سواء كان الجناة من المهربين والخارجين عن القانون، أو من عصابات الإرهاب الإجرامية، فإن حادث «الفرافرة» الذى استشهد فيه خمسة من رجال حرس الحدود يعطى إشارة واضحة إلى ما ينتظرنا فى الجبهة الغربية من تحديات بعد أن غرقت الشقيقة ليبيا فى الفوضى، وعربدت فيها عصابات «القاعدة» وأخواتها، وأصبحت مركزا لتهريب السلاح وتدريب الإرهابيين. يذكرنا حادث «الفرافرة» بمشهد ذبح جنودنا فى رفح فى رمضان فى ظل حكم المعزول مرسى. ومع كل الأسى والحزن على أرواح الشهداء، فنحن الآن فى وضع أفضل بكثير، ضربنا قواعد الإرهاب فى سيناء، وطاردنا عصابات الإخوان وحلفائهم فى كل أنحاء الوادى، واستعددنا جيدا للمواجهة المحتومة مع عصاباتهم على الحدود الغربية. فشل مخطط الإخوان وحلفائهم فى تحويل مصر إلى قاعدة لعصابات الإرهاب واقتطاع سيناء وتحويلها إلى مقر لحثالة الإرهابيين، وسط أكذوبة روجتها أمريكا وحلفاؤها وأذنابها تحاول إقناع العالم بأن هناك إرهابا متشددا، وإرهابا معتدلا «يمثله الإخوان» يستحق الدعم الأمريكى ليسيطر على المنطقة لحساب واشنطن وحماية مصالحها!! فشل المخطط، وأسقطت مصر حكم الإخوان الفاشى فى 30 يونيو، وأظهرت الوجه القبيح للمؤامرة.. ولكن بقى الدعم الأمريكى والنفاق الأوروبى وراء «الإخوان»، حتى وهم يرون نتائج هذا الرهان الخاسر ليس فى مصر فقط.. بل فى ليبيا التى تحولت إلى ساحة لعصابات الإرهاب، وفى سوريا التى يتم تدميرها من كل الأطراف، وفى اليمن والعراق.. والبقية تأتى. الآن ينقلب السحر على الساحر.. تعرف أمريكا وأوروبا أن الخطر لن ينحصر فى البلاد العربية، كما كانت تأمل، وأن الإرهاب لن يتركها فى حالها ويكافئها على دعمها له، بل إنه أقرب إليها من أى وقت مضى. فى الأسبوع الماضى تم الكشف عن أول أمريكى يقتل فى عملية انتحارية قام بتنفيذها فى سوريا!! وتم الاعتراف بأن هناك أكثر من مئة مواطن أمريكى متطرف يقاتلون فى سوريا وحدها!! ومعهم آلاف من الأوروبيين انتشروا فى المنطقة من شمال إفريقيا إلى وسطها، ومن العراق إلى اليمن إلى أفغانستان. ولا تخشى أوروبا وأمريكا من وجود رعاياها هناك، بل تخشى من عودتهم إلى «بلادهم» لينضموا إلى غيرهم من الخلايا النائمة والعناصر المؤيدة، وليمارسوا فى «بلادهم» ما يفعلونه الآن خارجها!1 الرئيس الأمريكى أوباما استفاق أخيرا وأعلن عن تكوين صندوق لمواجهة الإرهاب برأسمال خمسة مليارات دولار!! ودول أوروبا بدأت تنتبه للخطر الذى أسهمت فى صنعه بالسكوت أو بالتآمر!! لكن السؤال يبقى: هل يمكن أن يكون هناك موقف حقيقى من الإرهاب دون مراجعة للسياسات الأمريكية والنفاق الأوروبى والتآمر لإسقاط المنطقة فى الفوضى تمهيدا لتسليمها إلى حكم «الإخوان» وحلفائهم فى رهان فاشل أسقطته مصر فى 30 يونيو، وتنكشف الآن آثاره المدمرة على المنطقة وعلى العالم كله. بالنسبة لمصر.. فقد اختارت طريقها من البداية، وكانت تعرف أن المواجهة لها ثمن. قررت أن تستأصل الإرهاب من أرضها، ورفضت كل الضغوط لمنعها من حقها الشرعى فى أن تكون الكلمة للشعب، وأن لا تحكم إلا من داخل مصر، وأن لا يكون الحكم فاسدا أو مستبدا أو فاشيا يتاجر بالأديان. بالنسبة لمصر معركة الدفاع عن حدودها الغربية ستكون مثل معركة الدفاع عن حدودها الشرقية، ومصير من ارتكبوا جريمة «الفرافرة» هو مصير من حاولوا استباحة سيناء وتهديد أمن الوطن. لكن السؤال يبقى بالنسبة لأمريكا وعديد من دول أوروبا.. متى تخرج من دائرة النفاق؟ ومتى تعترف أن سياساتها الخاطئة قد وضعتها جنبا إلى جنب مع منظمات الإرهاب التى تدعى محاربتها؟ وهل تدرك الآن أنها ستكون فى مقدمة ضحايا سياسات حكوماتها التى حاولت أن تبرر جريمتها فى دعم الإرهاب بهذا الزعم الرخيص.. بأن الإرهاب يمكن أن يكون معتدلا!!