علي رصيف محطة مصر وفي قطارات المترو يقف عشرات المتسولين يستعرضون أمراضهم ويشكون ظروفهم ويستجدون عطف الركاب لكسب أموال طائلة من وراء تلك الإصابات. وما بين عاجز ومشلول ومعاق ومبتور ومبتلي ومحروق تدار مافيا من نوع خاص تجني الملايين يومياً من وراء الاتجار بالأمراض والاعاقات انضم إليهم سريحة أحدثوا عاهات في أجسادهم بعد أن وجدوها أسهل وسيلة للثراء السريع. تقول مني محمد - موظفة انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة المتسولين بالمرض حيث نجدهم في كل مكان داخل عربات المترو وعلي الأرصفة وأمام المؤسسات والمصالح والمستشفيات والعيادات الخاصة يستعطفون المارة ويؤكدون أنهم في أمس الحاجة للمساعدة وللأسف لم يعد التسول بالمرض يتوقف علي سن معيناً أو نوع حيث نجد حالياً داخل عربة السيدات بمترو الأنفاق شاباً في الثلاثين من عمره يتكئ علي عكازين يقوم ببيع المناديل الورقية ويدعي أن قدميه تعثرت ويسقط علي الأرض مما يجذب تعاطف السيدات معه ويقمن برفعه من الأرض وتنهال المساعدات عليه بعد ذلك. يتفق معها محمد خلف وسمير هنداوي - طالب بكلية العلوم إن الخارجين علي القانون من البلطجية ومعتادي الإجرام هم من احترفوا التسول بالمرض حيث انتشروا بالشوارع بأوراق مزورة لأشعة وتحاليل تثبت أنه مصاب بمرض خطير ويحتاج للمساعدة بل يتحرشون بالمارة بشكل مسيئ ومفزع للغاية لذلك نطالب باتخاذ إجراءات مشددة للحد من انتشارهم. وتعتبر شوقية عبدالحميد - مهندسة - أن الإعلانات التي تذاع علي شاشات التليفزيون للجمعيات الخيرية والمستشفيات ويتم استخدام الأطفال المرضي لجذب تعاطف المشاهدين أمر غير مقبول ويعد تسولا بمرض هؤلاء الضعفاء وتتضاعف إذاعتها في شهر رمضان والأعياد والمواسم الدينية فمن الممكن أن يتم الإعلان عن هذه المستشفيات بدون أن يظهر المرضي حرصاً علي مشاعرهم. تقول مروة عبدالحميد - طالبة - يبتكر المتسولون داخل عربات المترو حيلا لإقناع الركاب بمرضهم فتجد سيدة تصطحب طفلاً صغيراً وتدعي أنه مصاب بالسرطان ويحتاج لتغيير الدم وتطالبنا بالتبرع لشراء أكياس من الدم وتقول إن سعر الكيس الواحد من الدم يباع ب 170 جنيهاً وهذا يفوق طاقتها مما جعلها تسأل الناس لعلاج طفلها. وأخري تقوم بوضع طفل علي كرسي متحرك وتدعي أنه مصاب بضمور بخلايا المخ ولا تستطيع علاجه وتقول إن ليس له علاج بالداخل وتجمع تبرعات حتي تتمكن من علاجه خارج البلاد. والأطرف من ذلك أن هناك أشخاصاً يدعون أنهم من فلسطين وقد أصيب أحدهم في حادث قطار وتم بتر ذراعيه ويحتاج لمساعدة حتي يستطيع العودة إلي وطنه. يقول حامد عليمي ومحمد إبراهيم إن التسول أصبح حرفة يجيدها الكثير من العاطلين المتواكلين الرافضين للعمل من عشاق صرف المساعدات سواء من الشئون الاجتماعية أو الجمعيات الخيرية فتجدهم يقومون بإحداث عاهة مستديمة بأجسادهم ويتسولون بها أو هناك من يستخرج شهادات طبية مزورة تفيد بأنه مصاب بمرض مزمن يمنعه عن العمل. تشكو هدي سيد - بكالوريوس تجارة من انتشار المتسولين داخل المساجد الكبري التي يتهافت الزائرون من جميع أنحاء العالم علي زيارتها كمسجد السيدة نفسية والسيدة زينب حيث إنهم يتواجدون داخل المسجد ويفسدون علي الزائرين الأجواء الروحانية فتجد إحدي السيدات تسأل المصلين وتحمل بيدها عبوة دواء مرتفعة الثمن لمرض مزمن وتطلب مبلغاً مادياً يساعدها علي شرائها فيضطر المصلون منحها الصدقة حرصاً منهم علي عدم رد يد السائل كما أمرنا ديننا الحنيف وأن هناك حديثاً شريفاً يؤكد أنه يجب منح السائل حتي لو كان "يركب فرساً". بينما يشير علاء محمد محام ومحمود سراج ماجستير اقتصاد إلي أن الفقر وتدهور الأحوال الاقتصادية من أهم الأسباب التي أدت لانتشار المتسولين لذا لابد من قيام الدولة بعمل مشروعات كبري يتم من خلالها تشغيل الشباب بدلاً من استسهالهم التسول كمصدر للدخل. الدكتور أحمد يحيي استاذ علم الاجتماع جامعة قناة السويس يري أن التسول أحد الأمراض الاجتماعية التي تشير بشكل واضح لوجود خلل في مستويات المعيشة والإشباعات الإنسانية لفئة معينة بالمجتمع المصري فيلجأون للتسول لتوفير احتياجاتهم المعيشية وهناك من قاموا باستغلالها كمهنة للحصول علي المال بدون بذل أي جهد فتطوروا في استخدام أساليب التسول كاستغلال الأطفال والمرضي وذوي العاهات وتاجروا بظروفهم الصحية للتأثير بها لاستدرار عطف الناس في سبيل الحصول علي الأموال مؤكداً أن المرض والعاهة صنعت هذا الأسلوب في التسول لإهمال الدولة لهؤلاء وعدم رعايتهم أو معالجتهم رغم أن القانون المصري ينص علي معاقبة هؤلاء لكن لم يتم تفعيله كما يجب لمنع الاستغلال والفساد. يضيف يحيي للأسف هؤلاء المتسولين يكنزون الأموال الطائلة سواء في صورة شقق فاخرة أو أموال في البنوك من جراء هذا العمل غير المشروع الذين اتخذوه مهنة.. وهناك مثال درامي علي ذلك فيلم لعادل إمام المتسول فهو قصة حقيقية تعبر عن الواقع المرير الذي تعيشه هذه الفئة وهناك أمر آخر نجد حوادث خطف الأطفال وإحداث عاهة بهم عمداً سواء حريق أو بتر أحد الأطراف لكسب الأموال بطريقة أسرع. لذلك أطالب بتفعيل القوانين الخاصة بهذا الشأن وأن تقوم الحكومة بمعالجة هذا الأمر بصورة جدية كما يجب علي المواطنين الامتناع عن التبرع لمثل هؤلاء والتبرع للمؤسسات الخيرية والمستشفيات الحكومية.