تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    شعبة السيارات: التجار أكثر ناس تضررت من ارتفاع الأسعار..المبيعات تراجعت 90%    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    حزب الله اللبناني يقصف إسرائيل بالصواريخ الموجهة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    روسيا: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    الدوري الإنجليزي.. تشيلسي يحول تأخره بهدفين أمام أستون فيلا لتعادل 2-2    روما × نابولي.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 28- 4- 2024 في الدوري الإيطالي    عاجل| مفاجأة كبرى في أزمة حسام حسن وصلاح.. والده رفض الصلح    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان بقليوب    رحلة صد رد للإسكندرية.. السكة الحديد تطلق قطارًا للاحتفال بشم النسيم    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    الإثنين.. وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار بغزة    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    شرايين الحياة إلى سيناء    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين هى الباقية.. بشهادة التاريخ
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 07 - 2019

فجأة، ومن غير مقدمات تبرر «ترقية» المستر جاريد كوشنر من مرتبة صهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى مرتبة نائب الرئيس ووزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، ورجل المهمات الخاصة التى لا يُكلف بها الرئيس غيره، متجاوزا وزير الخارجية، بل الوزارة جميعا وأجهزة المخابرات الخارجية وما يماثلها.
ولقد أولى ترامب صهره العزيز كوشنر مهمة «ترتيب العلاقات» مع عرب الخليج.
على أن أخطر المهمات وأدقها تظل الترويج ل«صفقة القرن» التى كان ترامب قد بشر بها باعتبارها الحل السحرى المفقود للصراع العربى الإسرائيلى بعنوان القضية الفلسطينية.. بعد حملة دعائية واسعة تولاها ترامب شخصيا عبر تصريحات وتغريدات كما فى بعض لقاءاته مع «الكبار» من ضيوفه العرب.
لم يعرف العالم، بمن فى ذلك العرب، والفلسطينيون منهم على وجه الخصوص، عن الصفقة المريبة إلا عنوانها.. وكان التصرف جارحا لكرامة العرب عموما وللفلسطينيين خصوصا الذين يرون فى فلسطين أرضا مقدسة لأمتهم جميعا، بمن فيهم من كان فيها من اليهود قبل «وعد بلفور» 1917 واتفاق سايكس بيكو 1918... والأول تكرم به وزير خارجية بريطانيا العظمى، آنذاك، بمنح أرض فلسطين ليهود العالم لتكون دولتهم.. فى حين أن يهود فلسطين كانوا يعيشون فيها مع أهلهم العرب المسلمين والمسيحيين كأى شعب تتعدد هويات أبنائه الدينية.
ولقد اتخذ ذلك «الوعد» الذى كان بطله وزير خارجية بريطانيا العظمى آنذاك، اللورد بلفور، نموذجا لمن يعطى وهو لا يملك لمن لا يستحق... ثم اتخذ هذا الوعد «سندا» بملكية فلسطين ليهود العالم أجمع، شرقا وغربا..
***
وبين 1920 ( سايكس بيكو) و1948 نظمت حملات دولية لترحيل اليهود من حيث كانوا يعيشون بأمان، فى أنحاء أوروبا والأمريكيتين، وحتى داخل البلاد العربية إلى فلسطين بوصفها «الوطن القومى ليهود العالم» تحقيقا لنبوءة المفكر الصهيونى هرتزل واستفادة من تواطؤ الاحتلال البريطانى لفلسطين والكيانات العربية فى المشرق العربى خاصة، وقد تقاسمتها بريطانيا وفرنسا.
وهكذا تم تحويل «متصرفية جبل لبنان» إلى كيان ثم دولة تحت الانتداب الفرنسى.. علما أن الغرب كان قد اقتطعها من السلطنة العثمانية بذريعة الاقتتال بين الدروز والمسحيين.. تاركا الأقضية الأربعة (أى جنوب لبنان وشماله والبقاع وبيروت) ولايات تابعة للسلطنة..
كذلك اخترع الغرب البريطانى إمارة شرقى الأردن، بعد اقتطاع أرضها من سوريا التى سوف تخضع مع لبنان (الجديد) للانتداب... فنصب عليها أحد أبناء الشريف حسين (الهاشمي) «مطلق الرصاصة الأولى» فى الحرب ضد السلطنة العثمانية، بينما نصبت بريطانيا فيصل الأول، الابن الثانى للشريف حسين، على عرش العراق..
هكذا صار عرب المشرق أشتاتا، خصوصا أن مصر الملكية، آنذاك، كانت خاضعة (مع السودان) للاستعمار البريطانى..
بهذا بات المسرح معدا لإقامة دولة إسرائيل بقوة الدعم العسكرى المفتوح، على أرض فلسطين، خصوصا وأن الانتداب البريطانى عليها قد أغمض عينيه عن قوافل المستوطنين الذين جىء بهم من مختلف أرجاء الأرض..
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية كان اليهود الذين صدروا إلى فلسطين يتجاوزون المليون نسمة مجهزين بأحدث الأسلحة، وبمجندين سبق تدريبهم إما خلال الحرب أو بعدها مباشرة... وهكذا أمكنهم هزيمة شعب فلسطين وتلك الكتائب القليلة وسيئة التجهيز التى بعثت بها بعض الدول العربية، مصر أساسا، ومعها سوريا، إضافة إلى المتطوعين الذين لبوا نداء الجهاد من أجل فلسطين، ولم تكن لديها القدرة على مواجهة عصابات الهاغانا وشتيرن التى انتظمت فى جيش قوى وحديث يملك فائضا من الطائرات الحربية والدبابات وخبرات قتالية ( مستوردة) ممتازة..
***
نعود إلى أساس الموضوع: صفقة القرن.
ما يبدو جليا أن مشكلة «الصهر» تتجاوز لبنان وجبران باسيل لتضرب المستر كوشنر صهر الرئيس الأمريكى المغرد ليلا ونهارا بكل ما يخطر على باله من أخبار وحكايات وتخريفات ليصبح بها العالم: دونالد ترامب.
وعلى طريقة «عمه» أو بالفصحى «حموه» ترامب فقد باغت كوشنر العالم بترجمة أفكار ترامب وتمنياته هو ومعه كل الصهاينة فى العالم، داخل الكيان الإسرائيلى وخارجه على شكل مشروع إمبريالى لتعزيز إسرائيل وتعظيمها، مساحات وقدرات، ليس فقط على حساب أهلها الفلسطينيين فحسب، بل على حساب سوريا ( الجولان) والأردن( الأغوار) ولبنان (تلال شبعا وكفر شوبا) إلخ..
ولقد اختار كوشنر منبرا «عربيا» لإطلاق مبادرته، هو البحرين ليطرح المشروع الجديد لتصفية القضية الفلسطينية فإذا هى «صفقة القرن».
والصفقة، بالمعنى الشائع، هى عملية بيع أو شراء غير متكافئة بين صاحب الأرض (الأعزل) والاحتلال المسلح حتى أسنانه.. والصفقة هنا، وفى ما يخص فلسطين، تتلخص بتصفية هذه القضية المقدسة وإسقاط الهوية الفلسطينية عن شعبها وإخراجها من أمته، وتجنيسه برشوة الدول التى تستضيف اللاجئين الفلسطينيين حتى لا يبقى للقضية وشعبها هوية أو أرض، ويتم تذويب الجميع بمحلول كوشنر، الذى يذوب القضايا المقدسة والأرض وأهلها.
قد يكون من الضرورى أن يذكر المفكرون والمخططون الصهاينة والقادة العاملون لحسابهم، أن مشروعات استعمارية شبيهة بمشروع القرن قد طرحت على العرب بعنوان فلسطين ففشلت، فبقى شعب فلسطين يناضل وبقى المخلصون من القادة المناضلين يقاتلون من أجل فلسطين، فضلا عن قتال المتطوعين، فرادى أو منتظمين فى «جيش الانقاذ» فى العام 1948.
وعشية تفجر مصر بثورة يوليو 1952 طرح الرئيس الأمريكى أيزنهاور مشروعه الذى حمل اسمه والذى كان يهدف إلى تصفية القضية المقدسة.. وبعدها طرحت واشنطن بالشراكة مع لندن مشروع حلف بغداد ففشل هو الآخر، بل كان بين نتائجه تفجر العراق بثورة 14يوليه 1958، بعد شهور قليلة من قيام أول دولة للوحدة العربية بين مصر وسوريا بقيادة جمال عبدالناصر، كرد عملى على «زرع» إسرائيل بالقوة فى الأرض العربية، والعمل على مواجهتها.
***
وعلى الرغم من تهاوى دولة الوحدة لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا، فإن حركة الثورة، العربية قد حققت إنجازا تاريخيا بانتصار ثوار الجزائر على الاستعمار الاستيطانى الفرنسى، فى 20 سبتمبر 1962، وقامت جمهورية الجزائر الديمقراطية بعدما استعاد أهلها هويتهم العربية..
فى الفترة ذاتها قام الجيش اليمنى بخلع السلطان أحمد ابن «الخليفة» يحى حميد الدين..
وتوالت الانتفاضات فى لبنان 1958 وسوريا (الوحدة 1958) والعراق (1958) ثم فى مارس 1963، وصولا إلى 14 يوليه 1969.
وفى أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات تفجرت الأرض الفلسطينية بالثورة وتحولت المنظمات والأحزاب السياسية إلى تنظيمات مسلحة (فتح، بقيادة ياسر عرفات) و«الجبهة الشعبية» المتحدرة من حركة القوميين العرب، بقيادة الدكتور جورج حبش.. قبل أن تنشق عنها «القيادة العامة» أحمد جبريل، و«الجبهة الديمقراطية» نايف حواتمه.. إلخ..
لن تهود فلسطين، ولن يتصهين الشعب العربى.
قد يخون البعض هويتهم وقضيتهم المقدسة.. لكن فلسطين تبقى أكبر منهم ومن ترامب وصهره اليهودى بأكثر من إسرائيلية نتنياهو.
فلسطين أكبر وأقدس وأجل من بعض الحكام العرب.. وستبقى ويذهبون..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.