بعد قبول الطعن على وضعه ب«قوائم الإرهاب».. هل يحق ل أبوتريكة العودة إلى القاهرة؟    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    الحصاد الأسبوعي لوزارة التعاون الدولي.. مشاركات وفعاليات مكثفة (إنفوجراف)    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة راميم بمسيرة هجومية    إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وسط مخاوف من تطويق الجيش الروسي لها    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عودة صابر وغياب الشناوي.. قائمة بيراميدز لمباراة الإسماعيلي في الدوري    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    بوروسيا دورتموند يتفوق على دارمشتات بثنائية في الشوط الأول    قرار مهم من محافظ المنوفية بعد تداول أسئلة مادة العربي للشهادة الإعدادية    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    «القومي للمرأة» يشارك في افتتاح مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    وزير الصحة: «الذكاء الاصطناعي» لا يمكن أن تقوم بدور الممرضة    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدنا محمد كان يعلم القراءة والكتابة وهوالاستاذ فيها
نشر في شباب مصر يوم 03 - 05 - 2015


مستشار/ أحمد عبده ماهر
أولا: من القرءان.
إن رسول الله وُلد وعاش في مكة، وأهلها هم أعلم الناس بما يعلمه وبما لا يعلمه فانظر رحمك الله إلي قولهم فيما جاء بكتاب الله عنهم وصفا لرسول الله الذي عرفوه تمام المعرفة.(وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفرقان:5) .
فكلمة اكتتبها تعني في اللغة ( اشترك في كتابتها وقيل استملاه وقيل تكرر منه الكتابة ) فلو كان مشركوا مكة يعلمون بجهله الأبجدية، أو أن القرءان كان شفوياً في صدر رسول الله وصحابته الأجلاء كما يزعم البعض ما كان قول المشركين ( اكتتبها) له محل من الواقع ، لكن الآية تعني أن رسول الله كان يعلم الكتابة عموماً ثم قام أحد أهل الكتاب بتعليمه كتابة أساطيرهم وذلك بطريقة الإملاء. فهل يقولون ذلك علي من عاش بينهم جاهلاً؟، و هل يقولون ذلك وهم يعلمون بجهله بالأبجدية؟؟؟؟؟ وهل يقولون بأن هناك من يملي عليه هذه الأساطير، وكيف كان يملي عليه وهو جاهل ؟
إن الذي يكتب لابد أن يكون عالماً بالقراءة ، والذي يملي عليه هو أعلي درجة ممن يعرف الكتابة لأنه يكتب كل ما يملي عليه بما يدل علي مهارته ،ولا يمكن لأساطين الكفر بمكّة وهم يخاطبون رعاياهم إلا أن يقولوا الحق عمن عاش بينهم ولو قالوا غير الحق لانفض الناس من حولهم وذهبوا إلى محمد ليؤمنوا به ،وهو ما يخشاه الأساطين من المشركين.
ثانيا: واقعية التشريع والتنزيل والرسالة فيما يخص القراءة والكتابة.
إن القرءان لم يكن بحال كتاب دين يلجأ إليه الناس وقت الشدّة وفي الجنائز والأفراح والأمراض وهكذا مما نراه في أيامنا هذه ، إنما هو كتاب دين يهدف لرقىّ البشرية، وطريقة للحياة والإعداد لما بعد الحياة، وهو كتاب واقعي ينير الطريق لصلاح المؤمنين بمفرداته كلّها، ومن غير المقبول أن نسمع أن الرسول كان خلقه القرءان ثم ننتهي إلى انعدام الواقعية والتطبيق القرءاني في حياة أعظم الخلق وخاتم النبيين وإلا كنا من المخبولين فكريا.
إن الله أنزل أول ما أنزل على رسوله الأمر الإلهي ( اقرأ)...... وأنزل عليه فيما أنزل (وقل رب زدني علما ) .......وبيّن له فيما أوحى إليه (ن*والقلم وما يسطرون.....) فبيّن له فضل القراءة والعلم، وما كان لرسول الله الذي كانت معجزته القرءان الذي هو معجزه عقلية وعلمية ولغوية وحضارية وأدبية وليس معجزة لغوية فقط أن يتخلّف عن ركب تغذية العقل أو العلم.
وقد كان رسول الله يطبّق تطبيقا عمليا وواعيا كل ما يتنزّل عليه من حروف القرءان وكلماته ويربطها مع بعضها ويأمر بها أصحابه, وكان للقلم وللقراءة الدور الأعظم في واقعية نشر العلم ونشر الدين ونشر القرءان ، وقد كان الرسول يدرك ذلك الأمر ،وكان صاحب التطبيق الواعي لكتاب الله فكان يقرأ لأن الله أمره بالقراءة ، وكان يطلب العلم دوما لأن الله أمره بالاستزادة من العلم ، وكان يعلم أهمية القلم في نشر العلم فكان يكتب.
والقرءان نزل في أهل بلاغة يفد إليهم الناس من أقطار الأرض لأداء فريضة الحج وفقا لشريعة إبراهيم، ومن البديهي أن تكون مكّة وهى مقصد الناس من كافة الأقطار أن يستزيد أهلها من ثقافات وعلوم البشرية على اختلاف أقطارها.
وكانت رحلة الشتاء والصيف للتجارة تنمّ عن حاجة أهل الشمال والجنوب لبضائع أهل مكة ،كما تنم عن مطالب أهل مكة من بضائع الشمال والجنوب وعلى مقدرة أهل مكة في الترحال للتجارة، وبالتالي فقد كان أهل مكّة في رغد من عيش ، فلا يستساغ أن يكون نبي الله المرسل للناس جميعا هو أفقرهم وأجهلهم رغم ما أنزل عليه من الأمر(اقرأ) و(وقل رب زدني علما) ثم بعد ذلك نجد من يتشدّق بجهله الأبجدي وكأن المعجزات شحيحة لا ينقصها إلا جهل الرسول حتى تكتمل .
إن واقعية المنهج القرءاني وواقعية التشريع وواقعية التنزيل ، فضلا عن ناموس الله في أنبيائه أنهم كانوا اليد الأعلى دوما على أقوامهم، وهو ما يؤكد أن القرءان لم ينزل على جاهل لأن الله يؤهّل أنبيائه بما يدعّم طبيعة الرسالة وطبيعة من يبعث فيهم ......فالطب والمعرفة بخبايا المال كانت طبيعة من معجزات عيسى عليه السلام حين أرسله الله إلى قوم اشتد بهم مرض العمى منذ الولادة والبرص، وكانوا أشحّاء فيما بينهم ،فكشف غنى الغنىّ فيهم وما يدّخره من طعام في بيته وداوى مرضاهم.
......وكان السحر طبيعة أهل مصر الذين نزل فيهم موسى فزوّده الله بما يفتك بالسحر ويجعله صاحب الكلمة العليا بينهم ،ولم نسمع عن أحد سرق منه العصي حتى يحرمه من القوّه السحرية التي معه ........والدروع كانت خصيصة داوود على قومه المقاتلين فعلّمه صناعة الدّروع.......والقراءة والعلم خصيصة محمد على قومه من الشعراء والبلغاء الذين كانوا يقرضون الشعر ارتجالا وكانوا يتبارون باللغة العربية وله سوق تسمّى عكاظ يتبارون فيها بمنتجاتهم الأدبية،وكانت لهم معلّقات ينظمونها ويعلّقونها افتخارا بإنتاجهم اللغوي ، فلم يكن القرءان ولا رسول القرءان غرباء عن موطن الرسول وطبيعة هذا الموطن وما يحمله من بلاغة أساسها القراءة والكتابة والعلم ولم يكونوا أميين بالأبجدية أبدا.
ثالثا: من السُنّة الصحيحة.
لقد تعددت الروايات الصحيحة التي تؤكد إحاطة وعلم الرسول بالكتابة والقراءة ولقد اخترنا منها بعض ما رواه الشيخان /البخاري ومسلم رحمهما الله وذلك فيما يلى :
1 عن بن عباس قال ( يوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله (ص) وجعه فقال ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا .............. الخ الحديث ) حديث رقم 4078 صحيح البخاري كتاب المغازى .
2 عن بن عباس رضي الله عنهما قال ( لما حضر رسول الله (ص) وفي البيت رجال وقال النبي (ص) هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فقال بعضهم إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرءان حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا ........الخ الحديث – يقول بن عباس أن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم ) حديث رقم 4079 صحيح البخاري كتاب المغازى
3 عن بن عباس أنه قال ( اشتد برسول الله (ص) وجعه فقال آئتونى أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدى أبدا فتنازعوه وما ينبغي عند نبي تنازع ............. الخ الحديث ) حديثا رقم 3089 صحيح مسلم كتاب الوصية
4 عن بن عباس أنه قال ( قال رسول الله (ص) إئتونى بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا .........الخ الحديث ) حديث رقم 3090 صحيح مسلم كتاب الوصية. وورد ذات المعنى بالحديث رقم 3091 صحيح مسلم – كتاب الوصية أيضا.
من جماع الروايات السابقة يثبت أن الرسول كان يجيد القراءة والكتابة، وأنه كان يريد كتابة وصيته للمسلمين لولا اختلافهم بحضرته، وهى تقطع باليقين معنى قول الرسول في حديث جبريل له اقرأ ورد الرسول عليه بقوله ما أنا بقارئ بما يعنى ماذا أقرأ أو بما يعنى لا أستطيع من فرط الخوف ،ولكن لا تعنى أبدا لا أعرف القراءة كما فسرها البعض وليكن ذلك الفكر هو منهاجنا حتى لا يطعن أحد في السنّة النبوية أنها تأتى بالشيء ونقيضه في آن واحد ونكون نحن سبب هذا الأمر بتأويلاتنا العرجاء، هذا فضلا عن أن الحديث ذكر من عدة طرق فمن بين ألفاظه (ما أقرأ ) وهذه أيضا قد فسرها البعض بأنها (ما ) الاستفهامية وفسرها آخرون بأنها (ما ) النافية ولكن إذا ما كان لأهل الفقه علم في قواعد الإثبات لعلموا أن القرائن المتساندة هي خير دليل على ما تساندت عليه وأنها في موضوعنا هذا تتساند في صالح علمه (ص) بالقراءة والكتابة هذا فضلا عن وجود دلائل على علمه بهما (ص).
رابعا: من العقل
إننا لا نقبل من قائل أن يستنبط من أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان لديه كتّاب للوحي ويستند علي ذلك في الخروج باستنتاج أنه كان لا يعلم القراءة، ذلك أن رسول الله كان له كتّاب وكان له حرّاس وكان له خدم، وكلما علا شأن المرء كان له كتّابا وحرّاسا وغير ذلك دون أن يفتّ ذلك في شأن علمه بالقراءة والكتابة أو في شأن قدرته على الدفاع عن نفسه .. الخ ،لكن حب هذه الأمة للأساطير وعزوفها عن البحث والفكر مع قلّة القراءة والكتابة كل ذلك أفرز ذلك المعتقد وغيره.
كما وأن جهل رسول الله بالقراءة والكتابة مع احتياجه لكتّاب للوحي ومع عدم إلمامه بالقراءة والكتابة سيجعل هناك حائلا يحول عن معرفته صحة ما تتم كتابته ومدى دقته فيحرم من مهمّة التحقق والمراجعة، وفضلا عن ذلك فإن القرءان كان المهمة الرئيسية للرسول وحيا وبلاغا وقراءة وكتابة وتلاوة وجمعا ، فلا يصوّر لنا أحد الزاعمين بالجهل أن الرسول ترك المهمة لأبى بكر أو عثمان رضي الله عنهما ليكملا أمر جمع القرءان بعد سنوات عن فكره عنّت لأحدهما فإن في ذلك تكذيب لقوله تعالى (............الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:3) .
كما وأن كتّاب الوحي ما كان لهم أن يكتبوا(ألم) ولا(كهيعص) ولا(حم) متشابكة الحروف إلا بتوجيه نبوي عن صورة الكتابة، إذ أنه لو ترك الأمر إليهم لكتبوها مقطّعه كما سمعوها منه يقولها مقطّعه، فالقرءان تم تنزيله وجمعه وتدوينه في عهد رسول الله وتحت إشرافه وعلى بصيرته وبصره حيث يقول تعالى (إن علينا جمعه وقرءانه)17القيامة؛ فلم يقل إن علينا جمعه في عهد ما بعد الرسول أو في عهد عثمان.......الخ من تلك التّرهات.
نضيف إلى الدلائل العقلية ما سبق وذكرناه من استحالة توجه الله بالتحدي لأميين، بمعنى أنهم لا يعلمون القراءة والكتابة، واستحالة أن يعلّم الله كل الأنبياء إلا محمدا، وعدم معقولية أن ينزل جبريل لأحد ليأمره ( اقرأ) ثم يكتشف أنه لا يعرف القراءة والكتابة ،وعدم استساغة أن يقول أساطين أهل مكة الذين تربى بينهم النبي أن هناك من يملى عليه هذا القرءان ويقوم هو بكتابته في الوقت الذي يعلمون أنه يجهل الكتابة، مع استحالة أن يدعو نبيا ربه (رب زدني علما ) ولا يستجيب له ، مع عدم منطقية وسوء أدب وجهل من قال بأن الله علّم رسوله ما لم يكن يعلم إلا علم القراءة والكتابة، وسوء أدب من يقول بأن رسول الله يأمر مشركى مكة من الأسرى أن يعلّموا من لا يعلم القراءة والكتابة ثم هو يترك نفسه نهبا للجهل بهما......وغيرها كثير مما ذكرناه.
وبعد كل هذه الدلائل القرءانية والعقلية ودلائل السنّة والسيرة الصحيحة ستجد فريقا ممن يتدينون بالوراثة ممن يحبون روايات ورثوها بلا عقل يقولون: وما الدّاعي لفتح هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات ؟؟؟– نرد عليهم ولماذا لم تفتحوه أنتم في الوقت الماضي وفي خلال عمركم المديد وما أدراك بأنه سيحين الحين الذي يرضي هؤلاء في المستقبل ليفتحوا فيه أي موضوع ؟، إن هؤلاء هم عبيد الجمود عند حد اجتهاد الآخرين بلا عقل وبلا هدى أو كتاب منير، وهل تبرئة الرسول من تهمة الجهل لا تستحق منا بذل الجهد وإعمال العقل من أجل الوصول إلى حقيقة الهدف القرءانى أولا ثم الحقيقة التى يقرّها العقل السويّ ثانيا؟؟؟؟.
وسيقول آخرون وما الغرض من فتح هذا الموضوع ؟؟؟ فهؤلاء نرد عليهم بقول الله تعالي (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقرءان أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24).
وكيف بالمسلم يتجهّم عند كل فكر طالما لم يوافق ما ورثه من فكر ، إن هذا المنهج مذموم بما ورد بكتاب الله من قوله (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (الأنعام:116) .
وقوله سبحانه وتعالى:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (البقرة:170) ....وغيرهما كثير فلا يجب على المسلم أبدا أن يكون على هذا المنوال المذموم من تقليد الآباء دون علم أو تدبر.
وفضلا عما ذكرنا بخصوص تدبّر القرءان فإن شباب هذه الأيام لهم عقول تصل إلى مناطق أكثر عمقا مما وصل إليه أسلافهم، وتعرض عليهم عبر شبكة المعلومات الدولية(الإنترنت) مسائل قد تفتنهم ،وإن موضوع الزعم المتوارث بجهل الرسول بالقراءة في الوقت الذي يأمره الله في رسالة أنزل عليه في أولها اقرأ فضلا عما أوردناه من تناقضات هو أمر يثير حفيظة الكثيرين ويعرّض شبابنا إلى فتن لا داعي لها.
كذلك قد يقول أنصار جهل رسول الله بالقراءة والكتابة أن الأمّة تواترت على هذا الأمر (جهل الرسول) فهؤلاء لابد وأن يعلموا أن الأمّة المسيحية أكثر عددا وهم أصحاب عقول وعلم ومع هذا فقد ساقهم قساوستهم إلى رأيين كلاهما خطأ وهما(أن عيسى عليه السلام هو الله والثاني أنه ابن الله) وما ذاكم إلا لتعطل وظيفة العقل عندهم.
الخلاصة:
أن الرسول الأعظم كان يعلم القراءة والكتابة قبل البعثة، أمّا من أراد أن ينكر الأمر فهو وشأنه ولكن ننصحه حتى لا يدخل في منظومة تقييد مطلق القرءان بلا سند ،وتعطيل الحقائق القرءانية لذمّة رأى دعاة ما تدبّروا حقّ التّدبر، وإنه توحيدا لرأى الأمّة على أقل تقدير في الصواب أنه عليه السلام.......وعلى أقل تقدير ومع التحفّظ....... قرأ وكتب بمجرّد أن أمره الله( اقرأ) فقرأ بحول الله وقوته وكتب بحول الله وقوته منذ ذلك الحين لأنه علّمه ما لم يكن يعلم (إذا كان لم يكن يعلم القراءة و الكتابة) كما يزعم الزّاعمون.
وإن المعتقدين في جهل رسول الله بالأبجدية هم في حقيقتهم معطّلين للحقيقة القرءانية وليس الأمر مجرد اختلاف في تأويل نص قرءاني إذ لا يوجد معنى لقوله تعالى ( لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها) في ذات الوقت الذي يعتقدون فيه بأن الله أمره بالقراءة وهو لا يعلمها إلا معنى واحد هو التكذيب بتلك الآية.كما أنه لا يوجد معنى للإيمان بقوله تعالى ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) في ذات الوقت الذي يصر فيه أصحاب منهج الجهل بالأبجدية أنه لم يعرف القراءة والكتابة لأن الأمر على هذا المنوال يكون فيه تعطيل للآية وحصرها عن رسول الله دون باقي الخلائق.
كما وأنهم مضيّقين للموسع إذ يعتقدون بأن الله علّمه كل العلوم إلا القراءة والكتابة وتركه على جهله الأبجدي(على فرض أنه كان لا يعلمها) بينما الله يقول (وعلّمك ما لم تكن تعلم) أي علّمه كل ما لم يكن يعلم على إطلاقه.
وإنّ الرسول إن كان أمّيا وإن كانت الأمّة أميّه قبل البعثة فلا مجال لما يتشدّق به البعض باستمرار بكلمة أمي لأنه يستحيل أن يستمر النبي والأمّة على الأمية حتىّ بعد نزول الوحي.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.