«أبو الغيط»: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا لا يمكن تحمله على أوضاع العمال في فلسطين    انطلاق دورة مهارات استلام بنود الأعمال طبقا للكود المصري بمركز سقارة.. غدا    انتشار بطيخ مسرطن بمختلف الأسواق.. الوزراء يرد    إزالة فورية للتعديات ورفع للإشغالات والمخلفات بمدن إدفو وأسوان والرديسية وأبوسمبل    توريد 27717 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    مرتبطة بإسرائيل.. إيران تسمح بإطلاق سراح طاقم سفينة محتجزة لدى الحرس الثوري    لقطات لاستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي عناصر حزب الله في جنوب لبنان    "الفرصة الأخيرة".. إسرائيل وحماس يبحثان عن صفقة جديدة قبل هجوم رفح    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    السفير البريطاني في العراق يدين هجوم حقل كورمور الغازي    بعد الفوز على مازيمبي.. اعرف موعد مباراة الأهلي المقبلة    محمد صلاح على أعتاب رقم قياسي جديد مع ليفربول أمام وست هام «بالبريميرليج»    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    وزير التعليم يصل الغربية لتفقد المدارس ومتابعة استعدادات الامتحانات    بعد ليلة ترابية شديدة.. شبورة وغيوم متقطعة تغطى سماء أسوان    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق    10 صور من حفل عمرو دياب على مسرح الدانة في البحرين| شاهد    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    استاذ الصحة: مصر خالية من أي حالة شلل أطفال منذ 2004    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    الإمارات تستقبل 25 من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    محافظ الغربية يستقبل وزير التعليم لتفقد عدد من المدارس    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    أول تعليق من الإعلامية مها الصغير بشأن طلاقها من الفنان أحمد السقا    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    محافظة القاهرة تشدد على الالتزام بالمواعيد الصيفية للمحال التجارية والمطاعم    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    وزارة الصحة: 3 تطعيمات مهمة للوقاية من الأمراض الصدرية    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    استقرار أسعار الذهب في بداية التعاملات يوم السبت 27 أبريل 2024    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    رسميا| الأهلي يمنح الترجي وصن داونز بطاقة التأهل ل كأس العالم للأندية 2025    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شحاذون..والله أعلم!


كيف تنفق إحسانك؟!
سؤال بسيط، لكنه يفتح مجالات تبدأ ولا تنتهى.. أولها أن تساهل المصريين فى إنفاق إحسانهم، أدى إلى توحش مملكة الشحاتين، حتى أنه يبدو عادياً جداً، أن يتوسل لك متسول وتشعر أن إنقاذه فى المبلغ الذى ستمنحه إياه مهما كان قليلاً وحين يحصل عليه تجده يخرج الموبايل من جيبه.. وإذا افترضت أن كل المتسولين نصابون، فهذه مشكلة بالنسبة للمصريين يتجاوزونها بأن الله يحاسب على النيات، وبالتالى فالثواب محفوظ حتى ولو كان المتسول نصابا.. هنا نحن نسأل عينة متفاوتة السؤال البسيط.. ونحن نكتشف إجاباتهم اكتشفنا الحملة الرائجة على الإنترنت، والتى تطالب بمنع إعطاء أية صدقة للشحاتين، واكتشفنا أيضاً متسولات فى المترو يستنزفن جيوب الركاب بالتبرع لجمعية عمرو خالد، ثم يتضح أنها جمعية مزيفة.. كما تم استحداث وسيلة جديدة للتسول عبر القنوات الفضائية الدينية، وشريط الأخبار الذى يذيل شاشتها.
مشيرة الفيشاوى- 43 سنة- صحفية بمجلة السياحة الإسلامية الصادرة فى لندن- كانت تتردد فى إعطاء صدقة للمتسولين خاصة أصحاب العاهات، لكنها واجهت عدداً من المواقف غيرت نظرتها للتسول والمتسولين.. تقول: "غيرت رأيى لأننى كثيراً ما أتصدق على شخص معاق ثم افاجأ أنه سليم معافى، أو أعلم أن هذه العاهات اصطنعوها بأنفسهم ولم تأت بفعل القدر! ثوان معدودة من التفكير ستجعل أى إنسان يمتنع عن التعاطف مع شحاذ يستجديه.
أفضل أن أعطى أموال صدقتى للأسر الفقيرة المقربة منى، ولا أمانع فى إعطائها لجمعيات بشرط أن تكون ذات ثقة وشهرة.. لكن لا أتبرع لجمعيات تهتم بنشر الفن والثقافة ولا أراها نوعاً من الصدقة أو فعل الخير وحين نصل إلى مستوى معين من التفكير، ومن إشباع حاجات الناس نهتم وقتها بالفنون والثقافة"!
لا تنهر!
تستغيث سناء عبدالمعبود- ربة منزل- من صغار المتسولين من الأطفال تقول: المتسولون عندى قسمان.. متسولون أطفال وهم أكثر جرأة من الكبار وجرأتهم تصل إلى استخدام أيديهم عندما أرفض تلبية طلبهم مما يدفعنى لرفع صوتى.. ومتسولون كبار لا أتعامل معهم بنفس الطريقة عملاً بقوله تعالى: "وأما السائل فلا تنهر".
بالرغم من عدم اقتناعى بالإحسان إلى المتسولين إلا أننى أضعف أحياناً، وفى نفس الوقت يجب ألا نعتمد على نياتنا.. القريبون منى دائماً فى أولوياتى لكننى أهتم أيضاً بالمستشفيات الحكومية المهملة.. أفضلها عن تلك الشهيرة التى أثق أن كثيرين يتبرعون لها ثم تأتى الملاجئ، وأذهب بنفسى لمعاينتها قبل أن أتبرع لها".
لمن يطلبها!
هبة منجى- 20 سنة- خريجة كلية الآداب تقول: واجهت عدداً من المواقف السلبية مع المتسولين ففوجئت بذلك المتسول المعاق فى يده يأخذ النقود بيده المعاقة ثم اكتشفت أنه ليس معاقاً إنها سليمة، وسيدة رأيتها منهارة بجانب بيضها المكسور تفتعل ذلك الموقف كل يوم، فضلاً عن هؤلاء المتسولين الذين يبدأون بالدعاء لى بمسكنة وعندما لا أستجيب لهم يتحول دعاؤهم إلى وقاحة.. وبالرغم من كل تلك التجارب السلبية أفكر ألف مرة قبل أن أعطى متسولا، لأننى فى النهاية مهما فكرت ووجدت أن المتسول "صعبان علىَّ"، وفعلاً هيئته توحى أنه مسكين ربما يكون فى النهاية ممثلا محترفا، وبالتالى فالمهم هو نيتى السليمة.
على عكس توجهها مع المتسولين حينما يأتى الأمر للملاجئ والمستشفيات.. فهى لا تمانع فى التبرع بزكاتها لهؤلاء شريطة أن تتأكد بنفسها من مصداقية هذه الأماكن!
40 جنيها لا تكفى
"ربنا يحاسبنا على نياتنا".. هذا ما تؤمن به شيرين على- 23 سنة- موظفة بقسم الحجوزات بأحد الفنادق.. فبالرغم من تجاربها السيئة مع عدد من الشحاذين إلا أنها تؤمن أن هذه ليست القاعدة وأن معظم المتسولين غلابة ومحتاجون بالفعل.. تقول: "مرة بعد أن أعطيت النقود لمتسول فوجئت به يخرج "تليفون محمول" من جيبه.. ومرة استجدانا شخص أنا وصديقتى فى رمضان ليشترى طعاماً للإفطار فأعطيناه 40 جنيهاً فتحول فجأة من حالة الاستعطاف إلى الغضب وقال 40 جنيه فى الزمن ده! دول ميجيبوش حتى وجبة كنتاكى"!
نقطة ضعف "شيرين" هى عندما يستجديها أحد المتسولين بالدعاء لأهلها بطول العمر.. هنا لا تتمالك أعصابها وتعطيه مهما ساورتها الشكوك فى أنهم نصابون.. لذلك لا نتعجب فى أن أولوياتها فى توزيع الصدقة هم المتسولون والمستشفيات، أما بقية الأماكن التى تحتاج للمساعدات فلا تتعامل معها لأنها لا تعرف أماكن موثوقا فيها أو حتى أساليب التأكد من أحقية هذه الأماكن. خادمتى أولى!
هديل عبدالمنعم- 23 سنة- لا تتعاطف إلا مع المتسولين الأطفال خاصة عندما يكونون لطفاء وغير لحوحين، بينما ترفض أن تساعد من تشعر أنه بصحته وقادر على العمل، ويستسهل سؤال الناس! أو من تقابله كل يوم فى نفس المكان وكأنه اتخذ من التوسل وظيفة له.
تقول: "عندما أفكر فى توزيع زكاتى أرتب أولوياتى هكذا.. الخادمة أو الساعى ثم الجمعيات الخيرية التى أعرفها من خلال أصدقائى ممن أثق فيهم لأننى لا أمتلك وسيلة تؤكد لى استحقاق هذه الجمعية أو تلك.. ويأتى المتسولون فى نهاية قائمة أولوياتى مع عدم وضع الفنون والثقافة فى الاعتبار، والسبب بديهى وهو "عشان فيه ناس مش لاقية تاكل"!!
كذب المتسولون!!
هانى حتحوت- مذيع فى برنامج أطفال بالتليفزيون المصرى- يؤكد أن معظم المتسولين نصابون يقول: "هناك رجل له مكان يجلس فيه دائماً تحت العمارة ويلقى التحية علىّ كلما يرانى ولكن دون أن يطلب أى شىء.. لذلك أعطيه بين الحين والآخر". لكن إعطاء الصدقة للمتسولين هو نوع من الكسل والاستسهال.. فهو بالنسبة لى أسهل بكثير.. أحياناً أعطى المتسولين كنوع من أنواع الكسل فحتى وإن كانوا نصابين فحسابه مع الله على نيته ، فالمفروض البحث عن جمعية، والتأكد من صدقها.. لكنى أرفض اعتبار ما أعطيه لخدمى الخاصين نوعاً من الزكاة إنما هو بقشيش يحصل فى مقابله على خدمة أكثر.
إلا الجمعيات
يتعاطف معتز رأفت- مبرمج كمبيوتر- مع عدد من حالات التسول خاصة عندما يكون صاحبه عاجزا أو أماً تحمل أطفالاً أو طفلاً فقيراً يطلب المساعدة، إلا أنه يرفض تماماً التبرع لصالح جمعيات خيرية إلا نادراً، كما أنه لا يتبرع لأى مساجد أو ملاجئ، وذلك اعتقاداً منه أن التبرعات فى هذه الأماكن لا تذهب إلى مستحقيها، وفى هذه الحالة يكون الأمر أكبر من نصب المتسولين لأنه نصب منظم ومخطط.. لذلك إذا أردت تقديم مساعدة لإحدى هذه الجمعيات أقدم تبرعات عينية مثل الملابس.
يوافق معتز على فكرة التبرع لصالح نادٍ رياضى لكنه يرفض تماماً التبرع للجمعيات.
عزيز قوم
أحمد الزغبى- مساعد مونتير- لا يثق فى الجمعيات ولا يتبرع لها، لكنه يشارك معها بمجهوده فى فعل الخير، أما المتسولون الذين يستحقون كما يقول فهم: "العاجز ومبتور الأطراف- امرأة فى وقت متأخر من الليل فى الشتاء ورجل مهندم ومحترم أشعر أن الظروف اضطرته لذلك "ارحموا عزيز قوم ذل"!
وإجابة عن سؤال "هل يعتبر التبرع لجمعية تعمل على نشر الفن والثقافة فى المجتمع صدقة؟ قال إن ذلك يعتبر خيراً فى حالة إذا أشبعت احتياجات المجتمعات، وفى ذلك الوقت هو سيفضل المساهمة فى محو الأمية.
جيرانى أولاً
نادية عبدالعظيم- ربة منزل- تقول: لا أثق إلا فى المسجد المجاور لبيتى، لأنها تعرف المسئولين عن توزيع أموال الزكاة هناك، لكن لا أثق فى أن أعطى لجمعيات خيرية، وذلك اعتقادا منى أن أصحابها ربما يسعون إلى الثراء على حساب فعل الخير.
أما المتسولون فى الشوارع فلا أردهم أبداً عملاً بقوله تعالى: "وأما السائل فلا تنهر" حتى لو ربع جنيه أفضل من أن أصدّه".
السايس!
أحمد يوسف- موظف بالمرور- لا يرى أن دوره يمتد إلى ملاحقة المتسول من أجل الاطمئنان إذا كان محتاجاً بالفعل أم لا!
يقول: "نفس الحال فى الجمعيات الخيرية.. الأفضل أن أتعامل مع أسرة فقيرة معينة أعرفها وأعطيها من وقت لآخر، وعلى ثقة أنهم فى حاجة للمساعدة فعلاً بدلاً من أن أبحث عن جمعية لا أعلم من أصحابها أو من المستفيدين منها، كما أننى لا أجد غضاضة فى إعطاء بعض من زكاة مالى لأشخاص فى محيط حياتى اليومية مثل الساعى أو عامل الجراج!
أما التبرع لصالح جمعية مهتمة بالثقافة فهو مهم لنشر العلم أو جمعية دينية لتحفيظ القرآن والتعاليم الدينية.
مسجد مصطفى محمود
قابل د. سيف الدين فرج- مدير عام بنك التعمير والإسكان- عدداً من المواقف جعلته يمتنع تماماً عن إعطاء أى زكاة لهؤلاء المتسولين.. يقول: مثل أن أجد متسولة أمام المسجد وبعد أن أعطيها "موبايلها يرن"! أو متسول بعد أن أعطيه أجده يشرب "كانز" أو يشترى سجائر "مالبورو"!
فى إحدى المرات قابلت سيدة تحمل فى يدها "بخاخ الربو"، وتشتكى من حالة زوجها وأنها تريد أن تشترى له دواء، طلبت منها أن تأتى معى إلى الصيدلية لأشتريه لها وما أن دخلت حتى حذرنى الصيدلى منها لأنه يعرفها جيداً، وأخبرنى أنها ستأخذ الأدوية وتعود لتسترجعها وتحصل على المال!
وآخر قال لى أنه لا يملك ثمن تذكرة قطار ليعود إلى أسيوط، عرضت عليه أن أذهب وأوصله إلى المحطة وأشترى له التذكرة، وقبل أن أكمل الجملة اختفى من أمامى!".
"الأحاديث والآيات القرآنية التى تحثنا على ألا نرد السائل، والتى يتمسك بها الناس لم تعد تنفع فى هذا الزمن الذى يمتهن فيه الناس التسول! أنا على استعداد أن أعطى المتسول 100 جنيه شرط أن يجلس فى منزله لأنها ستكفيه حتى تنتهى! ولكن المشكلة أنه سيحصل على ال100 منى ويلتفت ليأخذ من غيرى!".
نتيجة لكل ذلك د. سيف لا يتبرع إلا فى مسجد مصطفى محمود لأنه يثق فيه بدلاً من أن يتعامل مع جمعيات لا يعرفها.
هل من ضمان؟!
بالنسبة لمحمد على - 25 سنة- فالمقربون منه المحتاجون أولى من الغريب بالصدقة.. لكنه لا يثق بالجمعيات الخيرية فيتساءل "كيف لى أن أضمن أن الأموال التى سأعطيها للجمعية ستذهب لمستحقيها" ويشعر أن إعطاء الصدقة باليد له طعم آخر. لذلك فهو أعطى الشحات الذى يمر فى الشارع، حيث إن كله بتاع ربنا والله يحاسبنا على ما فى قلوبنا، ويحاسب من يشحت على ما فى قلبه.
أبحث عن جمعية
أسماء عنتر- 52 سنة- ترى أنه مع تدهور الحالة الاقتصادية أصبح على كل الناس مساعدة بعض، لذلك إذا استطاع أحد أن يفك كرب أخ له فلِمَ لا.
أسماء أصبحت ترى أن الجمعيات لم يعد موثوقاً بها بالرغم من ذلك، فهى تحاول أن تعثر على أكثرها صدقاً وتمنحها صدقة عينية مثل الملابس، والكتب الدراسية وألعاب الأطفال.
"إذا كان السائل لديه القدرة على العمل لا تجوز عليه الصدقة ولا أعطيه أبداً"
جنيه زيادة
للمهندس أحمد حلمى شروط فى المتسول الذى يتصدق عليه أهمها أن يكون يعمل فى البيع والشراء على سبيل المثال.. فيزيد على سعر ما يشتريه منه جنيهاً.. لكنه لا يعطى أبداً من أطلق عليهم محترفى التسول.
يقول: أشعر بسعادة عندما أعطى الصدقة للمحتاج بنفسى.ومن أكثر المؤسسات التى يتصدق عليها المهندس أحمد هى المستشفيات فالجمعيات الخيرية التى أصبحت تعمل فى مجال أطفال الشوارع تحول كثير منها إلى بيزنس وأنا لا أثق فيها بالرغم من تعاطفه مع المشكلة.
يحدث فى مترو الأنفاق
داخل عربة السيدات فى المترو وقفت فتاة محجبة تتفحص الوجوه استعدادا لقول شىء.. لا تبدو عليها أى معالم للتسول،تمسك بيديها عددا من البرشورات وتدعو بأعلى صوتها "تبرعى يا مسلمة بجنيه واحد فقط من أجل الخير وكفالة الأيتام".
الفتاة اكتسبت تعاطف الفتيات والسيدات اللواتى تفاعلن معها وأعطينها بضعة جنيهات.. وكانت تعطيهن فى المقابل وصلا عليه شعار الجمعية تتبع عمرو خالد واسمها "على خطى الحبيب" وهو اسم أحد برامج الداعية وعندما سألناها عن كيفية التبرع أعطتنا أرقام تليفونات الجمعية وقالت أن نتصل بمدام رغدة أو مدام ماجدة ناجى مديرة الجمعية.. الافت للأنتباه هو حرص هذه الفتاة على أن نذكر أننا من طرفها عند إتصالنا.
وعندما اتصلنا بالجمعية ردت إحدى المتطوعات استفسرنا منها عن مدى صحة تبعية الجمعية لعمرو خالد فقالت أن الداعية الشاب قد زار الجمعية بالفعل مرة واحدة وأنه أبدى إعجابه بها فقط.. لكنه لا يمتلكها ولا يرأسها!!
بإسم عمرو خالد تتسول الجمعية فى وسائل المواصلات استغلالا لأجواء الشهر الكريم.. ،الجمعية تخضع لإشراف بنك ناصر الاجتماعى وتسير بنظام.. "نصلك حيثما كنت" فهم يرسلون مندوبهم لأخذ التبرعات.
أحد المتطوعين بالجمعية أكد لنا أن هناك مراقبين يشرفون على ميزانية التبرع مرة كل شهر.
نفس الشئ أكدته "ماجدة ناجى" مديرة الجمعية بقولها أن الجمعية تعول 150 عائلة تحتاج للمساعدة وأن المتطوعات هدفهن الانتشار السريع لجمع التبرعات وأنها ليست تابعة لعمرو خالد، فالفتاة تقوم بذلك بهدف الدعاية فقط، أما عن الإيصالات فهى ليست خاصة بالجمعية وحدها لكنه إيصال تستخدمه عدة جمعيات.
تسول فضائى
عند مشاهدتك لقناة "الحافظ" الدينية المتشددة تجد عشرات من رسائل التسول الممتدة على مدار 24 ساعة على شاشتها.. وفى بعض الأحيان تعلن عددا من أرقام التليفونات الدولية لإرسال التبرعات من مختلف دول العالم.. مثلا.. "أقسم بالله العظيم أنا فى ضيق وكرب شديد وأحتاج لمساعدة".. صاحب هذه الرسالة يرسلها عشرات المرات على الشاشة.. ليل نهار.. اتصلنا به كمتبرعين.. حكى لنا عن قصة حياته المأساوية التى لا يعلم إلا الله مدى صحتها.. فقال.. أن اسمه "أحمد الشافعى" متزوج ولديه بنتان على وشك الزواج وتعملان فى مصنع ملابس ومخطوبتان طبعا، وانه مريض بالسكر وقد أجرى على حد قوله عمليتين جراحيتين أقعدتاه فى البيت ولا يقوى على الحركة كثيرا وزوجته مريضة، بالتالى لا يجد مصدرا إضافيا للرزق إلا من خلال إرسال رسائل لقناة "الحافظ" ربنا يعمر بيتهم، وبالفعل جمع بعض التبرعات من أناس يرسلون له حوالات بريدية لكن بعض المحاولات باءت بالفشل.
وقال انه ينفق 10 جنيهات يوميا.قيمه رسالته في شريط الرسائل. فهذه القناة تسير على نهج "أفيد وأستفيد" لكن تحت ستار الدين فتاة أخرى أرسلت رسالة تقول فيها "انعدمت الرحمة، نحن أسرة فقيرة ولا نجد طعام إفطار ووالدى مات بالسرطان أريد المساعدة لوجه الله" اتصلنا بها و عرفنا منها أنها طالبة فى كلية التجارة ولديها أختان أصغر منها.. لكن المفاجاءه أنها لا تعلم من أمر القناة شيئا وأن أهل الخير هم الذين يتسولون لها.
إبتزاز دينى!
ومن أغرب الرسائل كانت رسالة تقول "أنا كنت مسيحى وأسلمت.. أريد المساعدة للإقامة فى المدينة المنورة.. تليفونى فى الكنترول".. اتصلنا بالكنترول لنجد إجابة محفوظة جافة "القناة ليست مسئولة عن محتوى الرسائل التى ترسل على شاشتها.. فأحيانا يكون هناك شباب يمزحون ويسعون للتعارف عن طريق القناة".
وبالفعل إحدى الفتيات اللواتى اتصلنا بهن كانت قد أرسلت رسالة تقول "أبى وأمى توفيا فى حادث أليم وليس لدى عائل أرجو المساعدة".. واتضح لنا أنها لا تطلب مساعدة مالية فوالدها كان مدرس ثانوى ووالدتها مدرسة ابتدائى وتعيش مع جدتها وخالتها فى مستوى مادى مريح هى فقط لا تريد أن تشعر بالوحدة على حد قولها!
سألنا أحد المختصين ببرنامج التبرع بالقناة عن مدى مسئولية القناة عن نصب بعض هؤلاء الذين يطلبون التبرع فقال "لو اتنصب علي حد يجرب حظه مرة تانية كي ينا الثواب وعليه ان يتأكد من بيانات الشخص الذى يتبرع له"!!
أما النوع الثانى للتسول على نفس القناة فتقوم به جمعية تحت مسمى "مشروع كفالة اليتيم" والذى يعرض إعلانه على الشاشة كالآتى "يدعوكم مشروع كفالة اليتيم للمشاركة فى إفطار صائم وكفالة المحتاجين للتبرع على حوالة بريدية أرض الجمعية إمبابة ولكم الأجر".
الغريب أن مذيع برنامج "من يمسح دموعى" الشيخ ياسر محمد سليمان الذى يعرض على قناة الحافظ كل يوم جمعة فى التاسعة والنصف مساء هو صاحب هذه الجمعية التى يعلن عن التبرع لها فى برنامجه وليس على المشاهد إلا الاتصال بالأرقام المكتوبة على الشاشة!!
اتصلنا بالجمعية فاجابت سيدة تدعى هبة وقالت لنا أن ضمان وصول التبرعات لمستحقيها هو أن الجمعية تابعة لبنك ناصر.. وعن نشاطهم قالت أمرا غريبا جدا بدا منه جهلها بأنها بذلك تفضح الجمعية.. فقالت أن الجمعية تقوم بعدة مشروعات للكسب وليس فقط للأجر وثوابه مثل مشروع مجموعات التقوية للأيتام وغير الأيتام برسوم تصل إلى 40 جنيها للمرحلة الابتدائية و80 جنيها للإعدادية ومازلنا لم نستقر على سعر للمرحلة الثانوية، وحاليا نعد لإنشاء مصنع سجاد يدوى للسيدات المتدينات! بالإضافة إلى أن الجمعية تعول 800 عائلة ومقتصرة فقط على حى إمبابة!
لا.. للشحاذين
فوجئ مشاهدو عدد من القنوات الفضائية بحملة إعلانية جريئة اصطدمت بثوابت الكثيرين حول مفهومهم عن الخير والعطاء،لما تضمنته من دعوة صريحة ومباشرة للامتناع عن إعطاء الشحاذين صدقة من أى نوع.. ثلاثة إعلانات تضمنتها الحملة الإعلانية، فى الإعلان الأول يقول المعلق "أحلى حاجة فينا لما اللى معاه يدى اللى ممعهوش، لكن كتير اللى بنديه بيشجع أطفال إنها تهرب من بيوتها وتعيش فى الشارع، ويشجع ناس على خطف رضع وتشويههم عشان يشحتوا بيهم، وناس تانية على احتراف الشحاتة والاحتيال على عواطفنا، ماتديش المحتال، وتحرم المحتاج، إدى المؤسسات والجمعيات الخيرية والجامع والكنيسة، إدى القريب والجار واللى كرامته بتمنعه من السؤال" هكذا ينتهى الإعلان الأول، أما الإعلان الثانى فيبدأ ببائع مناديل يتسول من المارة ويقول لأحد الشباب "مناديل يا باشا، مساعدة لله يا باشا" فيرد الشاب "سامحنى مبديش غير للى أعرفهم معلهش"، أما الإعلان الثالث فيبدأ بسيدة بسيطة الحال ترتدى طرحة وتظهر على وجهها سمات البؤس تنحنى على زجاج إحدى السيارات وتتوسل "ربنا يخليلك الست يا بيه" فيرد "مبديش غير اللى أعرفه معلهش أنا آسف" فترد "طب أى حاجة أى حاجة"، ومبادرها صوت المعلق قائلا "ماتديش المحتال وتحرم المحتاج" وتنتهى الإعلانات الثلاثة بلوجو كبير لكلمة "عام الكرامة 2009، حملة أهلية لضمان وصول المساعدات للمحتاج الحقيقى".
توقع البعض أن المسئول عن هذه الحملة جهة حكومية ما كوزارة التضامن الاجتماعى إلا أن شعار الحملة "عام الكرامة 2009" هو الشعار الذى اتخذته الساقية شعارا لها لعام 2009 .
المهندس عبدالمنعم الصاوى رئيس مجلس إدارة الساقية أكد أن هذه ليست دعوة لوقف الخير، وإنما هى ترويج لفكر يود أن يعتنقه الجميع كى لا يعطوا المحتال أموالهم، التى يستحقها آخرون قريبون، ولكنهم يتعففون عن طلبها كالأقارب والأصدقاء والجيران، أوالجمعيات الأهلية والجهات الموثوقة كالمسجد والكنيسة.. كل جنيه يدفعه المصريون على الأرصفة يساهم فى تدمير وخراب المجتمع ويشجع عددا كبيرا من الأطفال على الهرب من منازلهم والعيش فى الشارع على التسول، وهى أمور مرعبة لكن يمكن التخلص منها ببساطة عن طريق القضاء على العشوائية التى تسود أعمالنا الخيرية بدعوى أن الجمعيات الخيرية المسئولة غير موثوق فيها ويذهب الصاوى وراء احتمالية وجود جمعيات نصب واحتيال، ويقول أنه حتى لو فرضنا أن 25 ٪ من الجمعيات فاسدة فسيظل ذلك أفضل من المتسولين فإن 99 ٪ من الأموال التى يتلقاها المتسولون تذهب لغير مستحقيها، ليس هذا فقط بل على العكس تثير الحقد والضغينة فى نفس المتسول؛ فحين تخرج 5 جنيهات وتعطيها لأحدهم فإنه وإن أظهر لك الامتنان يغلى داخله حقد شديد ويتساءل عن قدر أموالك التى تجعلك تعطيه خمسة جنيهات بسهولة.
لا تعطوا المحتال
عدد من العاملين فى مجال المجتمع المدنى أجمعوا على نفس الرأى فتقول سوزان محب المدير التنفيذى لجمعية دار الأورمان أنه حين يأتى للجمعية متسول أو محتاج فإنهم يجرون حوله بحثا لتحديد مستواه المادى والاجتماعى فيذهبون إلى بيته أولا ليعرفوا عدد أبنائه وعدد الأفراد الذين يعولهم.. إلخ كل ذلك من أجل تقديم المساعدة المضبوطة.
بلغت تكاليف حملة "لا تعط المحتال وتحرم المحتاج" الإعلانية قرابة المائة ألف جنيه وذلك لأن القنوات التى تذيعها وافقت على تبنى الهدف منها وإذاعتها بالمجان.
وقد لاقت الحملة نجاحا كبيرا وتعضيدا من عدد من الجمعيات الخيرية الكبيرة فوصفتها سوزان محب بأنها إيجابية ومهمة، أما الدكتور رضا سكر مسئول العلاقات العامة ببنك الطعام فوصف الفكرة بالنبيلة قائلا "إن المتسول يتحصل من تلك "المهنة" على ما لا يقل عن 700-800 جنيه يوميا، فى حين أن هناك أفراداً أكثر استحقاقا للمساعدة كرامتهم تمنعهم من السؤال، والجمعيات تقوم بهذا الدور من البحث عن المحتاج لسد احتياجه".
جزء كبير جدا من أموال المصريين يذهب للمتسولين فى الشارع لا للجمعيات والجهات الخيرية القائمة على التبرعات مثل دور الأيتام ومستشفى 57357، لأسباب تتعدد، لعل أهمها وأبرزها غياب الثقة بين المتبرع الذى إما يمتنع عن الخير أو يقوم به وسط ريبة وشك، ففى جمعية "مشوار" الخيرية مثلا تقول أميرة مرزوق مسئولة العلاقات العامة: الكثير من المتبرعين يدققون فى أوجه إنفاق أموالهم، وبعضهم يحدد الفئة التى يريدها أن تستفيد من تبرعه، لذا تتوجه أكثر التبرعات إلى الأرامل والأيتام وتجهيز العرائس، وهو ما يختلف من شخص لآخر حسب تجاربه الشخصية وميوله فتجد من عانى من موت قريب عزيز لديه بمرض يشترط توجيه أمواله لعلاج الفقراء وهكذا.
لافرق
مع هذا الشك يلجأ الكثيرون إلى "التخلص من الزكاة" - على حد تعبير سوزان محب - فى الشارع لأقرب مار أو محتاج يراه بصرف النظر عما إذا كان مستحقا أم لا، لذا وبالرغم من أن هناك طاقة عالية جدا من المتبرعين وكما ضخما من المحتاجين إلا أن نسبة كبيرة من التبرعات لا تذهب للجمعيات الخيرية بسبب انتشار ظاهرة "التخلص من الزكاة" دون تفكير بين المصريين وكأنها حمل يريد أن يلقيه من على أكتافه.
ومن أجل ألا يتحول التسول من على الرصيف إلى باب الجمعيات فيظهر هناك من يحترفون اللف على الجمعيات وتسول أموالها، وفى إطار عام الكرامة أيضا انطلقت مبادرة تحت شعار "لا فقر" ..بداية هذا العام يقوم بجمع كل بيانات الذين يحصلون على معونة من 30 جمعية خيرية بطريقة تضمن اكتشاف من يحصل على إعانة من أكثر من جمعية فى نفس الوقت.
وكانت وزارة التضامن الاجتماعى قد سبقت وبدأت هذا التنسيق بين الجمعيات فاكتشفت مئات الآلاف من المتسولين الذين يترددون على أكثر من جمعية يحصلون منها على دخل كبير.. لكن معدل هؤلاء انخفض هذا العام من 70 ٪ إلى 50 ٪ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.