التعليم العالي والصحة تطلقان مشروع لزيادة الوعي بالصحة الانجابية بالجامعات    عاجل...أول تعليق من كلوب على شجاره مع محمد صلاح في مباراة ليفربول ووست هام    المؤبد لمتهم بهتك عرض ابنة شقيقه بالقليوبية    احتفاء كبير بعروض سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 أبريل 2024 (آخر تحديث)    تمهيد وتسوية طرق قرية برخيل بسوهاج    خبير بترول دولي: الغاز ليس أهم مصادر الوقود والنفط ما زال يتربع على العرش    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    برقم العداد.. كيفية الاستعلام عن فاتورة استهلاك كهرباء أبريل 2024    محلل سياسي: الاحتجاجات الطلابية بالجامعات أدت إلى تغير السياسات الأمريكية (فيديو)    وسائل إعلام: شهداء ومصابون في غارة للاحتلال على مدينة رفح الفلسطينية    محلل سياسي يوضح تأثير الاحتجاجات الطلابية المنددة بالعدوان على غزة    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب النسخة العاشرة    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    «تربيعة» سلوى محمد على ب«ماستر كلاس» في مهرجان الإسكندرية تُثير الجدل (تفاصيل)    تطوان ال29 لسينما البحر المتوسط يفتتح دورته بحضور إيليا سليمان    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    بالأرقام.. طفرات وإنجازات غير مسبوقة بالقطاع الصحي في عهد الرئيس السيسي    انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة غدًا    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    الزمالك يفاوض ثنائي جنوب أفريقيا رغم إيقاف القيد    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    8 معلومات عن مجلدات المفاهيم لطلاب الثانوية العامة 2024    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسعيرة " أطفال التسول " في مصر
نشر في بوابة الشباب يوم 03 - 09 - 2015

تعددت أشكال التسول وأصبحت ظاهرة لا تخلو الشوارع منها، فنجد تارة شخصاً يرتدى ملابس نظيفة - وقد تكون فاخرة - ويمد لك يده ويتحجج بأنه كان ضحية الظروف وتستمع للعبارة الشهيرة "أنا والله مش بشحت بس أنا محفظتي اتسرقت ومحتاج بس فلوس أروح", لتكتشف حضرتك بعد ذلك أن هذا لم يكن موقفاً طارئاً تعرض له هذا الشخص ..
بل أنها مهنة ، وتارة أخرى سيدة عجوز تتساقط دموعها كالمطر أو رجل فى الثمانين من عمره يفترش على الرصيف ويستجدى من المارة للحصول على ثمن علاجه، ولكن لا شئ من هذه المظاهر أقسى على الإنسان من أن يرى أطفالاً فى عمر الزهور امتهنوا التسول والتذلل وألفوا العيش على الطرقات والأرصفة ..
ووفقاً لدراسات حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، فإن شوارع القاهرة تحتل المركز الأول في أعداد المتسولين ب 4333 متسولاً تليها محافظة الإسكندرية باحتوائها علي 1572 متسولاً، كما أكدت الدراسة أن 3٫41٪ من المتسولين يتم إجبارهم علي ممارسة التسول بغير إرادتهم، كذلك فإن 75٪ من المتسولين يحملون صفة متسولي المواسم مثل رمضان والأعياد، وهم المتسولون الذين ينزلون إلي العمل في المواسم والأعياد والمناسبات الرسمية اعتقاداً منهم أن هناك زيادة في الرزق في تلك الأوقات من العام، والدراسة قدرت عدد المتسولين في مصر بحوالي 11059 متسولاً احتل الأطفال العدد الأكبر بمجموع 7357 متسولاً يليهم نسبة المسنين والتي تقل عنهم بنسبة طفيفة للغاية، وهؤلاء الأطفال يتم تأجيرهم من أسرهم وأحيانا خطفهم، حيث يحصدون يوميا أكثر من 600 ألف جنيه من جيوب المواطنين.
وتواصلنا من خلال جولتنا بشوارع وميادين القاهرة مع أحد أباطرة التسول بمنطقة المطرية والذى بدأ التسول وهو فى السابعة من عمره والذى تحدث لنا بعد أن اقتنع بأننا جئنا إليه لتأجير أحد الأطفال للتسول بهم، فقال فى بداية حديثه :ماتخفش .. الأولاد اللي عندنا مش مخطوفين، أهلهم طلبوا تأجيرهم علشان لقمة العيش والحياة الصعبة ، أو أطفال مقطوعة من شجرة، وبالنسبة لقيمة الإيجار مش هنختلف فى إيجار باليوم وفى بالأسبوع وفى بالشهر، وهذا يتوقف على الاتفاق ".
أما أسعار الإيجار فذكر أن :" الطفل السليم من عمر يوم إلى 5 سنوات إيجاره 50 جنيها فى اليوم الواحد، ومن 5 إلى 10 سنوات إيجاره 30 جنيها فى اليوم الواحد، أما الطفل المعاق فإيجاره يصل إلى 75 جنيها فى اليوم، والطفل المكفوف أو الأصم أو المقطوع يده أو قدمه يتراوح حجزه مابين 100 و 200 جنيه ، أما المشوه بالحجز".
وكان الغريب تأكيده استعداد بعض الأسر الفقيرة لإحداث عاهة مستديمة بجسد أطفالها لاستعطاف المارة، إما من خلال سكب مياه النار على قدم الطفل أو وجه أو من خلال بتر أحد ساقيه، وفى ذات الوقت أشار إلى أن الأسر لم تعد فى حاجة لذلك، حيث أصبح هناك حيل للمتسولين تكمنهم من استعطاف المارة دون أن يكونوا فى حاجة لإحداث عاهة بجسدهم أو بجسد أطفالهم تتمثل بعض هذه الحيل فى وضع جبيرة على القدم أو الجلوس على كرسى متحرك وهو لا يعانى إصابة فى قدميه، أو بوضع قطن على رأسه ليوهم المارة بأنه مصاب بسرطان فى المخ، كما يقوم البعض الآخر بوضع قسطرة بول تحت ملابسة بها مادة صفراء لإيهام المواطنين بإصابته بالفشل الكلوي وغيرها من الحيل.
ولم تقتصر إمبراطورية التسول على منطقة المطرية فقط، فمنطقة الحسين والأزهر تعج بها مظاهر التسول أيضا ولكن من النوع الخاص فتجد أشخاصا يعرضون عليك أخذ البركة من زجاجة عطر وبجانبه أحد الأطفال المعاقين أو المرضى، وأشخاص يدعون المقربة من الله وأن لديهم أولياء يساعدونهم على فك السحر والأعمال، ومن الحسين إلى العمرانية ستجد تاجر خردة قام بتجميع أطفال الشوارع وإجبارهم على التسول واستجداء المارة فى إشارات المرور لحسابه تحت رقابة عدد من الناضورجية الذين يمنعونهم من الهرب أو العودة لأسرهم.
وامتد نشاط التسول أيضا إلى مترو الأنفاق، حيث ضبطت قوات الشرطة عددا كبيراً من المتسولين داخل عربات مترو الأنفاق، أحدثها السيدة التى قامت باستئجار طفل معاق ذهنيا لاستغلاله في الاستجداء من المواطنين بمحطة سعد زغلول، والرجل الذى تخفى فى ملابس سيدة وكان يتسول فى عربات السيدات وغيرها من الحالات الكثيرة التي اتخذت من مترو الأنفاق موقعا لنشاطها.
وظهرت حملات لمواجهة زحف ظاهرة التسول منها حملة "معا لمكافحة التسول فى المترو" والتى دشنت على صفحتها على الفيس بوك " ماتدفعش حاجة للمتسول ممكن تعرضك للاهانة والسرقة، بالإضافة أنك بتشارك هكذا فى زيادة التسول والمظهر غير الحضارى" وحملة " أنا ضد التسول" والتي أدانت من يتعاطف مع المستولين أو الباعة الجائلين.
وقدم المركز القومي للبحوث الاجتماعية بحثا جديدا عن تقديم أفكار جديدة للتطوير التسول في مصر بحيث يأخذ المتسول دورات تدريبية للقيام بعمل يحتوي علي نوع من الإبداع كعزف الموسيقي أو اللعب بالكرات الملونة أو تقديم عرض من أي نوع بدلا من الجلوس وانتظار المساعدة علي الأرصفة، وربما جاءت هذه الفكرة بدافع من تطوير صناعة التسول بعد الفشل في القضاء عليها.. تطوير يناسب المفهوم الغربي والعالمي للتسول.
الدكتور محمد خطاب أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس إن تجمع المتسولين يزداد حول أماكن العبادة لأن الشخص يكون أكثر إقبالا علي عمل الخير وإخراج الصدقات، وسبب انتشار ظاهرة التسول أننا شعب عاطفي ومتدين بتجاوب بسهولة مع كل من يطلب المساعدة أو يدعى الفقر أو المرض ونصدقه إلى درجة تصل إلى حد السذاجة.
وأكد الدكتور زكريا بدر أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة أن ظاهرة التسول ليست ظاهرة عابرة أو يقوم بها أشخاص بمفردهم بل هى ظاهرة منظمة لها قادتها وزعماؤها الذين يديرون عصابات من المتسولين ويراقبونهم ويتابعون الأماكن التى يتواجدون فيها بل إن لكل عصابة أماكنها المعروفة ولا يحق لأى عصابة أخرى أن يتواجد أفرادها فى هذه الأماكن.
وأشار إلى أن التسول أحد الأمراض الاجتماعية التي تشير وبشكل واضح لوجود خلل فى مستويات المعيشة والاشباعات الإنسانية لفئة معينة بالمجتمع المصري، فيلجأون للتسول لتوفير احتياجاتهم المعيشية ومنهم من استغلالها كمهنة للحصول على المال، فبعض زعماء هذه المهنة يجبرون بعض الأطفال والأولاد على التسول لحسابهم ويسيطرون على هؤلاء الأطفال والأولاد سيطرة تامة من أجل الحصول على المال وفى النهاية تكون النتيجة أن ينحرف هؤلاء الأطفال والأولاد ويكون مصيرهم دور الاعتقال خصوصا عندما لا تكون هناك عائلة تحمى الطفل من شر هؤلاء.
ونوه على ضرورة مكافحة ظاهرة التسول بكل الطرق والأساليب وأن تكون هناك قوانين صارمة تستطيع المحاكم أن تحكم من خلالها على هؤلاء المتسولين بأحكام قاسية والأهم من هذا أن يكون لدى المواطنون الوعى الكافى بخطورة هذه الظاهرة وأن لا يعطوا أى متسول أى مبلغ من المال خصوصا عندما يكون المتسولون من الشباب ويستطيع العمل أو نساء يستطعن العمل أيضا لأننا عندما نعطى هؤلاء فإننا نشجعهم على ممارسة هذه المهنة والاستمرار فيها مادامت مهنة سهلة ودخلها يكون مضمونا، وهو دخل كبير قياسا على بعض المهن الأخرى.
وفيما يتعلق بالرأي القانوني انتقد أحمد حامد، وهو ضابط شرطة ، قانوني التسول الصادرين عامى 1933 ورقم 31 لسنة 1974 واللذين لم يتطورا منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، كما أنهما ليسا رادعين، فالقصور القانوني هو المشجع الأساسي للمتسولين على المضي فى طريق التسول ولهذا يجب إعادة النظر فى صياغة هذه النصوص القانونية لتكون رادعة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.