1976 أول دورة للمهرجان.. ورأسها الصحفى كمال الملاخ 1990 كان تصنيف المهرجان «ثانيًا» بعد لندن السينمائى 11 مهرجانا منها «القاهرة» تحمل صفة «الدولية» فى تصريح لها قبل المهرجان قالت الفنانة يسرا إن جميع أفيشات الأفلام المعروضة فى المهرجان ستحمل عنوان «للكبار فقط»، وبعض من قرأ العنوان بسرعة ولم يدقق فى تفاصيل التصريح ذهبت ظنونه إلى أن كل أفلام المهرجان تحتوى مشاهد ساخنة، لكن يسرا رئيسة لجنة تحكيم الفيلم الأجنبى فسّرت فى تصريحها أن إدارة المهرجان قررت إعلان كل أفلام المهرجان «للكبار فقط» على سبيل الاحتياط، حتى لا تضطر إلى عرض كل الأفلام على الرقابة وهو أمر قد يأخذ وقتًا وربما يفتح باب الجدل حول بعض الأفلام ويعطل العروض، وهكذا أصبح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته رقم 36 مهرجان «للكبار فقط». المهرجان واحد من أهم 11 مهرجانا سينمائيا ويحمل صفة الدولية، وأفيشه يحمل صورة نجمة كبيرة هى نادية لطفى، إذن هو مهرجان «للكبار فقط»، الدول الكبار أصحاب التاريخ السينمائى الأصيل. من أشقاء مهرجان القاهرة الذين يحملون صفة المسابقة الدولية مهرجانات كان وبرلين وفينيسيا وموسكو وطوكيو وشنغهاى، ومفهوم أن ظروف مصر غير المستقرة خلال السنوات الأخيرة بعد ثورة يناير جعلت مجرد انعقاد المهرجان فى موعده مهما بلغت مشكلاته إنجازا، ولكن يجب تدارك ذلك سريعًا، من المخجل أن نفشل فى تنظيم حفل افتتاح أو مشهد لائق لدخول النجوم على سجادة حمراء أو مؤتمرات وعروض أفلام وأن تسهم قناة «نايل سينما» التابعة للتليفزيون المصرى الرسمى فى حالة الارتباك بفوضى موازية على الشاشة الصغيرة وصلت إلى حالة إلحاح فى تأكيد أن كل شىء تمام ومصر آمنة حتى نسيت المذيعات والضيوف الكلام عن السينما نفسها، وأصبحت اللقاءات على الشاشة حالة من الزحام والعشوائية، زادها غرابة الصوت المخيف الناتج عن استخدام ميكروفونات غير مهيأة للأجواء الخارجية. هذه الدورة تميزت رغم كل ذلك باختيارات سينمائية رائعة للغاية، أفلام هامة لسينمائيين كبار. على مهرجان كبير مثل مهرجان القاهرة أن يكون كبيرًا بحق، فهو واجهة مصر السينمائية حتى لو خفتت المنافسة الحقيقية للفيلم المصرى. حنين السينما العالمية إلى الماضى رغم فقر وعيوب حفل الافتتاح فإن المهرجان نجح فى الحصول على عدد متميز وحديث من أهم أفلام السينما العالمية والعربية. نرى فى عدد من أهم الأفلام الأجنبية الحنين إلى الماضى والعودة إلى التاريخ القريب الملتبس. فيلما الافتتاح والختام من أبرز هذه النماذج، كلاهما يعود بالزمن إلى بداية القرن الماضى، فيلم الافتتاح هو «The Cut» (القطع) للمخرج الألمانى من أصول تركية فاتح أكين، الفيلم إنتاج عام 2014 ويتناول أزمة الهوية من خلال قصة رجل أرمينى يجسد دوره الممثل الفرنسى من أصول جزائرية طاهر رحيم. بعد ترحيل بطل الفيلم من قريته ماردين على الحدود السورية التركية يعرف أن بناته ربما كُنّ على قيد الحياة, فيبدأ فى رحلة للبحث عنهن متجولاً فى عدة دول. الفيلم يصور جريمة الإبادة الجماعية التى ارتكبتها تركيا ضد الأرمن فى هذه الفترة. الفيلم فاز بجائزة الأسد الذهبى من مهرجان فينيسيا فى دورته رقم 71. فيلم ختام المهرجان هو الفيلم اليونانى «Little England» (إنجلترا الصغيرة)، وهو إنتاج 2014 وإخراج بانتليس فولجاريس، ويدور فى زمن الحرب العالمية، فى الفترة ما بين الثلاثينيات وحتى عام 1950، العمل يصور علاقة شقيقتين كل منهما تقع فى الحب، وكل منهما تحمل سرا. الفيلم فاز بجائزة أفضل فيلم فى مهرجان شنغهاى فى دورته الأخيرة، ولليونان ضيف شرف المهرجان عديد من الأفلام المشاركة فى المهرجان. تجربة جديدة واختيار مدهش يقدمه المخرج الفرنسى جان لوك جودار فى فيلمه الأخير «Goodbye to Language» (وداعًا للغة) الذى صنعه بتقنية ال«3D»، الفيلم يحكى علاقة حب رجل أعزب وامرأة متزوجة، وهو الفيلم رقم 39 فى تاريخ جودار الذى بلغ 84 عامًا وقدم تجربة سينمائية ثرية ومختلفة، وهو من أهم رواد الموجة الجديدة التى تمردت على أساليب السينما الهوليوودية. عودة أخرى للتاريخ يقدمها المخرج الألمانى فولكر شلوندورف فى إنتاج فرنسى ألمانى بعنوان «Diplomacy» (دبلوماسية)، ويقوم فيه دبلوماسى سويدى بمحاولة مماطلة القائد النازى لمنطقة باريس حتى تتمكن قوات الحلفاء من تحرير المدينة قبل أن ينفذ هتلر مخططه بتفجير معالم باريس الكبرى قبل انسحابه منها. الوجود المحدود للسينما الأمريكية يمثله فيلم «Maps to the Stars»، تقدم جوليان مور دور نجمة تعانى من إهمال المنتجين ويحتوى على عديد من العلاقات المعقدة والمتشابكة، بعضها يتناول زنى المحارم. سينما السلام وذكرى الحرب العالمية لفتة جميلة أن يتذكر مهرجان القاهرة مرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، مصر تأثرت بهذه الحروب وشاركت بها فى زمن الاحتلال البريطانى، ولم تسلط السينما المصرية الضوء على كثير من الحكايات الثرية التى واكبت هذه الفترة، حيث كانت الأراضى المصرية مسرحًا لجزء من القتال العالمى الدائر بين دول العالم، وما زالت السينما العالمية، خصوصا الأوروبية، تعود إلى حكايات هذه الفترة. ونستطيع أن نلمس أثر هذه الفترة فى عودة عديد من الأفلام العالمية والعربية المعروضة فى المهرجان إلى تصوير حكايات وأحداث من هذه الفترة الزمنية وما تلاها من سنوات وصلت إلى سنوات اندلاع الحرب العالمية الثانية نهاية الثلاثينيات مرورًا ببداية الأربعينيات. اختلفت الدول والسينمات لكن لكل منهم حكاية تأثرت بالحرب فى وطنه، ومن ألمانيا وفرنسا إلى اليونان والأردن هناك صدى لحرب القرن الماضى ودعوة للسلام. وبالإضافة إلى هذه الأعمال الروائية الحديثة يعرض المهرجان الفيلم الفرنسى «الوهم الكبير» الذى أخرجه جان رينوار عام 1937 فى قسم كلاسيكيات الأفلام الطويلة، كما عرض فى حفل الافتتاح 12 فيلمًا عن السلام، وهى أفلام قصيرة مدة كل فيلم منها دقيقة، قام عدد من المخرجين بتنفيذها بطريقة التحريك، وهى من إنتاج بلجيكى. طموحات الأفلام العربية الأفلام العربية المشاركة فى المهرجان بعضها نسمع عنه للمرة الأولى وبعضها له أصداء جاءت بعد عروض قريبة فى مهرجانات عربية، ويأتى فيلم «ذيب» للمخرج الأردنى ناجى أبو نوار كواحد من الأعمال اللافتة التى تدور أيضا فى أجواء بدايات القرن الماضى، حيث تدور قصته فى زمن اندلاع الحرب العالمية الأولى فى الصحراء الأردنية. بطل الفيلم الصبى البدوى ذيب الذى يذهب بصحبة شقيقه الصغير فى رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الصحراء. أبطال الفيلم من البدو الذين يعيشون فى الصحراء الأردنية فعلاً، وتم تدريبهم فى ورشات عمل للوقوف أمام الكاميرا. يشارك خالد أبو النجا فى فيلمين من أفلام المهرجان، ويبدو أنه خلال السنوات الأخيرة يتجه بشكل دؤوب نحو السينما الفنية ويغيب بشكل شبه كامل عن الأفلام التجارية الخفيفة. يقدم مع المغنية الجزائرية سعاد ماسى فيلما بعنوان «عيون الحرامية»، الفيلم إنتاج فلسطينى من إخراج نجوى النجار، وقدم خالد دور شاب فلسطينى وقام بتصوير دوره فى الضفة الغربية. الفيلم مرشح عن دولة فلسطين لأوسكار الفيلم الأجنبى. المشاركة الثانية لأبو النجا من خلال الفيلم المصرى «ديكور» للمخرج أحمد عبد الله، وهذه المرة الثانية التى يتعاون فيها مع خالد أبو النجا بعد فيلم «ميكروفون»، وتدور أحداث الفيلم الذى تم تصويره بالأبيض والأسود حول مهندسة ديكور تتسبب ضغوط نفسية فى فقدانها الخط الفاصل بين الواقع وخيالها وهوسها بالسينما القديمة. هناك عدد آخر من الأفلام المصرية التى سعت لتقديم أفكار وأساليب سرد مختلفة، منها «القط»، و«باب الوداع» و«زى عود الكبريت» وهو تجربة وحيدة فى الإخراج للراحل حسين الإمام.