بعد اجتماع مغلق مع رئيس الوزراء أحمد نظيف فى مكتبه بالقرية الذكية أمس، خرج وزير النقل محمد منصور معلنا استقالته من منصبه فى بيان صحفى مقتضب. وأعلن رسميا أمس أن الرئيس مبارك قبل استقالة المهندس محمد لطفى منصور، وزير النقل، على خلفية حادث تصادم قطارى العياط اللذين أوديا بحياة 18 شخصا وإصابة 36 آخرين. تأتى استقالة أو إقالة منصور تأكيدا لما انفردت به «الشروق» أمس عن أن مصيرا غامضا ينتظر الوزير عقب كارثة العياط، بالنظر إلى حالة التجاهل التى أبدتها الحكومة تجاهه، وتجلت فى إلغاء اجتماع كان من المنتظر أن يعقد أمس الأول بين نظيف ومنصور. وأشارت مصادر فى مجلس الوزراء إلى أن الحكومة اتخذت قرارا صامتا برفع يدها عن الوزير مع التأكيد على دعمها لخطة إصلاح وزارة النقل، وهو ما مهد لقراره بالرحيل أمس. وصرح مجدى راضى المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء بأنه طبقا لقواعد المجلس فقد تم تكليف الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء بالإشراف على وزارة النقل لحين اختيار وزير جديد لها. من جهته، قال المهندس منصور إنه انطلاقا من إحساسه بالمسئولية السياسية تقدم بطلب لإعفائه من منصبه كوزير للنقل للدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء لرفعه إلى الرئيس حسنى مبارك. وعلمت «الشروق» أنه تم صباح أمس ترتيب لقاء عاجل بين وزير النقل، ورئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، قال بعض المسئولين فى الحكومة إنه جاء بناء على طلب الوزير وذلك بعد أن رفض رئيس الوزراء الالتقاء به منذ وقوع الحادث، حيث استمر الاجتماع أكثر من نصف الساعة بعيدا عن وسائل الإعلام بمكتب رئيس الوزراء بالقرية الذكية». وبعد الاجتماع خرج وزير النقل ليعلن فى بيان مقتضب أنه عمل على مدى أربع سنوات فى إطار برنامج طموح للحكومة للنهوض بقطاع النقل، وقام خلال هذه الفترة ببذل قصارى جهده بالتعاون مع فريق متميز فى تطوير قطاع الموانئ الذى شهد طفرة كبيرة بدأت تؤتى ثمارها، وتطوير قطاع الطرق والكبارى لفتح شرايين جديدة بين مدن ومحافظات وقرى مصر، وكذلك تطوير قطاع النقل النهرى كمجال جديد وواعد. وكشف اليومان الماضيان عن مؤشرات داخل مجلس الوزراء تؤكد أن وزير النقل قد يتقدم باستقالته فى أقرب وقت. أهمها وفق مصادر فى الحكومة أنه لأول مرة «لم يضع رئيس الوزراء فى خطته زيارة المصابين فى الحادث، أو موقع الحادث مثلما حدث فى حادث قطار قليوب». وأضافت المصادر أن من المؤشرات القوية التى دلت على قرب خروج وزير النقل من الوزارة «عدم حدوث أى لقاء بينه وبين رئيس الوزراء منذ وقوع الحادث.. فلم يتم اللقاء الذى كان مقررا الاثنين الماضى، وهو ما تم تبريره بأن اللقاء لم يكن مدرجا من الأساس على أجندة رئيس الوزراء». كما انفردت الشروق بخبر منع منصور من حضور جلسة الرئيس مبارك فى المؤتمر السنوى للحزب الوطنى يوم السبت المقبل. وتلقى بعض العاملين بوزارة النقل قرار استقالة منصور بالفرح والسعادة، وتمنوا أن يأتى وزير جديد ينهض بحال الوزارة باعتبارها من أهم الوزارات الخدمية، التى تخدم قطاعا كبيرا من الجمهور، على حد تعبيرهم. وقال أحد المسئولين عن مراقبة الأبراج فى هيئة السكة الحديد رفض ذكر اسمه «يجب أن يتولى وزارة واحد من أبنائها، وليس رجل أعمال ليس لديه اهتمام بمصلحة الوزارة، ولا يعلم شيئا عن مشاكل ومطالب العاملين». وأعرب أحد أعضاء مجلس إدارة رابطة سائقى القطارات رفض ذكر اسمه مخافة عودة الوزير مرة أخرى للوزارة عن فرح الرابطة باستقالة منصور وقال إن الفترة التى تولى فيها وزارة النقل كانت بمثابة «معمل تجارب».. وانتقد فى هذا السياق «نظام الهيكلة الذى طبقه الوزير وجعل من خلاله شركات أجنبية تشرف على قطاعات فى هيئة سكك حديد مصر». وفى غضون ذلك اعتصم مساء أمس الأول مراقبو الحركة (العاملون بالمراقبة المركزية بالهيئة القومية لسكك حديد مصر بالقاهرة)، ضد استدعاء النيابة لحسن على مراقب الحركة على خط القاهرة بنى سويف، بعد اتهام سائق قطار 188، المصطدم بقطار الفيوم، له بأنه لم يرد على استغاثته مما أدى إلى كارثة قطارى العياط. وقال أحد المراقبين المعتصمين رفض ذكر اسمه إن «الاعتصام استمر من الساعة الثامنة مساء، حتى الثانية صباحا من اليوم التالى»، وأدى إلى ارتباك فى حركة القطارات، وتأخيرها عن مواعيدها أكثر من ساعتين. وذكر أنه منذ وقوع الحادثة هناك ارتباك بحركة القطارات، حيث تم إلغاء رحلات، لعدم وجود جرارات، مشيرا إلى أن قطارات الوجه القبلى تتأخر أكثر من 12 ساعة عن مواعيدها الرسمية. وفى تطور لتحقيقات الكارثة كشف تفريغ الصندوق الأسود لقطارى العياط عن أن وحيد كامل موسى قائد قطار الفيوم رقم 152 الذى توقف قبيل محطة كفر عمار بثلاثة كيلومترات طلب من مساعده الذهاب إلى برج المراقبة بكفر عمار لإبلاغه بتوقف القطار وعطل الفرامل، ولكنه تقاعس عن إبلاغ برج المراقبة. وكشف الصندوق عن أن غرفة المراقبة المركزية برمسيس لم تتلق أى بلاغات أو إخطارات عن توقف القطار 152. واستمع أحمد الركيب وكيل أول نيابة حوادث جنوبالجيزة بإشراف المستشار حمادة الصاوى المحامى العام الأول لنيابات جنوبالجيزة إلى أقوال على حسن محمد مراقب الغرفة المركزية برمسيس الذى قال إنه كان يعمل وقت الحادث بغرفة المراقبة المركزية لقطارات الصعيد ولم يتلق أى إشارات أو إخطارات بتوقف قطار الفيوم 152 وأن سائق القطار لم يتصل به أو يجرى اتصالا بأحد من المسئولين وأن الحادث وقع فى أحد المنحنيات وهو الذى أدى إلى الكارثة.