لم تلتزم الكاتبة عزة سلطان في كتاباتها علي مدار ما يقرب من عشر سنوات بشكل أدبي واحد, فهي كاتبة وباحثة تكتب القصة القصيرة وقصص الأطفال والسيناريو, ولها اسهام في اعداد الافلام الوثائقية .وصدر ت لها ثلاث مجموعات قصصية هي رجل عادي مكتبة الأسرة 2004, امرأة تلد رجلا يشبهك الهيئة العامة لقصور الثقافة 1998, وأخيرا تماما كما يحدث في السينما عن دار ملامح للنشر. وفي هذه المجموعة تحديدا تؤكد عزة عدم اعتمادها علي اسلوب واحد للكتابة, إذ تكتب قصص مجموعتها بروح السيناريو مستعينة ببعض ملامح التقنيات المستخدمة في التصوير السينمائي, بخلاف اهتمامها بعرض التفاصيل بما يسمي عين الكاميرا, لتثبت عبر12 قصة تحويها المجموعة أن الواقع ما هو إلا محاكاة لما يحدث في السينما, وتقدم لنا عزة قصصها غير مكتملة أو بلا نهاية معلنة لتؤكد ان القصص يمكن ان تسرد بطرق مختلفة باختلاف الرواة, ويتضح أيضا انشغالها بسؤال الحرية وكشف تناقضات الواقع لكنها تؤكد في حوارها للأهرام المسائي أن الجميع منشغلون بهذه الاسئلة ولا أنفرد بذلك أو لي سبق أحققه بكتاباتي في هذا الصدد, ولا تخشي الكاتبة من تفكيك واعادة ترتيب وتفسير شكل العلاقة بين الرجل والمرأة لتصل إلي أعماق التجربة الانسانية, كما انها قدمت تفسيرا جديدا للموروث والتاريخ فتري انه قابل للتأويل فهي ليست مقدسات إلي نص الحوار. * لماذا جاءت قصص المجموعة غير مكتملة بلا نهاية؟ ** النهاية أمر نسبي, وهناك اختلاف دائم عليها باختلاف الرؤي, ذلك لأننا تعودنا أن تكون النهاية دوما تعني موت الأشياء, ولأن موضوعاتي التي أثرتها في القصص موضوعات وحكايات قابلة لإعادة السرد مرة أخري سواء مني أو من آخرين لهذا فقد جاءت بلا نهايات مألوفة, فالنهاية عندي تتحقق بالتوقف عن الحكي دون ان يعني ذلك ان توجد نهاية من تلك التي تعارف عليها وعي القارئ عن السرد وفكرة الحكي, التي تستعدعي نهاية بشكلها الكلاسيكي. * استخدمت بعض الألفاظ المستخدمة في كتابة السيناريو كأنك تعدين القارئ لتصديق القصص باعتبارها عملا سينمائيا؟ ** اسم المجموعة هو تماما كما يحدث في السينما ولم يأت اختياري لهذا العنوان اختيارا عشوائيا, كما أنني أيضا لم أكن أرتب لهذه المجموعة بهذا الشكل, لكني بعد أن قررت النشر, جمعت القصص التي سأنشرها ووجدت أن القاسم المشترك الاكبر فيها كان هو السينما بمفرداتها, وبالتالي فوجود تقنيات ومفردات سينمائية أمر أسبق من اختيار اسم المجموعة, وربما كان ذلك لوعي بسيط مختلف للابداع, من خلال شروعي في العمل السينمائي من خلال السيناريو. * هل قصدتي في المجموعة تقديم تشريح لعلاقة الرجل بالمرأة؟ ** علاقة الرجل بالمرأة خاصة في مجتمعاتنا الشرقية والعربية علي وجه الخصوص, أمر يشغلني كما يشغل الجميع, والكاتب لكي يكون صادقا لابد أن يكتب عن قناعاته ورؤاه وقد حاولت أن أفعل ذلك وأن أراجع رؤيتي لعلاقة الرجل بالمرأة من خلال ما أكتب, حيث أشعر وأنا أكتب أن شخصا آخر هو الذي يكتب وأصبح بعد كتابة النص مثلي مثل أي قارئ, فإذا أقنعني ما قرأته اعتمدته عملا يمكنه أن يعبر عن عزة الكاتبة وإن لم يقنعني كقارئة احتفظت به مجرد مسودة تبقي في ادراجي إلي أجل غير مسمي. * ألم تخش من تقديم تأويل للموروث وتفسير التاريخ بشكل جديد في المقاطع المتعلقة بحكايات مثل شهرزاد أو حواء وآدم؟ ** نعم, لم أخش إطلاقا فالموروث والتاريخ أمران غير مقدسين, ونحن الذين نضفي عليهما هذه الهالة من القدسية, بل إن اعادة قراءة التاريخ والموروث تتيح لنا رؤية ومعرفة أكثر عمقا لذواتنا وثقافاتنا, ثم انني كنت أحاول ان أبحث عن تفسيرات لوجود هذا الموروث من خلال إعادة تأويله, وليس إعادة التأويل بغرض عمل شيء مختلف فقط. * يري بعض النقاد أن العمل يقع تحت مصطلح كتابة الجسد, ما مدي صحة ذلك؟ ** أظن أن هذا المصطلح( كتابة الجسد) عندما أطلق في مطلع التسعينيات كان المقصود به التعبير عن نوع الكتابة التي تعتمد الشهوة والايروتيكية كمدخل أساسي وربما وحيد للابداع والسرد, لكن ان أعبر عن الجسد بوصفه مدخلا أساسيا في علاقة الرجل بالمرأة فلا أظن ان كتابتي تندرج تحت هذه النوع من الكتابة. * من يقرأ العمل يخلص لأن الواقع محاكاة لما يحدث في السينما وليس العكس؟ ** الحقيقة انني أشعر بذلك, فالسينما والحقيقة واقعان ممتزجان إلي حد كبير كل منهما يتعاطي مع الآخر أخذا وعطاء حتي أن المتابع لا يعرف أيا منهما يأخذ من الآخر وأيا يعطي, فعل سبيل المثال لا أحد ينكر أن السينما مثلا منحت تجار المخدرات أفكارا جديدة لتهريب المخدرات, وأنها علمت كثيرا من الشباب طرق التعاطي, في حين أن قصصا عديدة عرضت علي السينما لها أصول واقعية وحياتية, الأمر حقا ملتبس بشكل يجعل التمييز بينهما أمرا يصعب علي بشكل شخصي. * كتبت المجموعة برؤية حسية وهي مختلفة عن الرؤية الرومانسية في مجموعاتك السابقة هل هذا يشير إلي تغير في الوعي الابداعي؟ ** مبدئيا لا أنكر تغير وعي الابداعي ونضجه عن ذي قبل, لكن فكرة الحسية في الكتابة أمر موجود في كتاباتي من مجموعتي الأولي امرأة تلد رجلا يشبهك, إلا أن طبيعة الموضوعات والقضايا التي تناقشها القصص هي التي تختار القالب الموجودة فيها وتختار مرادفاتها, وأنا حين أبدأ بالكتابة لا أختار أي شيء ولا يكون في ذهني أي فكرة مسبقة عما سأكتب, فقط تسطع في ذهني الجملة الأولي ثم أترك لقلمي العنان, وتنتهي الحكاية القصة كما تنتهي وتطرح ماتطرح لا يهمني, فأنا أكتب القصة بروح الهواة, ولا أفكر أن أغير هذه الطريقة, لكن المؤكد أن وعي كانسان وأنثي يتغير بحكم القراءات والتجارب الحياتية والخبرات وهو ما ينعكس في كتاباتي بشكل أو بآخر, كما أن القضايا التي يهتم بها الفرد قد تتغير من وقت لآخر, أو تأخذ أشكالا مختلفة, فربما كنت أري علاقة المرأة بالرجل في فترة بشكل رومانسي, وربما تغير ذلك, لكن هذا التغير لا يعني أني تخليت عن الرؤية الرومانسية ولا أني اعتمدت الكتابة الحسية أسلوبا لي.