصر، وها نحن فى زمن مصر تملك قناتها القديمة والجديدة، فلنكن جميعا بقدر المكانة العظيمة التى حصلنا عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.