اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    سعر الدرهم الإماراتي بالبنوك أمام الجنيه اليوم السبت 11-5-2024    البيت الأبيض يستبعد وصول مستوى العمليات العسكرية في رفح لمرحلة الهجوم البري    ريال مدريد يتأهب للاحتفال بلقب الليجا أمام غرناطة    «الأرصاد»: طقس السبت حار نهارا.. والعظمى بالقاهرة 30 درجة    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    إيجابية نتيجة تحليل المخدرات لمطرب المهرجانات عصام صاصا وقرار جديد ضده    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    عمرو أديب: "لعنة مصر" هي الموظفون    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    ابن امه، أصغر أنجال ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري بعد تدخل ميلانيا    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    إصابة 10 أشخاص في تصادم ميكروباص مع سيارة نقل بالطريق الدائري (صور)    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    بوكانان يوقع على هدفه الأول مع إنتر ميلان في شباك فروسينوني    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عصيرة وقرية قوصين في محافظة نابلس    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    اليوم.. نظر محاكمة 35 متهما بقضية "خلية الاتجار بالعملة"    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"تريزا" تتبنى الاحتفال بذكرى مرور مائة عام على وعد " بلفور" وسط صمت عربى ودولى!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 30 - 10 - 2017

يوم الخميس القادم الموافق الثاني من نوفمبر 2017 يكون قد مر مائة عام على وعد بلفور ، هذا الوعد المشئوم الذي حمل معه نذير الاحتلال والخراب والإذلال للشعب الفلسطيني ، بل إنه الوعد الذي جلب الصهاينة من كل أنحاء العالم ليقيموا دولتهم في جسد دولة فلسطين وجسد الأمة العربية ، إنه الوعد الذي جلب الاحتلال وأدى إلى الصراع والحروب التي أخرت مسيرة امتنا العربية وأضاع عبر هذا الزمن حقوق شعب بأكمله بعد أن جعله هذا الوعد يضحي بالغالي والنفيس محاولا استرجاع دولته التي بأيدي هؤلاء سرقت منه ، إنه الدعامة الأولى للكيان الصهيوني الغاصب الذي مكنهم من إقامة إسرائيل ، إنه الوعد البريطاني الذي يشببه اليهود بالوعد التوراتي أثناء فترة التيه مع موسى عليه السلام لأنه الوعد الذي حقق حلم الصهاينة في إقامة دولتهم على دولة الغيرعلى هذا النحو بمساعدة بريطانيا وأمريكا ودول الغرب بعد إقرار هذا الوعد المشئوم لبلفور .

* من هو بلفور *
هو أرثر جيمس بلفور ، سياسي بريطاني من أبرز قادة حزب المحافظين في هذا العهد ارتقى رئاسة الوزراء في بريطانيا بين عامي 1902 : 1905 ، ثم وزيرا للخارجية من 1915 : 1919 في حكومة ديفيد لويد جورج واشتهر بإعطاء وعد بلفور الذي نص على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، أنهى دراسته الأولية مهتما بدراسة تقاليد العهد القديم ثم وصولا إلى العصور الوسطى والحملات الصليبية على الشرق وتحديدا على الشام وبيت المقدس ومصر ، وهو ما انعكس على حياته وتأثره وإعجابه بالتوراة في العهد القديم وتأثره ببعض الشخصيات الصهيونية ومنهم حاييم وايزمان عام 1906 ، حتى تعامل كرجل سياسي مع الصهاينة باعتبارهم في هذا العهد قوة يمكن الاعتماد عليها وإمكانية تسخيرها لخدمة المصالح والسياسة العظمى الخارجية لانجلترا, ومن ذلك قدرتهم على إقناع الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون للمشاركة في الحرب العالمية الأولى بجانب بريطانيا عام 1914 وتقديم العون والمدد لها من خلال علمائهم وأثريائهم خلال تلك الحرب ضد ألمانيا ، وقد أرسل بلفور يوم 2نوفمبر1917 وعده إلى اللورد وولتر دي روتشيلد احد أهم الأثرياء والسياسيين اليهود البريطانيين في هذا الوقت يشير فيه إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود بفلسطين في وقت لم يكن يتعدى فيه عدد اليهود في فلسطين 5% من مجموع السكان ، وقد وصلت هذه الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني فلسطين حتى أطلق مناصرو القضية الفلسطينية شعار لاذع وهو " وعد من لا يملك لمن لا يستحق " وقد صدر الوعد من بريطانيا في هذا الوقت من أجل تنفيذه كهدف سياسي استعماري لصالح اليهود على حساب أهل الأرض الأصليين وعلى حساب المنطقة وفي تحدي واضح للعالم وللتاريخ ,ولهذا فان بلفور لم يتوقف عند حد إصدار هذا الوعد بل تحمس له وقام بزيارة هامة إلى المنطقة عام 1925 من اجل التحضير والإعداد لتنفيذها فبدا رحلته من الإسكندرية بمصر قابل فيها المنظمات اليهودية والحاخام وطلبة المدارس اليهودية ثم ذهب إلى القاهرة ومنها إلى فلسطين للمشاركة في افتتاح أول جامعة عبرية بفلسطين ومقابلة قادة جمعيات الصهاينة لتأييد إقامة دولتهم ثم انتق بعدها إلى سوريا بعد أن واجه خلال تلك الرحلة الكثير من الإضرابات والاحتجاجات الساخطة تجاهه في مصر وفلسطين حتى نجا بأعجوبة وبمساعدة من الفوات الفرنسية بسوريا أثناء إقامته بأحد الفنادق بها من فبضة المحتجين عليه من رجال وشباب الشام .
ولا ندري وإلى الآن وكغيرنا من المؤرخين الصهاينة وغيرهم عن الأسباب الحقيقية التي دفعت بريطانيا إصدار هذا الوعد ، فهناك تفسيرات تشير إلى أن الأسباب التي أدت لخروج وعد بلفور هو تعاطف وزراء بريطانيا مع اليهود ، أو بسبب ضغط الجماعات اليهودية وقاداتها في الغرب وترويجهم لمزاعم إقامة دولتهم ، برغم أنهم لم يكونوا في هذا الوقت بهذا التأثير الكبير وكان من الممكن تجاهلهم ، ولم يكن أثريائهم بالغرب وأمريكا يفكرون في إقامة دولة بل كانوا ضد الحركة الصهيونية من الأساس وغيرها من التفسيرات المتأثرة بإحياء موروثات العهد القديم وعلاقتها بالإنجيل ، ليبقى التفسير الأرجح بخصوص خروج هذا التصريح وهو زرع تلك الدولة لتخدم مصالح وسياسات إمبريالية عليا لصالح بريطانيا والغرب على حساب فلسطين والبلدان العربية .

* نص تصريح وعد بلفور *
وزارة الخارجية
في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917

عزيزي اللورد روتشيلد : يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص : آرثر جيمس بلفور .
وجاء الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة ، وفي أعقاب هذا الوعد جاءت ردة فعل الفلسطينيين والعرب غاضبة ومنددة من خلال التظاهرات والاحتجاجات ورفع الرايات السوداء والخطابات المنددة احتجاجا على المس بحقوقهم وبسبب تأسيس تلك الفكرة التي تحققت بمساعدة بريطانيا بعد ثلاثين عام من تاريخ وعد بلفور الذي يعتبره اليهود بمثابة بداية التقويم لدولة إسرائيل بعد مؤسسها الأول تيودر هرتزل الذي تنبأ بإقامة تلك الدولة مع بلفور صاحب تحقيق تلك النبوءة ، وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص تصريح بلفور على الرئيس الأميركي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعها الرئيس الأميركي ولسون رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان، وفي 25 نيسان سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 تموز عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، حتى توالت خلال تلك الفترة نزوح الهجرة اليهودية لليهود من شتى أقطار العالم نحو فلسطين الصاحبة الشرعية والتاريخية لتلك الأرض عبر آلاف السنين .
ومنذ عام 1947 مرورًا بحرب 1948وماسلقها من خروج لآخر جندي بريطاني من القدس بعد انتهاء الانتداب البريطاني وإعلان اليهود قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين أو ما يصطلح على تسميته بالنكبة بعد خسارة البلدان العربية حرب 1948 مع اليهود وعصابات الصهاينة بمساندة بريطانيا والغرب وأمريكا في وقت كانت فيه معظم البلدان العربية تعيش تحت وطأة الاستعمار ولم يكن حكامها وأمرائها متحررين في اتخاذ قراراتهم الصحيحة بسبب تدخل الاحتلال في شئون تلك الدول وإمداده الحكومة المصرية والجيش المصري بالأسلحة الفاسدة مقابل مدهم المساعدات المادية واللوجيستية لصالح اليهود وإصرارهم على تنفيذ المخطط الغادر ليتمكنوا من تنفيذه بعد تلك الحرب وخسارة فلسطين والعرب للكثير من الأرواح والممتلكات ليبدأ سيناريو الاحتلال الغاشم الذي يمتد منذ تلك الفترة إلى الآن مع ضياع الكثير والكثير من الأراضي والمدن والقرى الفلسطينية ومع تهجير شعب بأكمله وضياع حقوقه وإذلاله دون أن تتحرك تلك الدول بوازع من ضمير تجاه حقوق هذا الشعب . وخلال تلك الفترة كان قد نزح حوالي 750,000 عربي فلسطيني عن بلداتهم ، وبعد نهاية الحرب تقسمت منطقة الانتداب بين إسرائيل والأردن ومصر حيث منحت إسرائيل الجنسية الإسرائيلية لليهود (وبعد أربعة أعوام لغير اليهود ممن بقي داخل حدودها) ورفضت عودة النازحين الفلسطينيين من خارج هذه الحدود. أما الأردن فمنحت جنسيتها لسكان الضفة الغربية بما في ذلك اللاجئين إليها. أما سكان قطاع غزة واللاجئين إليها فبقوا دون مواطنة إذ رفضت مصر منحهم الجنسية المصرية.
* الانتداب البريطاني اللعين على فلسطين *
الانتداب البريطاني أو ما يسمى بالاحتلال البريطاني لفلسطين الذي بدأ عام 1920 ولمدة ما يزيد عن 25 عام وفقا للحدود التي أقرتها بريطانيا وفرنسا بعد سقوط الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى بموجب معاهدة سيفر ، وقد أقر الانتداب البريطاني بشكل رسمي من عصبة الأمم في 11 سبتمبر عام 1922 على أساس بلفور وكانت مدينة القدس عاصمة الانتداب للحاكم البريطاني ومؤسسات حكومة الانتداب ، وبسبب ردود فعل الشعب الفلسطيني وردات فعل الدول العربية الغاضبة خدعت فرنسا الحكام العربي بمساعدة بريطانيا وخدعت الشريف حسين في هذا الوقت ، وادعت بأنها لن تسمح بالاستيطان اليهودي إلى بالقدر الذي يتوافق مع مصلحة السكان العرب ، ولكنها كانت تسلح الصهاينة وترسم لهم مخططات الاستيلاء على الأراضي والدخول في صراع مسلح من خلال العصابات اليهودية مع أبناء القرى ، كما أصدرت بريطانيا أوامرها بحكم الانتداب إلى الإدارة العسكرية الحاكمة لها بفلسطين بتسهيل دخول اليهود من كافة أنحاء العالم وأن تطيع أوامر اللجنة اليهودية التي وصلت لفلسطين في هذا الوقت برئاسة حاييم وايزمان خليفة تيودر هيرتزل ، وحولت قوافل الهجرة اليهودية إلى فلسطين كما وفرت بريطانيا الحماية والمساعدة اللازمة لهم ، وأمام هذا الاستيطان الغاشم وأمام تجبر وتعنت الانتداب البريطاني ضد الفلسطينيين فإنهم وبمساعدة أشقائهم العربي في هذا الوقت لم يملكون غير الاحتجاجات والقيام بالثورات المتلاحقة ضد الحركة الصهيونية المسلحة فخاضت المقاومة ثورات متلاحقة منها ثورة البراق عام 1929 التي استشهد فيها الفلسطينيين بأعداد كبيرة ، ثم ثورة عام 1936 ، ثم ثورة 1939 بعد أن أصبحت فكرة وعد بلفور تنتقل من مجرد التصريح إلى حيز التنفيذ بسبب استفادة الصهاينة من صك الانتداب البريطاني الذي سهل لهم فكرة إقامة دولتهم ثم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 الذي قضى بتقسيم فلسطين ليتم تحقيق الحلم وإقامة دولة إسرائيل في جسد الأرض الفلسطينية عام 1948 ليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بمساندة بريطانيا والدول الكبرى ولتصبح إسرائيل أول دولة في التاريخ تنشأ على أرض الغير .

* مسئولية الدولة العثمانية عن ضياع أرض فلسطين *

من أشكال الخراب الذي جلبه العثمانيون على البلدان العربية منذ احتلالها مسئوليتهم التاريخية عن ضياع فلسطين ، فلم يكن يهمهم غي جمع الضرائب من خلال أمرائهم لبناء اسطنبول ولطرف السلاطين الذين حكموا تلك البلدان لفترة طويلة على حساب قهر ودماء ومقدرات تلك البلدان ، ومع انهيار الدولة العثمانية في بداية القرن الماضي شعرت كلا من الإمبراطورية الروسية ودول الغرب بضعف تلك الدولة وبخاصة بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى التي دخلت فيها ضد الحلفاء مع ألمانيا مما هيأ للاستعمار وتفكيك دولة الخلافة ، وقد بدأت تلك المظاهر من خلال تدخل الغرب في شئون الدولة العثمانية ودولها من خلال بعثات التبشير بداية من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وإنشاء دول الغرب وبخاصة فرنسا وبريطانيا المدارس وصولا إلى الحملات العسكرية والدخول في صراع مع أنقاض ما تبقى من الدولة العثمانية وسلاطينها الضعفاء من أجل تحقيق أحلامهم الدينية منذ العصور الوسطى في بيت المقدس ومن أجل استعمار الدول العربية وإحياء الحلم اليهودي القديم لإقامة الدولة اليهودية في الوقت الذي سمحت فيه الدولة العثمانية وأمرائها الظالمون منذ عام 1858 بإصدار قانون الأراضي العثمانية الذي بموجبه يتم بيع الأراضي للغير من الأثرياء الأجانب مما مكن من شراء الكثير من القرى الفلسطينية ودفع بجمعية الاستيطان اليهودي في هذا الوقت باستقدام اليهود الأثرياء من أوروبا وروسيا تمهيدا لشراء الأراضي لإقامة الدولة اليهودية الأمر الذي أدى فيما بعد إلى تقسيم فلسطين لأربع مناطق ، ومن خلال بدأ المهاجرون اليهود بمساعدة أثرياء الغرب بالتغلغل في المدن والقرى الفلسطينية ، وبشكل عام شكل وجود الدولة العثمانية وقراراتها الخاطئة وإهمالها إلى تكوين غطاء أساسي لنمو سرطان الاستيطان ، وخلال انهيار تلك الدولة جاء المستعمر الانجليزي والفرنسي إلى لبنان وسوريا ، وتم فتح باب الانتداب البريطاني على فلسطين ليمكن اليهود من الهجرة مما أدى في النهاية لحدوث أكبر نكبة في تاريخ الإنسانية وهي نكبة الشعب الفلسطيني , وقد رأت بريطانيا أثناء احتلالها للبلدان العربية أن تعمل بمساعدة فرنسا والغرب على تفكيك ما وتقسيم ما تبقى من الدولة العثمانية لاعتبارات سياسية واقتصادية وإستراتيجية ، وأن تستند في استعمارها للمنطقة على تقسيمها إلى دولة عربية وأخرى يهودية وأخرى أرمينية وأخرى كردية وغيرها ، برغم أن غالبية اليهود الذين كانوا يعيشون في تلك المنطقة وغيرها من بلدان العالم لم يكن ينظرون إلى اليهودية باعتبارها أمة وإنما باعتبارها ديانة فقط وكثيرون منهم حظروا في تلك الفترة من إقامة الدولة اليهودية لأنهم لم يكن يحلموا بها أو يتحمسوا لفكرتها من الأساس بنفس الحماس الذي كان يتمتع به بلفور ورئيس وزرائه في هذا الوقت تجاه إقامة تلك الدولة .
ومنذ عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1909 ومرورا بالسلطان محمد الخامس عام 1918 ، والسلطان محمد السادس وليد الدين 1922 ووصولا إلى آخر السلاطين وهو السلطان عبد المجيد الثاني عام 1924 شهدت الدولة العثمانية أسوأ عهودها بعد ضعفها وانهيارها أمام الغرب وعدم قدرتها على السيطرة على البلدان العربية التي كانت خاضعة له ، فبعد تولي عبد المجيد الثاني الخلافة عام 1920 فوجئ بعد 4 أيام من توليه الخلافة افتتاح مؤتمر لوزان الذي وضع فيه الإنجليز شروط للاعتراف باستقلال تركيا ومنها إلغاء الخلافة الإسلامية في البلاد وطرد بني عثمان من تركيا ومصادرة أملاكهم وإعلان تركيا دولة علمانية مما أتاح لمصطفى كمال أتاتورك من السيطرة على الأمور وإعلان الجمهورية وتأسيس الدولة الحديثة وتنفيذ شروط الإنجليز وطرد عبد المجيد الثاني إلى مدينة نيس بفرنسا ليكون آخر سلاطين الدولة العثمانية في وقت تخاذل فيه مع أتاتورك عن مخطط بريطانيا والغرب لإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين وتقسيم البلدان العربية بأيدي الغرب بعد اتفاقية سايكس بيكو .
* اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 *
اتفاقية سايكس بيكو عام كانت عبارة عن اتفاق وتفاهم سري بين فرنسا وبريطانيا بمصادقة الإمبراطورية الروسية وتنص على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق نفوذهم في غرب أسيا بعد ضعف الدولة العثمانية التي كانت مسيطرة على تلك المنطقة وحتى الحرب العالمية الأولى التي امتدت من 1914 وانتهت في نوفمبر 1918 مما أدى إلى وقوع فلسطين تحت إمارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين فرنسا وبريطانيا وروسيا حتى تقرر بعدها صدور قرار ينص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا بفلسطين من أجل إعطاء الصلاحية لبريطانيا سيطرتها على فلسطين لتنفيذ وعد بلفور ، وكان محتوى هذا الاتفاقية قد تم التأكيد عليه مجددا في مؤتمر سان ريمو عام 1920 ، وبعدها تم إقرار مجلس عصبة الأمم بوثائق الانتداب على المناطق المعنية التي تم بموجبها وبموجب اتفاقية لوزان عام 1923 تنازلت دول الاتفاقية لأتاتورك عن الأقاليم السورية الشمالية لصالح تركيا مقابل تخاذل أتاتورك الذي كانت تربطه علاقات قوية باليهود النشيطين لصالحه بتركيا عن مخطط توطين اليهود في فلسطين وعن تقسيم العراق وسوريا ولبنان بعد أن عاد العثمانيون إلى حدود تركيا الطبيعية وتمكن الغرب من السيطرة على تلك البلدان وقيام الدولة الإسرائيلية على حساب دولة فلسطين ، مع مرور مائة عام على وعد بلفور ظل البريطانيون عبر حكوماتهم المتعاقبة يميلون كل الميل إلى مساندة إسرائيل وحكوماتها المتجبرة ، وبرغم أنهم ضمن دول الرباعية الراعية لإحياء عملية السلام وإقامة دولة إسرائيل ودولة فلسطين فإنهم لم يكونوا يوما أهلا لتلك القضية العادلة بل ولم يكونوا يوما متعاطفين مع القضايا العربية بل كانوا يؤلهون أمريكا والغرب على بلداننا وكانوا دائما في صدارة الدول التي توجه التهم الزائفة تجاه شعوبنا وتقيم الحروب على غرار غزو العراق عام 2003 وغيرها من القضايا العربية والفلسطينية العادلة التي كانت بريطانيا وكعادتها جائرة وضد الحقوق العربية في الكثير من المحافل الدولية ، ومن الدليل على ذلك إصرار الحكومة البريطانية الحالية برئاسة تريزا ماي إجراء احتفال كبير لإحياء ذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور واستضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والكثير من قادة الغرب للاحتفال بمرور الذكرى التي أتاحت لليهود إقامة دولتهم دون احترام لأي مشاعر للشعب الفلسطيني واحترام حقوقه المشروعة واحترام مشاعر وكرامة البلدان العربية ، برغم الكثير من التحذيرات والمطالبات الفلسطينية التي وجهت للحكومة البريطانية بعدم إقامة هذا الاحتفال وتقديم اعتذار من بريطانيا لفلسطين بسبب إصدارهم لتلك الوثيقة ، ومنها مطالبة رئيس السلطة الفلسطينية عباس أبو مازن بريطانيا في 20 سبتمبر الماضي أثناء لقائه كلمة أمام منبر الأمم المتحدة ومطالبته لبريطانيا لتقديم اعتذار عن هذا الوعد ومطالبة الكثير من القيادات الفلسطينية والعربية ومنظمات المجتمع المدني داخل بريطانيا وغيرها من شباب العالم الحر البريطانيين بعدم إقامة هذا الاحتفال مع تضامنهم مع شعب فلسطين أمام إصرار تيرزا ماي بإقامة الحفل كخطوة استفزازية جديدة في تاريخ بريطانيا لتمثل دليلا جديدا لنا ولكل العالم الحر عن هذا التحدي السافر والاستهتار بكرامة وحقوق الشعب الفلسطيني والبلدان العربية التي عانت طوال قرن بأكمله من عذاب الاحتلال وحرمانهم من أرضهم وديارهم وتهجيرهم في دول الشتات وتعرضهم بشكل يومي للعذاب والقتل والتهجير والإذلال وسرقة أراضيهم وانتهاك حقوقهم وحرمانهم من العبادة دون حراك من تلك الدول التي مازالت ترقص وتغني على جثث الضحايا من أهل الحق مما يستوجب على دولنا العربية وعلى جامعة الدول العربية وعلى بلدان وشباب العالم الحر تقديم الاحتجاج والشكاوى العاجلة للأمم المتحدة وإلى سفارات وقنصليات بريطانيا بدول العالم ، لفضح هذا الإجراء الفاجر لفضح تلك الدولة وعزلها من شرف الرباعية التي يضحكوا على الفلسطينيين والعرب وعلى العالم بها مع مواصلة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج لنضاله الشرعي بكل الوسائل حتى تأتي اللحظة التي يسترجع فيها حقوقه ويتمكن من إقامة دولته ويدوس بالأقدام على الورقة اللعينة التي كتب عليها هذا الوعد .























بلفور اعطى من لا يستحق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.