قال محللون سياسيون فلسطينيون، إنّ المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بين المقاومة وإسرائيل وضعت حركة "حماس" أمام "مأزق". ورأوا في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، أنّ رفض حركة حماس للمبادرة التي باتت تحظى بدعم عربي ودولي غير مسبوق، يضعها في مأزق سياسي كبير. وهذا المأزق قد يكلفها الكثير، وفق ما يرى مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، فرفض حركة حماس لمبادرة التهدئة، في ظل القبول العربي والدولي لها يصور الحركة وكأنّها غير معنية بالتهدئة وإيقاف نزيف الدم في قطاع غزة. وتابع:" المبادرة المصرية، تحظى بدعم عربي ودولي غير مسبوق، وهو ما يدفع الحكومة الإسرائيلية لتسويقها، أمام العالم، وإظهار حركة حماس كحركة لا تريد وقف إطلاق للنار، وهو ما يمنح الجيش الإسرائيلي الحرية، باستمرار تصعيد الغارات الجوية، وتكثيف العملية العسكرية ضد قطاع غزة". ودعت مصر الاثنين الماضي إلى مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة تنص على وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة وفتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض. وتشن إسرائيل منذ 7 يوليو الجاري، عمليةً عسكريةً على قطاع غزة، أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد"، تسببت بمقتل 208 فلسطيني وإصابة أكثر من ألف حتى يوم الأربعاء بحسب مصادر طبية فلسطينية. ويرى أبو سعدة، أن الخيارات السياسية تضيق أمام حركة حماس بعد هذه المبادرة، إذ أن قبولها للمبادرة يعني عدم تحقيق شروط المقاومة برفع الحصار عن غزة، ورفضها يعطي الانطباع للرأي العام العالمي أن حماس تريد التصعيد. وقالت حركة "حماس" إنّها أبلغت القاهرة بشكل رسمي اعتذارها عن قبول مبادرة وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل والمقاومة. وقال سامي أبو زهري المتحدث الرسمي باسم الحركة في تصريح مقتضب نشر الأربعاء، وتلقت وكالة الأناضول نسخةً عنه:" حماس أبلغت القاهرة رسميا، الاعتذار عن قبول المبادرة المصرية". ويبدو رفض حركة حماس للمبادرة المصرية، وكأنّها هي من تريد استمرار الحرب كما يقول توفيق أبو شومر، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة في رام الله. وأضاف أبو شومر، أن حركة حماس مطالبة أن تتعامل بمرونة سياسية أكبر تجاه المبادرة المصرية، وأن تقبل بنقاشها. وتابع:" الخيارات تبدو أمام حركة حماس ضيقة لرفض المبادرة، خاصة مع الدعم القوى العربي والدولي لها، وإسرائيل بدأت في الأمس بإيصال رسائل قوية لحركة حماس من خلال استهداف بيوت قادتها". وشن الجيش الإسرائيلي أمس سلسلة من الغارات على مختلف أنحاء قطاع غزة، استهدفت منازل قياديين بحماس في مقدمتهم القيادي البارز في الحركة محمود الزهار. ولفت أبو شومر إلى أن إسرائيل سترى في أي تصعيد قادم ضد غزة، شرعيا ويحظى بغطاء قوي من المجتمع الدولي. وهذا الغطاء الذي قد يشكل شبكة أمان للحكومة الإسرائيلية، قد يدفع حركة حماس للمناورة سياسيا وفق ما يرى" هاني البسوس" أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة. وأضاف:" ليس سهلا على حركة حماس أن تقبل بمبادرة لا ترفع الحصار بشكل نهائي عن غزة، وتوازي الثمن الذي حققته المقاومة، ودفعه الفلسطينيون في قطاع غزة، كما أنه من الصعب على الحركة أن تواجه خيارات ما بعد الرفض، وإمكانية عزلها وتوجيه ضربة قاسية لها". وأكد البسوس، أن الوضع الإقليمي خاصة التغيرات السياسية في مصر لا تسمح لحركة حماس بالمناورة، رغم كل ما تحققه عسكريا من إنجازات على الأرض. وتسود علاقة متوترة بين حركة حماس، والنظام الحالي في مصر بعد عزل الجيش المصري بمشاركة قوى وشخصيات سياسية ودينية للرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013. وتتهم السلطات المصرية حركة "حماس"، المرتبطة فكريا بجماعة الإخوان، والتي كانت تدير الحكم في غزة منذ منتصف 2007، بالتدخل في الشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ "عمليات إرهابية وتفجيرات" في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر. وبحسب ما نصت عليه مبادرة القاهرة التي جاءت في بيان لوزارة الخارجية المصرية، فقد تحددت الساعة السادسة صباحا يوم 15/7/2014 (طبقاً للتوقيت العالمى) لبدء تنفيذ تفاهمات التهدئة بين الطرفين، على أن يتم إيقاف إطلاق النار خلال 12 ساعة من إعلان المبادرة المصرية وقبول الطرفين بها دون شروط مسبقة. ونصت أيضاً على أن يتم استقبال وفود رفيعة المستوى من الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية فى القاهرة خلال 48 ساعة، منذ بدء تنفيذ المبادرة لاستكمال مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار، واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، على أن تتم المباحثات مع الطرفين كل على حدة (طبقا لتفاهمات تثبيت التهدئة بالقاهرة عام 2012). كما تضمنت التزام الطرفين بعدم القيام بأي أعمال من شأنها التأثير بالسلب على تنفيذ التفاهمات، وتحصل مصر على ضمانات من الطرفين بالالتزام بما يتم الاتفاق عليه، ومتابعة تنفيذها ومراجعة أي من الطرفين حال القيام بأي أعمال تعرقل استقرارها. وحظيت المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار المتبادل بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بترحيب عربي ودولي وفلسطيني رسمي. وأعلن وزراء الخارجية العرب، دعمهم للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار جراء "العدوان" الإسرائيلي على قطاع غزة. ورحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالمبادرة المصرية، وأعرب عن أمله في أن "تؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة وإعادة الهدوء".