وسط كل الأحداث التى تعيشها مصر من بعد ثورة 25 يناير .. قررنا أن نقوم بزيارة مفاجئة لبيت الرئيس الراحل محمد أنور السادات , في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية والذي بناه عام 1962 في مسقط رأسه , وكان شديد الاعتزاز به لذا جعل من مضيفة هذا المنزل ملتقي لاستقبال زعماء العالم ورجال الدولة وأبناء قريته . تصوير : محمد لطفي وشهد هذا المنزل زيارة عدد من الشخصيات التي غيرت مجري التاريخ , حيث زاره الرئيس جمال عبد الناصر وعدد كبير من الرؤساء ووزراء الخارجية كما شهد اجتماعات مهمة وقرارات مصيرية غيرت مسار الصراع العربي الإسرائيلي مثل قرار طرد الخبراء السوفيت 15000 خبير في يوليو 1972. ولأننا لم نكن نعرف الحالة التي يوجد عليها البيت الآن ومن يسكنه في هذه الفترة ذهبنا إلي هناك دون موعد مسبق من أسرة الرئيس السادات , ولم تكن أيضا في مخيلتنا صورة محددة لشكل المنزل عندما قررنا الذهاب إلي هناك , وبالرغم من صعوبة الوصول إلي القرية التي تبعد عن القاهرة بحوالي 150 كيلو مترا إلا أن السؤال عن بيت السادات ليس صعبا فالطريق إليه معروف ليس من أهل القرية فقط ولكن من أهالي القري المجاورة . نحن الآن أمام بيت أو قصر الرئيس السادات حيث توجد يافطة كبيرة معلقة علي إحدي بوابات القصر مكتوب عليها دار السلام , المساحة الكلية للقصر حوالي 60 فدانا , محاطة بسور كبير يوجد له 3 بوابات علي الطريق الرئيسي للقرية وبوابة رابعة علي أحد جوانب البيت المطل علي ترعة صغيرة , جوانب القصر محاطة بأشجار كثيفة وعالية بحيث لا تسمح برؤية أي شيء بالداخل . وبمجرد دخول القصر من بوابته الرئيسية ستجد يمينك عددا من المكاتب التي يوجد بها مجموعة من الموظفين الذين يديرون أعمال القصر , وعلمنا منهم أنهم يعملون هنا في القصر لإدارة شئونه , كما يوجد هناك مكتب إعلامي أو علاقات عامة يقوم بنشر دوريات عن المشاكل التي تواجه قرية ميت ابو الكوم والقري المحيطة بها والتابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية , ودور أسرة الرئيس الراحل في حل هذه المشكلات وتذليل العقبات التي تواجه أهالي المنطقة , القصر من الداخل يعد ضربا من الخيال 60 فدانا محاطة بسور كبير , يوجد بداخله عدد كبير من أشجار الفاكهة والنخيل , وحدائق الورود , منظر بديع قلما تشاهده , ومساحات شاسعة , ولكن لم تتح لنا فرصة التجول داخل القصر لمعرفة تفاصيله كاملة , حيث رفض العاملون هناك أن نقوم بذلك حرصا منهم علي خصوصية المكان حتي أنهم رفضوا أن نقوم بتصوير المكان من الداخل ولكن لنا حرية تصويره من الخارج , وعلمنا منهم أيضا أن القصر رغم هذا الاهتمام الكبير به من أسرة الرئيس الراحل السادات إلا أنه لا يقيم فيه أحد. وأثناء قيامنا بجولة خارج القصر سألنا أحد الأشخاص عما يحتويه القصر من الداخل فقال إنه يوجد بالداخل فيلتان وهما معزولتان في مكان منفصل , كما يوجد أراض زراعية و مواش وفلاحون يعملون في زراعة هذه الأراضي . وفي داخل القصر يوجد متحف لمقتنيات الرئيس السادات وهو موجود علي مساحة قيراطين أي حوالي 350 مترا , ويوجد له بوابة علي الشارع الرئيسي لقرية ميت أبو الكوم بجوار البوابة الرئيسية للقصر , ومدير هذا المكتب اسمه ياسر الشيخ . ويضم المتحف مكتبة بها 13 كتابا كتبها الرئيس وحوالي 500 كتاب كتبت عن الرئيس السادات بعدد من اللغات المختلفة , وتضم أيضا أعداد مجلة التحرير التي نشر بها الرئيس السادات عددا من المقالات , ويوجد بالمكتبة مجموعة من ألبومات الصور التي سجلت تاريخ مصر في حياة الرئيس السادات قبل توليه الحكم وبعده حتي يوم وفاته وهي مصنفة تاريخيا بحيث يسهل تتبع تطورها . كما يوجد مكتبة سمعية وبصرية تتكون من شاشة عرض كبيرة , تضم أهم الأفلام التي تم تسجيلها لتأريخ وقائع هامة في حياة الرئيس السادات مسجل عليها أهم خطبه كخطاب الكنيست وحادث الاغتيال كما تضم مجموعة نادرة من التسجيلات الصوتية الخاصة بصوت الرئيس في الإذاعة في الخمسينيات من القرن الماضي . ويوجد بالمتحف غرفة ملحقة تضم عددا من مقتنيات الرئيس السادات منها ( عصا الفرعون ) التي حفرها الرئيس السادات بيده , وساعة ( بون مارشيه ) الخاصة بالرئيس السادات والتي حفر علي ظهرها آية الكرسي , وبعض العملات التذكارية الدولية المهداة للرئيس , يوجد أيضا الصديري الخاص بالرئيس السادات الذي كان يرتديه تحت جلبابه , وطاقم رياضي مكون من قطعتين مع غطاء للرأس , وأزرار قميص بدلته ومنديل أبيض , وحافظة نقوده الجلدية , والبايب الذي كان يستخدمه ومسبحته المصنوعة من الحجر الكريم , والزي العسكري الخاص بالقوات البحرية والذي ارتداه الرئيس السادات أثناء إعادة افتتاح قناة السويس بعد حرب اكتوبر , وبدلة مدنية , وعباءة من الصوف الأسود وإلي يسارها مصحف وضع علي أريكة من الخيزران , وبيجامات النوم الخاصة به , ورابطات العنق , والبدلة العسكرية التي اغتيل فيها عام 1981, ونظاراته الشمسية , وشباشب الجلد الخاصة به , ويوجد بالمتحف أيضا الطبلية الخشبية التي كان الرئيس السادات يتناول عليها الطعام مع أسرته , وقلم حبر مطلي بالذهب , وطبق من الطاقم الصيني الخاص باستخدام ضيوف الرئيس ويظهر عليه نسر الجمهورية , بالإضافة الي عدد من طوابع البريد التذكارية والقطع المعدنية المهداة للرئيس السادات , كما يوجد ايضا تمثال يجسد وجه السيد الرئيس نحته الإسرائيلي ليفي ثوجات وأطلق عليه اسم رئيس لمدي الحياة وهناك النسخة الأصلية لمحاكمة المتهمين في قضية اغتيال أمين عثمان , ودعوة خاصة بالرئيس السادات من الحكومة الهندية لزيارة الهند . ويوجد بالمتحف دفتر للزيارات , وبعد أن وقعت فيه وكتبت كلمتي , طلبت من مدير المتحف ياسر الشيخ أن أتصفح ال 3 دفاتر الخاصة بالزيارات , فوجدت عددا كبيرا من الأشخاص من مختلف الجنسيات مثل فرنسا وأمريكا واليابان والصين وأيضا من مختلف المناصب فهناك وزراء وسياسيون وأطباء وضباط بالجيش والشرطة ومستشارون , وسفراء , وكتاب وإعلاميون , وفنانون , وأشخاص عاديون , كل منهم كتب رسالة مختلفة عن الآخر , ولكن من خلال قراءتنا لها , شعرنا أن كل ما كتب ليس فيه نوع من المجاملة أو الإطراء , بل هي كلمات حقيقية , كما وجدنا ايضا في كشف الزيارات , توقيع أحمد الهوان الشهير بجمعة الشوان , ومحمد المصري صائد الدبابات بحرب أكتوبر وعددا من الجنود الذين شاركوا في حرب أكتوبر المجيدة .