خططتْ حركة حماس لاستدراج إسرائيل لشن عدوان عليها، وقد كان، جاء العدوان فى وقت كانت فيه مصر تلملم جراحها من جراء ثلاث سنوات من المؤامرات الإقليمية والدولية، والفوضى، والعنف والإرهاب. طلب الرئيس الفلسطينى محمود عباس من الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى بذل الجهد والتقدم بمبادرة من أجل وقف العدوان على أهل القطاع. ما فعله الرئيس المصرى هو أنه جاء ببنود مبادرة سبق أن أوقفت مصر من خلالها عدوانا إسرائيليا على القطاع مرتين آخرهما كانت فى عهد الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى نوفمبر 2012. المبادرة ببساطة تقوم على وقف الاعتداءات من الجانبين، ثم بدء مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين من أجل الاتفاق على تخفيف الحصار، وفتح معابر وغيرها من الأمور الحياتية. ما إن تقدم الرئيس السيسى بالمبادرة حتى حظيت بدعم المجتمع الدولى، والرئيس الفلسطينى والحكومة الإسرائيلية، بينما أعلنت حركة حماس رفضها المبادرة المصرية، مؤكدة أنها لا تلبى مطالبها ووضعت خمسة شروط لقبول المبادرة، والشروط ببساطة هى شروط طرف منتصر يمليها على الطرف الآخر، أى إسرائيل، بل وعلى مصر أيضا، عندما اشترطت الحركة فتح معبر رفح على مدار الساعة ووضعه تحت إشراف قوات دولية، فأى دولة فى العالم يمكنها قبول التنازل عن جزء من سيادتها من أجل إرضاء طرف آخر؟! فلا توجد دولة مستقلة فى العالم مهما بلغ ضعفها ووهنها تقبل بوضع منفذ دولى لها تحت إشراف قوات حماية دولية، ولا يحدث ذلك إلا فى حالات الدول تحت الاحتلال أو مناطق الصراعات والنزاعات الدولية، فتأتى قوات دولية بموافقة ورضاء الطرفين للفصل بين القوات، أو مراقبة وقف إطلاق نار والالتزام بالاتفاقات الموقَّعة. وما حدث بعد ذلك هو أن مصر تعرضت لحملة إعلامية من حركة حماس وأنصارها، تركوا الدولة المعتدية، إسرائيل، وشنوا الهجوم على مصر، منهم من تساءل عن الجيش المصرى كأنه كان مطلوبا من مصر -كجزء من دورها القومى- أن تدخل فى حرب مع إسرائيل، لأن حركة حماس قررت ذلك، جماعةٌ جزءٌ من تنظيم دولى تقرر الدخول فى مواجهة مسلحة مع إسرائيل لحسابات تتعلق بمصالح الحركة والتنظيم، وتهاجم أكبر دولة عربية حتى تشاركها الحرب، تزج ببلد كبير وشعب بلغ تعداده تسعين مليونا من البشر، فى حرب طاحنة لا طائل من ورائها! دخلت تركياوقطر على الخط، وكثرت وجوه المحللين الأتراك الذين يتقنون اللغة العربية، والذين كان دورهم شن الهجوم على مصر واستخدام أوصاف غير لائقة فى وصف الموقف المصرى، هناك محلل يعمل فى وكالة أنباء الأناضول التركية يُدعى كمال بياتلى، وصف موقف مصر مما يجرى فى غزة بأنه غير نبيل، وكرر كلمات رئيس وزرائه بحق الرئيس المصرى، وكان الرد المنطقى والطبيعى على هذا التطاول التركى أن تركيا آخر دولة فى الدنيا يمكن أن تتحدث عن النبل والقيم، تاريخها متخم بالمجازر، فعلى أيدى الأتراك وقعت عشرات المذابح أبرزها قتل مليون ونصف المليون من الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، كما كانت دولة الخلافة العثمانية نموذجا للاستعمار الفاشى الظلامى، الذى نشر التخلف فى كل بقعة وطئت عليها الأقدام التركية. قالوا إن قطروتركيا تعملان على إعداد مبادرة بديلة للمبادرة المصرية، قلنا مرحبا، انسوا المبادرة المصرية واعتبروها كأنها لم تُطرح، ما يهمنا هو وقف العدوان على الأبرياء والبسطاء من أهل القطاع، لا يهم ممن تأتى المبادرة، الأهم وقف العدوان وتوفير الحماية للبسطاء من أهل القطاع، وذلك لن يتحقق إلا بموافقة إسرائيل عليه، من لديه القدرة على صياغة مبادرة تحظى بقبول طرفى الصراع فليتقدم بها ويحظَ بشرف حقن دماء بسطاء أهل القطاع، فسفك الدم الفلسطينى لن يتوقف بالشعارات ولن يُحقن بالهجوم الإعلامى على مصر.