تعرض الدكتور محمد أبوالغار، عضو مجلس أمناء الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إلى موجة انتقادات عنيفة داخل الحزب، وعلى مستوى الرأى العام، البعض عاتبه بسبب قبوله التوقيع على الوثيقة التى صدرت عن اجتماع المجلس العسكرى مع عدد من الأحزاب، السبت الماضى، وبلغت ردود الفعل ذروتها بعد أن وصل الاحتقان داخل الحزب إلى التقدم باستقالات جماعية تضمنت اثنين من الهيئة العليا للحزب. أبوالغار لم يحاول الدفاع عن نفسه باعتباره ليس متهما، ولكنه حاول فى حواره مع «الشروق» أن يشرح أبعادا وتفاصيل ربما كانت غائبة وغير معلومة للبعض، قال إنه لم يوقع على الوثيقة بقرار منفرد، ولكنه حصل على موافقة الهيئة العليا للحزب، وأنه تحفظ على البند الخاص بتأييد المجلس العسكرى، مطالبا المستقيلين من الحزب بالعدول عن استقالاتهم. أبوالغار قال إنه لا يريد للناس أن تغضب منه، ولكن يفضل فى الوقت نفسه أن يكون صادقا مع نفسه، فقد كان لديه خيار عدم حضور اجتماع المجلس العسكرى، ولكن لم ينفرد باتخاذ القرار، وترك الأمر فى يد الهيئة العليا للحزب.
قرار جماعى
أكد أن حضوره لاجتماع الأحزاب مع المجلس العسكرى كان بعلم قيادات الحزب، قال: «عندما تلقيت الدعوة لحضور الاجتماع مساء الجمعة الماضية، أرسلت عبر البريد الإلكترونى رسالة للجنة العمل اليومى ومجلس الأمناء بالحزب أبلغهم بدعوة المجلس العسكرى، وسألتهم عن رأيهم فكلمنى نور فرحات، وزياد بهاء الدين، وفريد زهران، وأحمد فوزى، وكتبت كل تعليقاتهم وملاحظاتهم وأخذتها فى الاعتبار أثناء الحوار مع العسكرى». وعقب الاجتماع وصدور الوثيقة قرر أبوالغار عرض الأمر على الهيئة العليا يضيف: «وجهت لهم الدعوة لاجتماع مساء الأحد الساعة 8 مساء، وحضر عدد كبير منهم وخضع الأمر للتصويت، وقرر 20 منهم الموافقة على التوقيع فى مقابل رفض 10، وفى اجتماع الهيئة العليا نقلت لهم رأى أغلبية الأحزاب خلال الاجتماع مع العسكرى، فيما نقلت أيضا رأى المجلس وقراراته، فليس كل ما طلبناه تمت الاستجابة له، ومثلا طالبنا جميعا بالقائمة النسبية فى الانتخابات البرلمانية ولكنهم رفضوا». أبوالغار عرض رأيه فى الوثيقة وقال للهيئة العليا: «الحاجة الوحيدة التى لن أوقع عليها هى الجملة التى أضيفت ولم تقرأ علينا، والخاصة بتأييد المجلس العسكرى، وذهبت للمجلس العسكرى مجددا وكتبت إنى احترم المجلس العسكرى ولكنى قد أوافق او أعترض على أى قرار، وطالبت الهيئة العليا بكتابة موقفها من الوثيقة واعتراضاتها، وبالفعل كتبوا بيانا يتضمن جميع المطالب وسلمتها رسميا للمجلس العسكرى، وناقشت المطالب الخاصة بإنهاء الطوارئ والمحاكمات العسكرية للمدنيين مع اللواء محمد العصار، الذى التقيته يوم الاثنين أثناء توقيعى على الوثيقة».
ورغم إخضاع أبوالغار الأمر للهيئة العليا للحزب، إلا أنه يواجه حاليا مشكلة تقدم العديد باستقالاتهم، وعلى رأسهم هانى شكر الله، ورائد سلامة، العضوان بالهيئة العليا للحزب، مشيرا إلى أنه يعمل على اقناعهما بالعدول عن الاستقالة.
ومن بين الانتقادات التى توجه للحزب أن هيئته العليا غير منتخبة وبالتالى لا يمكنها التعبير عن أعضاء الحزب، ومن جانبه رد على هذه الانتقادات قائلا: «الحزب المصرى الديمقراطى، وجميع الأحزاب الجديدة لم يشهد أى انتخابات داخلية، وهذا ليس عيبا، فالمشكلة وضعنا فيها المجلس العسكرى والاستفتاء على الدستور، فقد تم تسجيلنا فى لجنة شئون الأحزاب رسميا منذ 3 أشهر، ومطلوب منا التجهيز سريعا للانتخابات البرلمانية واختيار المرشحين وتنظيم الحملات الانتخابية، ونحن داخل الحزب متفقون على إجراء انتخابات داخلية بعد الانتهاء من انتخابات الشعب والشورى».
غضب من المجلس
أبو الغار أكد أنه كان سيرفض التوقيع على وثيقة المجلس لو كان موجودا بالاجتماع أثناء التوقيع وقرأ البند الخاص بتأييد المجلس العسكرى، واعتبر هذا البند هو السبب الرئيسى فى حالة الغضب التى صاحبت الوثيقة، وقال: «أعتقد أن الموضوع له علاقة بالناحية النفسية أكثر، لأن الناس غاضبة من الجيش لأن المرحلة الانتقالية لا تسير وفقا لرغباتهم والكثير منهم فى حالة قلق، ولكنى أرى أن الوثيقة لم تتخل عن أى حق من حقوق الشعب المصرى، ولكنها لم تحقق الأهداف كاملة، وهذا متوقع»، وأضاف: «أنا من حزب غلبان، وأنا رايح أتفاوض مع الجيش، ومش ممكن آخد كل الحقوق إلا اذا كنت أكبر منه».
ولم يبد أبوالغار أى قلق تجاه استمرار المجلس العسكرى فى السلطة قائلا: «لست قلقا من استمرار الجيش، وأرى أن نزول المشير للشارع كان لإعطاء صورة بأن الأمن مستقر، وعندى قناعة أن الجيش يريد ترك السلطة، ومافيش جيش ولا قوة فى مصر تقدر تقعد وتكبس على نفس الشعب، لأن الناس صحيت وفاقت».
جدول الاستفتاء
ويضيف: «الناس قلقة من الجيش وتخشى أن يستمر فى السلطة، ولكن فى الحقيقة رحيله فى منتصف 2013 ليس نتيجة الوثيقة، ولكن نتيجة الاستفتاء الذى وافق عليه الشعب المصرى، والجدول الزمنى الذى حمله الاستفتاء».
ووابو الغار شدد على أن الجدول الزمنى لا علاقة له باجتماع الأحزاب مع المجلس العسكرى، ولكنه يعود إلى نتيجة الاستفتاء، وقال: «الشعب المصرى قال نعم على هذا الكلام، وأنا قلت لا، وكنت أريد مجلسا رئاسيا من البداية، وقلت نضع الدستور أولا، ولو كنا قررنا الدستور أولا كنا سنصبح مقبلين على انتخاب البرلمان والرئيس ونخلص من هذا العك». واستعرض عددا من البنود الأخرى التى تضمنتها الوثيقة واعتبرها قد حققت بعض المكتسبات، استطرد: «الموافقة على تعديل المادة 5 من قانون الانتخابات مهم، نحن كنا نريد 100% قائمة نسبية ولكنهم لم يوافقوا، وقرروا إجراء الانتخابات بنسبة ثلثين للقائمة وثلث للفردى، ومع الضغط سمحوا للأحزاب بالترشح على الثلث فى المقاعد الفردية وهذا مكسب»، كما أشار إلى الاتفاق على إصدار مرسوم بقانون يعاقب على الجرائم الانتخابية مثل استخدام دور العبادة فى الدعاية والشعارات الدينية.
تحديد الطوارئ
أما عن بعض البنود التى أثارت أزمة ضد الوثيقة فقال: «ناقشنا هذه النقاط بالتفصيل، وقالوا لنا لن نقدر على كتابتها تفصيليا فى البيان لأنها يجب أن تصدر كمرسوم بقانون ويجب دراستها قانونيا، ومن بين هذه النقاط وقف العمل بقانون الطوارئ إلا فى حالات الإرهاب والسلاح والمخدرات». ويعترف أبوالغار أن هذا التعهد لا يختلف كثيرا عن تعهدات مبارك «فى هذه النقطة لم نفرق شيئا عن تعهدات مبارك، لكن كسياسيين نريد إلغاء قانون الطوارئ ونتفاوض مع المجلس لأجله، وطالبناه بإلغاء العمل بحالة الطوارئ ولكنه رفض، فماذا نفعل؟». وعن الشارع المصرى والنزول للميادين كوسيلة ضغط لتحقيق مطلب إلغاء الطوارئ وغيره قال: «اللى عايز ينزل الشارع ينزل، ونحن كنا فى الشارع يوم 30 سبتمبر، ولم نقل لا للشارع، لكن لابد أن نعرف أن الشعب المصرى بجميع مستوياته فقراء وأغنياء ومثقفين يريدون نوعا من الاستقرار، ولديهم قلق من الخلل الشديد فى الأمن وتردى الحالة الاقتصادية، الناس كلها كانت فرحانة بالثورة، لكن الآن عندهم تحفظات على الثورة». وأكد أبوالغار انه يستشعر تراجع التأييد للثورة فى الشارع قائلا: «أتحدث مع المرضى والممرضات والحلاق وسائق التاكسى وبعضهم غير راض عن الأوضاع الحالية، وأعتقد أن على غرارهم كثيرين وبالتأكيد رجال الأعمال متأثرون». ويستبعد من جانبه أن تكون الاضرابات والاعتصامات العمالية والمهنية تعبيرا عن استمرار الثورة فى هذه القطاعات، قال: «الاعتصامات والإضرابات ليست دليلا على استمرار الثورة، ولكنها من نتاج الثورة، فالثورة سمحت بها وأعطت لهؤلاء الفرصة، ولكن الإضرابات ليست الثورة لأنها لا تتحدث عن الطوارئ أو المحاكمات العسكرية للمدنيين».
واضاف: «أتمنى إلغاء حالة الطوارئ، وطالبت خلال الاجتماع بهذا، وحدثت مناقشة طويلة بينى وبين اللواء ممدوح شاهين، وطالبت بتغيير القانون الطبيعى للسيطرة على البلطجية وتجارة السلاح، وقال اللواء شاهين إن هذا يستغرق وقتا طويلا، ورفضوا الأخذ بهذا الرأى»، وتساءل: «هل أوافقهم وأعتبر تحديد حالات محددة تطبق عليها الطوارئ خطوة ايجابية؟ أم أرفض وأقول لهم لا يبقى القانون كما هو؟».
مراقبة الانتخابات
ومن النقاط الأخرى التى تحفظ عليها البعض فى الوثيقة، النص الخاص بمتابعة منظمات المجتمع المدنى ودورها فى مراقبة العملية الانتخابية، يقول: «كنا نطالب بالمراقبة، فقالوا نعم للمشاهدة والمتابعة، ولما سألنا عن الفرق، قالوا إن المتابعة تعنى أن يحضر ممثلو المنظمات اللجان ويشاهدوا العملية الانتخابية ولكن دون أن يتدخلوا بأنفسهم، ولا أعتقد أن مراقبة الانتخابات فيها شيئا مختلفا».
أبو الغار يعتقد أن الانتخابات ستسير على غرار الاستفتاء على التعديلات الدستورية، «وجود قاض على كل صندوق ضمانة كبيرة، ولو نتذكر انتخابات 2005 فى المرحلة الأولى، الحزب الوطنى لم يحصل على نسبة كبيرة، لأنه كان يوجد قاض على كل صندوق، وفى المراحل التالية فاللعب لم يكن فى الصناديق ولكنهم أغلقوا الشوارع حول اللجان ومنعوا الناخبين من الدخول، إلا لانتخاب الحزب الوطنى».
ويتوقع ألا تشهد الانتخابات القادمة أى عمليات تزوير، ولكنه يقول: «خوفى ليس من التزوير وإنما من الفوضى والبلطجة، وقلت لهم ذلك، لو ليلة الانتخابات انطلقت الأسلحة ومات 200 شخص، ماذا تفعلون؟ قالوا سنضطر لالغاء الانتخابات».