نشرت الهند أمس أكثر من 200 ألف شرطى فى شتى أنحاء البلاد وأقيمت سجون مؤقتة فى الوقت الذى استعدت فيه الحكومة لأعمال شغب محتملة بين الهندوس والمسلمين قبيل صدور حكم قضائى بشأن ملكية موقع أقيم عليه مسجد فى القرن السادس عشر وقام «متشددون» هندوس بهدمه منذ 18 عاما لتندلع واحدة من أسوأ أعمال العنف الطائفية فى البلاد، وتودى بحياة ألفى شخص. فمن العاصمة نيودلهى إلى المركز المالى مومباى وبلدات فى الشمال على طول نهر الجانج المقدس لدى الهندوس ينتظر كثير من الهنود بقلق صدور الحكم، الذى كان مقررا أمس، مع بقاء البعض داخل منازلهم وتخزينهم الأغذية. وناشدت الحكومة الجميع التزام الهدوء بمجرد أن تصدر محكمة فى ولاية أوتار براديش حكمها فى ملكية أرض المسجد البابرى الذى تم تدميره عام 1992. ووصف رئيس الوزراء الهندى مانموهان سينغ الحكم بأنه أحد أكبر التحديات التى تواجه بلاده ويأتى فى وقت متوتر بالفعل مع شعور الهند بالقلق إزاء صورتها على الساحة الدولية قبل أيام من بدء دورة ألعاب الكومنولث التى تستضيفها نيودلهى اعتبارا من يوم الأحد المقبل. وناشدت أحزاب سياسية الجميع التزام الهدوء. ويقول الهندوس إن المسجد كان مقاما على أرض شهدت مولد إلههم راما وإن غازيا مسلما بناه على أنقاض معبد هندوسى فى القرن السادس عشر. ويريد المسلمون إعادة بناء المسجد بعد أن دمر عام 1992. وجمع عشرات الهندوس آلاف الحجارة لبناء معبد فى مكان المسجد إذا صدر الحكم لصالحهم. وستصدر المحكمة حكمها بخصوص ثلاث نقاط ستقرر ملكية الموقع: هل الموقع المتنازع عليه شهد مولد الإله راما؟ هل أقيم مسجد بابرى بعد إزالة معبدهندوسى؟ هل أقيم المسجد تماشيا مع مبادئ الإسلام؟ ومن المؤكد تقريبا أن يجرى استئناف الحكم أمام المحكمة العليا وقد يستغرق صدور حكم نهائى سنوات. وفى اتصال هاتفى مع «الشروق» من العاصمة الهندية نيودلهى، توقع الخبير السياسى الهندى زبير أحمد فاروقى أن تصدر المحكمة قرارا بأحقية أرض المسجد للمسلمين لكنه استبعد فى نفس الوقت اندلاع أعمال شغب واسعة الانتشار مثلما حدث فى مومباى ومدن أخرى عام 1992. وأضاف فاروقى: «أعتقد ان الأجواء مختلفة هذه المرة، ففى عام 1992، كانت هناك عملية شحن وتوتير كبيرة قبل اندلاع الأحداث بشهرين، أما هذه الأيام فإن الأجواء هادئة هناك فى كل الأوساط السياسية والشعبية، وعامة الناس لا يتورطون فى مثل هذه الأحداث». وفى بلدة أيوديا التى تحتضن أرض المسجد، قرعت أجراس المعابد الهندوسية وسط صلوات الرهبان. وأقامت الشرطة المسلحة نقاط تفتيش فى شتى أنحاء البلدة وقامت بحراسة منازل المسلمين الذين يقدر عددهم بثلاثة آلاف شخص يمثلون أقلية فى البلدة التى يقطنها 70 ألفا. وقال جاجديش براساد أحد المتطوعين الذين دمروا مسجد بابرى عام 1992: «إذا حكمت المحكمة باعادة بناء المسجد فإن البلاد كلها ستنتفض». لكن فاروقى يراهن على الإجراءات المشددة التى اتخذتها الحكومة الهندية على المستوى المركزى ومستوى الأقاليم لمنع وقوع أعمال عنف». كما أن وجود إمكانية لاستئناف الحكم يهدئ كثيرا من التوتر». وحظرت الحكومة الرسائل النصية عبر الهواتف المحمولة فى شتى أنحاء البلاد للحيلولة دون انتشار الشائعات والتطرف الدينى. والحياة فى مومباى ولها تاريخ من العنف الطائفى طبيعية ولكن جرى نشر قوات شرطة إضافية كاجراء وقائى. ونحو 80% من سكان الهند الذين يزيد عددهم على 1.1 مليار نسمة هم من الهندوس، فيما يمثل المسلمون 13% من السكان أى نحو 140 مليون نسمة.