من المؤكد أن الإنجاز الذى حدث بالانتهاء من حفر قناة السويس فى الزمن المحدد هو إنجاز خيالى، وإرادة خارقة، وانتصار على الأكاذيب والدعاية السلبية ومحاولات التثبيط، حتى إنى فى لحظة ما شككت من كثرة التشييرات التى تسوقها اللجان الإلكترونية، ومرة أخرى بأنها لن تكون بالضخامة أو العمق المعلن عنهما، ولكنها أصبحت حقيقة ظاهرة للعيان، وما زالوا حتى الآن يروجون أنها فوتوشوب. وبمشيئة الله، ستكون حقيقة واضحة للعيان أمام العالم كله بعد ثلاثة أيام، وسيصورها العالم كله، ربما يخرجون وقتها ويقولون سحرنا أعين الناس. ولن ننسى الإنجازات الأخرى، وهى الكهرباء، فقد شككت فى لحظات أن الحل سيكون ناجعا بهذه الطريقة، لأن الترويجات كانت تقول: «ليس قبل سنتين»، ولكننا استطعنا أيضا بالإرادة تحقيق هذا الإنجاز. أيضا الغاز والبنزين، كنا فى هذه الفترة من العام ومع دخول العيد نواجه مشكلة الأنابيب وكذلك مشكلة البنزين، ولكن هذا لم يحدث، ونخلص من هذا إلى شىء مهم: إذا توفرت الإرادة السياسية رأينا الإنجاز أمامنا على الأرض، مع العلم أن القناة فى حد ذاتها قد لا تؤتى أكلها قبل خمسة أعوام، لأننا ببساطة مطالبون فى تلك الأعوام بفوائد 13.5%، بما يقترب من 10 مليارات تتناقص سنويا، بالإضافة إلى 12 مليارا من أصل المال، بما يساوى 2.5 مليار دولار سنويا، بمعنى أن زيادة دخل القناة بالكاد يكفى هذه المبالغ، ولكن بعد السنوات الخمس سيكون هذا المبلغ ملكا للشعب المصرى وزيادة فى موارده الفعلية، ولذلك فنحن فى حاجة إلى 7 أغسطس، بمعنى أصح المشاريع التى ستبنى على ضفاف القناة سواء الجديدة أو القديمة، هذه التى ستوفر فرص عمل حقيقية، وستجلب أموالا للاستثمار، وستضخ عملة صعبة داخل الدولة، قد تساعد على إنعاش الاقتصاد ووقف نزيف التضخم ووقف ارتفاع سعر العملة. ولكن هذا الأمر كاشف أيضا، فرغم نجاحنا فى حفر القناة وفى الكهرباء وفى الغاز وفى البنزين، لماذا فشلنا فى أمور أخرى؟ فشلنا فى محاربة الفساد، وهو الوحش الكاسر القادر على امتصاص أى جهد، لماذا فشلنا فى إصلاح التعليم، فى إصلاح القطاع الصحى، فى إصلاح الفكر الدينى والمواجهة الفكرية للإرهاب، فى إصلاح المنظومة الأمنية؟ التحرك على التوازى ضرورى، فكرة التحرك على التوالى فى منتهى الخطورة، وكأنك تبنى أبنية على الرمال، تأتى الموجة فتجعل بناءك سرابا. نعم، الفساد قادر على هدم أى بناء على الرمال، ولكى يكون بناؤك متينا صلبا فلا بد من الحركة على التوازى، ربما بسرعات مختلفة حسب الحاجة والأولوية، فكرة حماية جزء وحيد من رقعة الشطرنج هى الهزيمة المحققة، حمايتك لعسكرى الشطرنج يتساوى مع حمايتك للوزير وحمايتك للملك، أى ثغرة ستؤتى منها ستنتهى بهزيمتك، الحركة على التوازى، لا يستطيع فرد وحيد عملها، ولكن يستطيع فريق متكامل متناغم عملها، كل يتحرك فى طريقه وبتنسيق، أما إذا كان الشخص يتحرك وحيدا فهو فى حاجة إلى السير فى طريق ثم طريق. من المؤكد أن فريق كرة القدم إذا كان لديه هجوم كفؤ ودفاع ضعيف فسيُهزم بالتأكيد، هذا الفريق تخرجه انتخابات برلمانية، تنشئ مجتمعا سياسيا، والكل يجمع أن البرلمان القادم لن يكون ناضجا بالقدر الكافى، ولكنها البداية والنواة لتكوين الفريق، وبعد ذلك يثقل بالتجربة والتمحيص ومعسكرات التدريب، لا طريق غير ذلك، ولذلك ف7 أغسطس هو أهم بالنسبة إلىّ من 6 بكثير، هو الذى سيجعل هذا الممر منتجا، وسنتحرك فى كثير من القنوات التى تناسيناها فى ظل انشغالنا بالقناة، 7 أغسطس هو بداية العمل الحقيقى، 6 أغسطس هو الفرح، وكما يقول المثل الشعبى «العروسة للعريس والجرى للمتاعيس»، والعريس هو مصر وليس السيسى فقط، أما المتاعيس فهم طلاب الثانوية العامة الذين سيجرون على دروسهم القديمة، وهم المرضى الذين سيجلسون على سلالم مستشفياتهم المتهالكة، وهم المواطنون الذين سيقفون طوابير أمام الموظف المرتشى. هل نحن قادرون على أن نقول: لن يكون هناك متاعيس بعد 12 شهرا قادمة وليس 70 شهرا؟ أتمنى ذلك.