بينما يحتفل المسلمون حول العالم بمناسبة عيد الفطر، يواصل الآلاف من اللاجئين السوريين نزوحهم إلى مخيم "الزعتري" بمحافظة المفرق الأردنية، ويحل هذا العيد عليهم بمشاعر مختلفة عما كانوا يعتادون عليه. إذ يقضي النازحون العيد بعيدا عن ديارهم وأههلم في ظروف معيشية قاسية هربا من الصراع المحتدم في بلادهم. وفرحة العيد غابت عن الكثير من اللاجئين، وحل الألم على من فقدوهم والقلق على من تبقى من أفراد عائلتهم في مختلف المدن السورية الواقعة تحت وطأة العنف المتزايد. وفي ساحة قريبة من الخيام التي تؤوي اللاجئين، تجمع الأطفال ليغنوا أغاني العيد، ويتلقوا الهدايا البسيطة. والقائمون على المخيم وبعض الجمعيات الخيرية أقاموا هذا الاحتفال في محاولة منهم لإدخال البهجة على قلوب الأطفال الذين لا يزال بعضهم يعيش ذكريات المشاهد المؤلمة لإطلاق النار والقصف المتكرر. يقول زايد حماد رئيس جمعية الكتاب والسنة الخيرية "خططنا لهذا الاحتفال لمدة شهر بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية لنجلب الفرحة لهؤلاء الاطفال، هذه البهجة أضفت جو عيد حقيقي على المخيم، أنا سعيد أننا استطعنا أن نقدم شيئا ولو بسيط لهم". بعيدا عن الأهل والأصدقاء أحمد ياسين لاجيء سوري من درعا، ترك بيته وكل ما يملك في مدينة درعا الحدودية وأتى مع زوجته وأولاده الثلاثة إلى المخيم هربا من الاوضاع المتردية في المدينة. وقال أحمد انه اضطر لذلك خوفا على ابنائه الذين روعتهم أصوات القصف وطلقات الرصاص. وأضاف "لم أفكر في الرحيل الا لأجل ابنائي، فقد وصلوا لمرحلة من الرعب بسبب القصف العنيف بانهم لا يستطيعون النوم، شبه عقدة نفسية، حرمت من رؤية ابي وامي واصدقائي، لن أنسى منظر والدي وهو يبكي عند رحيلنا. لا أعلم إن كنت ساراه مجددا". ويستطرد أحمد "لكن اشعر ان حالة ابنائي النفسية أحسن بكثير هنا، وهذا ما يريحني". وبالرغم من ان أحمد لم يشعر ببهجة العيد فإنه اراد لأبنائه ان يستمتعوا بوقتهم ولو لقليل من الوقت. ويقول أحمد "ذهبت انا وابنائي لاحتفالات العيد في المخيم ليلعبوا مع سائر الاطفال ويفرحوا بالعيد. أما بالنسبة لي فهذا ليس عيدا. الاحتفال في سوريا أفضل". أجواء تهدد الوضع الصحي للاجئين لكن احتفالات العيد لن تغير من الاوضاع القاسية التي يعيشها اللاجئون، فالاجواء الصحراوية للمنطقة التي اقيم فيها المخيم، شديدة القسوة. فارتفاع درجات الحرارة والرياح المحملة بالأتربة تهدد الوضع الصحي للاجئين، إضافة إلى ان موارد المياه والصرف الصحي محدودة للغاية. ذهبنا مع أحمد للخيمة التي تؤويه هو وعائلته، خيمة صغيرة بلا كهرباء او مياه. هذا هو حال آلاف اللاجئين في المخيم، فأكثر ما يشتكون منه هو الغبار. تقول أم زينب "لا استطيع التنفس، الغبار في كل مكان حتى في طعامنا". ويقول أحمد ياسين "الاقامة في خيمة بعدما كنا نعيش في بيت خاص بنا شيء صعب. عندما جئنا الي المخيم تطلب الامر منا بعض الوقت لنتأقلم، لكن تبقى هذه الاوضاع أفضل بكثير مما كنا عليه".