بالأمس القريب كان العالم كله حاضرا وبقوة في شرم الشيخ، دعما وتشجيعا لمصر في مسارها الجديد بعد ثورة 30 يونيو، ويوم الخميس المقبل، أتوقع أن يكون الحضور العالمي أقوي وأكثر كثافة ليشهد قدرة المصريين المدهشة علي الإنجاز والإعجاز، واذا كان العالم والقوي المؤثرة فيه قد أكدوا دعمهم لاختيارات الشعب المصري وإرادته في شرم الشيخ، فإن يوم السادس من أغسطس سوف تقدم مصر للعالم كله إنجازا مهما يمس مصالحهم بشكل مباشر، لتكون قناة السويس الجديدة هدية مصر للعالم كله. صحيح مصر هي المستفيد الأول من هذا الإنجاز، لكن العالم كله سوف يستفيد أيضا من خلال تسهيل حركة النقل للغذاء والدواء وقطع الغيار والوقود والطاقة بين دول العالم المختلفة، وتوصيلها بشكل أسرع وأكثر أمانا، لتصبح قناة السويس هي القناة «الأسرع» في العالم «المهيأة» لاستقبال جميع الأجيال الحالية والمستقبلية من السفن مع توافر جميع عوامل الأمان الملاحي في النقل والحركة بين القناتين. الحضور العالمي القوي المتوقع يشير إلي عدة دلالات مهمة، أهمها تجديد ثقة ودعم العالم لمصر وزعيمها عبدالفتاح السيسي، وثانيتها تقدير العالم لأهمية الإنجاز الذي حدث بحفر القناة الجديدة، وثالثها هو عودة الروح إلي الاقتصاد المصري بعد حالة الركود التي شهدها خلال السنوات الأربع الماضية، ليكون افتتاح القناة الجديدة بداية انطلاقة اقتصادية متوقعة علي جميع الأصعدة الصناعية والزراعية والتجارية والسياحية، والأخيرة مرشحة بقوة لأن تتعافي وتعود إلي سابق عهدها بعد أن يشاهد العالم مدي الأمن والأمان الموجود في مصر، وقدرة الجيش المصري والشرطة المصرية علي حماية مصر وضيوفها من أي مكروه وسوء، واقتلاع الإرهاب من جذوره خلال الفترة القصيرة المقبلة إن شاء الله، وبالتالي فمن المتوقع عودة الأفواج السياحية لتصل إلي 11 مليون سائح تحقق 7.5 مليار دولار إيرادات متوقعة بنهاية العام الحالي، أيضا فإنه من المتوقع أن يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في يوم الافتتاح، عن إطلاق مخطط تنمية القناة، وهو المخطط الذي تأخر تنفيذه عقودا طويلة منذ تأميم القناة، ولو كانت مصر قد بدأت به بعد تأميم القناة في الخمسينيات، أو علي الأقل بعد إعادة افتتاحها بعد نصر أكتوبر في السبعينيات لتفوقت مصر علي سنغافورة ودبي، وكل المواني العالمية الأخري، لأن موقع القناة أكثر حيوية وأهمية من كل تلك الموانئ، إلا أنه للأسف ظلت طوال هذه المدة مجرد قناة لعبور السفن، وقد يكون هذا الأمر مقبولا أيام الاحتلال الأجنبي لمصر، لكنه غير مقبول علي الإطلاق بعد تحرير مصر من الاستعمار الأجنبي وتأميم القناة، واستمرار هذا الحال حتي بعد إعادة افتتاح القناة مرة أخري بعد نصر أكتوبر أمر غير مفهوم علي الإطلاق. الآن السيسي يحاول إصلاح ما أفسده الدهر، وإطلاق المخطط العام لتنمية محور القناة علي مساحة 5461 كيلومترا مربعا، لتكون أكبر منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط بتكلفة متوقعة تزيد علي 100 مليار دولار مما يسهم في توفير ملايين من فرص العمل في مختلف المجالات الصناعية واللوجيستية والنقل وغيرها، لتتحول هذه المنطقة إلي قاطرة تقود الاقتصاد المصري إلي التعافي والنمو. لا وقت نضيعه، فهناك سباق رهيب مع الزمن والأحداث، ويكفي ما فات من الفرص الضائعة والأوقات المهدرة، وآن الأوان لتعويض ما فات وليس هناك مستحيل وإلا لما كانت هناك دول ناشئة ظهرت بقوة مثل كوريا الجنوبية والهند وسنغافورة وجنوب إفريقيا وغيرها، ومصر ليست أقل من هؤلاء، وحينما تكون هناك الإرادة يتحول المستحيل إلي حقيقة مثلما حدث في قناة السويس الجديدة، التي استطاع فيها الشعب المصري حفرها بأمواله وإرادته السياسية، فالقناة القديمة حفرها المصريون بأيديهم وعرقهم تنفيذا لفكرة أجنبية، أما القناة الجديدة فقد حفرها المصريون بأموالهم وأيدي أبنائها وبمشاركة الخبرة العالمية والتي أخذت كامل مستحقاتها، والأهم من كل ذلك، أنها جاءت بقرار مصري صميم من رئيسها المنتخب عبدالفتاح السيسي، فالتف الشعب حول قيادته ليتحول المستحيل إلي حقيقة. لمزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة