منذ تفاهمات التهدئة بين حماس وإسرائيل والتى تم التوصل إليها للمرة الأولى فى يناير 2009 وبعد عدوان إسرائيلى شامل دمَّر معظم البنية التحتية للقطاع، استندت إلى تهدئة على أساس «الهدوء مقابل الهدوء»، أى أن يتعهَّد كل طرف بعدم استهداف الطرف الآخر، ولم تكن تفاهمات التهدئة تتضمن أى شىء آخر، ومن ثَم فإن الأمور الخاصة بفتح المعابر أو تخفيف الحصار المفروض على القطاع وأهله، كانت تبحث بعد التوصل إلى التهدئة، ولم تكن أىٌّ من هذه القضايا تبحث تحت القصف أو فى أثناء الاعتداءات. وعندما تفجَّر الصراع بين حماس وإسرائيل مرة ثانية فى نوفمبر 2012، تقدَّم محمد مرسى بمبادرة للتهدئة انطلاقًا من مبادرة يناير 2009، وقبلتها حركة حماس ووافقت عليها إسرائيل ولم تتحدَّث حماس وقتها عن فتح المعابر ولا رفع الحصار. تكرر المشهد للمرة الثالثة، حيث سخّنت حركة حماس الموقف وعملت على دفع إسرائيل إلى شن عدوان على القطاع وهو ما تحقّق بالفعل، تحرّكت مصر كالعادة لدفع الطرفين للعودة إلى تفاهمات التهدئة التى تقوم على معادلة «الهدوء مقابل الهدوء» وافقت إسرائيل ورفضت حماس، رفضت الأخيرة واضعة خمسة شروط لوقف قصف إسرائيل بالصواريخ. القضية هنا لا علاقة لها بالمقاومة ولا حماية الشعب الأعزل فى القطاع، القضية ببساطة أن الحركة تتصرَّف باعتبارها فرعًا لجماعة الإخوان، ومن ثَم فمصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الوطن، وإذا كان النظام الحالى فى مصر قد تشكَّل بفعل ثورة الثلاثين من يونيو التى أطاحت بحكم الجماعة فى مصر، فإن الهدف هو إحراج النظام المصرى والضغط عليه وحرمانه من لعب دور فاعل فى وقف الاعتداءات على القطاع. رفضت حماس المبادرة المصرية وقبلتها إسرائيل فى تكرار للأخطاء التاريخية التى وقع فيها الجانب العربى بدءًا من قرار التقسيم، رفضت حماس المبادرة المصرية نكاية فى النظام المصرى فأعطت الحكومة الإسرائيلية المبرر لتقديم نفسها للرأى العام العالمى باعتبارها دولة مسالمة، لا تريد مواصلة سفك الدماء، لكنها مضطرة إلى ذلك دفاعًا عن نفسها وشعبها. وعندما طلبت الأممالمتحدة من الطرفين هدنة إنسانية لمدة ست ساعات، التزمت بها إسرائيل وخرقتها حماس بقصف مدن إسرائيلية بالصواريخ فى خطوة تضر كثيرًا بصورة النضال الفلسطينى من ناحية وبمصداقية العرب ومدى التزامهم بالتعهدات. رفضت حماس المبادرة المصرية نكاية فى النظام المصرى، فواصلت إسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطنى، وبدأت قواتها تتوغَّل برًّا فى القطاع. هناك مَن يقول بأن قطروتركيا تقفان وراء قرار حماس برفض المبادرة المصرية وإنهما بصدد إعلان مبادرة مشتركة لوقف العدوان الإسرائيلى على أهل القطاع، مرَّت أيام ولم يصدر عن تركياوقطر سوى حملة من الهجوم على مصر ورئيسها وبذاءات لا تصدر عن مسؤولين، لكنها معتادة من أعضاء الجماعة وتنظيمها الدولى، دفعت قطروتركيا حماس إلى رفض المبادرة المصرية فتواصل العدوان الإسرائيلى على أهل القطاع وسكانه العزل بعد أن نزل قادة الحركة وكوادرها وأسرهم إلى مخابئهم المحصنة تحت الأرض، ويظل شعب غزة الأعزل يدفع ثمن سيطرة فرع الجماعة على القطاع ورغبة أعضاء التنظيم الدولى فى الثأر من مصر ودورها وأيضًا شعبها.