●● الأزمة هذه المرة نتيجة من نتائج التصادم والعناد والاستقواء والادعاء.. وواحدة فقط من تلك كافية لصناعة أزمة كبيرة فى أى بلد.. لكنها واحدة من سلسلة أزمات لا نهاية لها، إلا أن أزمة إقامة مباراة الأهلى والبن الإثيوبى واحدة من تاريخ طويل لظاهرة لا مثيل لها، حين انفردت مصر بأنها الدولة الوحيدة فى مجموعة «درب اللبانة» التى يدير ويقرر فيها الأمن شئون كرة القدم.. إنها ليست مشكلة جديدة، فهى قديمة من أيام الوزير زكريا محيى الدين والوزير شعراوى جمعة وحتى الوزير محمد إبراهيم. ● الأمن يغير من سياساته، وأن كل مواطن فى مصر يحلم بعودة الأمن.. وبدون الأمن لن تنهض مصر، ولن تتحسن الأحوال والأخلاق.. والأمن يبذل جهدا مضنيا فى مواجهة 10 ملايين قطعة سلاح مهربة.. كذلك على الأمن واجب ودور وطنى عام وهو حماية القانون وتطبيقه، وحماية المنشآت العامة والخاصة وحماية الناس فى منازلهم وفى الطرق والمدن وفى الملاعب.. والحالة التى نمر بها استثنائية.. لكنى هنا أتوقف لحظة أمام قصة قبول مباراة أفريقية والسماح بها جماهيريا، ورفض النشاط المحلى كليا فى انتظار القصاص لشهداء مباراة بورسعيد، ما هو الفارق.. لا أظن أن الفارق هو أن لقاء البن يخضع لإدارة الاتحاد الأفريقى بينما المباريات المحلية تخضع للاتحاد المصرى الذى وقعت تحت إدارته كارثة إنسانية، فالجزاء يطول الإدارة ولا يطول الصناعة.. هكذا واقعيا لا أرى أى فارق يوجب توقف النشاط المحلى ويسمح فى الوقت نفسه بالنشاط الأفريقى.. كلاهما نشاط فيه روح وحماس وحياة.. فما هذا؟
●● هذا ما صنعناه.. مصر هى التى صنعت تلك الحالة وحتى نحل المشكلة من جذورها نقف أمام خيارين:
● الأول: أن يسمح الأمن بإقامة المباراة بدون جمهور ويحمى الضيوف واللاعبين والمنشأة، متجاوزا بذلك عما يبرر به عدم الموافقة، وهو مطالب النيابة العامة.. لأن الاستجابة لتلك المطالب اليوم مستحيلة وتحتاج إلى وقت طويل فى النقاش والإعداد.
●● الثانى: أن يخرج مسئول من الدولة ويعلن بكل شجاعة إيقاف وتجميد النشاط الرياضى وكرة القدم لمدة عامين، بسبب ظروف البلد، ويتحمل كل مسئول الآن فى الدولة عواقب ونتائج هذا القرار فى كتاب التاريخ.. علما بأن كرة القدم ليست مسئولة مباشرة عما نحن فيه، وعلما أيضا بأن الفوضى لن تتوقف بتجميد النشاط الرياضى.
● لا شىء يتغير فى مصر من 50 سنة، فالأمن يقرر إذاعة مباراة، وعدم إذاعة مباراة، ويوافق على انطلاق الدورى ويصمم على إيقاف الدورى، وهو الذى كان يمنع زجاجات المياه، كى لا تلقى على اللاعبين، ويصادر ولاعات السجائر حتى لا تستخدم فى إشعال النار فى الصحف (كانت تلك عادة قديمة عند الجمهور قبل عصر الشماريخ) والأمن بالمناسبة يحرم الشماريخ، ويصادر أكياس البرتقال، ويحدد عدد الجمهور ووقت المباراة ومكانها، وينقل مباريات من ملاعب، ويمنع اللعب على ملاعب، ويسمح بملاعب، ويلاعب الجميع، ولم يبق سوى أن أسأل معالى الوزير مع تقديرى العميق لدوره وشخصه بصدق.. كم هدفا تريد فى المباراة؟