يواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي موقفا حرجا الآن، ففي الوقت الذي يدق فيه الرئيس الفرنسي خلال قمة مجموعة ال20 في كندا الطبول لمكافحة ما يعرف ب"واحات التهرب الضريبي" يتهم فيه أهم وزير لساركوزي، اريك وورث بمساعدة أغنى امرأة في أوروبا على التهرب الضريبي. يواجه وورث تهمة التورط في تصادم المصالح، وعلى الرغم من عدم صدور حكم حتى الآن إلا أن الضرر السياسي لهذه الاتهامات كبير للغاية. تعتبر ليليان بيتنكور (87 سنة) المعروفة بأنها أغنى امرأة في أوروبا شخصية رئيسية في هذه الفضيحة حيث وصلت عام 2009 لوزارة الموازنة الفرنسية ملفات تدين بيتنكور، وريثة شركة لوريال، بالتهرب الضريبي، وكان اريك وورث هو الذي يتولى حقيبة هذه الوزارة آنذاك. وتبدأ تفاصيل الفضيحة عندما كان وورث يتولى جمع تبرعات لحزب ساركوزي، ووقعت ليليان حينها بشكل قانوني على شيكات تبرع لساركوزي و وورث. الغريب في ذلك هو أن قرينة وورث، السيدة فلورينس، كانت تعمل في إدارة استثمارات لمدام ليليان، ووظيفتها كانت تتعلق بتقليص المستحقات الضريبية بقدر الإمكان. وكان باتريس دي ميستر، رئيس وكلاء السيدة ليليان المعنيين بإدارة ثروتها، قد عين زوجة وورث في نوفمبر عام 2007. وشاء القدر أن يُقلد اريك وورث دي ميستر بنوط الشرف الفرنسي بعد ذلك بشهرين. ونشرت مجلة (ماريان) الفرنسية، اليوم السبت، خطابات لصديق ليليان، فرانسوا ماري بانيير، تلك الخطابات التي تبرهن على أن المليارديرة ليليان كانت تمتلك على الأقل جزيرة (أروس) بجمهورية سيشيل الأفريقية، ومع ذلك فإن ليليان لم تبلغ مكتب الضرائب بذلك. وقال دي ميستر لصحيفة (لو فيجارو): "يبدو له" أن ليليان تمتلك حسابين بنكيين في سويسرا لم تبلغ الضرائب عنهما "أبدا" وأن أحدهما به 65 مليون يورو، والآخر به 13 مليون يورو، وهذه مبالغ تافهة إذا أخذنا في الاعتبار أن دي ميستر يقدر ثروة ليليان بنحو 17 مليار يورو. وحسب مجلة "ماريان" فإن فيليب كوروي، المدعي العام المسئول عن تحري الحقيقة في كل ذلك و أحد رجال ساركوزي قد حصل على هذه الخطابات في مارس عام 2008 ولكنه فضل "غض الطرف عنها"، وكذلك فعلت السلطات الفرنسية المعنية بالضرائب. غير أن كوروي أرسل ملفا خاصا بالسيدة ليليان لوزارة الموازنة في يناير 2009 ثم أمر وورث بالتحقيق في الملف وما يتعلق به من شئون ضريبية، ولكن يبدو أن التحقيقات لم تكن ضد ليليان، بل ضد صديقها بانيير. أما الآن فقد توجهت السهام نحو وورث الذي سارع ساركوزي للدفاع عنه اليوم السبت قائلا عبر بيان للقصر الرئاسي:"لا يمكن اتهامه بشيء، إنه وزير رائع". ليست هذه الهجمات الموجهة للخبير المالي وورث، الذي يبدو كتوما دائما، في صالح الرئيس الفرنسي بأي حال من الأحوال خاصة بعد أن أعطاه مؤخرا حقيبة وزارة العمل لتنفيذ أهم إصلاحات فترته الرئاسية، وهي الإصلاحات الخاصة بالتقاعد وفي حالة نجاحه في ذلك فسيقترب من رئاسة الوزراء. وفي الوقت الذي يشدد ساركوزي قبضته الضريبية ويستاء ملايين الفرنسيين من إصلاح نظام التقاعد معبرين عن ذلك بمظاهرات عارمة في الكثير من أنحاء فرنسا فإن حكومة ساركوزي تواجه في ظل قضية وورث - ليليان تهمة التستر على الأغنياء والتضييق على الفقراء وهو ما يعزز موقف النقابات الفرنسية.