تمتاز المجموعة القصصية للكاتب المغربي إدريس عبد الجبار بموضوعيتها، وواقعيتها، وتناولها لقضايا وأمور اجتماعية عديدة، وأحداث مؤلمة، تمس حياة وكيان المواطن العادي، سواء في بلده المغرب او بالمنطقة العربية بشكل عام. ويمتز عرضه لقصصه بدقة الوصف، فهو لا يترك أي واردة او شاردة، إلا ويذكرها، بحيث يكاد يصف كل شيء أمامه، وبدقة متناهية، حتى أن مثل هذه النصوص، تصلح كي تكون لعرض مسرحي محدود. وتمتاز كلمات ومفردات القصص بتميزها، ودقة انتقائها واختيارها، ويظهر أنها نابعة بالأساس من بيئة المؤلف المعاشة، فالكثير من كلمات القصص غير مألوفة للقاريء العادي، وهناك غموض بنوع ما إلى ما يود أن يوحي به المؤلف للقاريء، وفي رأيي أن القاريء العادي، لن يستطيع الوصول إلى مآرب المؤلف، الذي يريده الوصول إليه بسهولة، فمثل هذه القصص، وبهذا الأسلوب، والذي يتضمن الكثير من الغموض، والتورية، تحتاج إلى قارئ متمرس، ولديه اطلاع عميق وواسع على القصة القصيرة بشكل عام، وطبيعة تركيبتها ومميزاتها. أجاد المؤلف كثيراً بانتقائه التعابير المعبرة، بعناية فائقة، كذلك، فان القصص تمتاز بقوة السرد والحبكة، ووجود نسيج إيقاعي جرسي، وتناغم منسجم بين الكلمات المختارة. عناصر التشويق التي تشد القاريء لمتابعة قراءته، بشغف وهمة ونشاط، غير كافية، فالقصص تكاد تخلوا من العواطف الرومانسية الحالمة، التي تدغدغ مشاعر وإحساس القاريء، وتضع القاريء ومخيلته للسرحان قي أمور كثيرة بعيدة كل البعد عما يقصده المؤلف. القصص لا تخلوا من الأخطاء الإملائية الكثيرة، سواء كانت هذه الأخطاء مقصودة او غير مقصودة، وكان على المؤلف تداركها والعمل على إصلاحها، حيث تعكس انطباع سلبي لدى القاريء بشكل عام. تمتاز قصص المؤلف بتناولها لموضوعات حساسة وهامة، كقضايا الحرب، والمرض والفقر، ومعاناة المواطن، وهذه الموضوعات بحد ذاتها، تشغل تفكير المواطن بشكل دائم، وتجعله يبحث ويفكر في أسبابها ونتائجها المدمرة، وكيفية وضع حد لها، وتدفعه بأن يقوم بعملية عصف ذهني. هناك تكرار للكثير من الكلمات، في كافة القصص، قد توحي للقاريء بأنها مقصودة من قبل المؤلف، وهي تنم عن الصياح والأصوات والضجيج، فكلمة زعق ويزعق وزعقت وزعقوا ويزعقوا ذات ميزة ظاهرة بوجودها، وتكرارها لدى المؤلف، لعشرات المرات، وقد تكون مثل هذه الكلمة وغيرها نابع من استعمالها بكثرة في البيئة التي يعيشها المؤلف. كما ان الكثير من الكلمات التي تم سردها غير مألوفة الاستعمال لدى القاريء العربي، مثل الهنيهة والغمغمة والعجبج والبجباج وغيرها الكثير من المفردات، بحيث ان هذه الكلمات عندما تواجه القاريء تقف حجر عثرة لمتابعة قراءته للقصة بانسيابية ومثابرة، فتجعله يتوقف عن الاستمرار في القراءة، حتى يفكر بها وما يقصده المؤلف من طرحها. تبقى المجموعة القصصية بشكل عام طريقة مميزة قد تميز المؤلف عن غيره من كتاب القصة القصيرة بطريقة السرد والوصف وانتقاء الكلمات واختياره للأفكار من واقع مجتمعي معاش. كل الشكر والتقدير للمؤلف الموقر لجهوده المضنية، في كتابة مجموعته القصصية والخروج بها بهذا الشكل المميز.