افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تاون جاس لأهالي البساتين: لا تنزعجوا من رائحة الغاز اليوم    جيش الاحتلال يبدأ عملية توغل بري نحو مركز رفح وسط اشتباكات عنيفة (فيديو)    يسع 14 راكبا فقط.. شاهد يكشف كيف دخلت 22 فتاة في «ميكروباص معدية أبو غالب»    بيكلموني لرامي جمال تقترب من 9 ملايين مشاهدة (فيديو)    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    اليوم.. مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة يختتم عروضه ب«سر الأريكة»    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    وزير التنمية المحلية ومحافظ الغربية يتفقدان مركز سيطرة الشبكة الوطنية ووحدة المتغيرات المكانية    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    أوكرانيا: دمرنا آخر سفينة صواريخ روسية في شبه جزيرة القرم    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    ما هي قصة مصرع الرئيس الإيراني وآخر من التقى به وبقاء أحد أفراد الوفد المرافق له على قيد الحياة؟    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    أول رد رسمي من إنبي على أنباء تفاوض الأهلي مع محمد حمدي    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    وزير الاتصالات: خطة لتمكين مؤسسات الدولة من استخدام «الحوسبة السحابية»    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرير» تنشر أول مواجهة بين قضاة «رابعة» ووزير العدل السابق
نشر في التحرير يوم 23 - 05 - 2015


أجرى المواجهة- هدى أبو بكر ويارا حلمي:
هذه مواجهة قضائية من العيار الثقيل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهى الأولى التى يتحدث فيها أحد قضاة ما يعرف ب«بيان رابعة»، والمحالين إلى «الصلاحية» والمعاش، بتهمة الاشتغال بالسياسة، وهو المستشار ناجى دربالة، نائب رئيس محكمة النقض، وكيل نادى القضاة السابق، بينما يظهر طرف المواجهة الثانى، وهو وزير العدل السابق، المستشار محفوظ صابر، للمرة الأولى أيضا، بعد مغادرته الدرامية منصبه بالوزارة، على أثر تصريحاته الشهيرة، التى وصفها كثيرون بالمستفزة أو الطبقية والعنصرية، بعدم جواز تولى «ابن الزبال» موقع القاضى، بينما تكتسب مشاركة المستشار محفوظ كأحد طرفى ذلك النزال «القانونى والفكرى» على صفحات «التحرير»، أهمية مضاعفة، لكونه صاحب الرقم القياسى، ربما بين جميع وزراء العدل، فى قرارات الإحالة إلى مجالس التأديب والصلاحية.
مواجهة المستشارين ناجى دربالة ومحفوظ صابر إنما تُستقى أهميتها أيضا، من توقيتها، حيث تتنازع الاستقطابات السياسية الرأى حول أحكام الإعدام والمؤبدات والسجن فى حق عناصر الإخوان وجماعتهم، بينما لا يزال الإرهاب الأسود يطل برأسه البشع، فى حين اتسعت ضرباته ورصاصات غدره لتنال من أصحاب الأوشحة الخضراء أنفسهم، التى راح ضحيتها القضاة الشهداء الثلاثة فى العريش مؤخرا، ناهيك بمحاولات استهداف القضاة من قِبل التنظيمات المسلحة بالقنابل الناسفة، وقبل هذا وذاك بالطعن فى ضمائرهم ونزاهة أحكامهم، وكذا الخوض فى سمعتهم، فى حملة لا يمكن إلا أن تكون منظمة، من جانب ميليشيات الإخوان الإلكترونية ونوافذها الإعلامية وحلفائهم فى الغرب.
المواجهة تأتى أيضا بعد أربعة أيام فقط من تولى المستشار أحمد الزند حقيبة العدل، وإعلانه أنه سيفتح جميع الملفات المتعلقة برداء العدالة وأصحابها، فى حين أنه كان محور حديث المستشارين ناجى دربالة ومحفوظ صابر، فى نقاط عدة، ولمَ لا، والأول يتهم وزير العدل الجديد بأنه إبان رئاسته لنادى القضاة كان مشعل الشرارة الأولى لملاحقته وزملائه الموقعين على بيان «رابعة» لعزلهم من الجلوس على المنصة.
بينما يبقى حجر الزاوية الرئيسى فى المواجهة هو قصة «الإحالة إلى الصلاحية وعزل عشرات المستشارين، ومدى أحقية القاضى فى الاشتغال بالسياسة أو إبداء الرأى فى قضية عامة»، خصوصا أن هناك من يرى أن القضاة المحالين إلى الصلاحية، ومن بينهم المستشار ناجى دربالة، تعرضوا لقرار متعسف من جانب المستشار محفوظ صابر، ولم يحظوا بمحاكمة عادلة من قبل مجلس التأديب، وفى المقابل هناك من يرى أن الحكم ضدهم عادل، لأنهم تبنوا وجهة نظر فصيل سياسى بعينه، يعادى الشعب والجيش، وثبت إرهابه بالحجة والدليل وكلمة القضاء، وهو الإخوان، مما يفقدهم (أى المستشارين) الحيدة والصلاحية لاعتلاء منصة الحكم بين الناس.
المستشار ناجي دربالة: محفوظ صابر أساء استخدام سلطته بإحالتنا إلى «الصلاحية»
■ كيف تصف قرار استبعاد 41 قاضيا يعرفون بقضاة «بيان رابعة وقضاة من أجل مصر» وعزلهم من ولاية القضاء؟
- أعتبرها «المذبحة الثانية» فى تاريخ القضاء، حيث إنها تشابهت مع المذبحة الأولى بشكل كبير، وإن كانت قد اختلفت فى بعض أدواتها، المذبحة الأولى حدثت بعد إصدار القضاة وعلى رأسهم ممتاز نصار بيان 28 مارس عام 1968، الذى تضمن المطالبة بإجراء حكم القانون وسيادة القانون بالدولة وإطلاق الحريات وعدم الافتئات على القضاء وأحكامه، متضمنا أن الاعتداء على المشروعية الدستورية هو الذى أدى بالبلاد إلى نكسة أو هزيمة 67، وتم تقديم هؤلاء القضاة إلى المحاكمة من خلال تقارير قدمت إلى الرئيس عبد الناصر، التى وصفت بيان القضاة بأنه «ثورة مضادة»، وتم تقديم كشوف تتضمن أسماءهم، بقصد الإطاحة بهم من خلال مجالس التأديب، إلا أن القريبين من عبد الناصر أبلغوه أن هذا الأمر غير وارد، لأن زملاءهم القضاة لن يقبلوا أن يذبحوهم أو يعزلوهم.
فكان قرار عبد الناصر أن تتم المذبحة من خلال قرار بقانون، حل فيها الهيئة كلها، ثم أعاد تشكيلها مرة أخرى دون وجود هؤلاء القضاة فيها، وكان عددهم 122 قاضيا، معظمهم أحيل إلى وظائف غير قضائية، وعدد قليل ومنهم ممتاز نصار ويحيى الرفاعى لم يُحل إلى وظائف.
الآن تمت المذبحة بنفس الطريقة، مجرد قضاة أبدوا رأيهم فى وقت أزمة شديدة تمر بها مصر فى ظرف استثنائى باعتراف الجميع، كل فرد كان يحاول أن يدلى برأيه لمحاولة الخروج من الأزمة، مجموعة من القضاة أصدروا بيانا تحدثوا فيه عن المشروعية القانونية والدستورية، كما تحدث ممتاز نصار من قبل فى الستينيات، وقالوا إن الوطن يحتاج إلى الحوار، وناشدوا القوات المسلحة أن تجتمع مع كل الأطراف للحوار والاستماع إلى الجميع، لأن ما حدث طول فترة الثورة من 2011 وحتى وقتها كانت تكلفته عالية جدا من الشهداء والدماء، علاوة على الكلفة الاقتصادية، وقد بدأنا فى بناء دولة القانون، والانتخابات والاستفتاءات تمت على يد القضاة، ولا بد من احترام هذه النتائج.
للأسف نفس المذبحة التى وقعت نهاية الستينيات حدثت الآن بدفع من نادى القضاة، الذى أنشئ لحماية القضاة والدفاع عنهم، فإذا به يقوم بالإبلاغ، ويتهمهم أنهم انحازوا للإخوان، وهم لم ينحازوا للإخوان مطلقا، بل أبدوا رأيا قانونيا فى أحداث جسيمة مرت بالبلد، لكن فى هذه المرة وجد من القضاة من يحكم ضدهم بالعزل من ولاية القضاء.
■ ولكن وجه إليكم اتهام بإصدار بيان لتأييد محمد مرسى وهذا انحياز لفصيل معين؟
- كل من يقول هذا لم يقرأ البيان، لأن البيان لم يتضمن تأييدا لفصيل دون فصيل آخر، البيان تضمن مناشدة لكل أعمدة الدولة أن تجلس للحوار، وقال إن ما حدث منذ 25 يناير من فترة انتقالية انتقلنا فيها إلى الاستفتاء على الإعلان الدستورى ثم انتخابات لمجلس الشعب ثم انتخابات رئاسية، ثم على دستور جديد، وكلها انتخابات أشرف عليها القضاة ونتائجها معلقة فى رقابهم، واحترامها لا بد أن يكون متصلا باحترام القضاة أنفسهم.
كون هذه الأشياء تتقاطع مع قوى أخرى ليس هذا هو مقصد البيان، إنما مقصده تجنيب الوطن للدماء، والدليل أن هذا الرأى قدمناه نصحا للأمة ونصحا لأولى الأمر، وبعد ذلك لم يصدر من القضاة ال75 الموقعين على البيان على الإطلاق أى فعل يؤيده من وقتها وحتى الآن سواء بالفعل أو حتى بالكلمة، نحن قلنا كلمتنا كما قالها ممتاز نصار من قبل، ثم رجعنا إلى منصتنا.
■ ألم تصفوا ثورة 30 يونيو بالانقلاب؟
- لم يحدث مطلقا، هناك 3 أوهام أثيرت حول هذا البيان، الأول، أنه كان مناصرا لمحمد مرسى، وهو لم يكن كذلك، ولم يذكر اسمه على الإطلاق، ومن يقرأ البيان بإمعان يكتشف أنه لم يتضمن المطالبة بعودة مرسى، بل أدان إقصاءه، وقال إنه جاء نتيجة انتخابات نزيهة، لكنه لم يطالب بعودته، لأنها ليست مهمتنا، هذه مهمة رجال السياسة الذين دعوناهم للحوار، سواء عاد مرسى أو لم يعد، أو تجرى انتخابات جديدة، كل هذا ليس شأننا، المسألة متروكة للسياسيين، نحن أبدينا الرأى القانونى والنصيحة التى قدمناها لمصلحة بلدنا.
الوهم الثانى، هو أن كل من يتكلم عنه يقول إنه وصف أحداث 30 يونيو بأنها انقلاب، وهذا غير صحيح على الإطلاق، البيان لم يصف الأحداث مطلقا بأنها انقلاب، قلنا المظاهرات التى خرجت فى 30 يونيو، والتظاهرات المضادة لها، يعنى وصفنا مظاهرات 30 يونيو بأنها هى البداية والأساس، ومن قامت ضدها هى مظاهرات مضادة لها، ولم يرد لفظ انقلاب على الإطلاق.
الوهم الثالث حول البيان، هو أنه قرئ من على منصة «رابعة»، وهذا غير صحيح بالمرة، ولم يلق من على المنصة، ثم إننا كقضاة لا نستطيع توصيف حدث يقع الآن، فثورة 23 يوليو حتى الآن هناك جدل حولها، هل هى ثورة أم حركة أم انقلاب، الأشياء تترك لزمن طويل جدا حتى يمكن توصيفها.
■ وأين قرأتم البيان؟
- البيان صدر من المركز الإعلامى الموجود فى شارع الطيران على بعد 2 كيلو من آخر معتصم فى «رابعة»، وهو مركز خاص بكل القنوات الفضائية وكل مندوبى الصحف، الذين كانوا موجودين لمتابعة الأحداث، إضافة إلى قنوات مصرية وأجنبية، والذى ألقى البيان هو المستشار محمود محيى الدين، وحين ذهب إلى هناك كان يسبقه مباشرة بيان يلقيه ما سمى ب«تحالف دعم الشرعية» فكانت الخلفية من ورائه مكتوبًا عليها «ضد الانقلاب» وعليها شعار التحالف، فرفض المستشار محيى الدين إلقاء البيان إلا بعد إزالة هذا الشعار، ووضع خلفية بيضاء بديلة عنه، وهذا ثابت فى شريط الفيديو، وقال لهم: «أنا قاض وسألقى بيانا خاصا بالقضاة، ولا يجوز أبدا أن تصفقوا ثناءً أو تهتفوا بأى هتافات، ولا أريد مداخلات بعد إلقاء البيان»، وقال: «سألقى كلمتى ثم أمضى، لا أريد أى تعقيب بعد الكلمة»، وهذه كلها تصرفات لشخص لا يريد الانحياز لأحد، لا للشعار الذى كان خلفه، ولا للمتظاهرين، هو منحاز فقط للمعنى الذى أراده والكلمة التى يلقيها.
■ لكن هناك قضاة ظهروا على منصة «رابعة العدوية»؟
- لا يوجد قاض من القضاة ال75 الموقعين على البيان ظهر على منصة «رابعة العدوية»، هناك بالفعل قضاة آخرون ذهبوا إلى «رابعة»، ومن ظهر هناك لا بد من محاسبته، هذه مسألة لا جدال فيها، ومنهم من عزل من القضاة، لأنه ثبت أنه ذهب إلى «رابعة» وصعد على منصتها أو ظهر منه ما يناصر اعتصام «رابعة».
■ وهل من اختصاص القضاة أو عملهم إصدار مثل ذلك البيان؟
- القضاة فى المقام الأول مواطنون ينشغلون بهموم وطنهم، وهكذا قال الدستور، فقد أعطى الحق للمواطن أن ينشغل بهموم وطنه، ولم يستثن القضاة، كما أن المواثيق الدولية كلها أعطت الحق للقضاة شأنهم شأن المواطنين أن يبدوا آراءهم، ومن الناحية القانونية يستطيع القاضى أن يبدى رأيه، لكن القاضى يأخذ نفسه بما لا يأخذ به الآخرون أنفسهم، بمعنى أن القاضى لا يستطيع أن يبدى رأيا كأنه يباشر عملا سياسيا، لذلك جاء القانون «محظور على المحاكم إبداء الآراء السياسية»، فلا يجوز للمحاكم على المنصة أن تبدى رأيا سياسيا.
أما القضاة فقال عنهم القانون، محظور على القضاة الاشتغال بالعمل السياسى، وهناك فرق بين الرأى السياسى والعمل السياسى المحظور على المحاكم، لأن القانون فهم أن المحاكم هيئات لا يجب أن يصدر منها رأى يجعل الآخرين يتشككون فى ولائها.
أما القضاة كأفراد فيستطيعون أن يعبروا عن رأيهم، لأنهم فى المقام الأول مواطنون.
المقصود بالعمل السياسى هو العمل الحزبى، أى أن ينضم القاضى إلى حزب وليس الاشتغال بالسياسة، الاشتغال هو مداومة الحال مثل الذى يعمل بالتجارة، المحظور هو الاشتغال أى المداومة، والمحظور هو الانتماء إلى حزب، لذلك نص المادة قال إنه «لا يجوز له أن يترشح للبرلمان أو رئاسة الجمهورية إلا إذا قدم استقالته».
■ ولماذا قدم نادى القضاة بلاغا ضدكم؟
- نادى القضاة منذ نشأته عام 1939 لم يقدم بلاغا فى أحد من القضاة يتهمه بأى اتهامات، ولم يفصل أحدا من أعضائه مطلقا لأى سبب إلا فى عهد رئاسة المستشار أحمد الزند، وكنا نتفهم إذا كان البلاغ ضدنا مقدما من أمن الدولة أو أى جهة رقابية، لكن أن يقدمه نادى القضاة فهى الكارثة.
بل على العكس كانت هناك وقائع طالب فيها قضاة من قبل بفصل زملائهم، إلا أن النادى وجمعيته العمومية رفضت الأمر، ففى عام 90 قام زميل بإقامة دعوى لفرض الحراسة على النادى، وهو أمر جسيم، وطالب القضاة فى الجمعية العمومية بإسقاط عضويته، إلا أن المستشارين يحيى الرفاعى ووجدى عبد الصمد قالوا إن هذا النادى لا يفصل أعضاءه، وكذا الحال بالنسبة إلى تقديم البلاغات ضد القضاة، ففى عام 84 وفى أثناء الجمعية العمومية للقضاة تحدث أحدهم وقال كلاما جارحا فى حق الرئيس الأسبق مبارك، وتقدمت الجمعية العمومية بطلب إلى المستشار وجدى عبد الصمد لإسقاط عضويته وفصله من النادى، ورد قائلا: «إن النادى لا يفصل أعضاءه مهما بلغ الخطأ».
أول من فصل القضاة من ناديهم، وأول من أبلغ فى القضاة، وأول من تعقبهم بالبلاغات فى كل مكان وحاول فصلهم وعزلهم هو المستشار أحمد الزند.
■ ماذا عن البلاغات التى قدمتموها ضد هؤلاء القضاة وضد المستشار الزند؟
- قدمنا 6 بلاغات ضد الزند وآخرين بنفس الاتهامات التى وجهت إلينا، الزند لا يتحدث فى السياسة الداخلية فقط، بل يتحدث فى السياسة الخارجية، فهو من طالب السلطات فى مصر بالقبض على المعارضة فى قطر، مما أثار حفيظة مجلس التعاون الخليجى، وأصدروا بيانا قالو فيه «إنها تصريحات غير مسؤولة، ولا يجوز لرئيس نادى القضاة أن يتحدث فى هذا الأمر».
قدمنا بالمستندات ما يفيد اشتغال الزند بالسياسة بل ومداومته عليها طوال الوقت، قدمنا «سى دى» مسجلة عليها 23 ساعة فى برامج مختلفة، وأكثر من 500 ورقة لأحاديث، منها حديثه الشهير حين قال: «إحنا بنشتغل فى السياسة، واللى مش عاجبه يشرب من البحر»، قدمنا كل هده المستندات لكن لم يفتح فيها التحقيق حتى الآن.
■ وهل لديكم تفسير لعدم فتح التحقيق فى هذه البلاغات حتى الآن؟
- قدمنا هذه البلاغات فى وقت معاصر للتحقيق معنا، وقد تقدمت بطلب لرئيس مجلس القضاء الأعلى وقتها المستشار حامد عبد الله، ذكرت أن المبلغين ضدنا هم أنفسهم من تقدمنا ببلاغات ضدهم، وطلبت أنا وزملائى من رئيس مجلس القضاء، أن يتم التحقيق فى كل البلاغات بالتوازى، وندب قاضى تحقيق واحد فى البلاغين لتشابههما، بحيث تكون الكفاءة واحدة والمعيار الذى سيضعه للتقييم واحدا، ووافق مجلس القضاء الأعلى على طلبنا واعتبره منطقيا.
لكن لا نعرف حتى هذه اللحظة من القاضى الذى انتدب للتحقيق مع المستشار الزند وأعضاء مجلس إدارته، إذا كان رئيس محكمة الاستئناف قد انتدب قاضيا من الأساس.
■ عدد ممن تم عزلهم كانوا ينتمون إلى مجلس إدارة النادى عام 2005، هل كان الأمر مقصودا أم أنها مجرد صدفة؟
- انتقى الحكم كل قاض كان له أى دور فى أحداث 2005 المنادية باستقلال القضاء، والرافضة لتزوير الانتخابات، وخص المنتمين إلى تيار الاستقلال بالنصيب الأعظم؛ حيث ضمت قائمة القضاة ال31 الصادر قرار بإحالتهم للتقاعد 6 أعضاء من مجلس الإدارة فى 2005، أطيح بهم بالعزل من ولاية القضاء، هناك 12 أطيح بهم ممن شاركوا فى اعتصام عام 2005، و4 آخرون كانوا خارج مصر، لكنهم أيدوا الاعتصام، وأرسلوا برقيات وبيانات دعما للاعتصام، أى أن 22 من أصل 31 تم عزلهم، والباقى منهم على نفس هذا النهج كانوا مؤيدين لتوجهات تيار الاستقلال فى القضاء.
الأمر ليس صدفة، حين يكون الانتقاء وصل إلى هذا الحد، فهو أمر مقصود وتصفية حسابات.
وعلينا أن ننظر لكل ذلك فى إطار تصريحين للقاضى أحمد الزند، الأول تصريحه فى أثناء ثورة 25 يناير 2011 «بأن الثوار هم من الغوغاء، وأن القضاة الذين أيدوا الثورة ستتم محاسبتهم وفصلهم من القضاء»، والثانى منذ بضعة أسابيع فى حديث تليفزيونى عندما قال: «أحداث 25 يناير اللى بيقولوا عليها ثورة مادخلتش دماغى لغاية دلوقتى»، و«ماجلبتش لنا إلا الضرر».
■ الجميع يقطع بأنكم تمتعتم بمحاكمة عادلة أمام مجلس التأديب أول درجة؟
- منذ ندب قاضى التحقيق حرص على العصف بكل الضمانات المقررة لنا فى إبداء وتحقيق دفاعنا، وأملنا أن تكون المحاكمة ملاذا آمنا لنا لرفع الظلم عنا، وتمكيننا من إبداء دفاعنا، إلا أننا لم نتمكن من الدفاع عن أنفسنا نهائيا أمام مجلس التأديب، 56 قاضيا كانوا أمام المحكمة، ولم يتح لأى منهم أن يتكلم ولا كلمة واحدة دفاعا عن نفسه، أنا فقط من أبديت بعض الدفوع الشكلية، ولم أقم حتى بشرحها، ثم حُجزت الدعوى للحكم «غصبا واقتدارا»، ثم حكم ضدنا دون أن نقول أى كلمة، مثلما فعل القاضى فى أحكام الإعدام الشهيرة بالمنيا، فكانت الأحكام ضدنا بمثابة الإعدام المدنى.
وصدر الحكم فإذا به ملىء بالعيوب، حتى إننا قدمنا طعنا عليه فى أكثر من مئتين وعشرين صفحة، تضمنت أكثر من مئة سبب لاستئنافه.
■ هل هناك مستحقات مالية ستحرمون منها بسبب الحكم إذا ما تم تأييده؟
- هناك 18 قاضيا من القضاة الذين تم عزلهم من القضاء ليس لهم معاش من الدولة، لأنهم لم يقضوا مدة ال20 عاما كما ينص القانون، هؤلاء سيحرمون من جميع الخدمات، بالنسبة لى كنائب رئيس محكمة النقض، معاشى ستصل قيمته فقط 3000 جنيه، سأحرم من مكافآتى التى دفعت اشتراكاتها، كان مفترضا أن أتقاضى مبلغ 600 ألف جنيه مكافأة نهاية الخدمة، سيتم حرمانى منها، أيضا سأحرم من المعاش الإضافى الذى نتقاضاه من الوزارة من صندوق القضاة وقيمته 5000 جنيه، وكذا من وثيقة التأمين وقدرها 100 ألف جنيه، وصندوق التكافل وقيمته 100 ألف، كل هذه المستحقات لن نحصل عليها.
وما يزيد الأمور تعقيدا ما صرح به نقيب المحامين من أنه لن يقيدنا بنقابة المحامين، فأنا ليس لدىّ مؤهل سوى ليسانس الحقوق، وما أستطيع أن أمارسه هو المحاماة، أشتغل شيال فى المحطة؟
إلى هذا الحد التعقب حتى فى الرزق وأكل العيش، كما أننا ممنوعون من السفر منذ سنتين وحتى الآن، يعنى لا هاشتغل جوه مصر ولا خارج مصر.
ما هذه الاستهانة بمصائر الناس، العزل من القضاء ليس بالأمر السهل، بل مثل حكم الإعدام، والغريب أن الحكم الصادر مختلف عند أشخاص لهم نفس الموقف ونفس المراكز القانونية، ومع هذا واحد قضى ببراءته، والآخر تم عزله، لمجرد أن اسمه مشهور ومعروف عنه مواقف بعينها.
■ هل تشعر بأن هناك إساءة لاستخدام مجلس الصلاحية والتأديب ضد القضاة؟
- بالطبع هناك إساءة وتوسع فى استخدام مجالس التأديب ضد القضاة، وأحد مطالبنا كان إلغاء حق وزير العدل فى إحالة القضاة للصلاحية، لأنه تابع للسلطة التنفيذية، بالتالى ممكن يكون قرار الإحالة نابعا بناء على أمور شخصية، أو لمجرد التنكيل بالقضاة، وهذا تغول من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، بما يجعل استقلال القضاء منقوصا، كما أنه لا يجوز أن تكون هذه السلطة فى يد وزير العدل، بل ينبغى أن تكون فى يد مجلس القضاء الأعلى.
وقد دفعت بعدم دستورية المادة التى تسمح لوزير العدل بإحالة القضاة إلى الصلاحية، لأنه سلاح ينتقص من استقلال القضاء، إلا أنه لم يستجب لنا، ولم يلتفت إلى هذا الدفع، وكان يتعين للمجلس إرساله إلى المحكمة الدستورية العليا.
■ وهل هناك أمور بخلاف ذلك تمسّ فى رأيك استقلال القضاء؟
- تابعية التفتيش القضائى لوزير العدل، وترك سلطة تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية فى يده، حيث إن الوزير ينفرد وحده دون تدخل من مجلس القضاء الأعلى بتعيين رؤساء المحاكم الابتدائية، وهذا أخطر منصب فى القضاء، فكل الدعاوى تحت أيديهم، كما أنه من حق رئيس المحكمة الابتدائية أن يطلب من الوزير إحالة القاضى إلى الصلاحية، فكيف يستقل القضاء وكل هذه الأمور فى يد وزير العدل؟
لكن ما اكتشفته أن الاستقلال لن يتأتى بالنصوص فقط، بل يحتاج إلى حاضنة له وهو المجتمع، فاستقلال القضاء لن يتحقق إلا فى مجتمع حر، يستطيع فيه الناس أن تقول رأيها بحرية دون خوف.
..ووزير العدل السابق يرد: «قضاة رابعة» عملوا بالسياسة فأساؤوا للقضاء ولأنفسهم
■ ألا يستفزك أن يرتبط اسمك بأنك صاحب الرقم القياسى بين كل وزراء العدل فى إصدار قرارات إحالة القضاة إلى الصلاحية؟
الأمر نتيجة لمعيار مساءلة القاضى، فمعايير مساءلته مختلفة عن نظيره للشخص العادى، فالقاضى معيار مساءلته ثقيل، وتتم مراقبته على مدار الأربع والعشرين ساعة، ومسؤول عن كل كلمة ونَفَس يصدر عنه، وهذا لا علاقة له بالوزير أو غيره،
صحيح أنا أحلت عددا كبيرا من القضاة إلى الصلاحية، لكن هذا نتاج خروجهم عن السلوك القويم للقاضى، وأيا كان عددهم فأنا كوزير يحق لى اتخاذ قرار الإحالة وفقا لقانون السلطة القضائية، بعد أن أتسلم ملف القضية، وعموما فعندما كنت رئيسا لمجلس الصلاحية العام الماضى ونظرت عددا من القضايا، من له الحق فى البراءة أخذها، والمُدان أدنّاه، وأتذكر على سبيل المثال المستشار زكريا عبد العزيز عُرِض علىَّ فى واقعة لا تستأهل الإحالة، فقضيت بعدم السير فى إجراءات الدعوى، ثم عُرِض علىَّ وأنا وزير عدل فى وقائع تستأهل، فصدقت على إحالته إلى مجلس الصلاحية، وفى الحالتين أنا نفس الشخص، ولا يُعقل أن أخسر سلوكى أو وضعى كقاضٍ بعد 50 عاما فى القضاء، وعموما العبرة بالجالس على المنصة.
■ لكن القضاة الموقعين على ما يُعرف ب«بيان رابعة» يرون أنهم لم يخرجوا عن النص، وأن كل ما فعلوه هو مجرد إبداء أو تعبير للرأى لا اشتغال فى السياسة، فضلا عن عدم تمتعهم بمحاكمة عادلة؟
لا يمكننى الحديث الآن عن القضايا التى ما زالت تُنظر أمام مجلس الصلاحية ولم يُفصَل فيها، لأنها معروضة حاليا أمام المحقق أو مجلس التأديب، لكن ما حدث أن بعض القضاة خرجوا عن السلوك القويم للقاضى، وهنا لا بد من التفريق بين العمل بالسياسة والإدلاء بالرأى، فهؤلاء القضاة منسوب إليهم العمل بالسياسة، وهو أمر مُحرم على القاضى، فالقاضى عليه واجب وحق فى أداء رأيه الانتخابى مثلا، لكن لا يجوز له أن يخرج ليعلن نتيجة الانتخابات مثلا قبل إعلانها من قِبَل الجهة المختصة، أو أن يشارك بالوقوف على منصة فى أحداث سياسية، كل هذا تدخُّل فى ما لا يملكه القاضى، وهو ما يسىء به إلى القضاء ولنفسه.
■ هل من المنطق أن يُسلب من القاضى حقه كمواطن كامل الحقوق، ومن ثم يحظر عليه إبداء رأى فى قضية أو حدث يتعلق بالبلد الذى يعيش فيه؟
هناك فرق بين المشاركة فى عمل مادى ومعنوى، وبين إبداء الرأى، حتى إن إبداء الرأى عليه قيود، فمجلس القضاء الأعلى أصدر قرارا نافذا بعدم الظهور الإعلامى للقضاة، وهو ما يلزم القضاة بعدم الظهور الإعلامى خضوعا لمجلسهم الأعلى، لأن قراراته بمثابة أحكام قضائية لا بد من الخضوع لها، والعقوبة هنا تكون على عدم الالتزام.
■ بعض القضاة لديهم شكاوى من الكيل بمكيالين بخصوص التحقيق فى وقائع الظهور الإعلامى، خصوصا أن هناك بلاغات قُدمت ضد قضاة شاركوا مثلا فى «30 يونيو»، غير أن أحدا لم يمسهم؟
كل واحد يُسأل عما أداه من عمل، فإذا كان مجلس القضاء الأعلى هو الجهة التى تقدم الشكاوى ضد القضاة الذين ظهروا إعلاميا بالمخالفة لقراره فهو مسؤول أنه لم يقدم كل الناس إلى التحقيق، وإذا كانت جهة التحقيق كالت بمكيالين فتلك مسؤوليتها، وإذا كان القاضى الجالس على المنصة كال بمكيالين فى توقيع عقوبة أو القضاء بالبراءة فهذه مسؤوليته، لكن عموما لا نريد كلاما فى الهواء، كل من لديه شكوى فى واقعة عليه تقديم طلب موثق بما لديه من وقائع إلى وزير العدل، أما عما كان يخصنى فإذا ما جاءتنى شكوى وأنا وزير للعدل ولم أحقق فيها فهذه مسؤوليتى.
■ ألم تأمر بندب قاض للتحقيق مع المستشارين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار لمشاركتهما فى إعداد مشروع قانون لمناهضة التعذيب، وهل هذا يستحق التحقيق معهما؟
عندما أُبلغنا بأن بعض الزملاء يعملون مع جهات أخرى، فى مؤتمرات وما شابه ذلك، تم عرض هذا الأمر على مجلس القضاء الأعلى المختص بشؤون القضاة، والجميع يعلم أن القضاة مستقلون ويديرهم المجلس، لذلك عندما جاءت الأوراق إلينا من جهة ما أرسلناها إلى «القضاء الأعلى»، فطلب المجلس ندب قاضى تحقيق لمباشرة التحقيقات فى الواقعة، وأرسلنا الأمر إلى المحكمة المختصة، كى يتم عرضه على الجمعية العمومية ويصدر فيه قرار.
■ وهل هناك ما يحظر مشاركة القضاة فى إعداد مشروعات القوانين؟
طبعا، مجلس القضاء الأعلى يرى ذلك، وهو الجهة التى تحقق فى الواقعة، خصوصا مع وجود بلاغ، وقاضى التحقيق ليس نهاية العالم، وقد ينتهى فى تحقيقه إلى أن الأمر يستحق الإحالة إلى الصلاحية، أو أنه لا يستحق، وقد ينتهى إلى لا شىء، فقاضى التحقيق يحقق فى الواقعة، وفقا لطلب مجلس القضاء الأعلى الذى نلتزم جميعا بما يأمر به.
■ ما المحظورات الأساسية على القضاة؟
اعتدنا كقضاة منذ عقود أن سير القاضى من بيته إلى المحكمة والعكس، وأنه تحت المجهر 24 ساعة، القاضى وهو فى بيته يمكن لزوجته وأبنائه أن يتقدموا بشكوى ضده، ويتم التحقيق معه، وهناك مَن هو مسؤول عن سلوك القاضى 24 ساعة فى اليوم، فالقاضى قيمة وقامة، وبالتالى يُسأل عن كل هفوة، ويتعين على مجلس القضاء الأعلى والسلطات الخاصة بالتحقيقات أن تصدر قرارها فى أى واقعة، وبيان ما إذا كان القاضى مدانا أو بريئا.
■ بعيدا عن قضية الصلاحية، ألا ترى أن بعض القضاة يتبنون بعض العادات الغريبة من فوق المنصة، مثلما حدث مثلا فى محاكمة مبارك بقضية قتل المتظاهرين، حين سمح المستشار الرشيدى، ولأول مرة، بإدخال كاميرات تليفزيون لغرفة المداولة وغيرها، ألا يؤثر ذلك على سلامة الأحكام وسير القضايا؟
فكرة أن الأمر لم يحدث من قبل يقع تحت فكرة التطوير، والتطوير هو تغيير ما كان لما هو مطلوب، مثل ميكنة المحاكم والقضاء الإلكترونى، وهو ما لم يحدث من قبل، ويُعد تطويرا لمواكبة العصر الذى نعيشه، وعموما الفكرة تتوقف على مدى ما أداه الزميل المستشار الرشيدى وهل يؤدى لمرحلة البطلان أم لا، وكل ما فعله أنه جعل البعض يصور المستندات، وهو كرئيس محكمة من حقه أن يصرح لأولى الشأن بالاطلاع على المستندات، وما دام كانت الأوراق مربوطة وملفوفة، ولم تُعرض على من لا يجوز له النظر فيها فلا مشكلة، وجميعنا رأى فى التليفزيون ما فعلته المذيعة، أما بالنسبة إلى الفلاشات فقد تم توزيعها بعد النطق بالحكم، وفى تقديرى الشخصى أن ما تم فى هذه المحاكمة من قبيل التطوير، ووزارة العدل والقضاة يبحثون فى تطوير العمل، فنحن وصلنا إلى مرحلة الشباك الواحد، ونرغب فى الوصول إلى القضاء الإلكترونى.
■ بعد أحكام الإعدامات الكبرى التى باتت تشمل على مئات المتهمين، فى مقدمتها مثلا أحكام المنيا الشهيرة، ألا تشارك الشارع فى خوفه من تسييس القضاء؟
واقعة المنيا لم يصدر فيها الحكم بإعدام العدد الكبير الذى تم إعلانه فى البداية، فالقاضى أحال نحو 500 للمفتى، والحكم كان بإعدام نحو 20 تقريبا، ومحكمة النقض التى نقضت الحكم هى محكمة قانون، ترى الخطأ فى تطبيق القانون أو تفسيره أو تأويله، وأى خطأ تكشف عنه دون النظر فى الموضوع، أما عن فكرة التسييس، فالقاضى الذى يقضى بالبراءة فى دعوى قضائية هو نفسه الذى يقضى بالإدانة فى قضية أخرى، والواجب على كل مواطن أن يأمن للقضاة، فإذا لم يأمن المواطن للقاضى، ويصدق أن القضاء المصرى بخير، وأنه من أعلى أنظمة القضاء فى العالم، فعلى الدنيا السلام، فالإنسان يلجأ إلى القضاة للحماية، والقاضى يُساءل باستمرار، ففى الوقت الذى تقتصر فيه سلطة الجهة التى يتبعها أى موظف على الساعات الثمانى التى يقضيها فى عمله، فإن القاضى تحت المجهر 24 ساعة، والخطأ الذى يقوم به داخل بيته إذا تنامى للعلم فتتم محاسبته، وإذا كان خطأ جسيما يُحال إلى الصلاحية، وعليه فيتعين على الناس أن تكون لديهم ثقة ويقين فى قضائهم.
■ هل هناك تعديلات لا بد من إدخالها على قانون السلطة القضائية ليضمن استقلال القضاء؟
استقلال القاضى هو أداؤه الحكم دون أى هوى لديه أو ضغط عليه من آخر سلبا أو إيجابا، والاستقلال المطلوب من القاضى هدفه أن يؤدى عمله بالعدل ليس أكثر، ولا يوجد ما يعيق استقلال القاضى فى مصر.
■ وماذا عن تبعية التفتيش القضائى إلى وزارة العدل؟
قانون السلطة القضائية ينص على أن «يكون شغل وظائف مساعد أول الوزير ومساعدى الوزير بطريق الندب من بين نواب رئيس محكمة النقض أو رؤساء الاستئناف أو النواب العامين المساعدين، وذلك بقرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس القضاء الأعلى»، وهنا أخذ الرأى غير مُلزم، بمعنى أنه يجوز اختيار الوزير مساعدا لا يلقى قبولا لدى «القضاء الأعلى»، أما عن اختيار مساعد الوزير للتفتيش القضائى فقد نظمه القانون بأن «يكون شغل وظيفة مساعد وزير العدل لشؤون التفتيش القضائى ووكلائه وأعضاء إدارة التفتيش بناء على ترشيح من وزير العدل، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى»، أى أن رأى المجلس مُلزِم، مما يعنى أن التفتيش تابع للقضاء الأعلى، ولا سلطة للوزارة عليه.
■ والميزانية؟
أما عن الميزانية فإن وزارة العدل هى الوزارة الوحيدة فى العالم العربى بالكامل التى لها خمس موازنات، كل هيئة لها موازنة مستقلة، تستطيع من خلالها الإنفاق كيفما تريد، أما موازنة ديوان الوزارة نفسه فنأتى على قدر مصروفات المبنى فقط، وهو أمر غير موجود بالعالم.
■ وماذا عن تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية؟
رؤساء المحاكم الابتدائية يشغلون مواقعهم عن طريق موافقة مجلس القضاء الأعلى، ووزير العدل يتعيَّن عليه فقط ترشيح اسم القاضى فى حالة الترقية، لكن القرار الأخير لمجلس القضاء الأعلى الذى له حق الموافقة على الترقية أو رفضها، كذلك حالات نقل القضاة، جميعها فى يد «القضاء الأعلى»، يتخذ فيها القرار الذى يراه صحيحا، ثم يصدره رئيس الجمهورية، لكن نحن فى الوزارة نعمل كخلية النحل، والوزير يدير بشكل إدارى بحت، لكن الجوانب القانونية فى يد «القضاء الأعلى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.