شارع "كلوت بك" يبدأ من ميدان رمسيس وينتهي عند ميدان الخازندار ، وتم إنشاؤه عام 1872 وسمي باسم الطبيب كلوت بك مؤسس مدرسة طب قصر العيني، وقد كان من أجمل شوارع القاهرة في القرن 19 حتى الاحتلال الإنجليزي الذي تحول معه الشارع إلى مكان لممارسة الرذيلة بترخيص من الدولة.. تصوير: محمد لطفي ففي فترة الثلاثينات والأربعينات كانت أغلب الحواري المتفرعة من الشارع لها سلالم تنتهي لدكاكين مغلقة بستائر حمراء وتمارس بداخلها الدعارة ولهذا أطلق عليها أسم الحواري الحمراء وأطلق على الشارع أنه من نار أو " درب الهوى " .. وبعد أن تم تجريم ممارسة الدعارة في الشارع مع نهاية فترة الأربعينات، شهد عدة أنواع من التجارة المتخصصة ولكن كانت كل منها تنتهي بعد مرور فترة طويلة من الزمن.. يقول رأفت سالم-محاسب على المعاش وأحد سكان الشارع-: منذ 30 سنة كانت التجارة الأكبر في الشارع هي أن يأتي الفلاحون من البلدان المجاورة من القليوبية وحتى المنوفية والغربية لبيع الزبد والجبن بطول الشارع ولكن بعد فترة انتهى هذا النوع من التجارة ليظهر نوع آخر بديل مثل تجارة الشنط التي أنتهت هي الأخرى لتبقى محلات التبريد والتكييف. عماد حبيب-صاحب محل إكسسوارات تبريد وتكييف-يقول: سبب انتشار هذه النوعية من التجارة أنه تم افتتاح عدد محدود من المحلات يعمل في هذه التجارة منذ 20 سنة، ثم تم افتتاح باقي المحلات بالتدريج حتى أصبحت غالبة على هذا الشارع ، وبرغم انتهاء موضوع تراخيص الدعارة في هذا الشارع إلا أنه مازالت هناك بعض الأماكن المحدودة التي تمارس هذا النشاط بشكل غير معلن . ويضيف رفعت حبشي-صاحب محل عصير-قائلا: افتتحت المحل منذ سنتين وتاريخ الشارع الذي يعرفه الناس كلها لم يكن عائقاً لكي يكون مصدر رزقي في نفس المكان خصوصا بعدما أصبح هذا الكلام لا وجود له في الوقت الحالي فهو شارع شعبي ويعتبر سوقاً لكثير من التجار. أما جمال الدين أحمد-صاحب كشك-فيقول: هذا الكشك موجود في هذا الشارع منذ عام 1954 منذ أفتتحه والدي الذي عاش وقت ترخيص ممارسة الدعارة بالشارع، ولكن وقتها لم يكن هناك مشكلة في ذلك بالنسبة له وكان يمارس عمله يوميا بشكل طبيعي. الحركة في الشارع عموما تبدأ من الساعة الثانية عشر ظهرا وتنتهي حوالي الساعة التاسعة مساء، فتجد الباعة الجائلين يفترشون الأرصفة بالإضافة لبعض محلات الملابس البسيطة ولكن يظل يوم الأحد موعداً مقدساً تغلق فيه معظم محلات الشارع.. وأكثر ما يلفت انتباهك فى أثناء التجول بالشارع هو تعدد مكاتب المحامين الذين حرصوا على إبراز لافتات لمكاتبهم، فكتب أحدهم على لافتته "أتعابنا من خصمك، شيكات، جنائي، مدني، وتنفيذ جميع الأحكام".. وتبقى وجود اللوكاندات الصغيرة والفنادق المتوسطة صفة غالبة على الشارع ولكن كلها تقريبا قديمة ومبنية على عروق خشبية وتتراوح أدوارها كحد أقصى أربعة أدوار ولكنها في مجملها تخدم الطبقة الشعبية وأشهرها لوكاندة محطة مصر وأسبلنديد ورمسيس الجديدة والنهر الخالد وكوكب الشرق وسوهاج الكبرى، فمعظم سكانها من محافظات الصعيد والدلتا.. على هاني محمد-عامل حجز فى احدى اللوكاندات- قال لنا فى البداية أنه لا يوجد حجز لديه بالفندق، وحينما صرحنا له بأننا لا نريد الإقامة ولكن نريد معرفة بعض المعلومات عن المكان فقال: الحقيقة لدي أماكن خالية بالفندق ولكن لا يصح أن أقول لك هذا لأن الأماكن المتوفرة لا تناسبك فهي تناسب فئة محددة وهي الفئة الشعبية التي تستطيع أن تنام في أي مكان، والشارع معروف من قديم الأزل بأنه شارع اللوكندات برغم انتهاء عصر ترخيصها منذ الستينات.. وعموما أسعار الإقامة في فنادق الشارع تبدأ من 10 جنيهات وحتى 100 جنيه في الليلة والفروق تكون في مستوى الفرش وإن كانت الإقامة جماعية أو فردية كما أن الأسعار المرتفعة تكون للغرف المزودة بالكماليات مثل المراوح .. الجدير بالذكر أن المقيمين بالفنادق هنا يكونون من بلاد الصعيد والدلتا حيث أن التعليمات ممنوع تسكين أهالي القاهرة الكبرى، وكذلك ممنوع تسكين سيدة بمفردها مهما كان السبب.