صوت الناس.. "محمد" يستغيث بالمسئولين لبحث شكوى قبل فوات الآوان    جامعة قناة السويس: تكريم الفرق الفائزة في كرة القدم الخماسية    رئيس العراق يستقبل وزير الري المصري على هامش مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه    حزب "المصريين": افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية يُسطر مرحلة جديدة في مسيرة التحول الرقمي    وزارة التموين : وفرنا السكر بالمنافذ وليس لدينا أزمة إنتاج .. والمشكلة كانت في التوزيع    بعد 204 يوما على حرب غزة.. ازدواجية الإعلام الأمريكي في تناول الكارثة الإنسانية.. نيويورك تايمز وجهت صحفييها بتقييد استخدام مصطلحات "الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والأراضى المحتلة"    وفد من «حماس» يصل القاهرة غدا لتسليم رد الحركة بشأن مقترح التهدئة بقطاع غزة    دخول 176 شاحنة مساعدات غذائية عبر معبر كرم أبو سالم    بسبب المجاعة.. استشهاد 30 طفلا في غزة    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل نظيره البحريني والوفد المرافق له    كاف يطلب من الزمالك التوجه إلى ملعب مباراة دريمز الغانى مبكراً .. اعرف السبب    بعد واقعة مباراة مازيمبى.. الأهلى يقرر توقيع عقوبة على السولية والشحات بسبب اعتراضهما علي قرارات كولر    تورينو ينظم ممرا شرفيا للاعبي إنتر احتفالاً بتتويجه بالدوري الإيطالي    تأجيل محاكمة المتهم بقتل نجل لاعب الزمالك السابق عمر كشمير    حملات تفتيشية مكبرة على الأسواق والمخابز بالمنيا    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يفتح باب الاشتراك في دورته الثانية .. اعرف المواعيد    وصل الإجمالي ل 57 مليون .. فيلم شقو يضيف 500 ألف جنيه لإيراداته ليلة أمس    أستاذ جهاز هضمي: الدولة المصرية صنعت دواء يعالج فيروس سي (فيديو)    «التنمية المحلية»: 40 ورشة عمل للقائمين على قانون التصالح الجديد بالمحافظات    محافظ بني سويف يُشيد بالطلاب ذوي الهمم بعد فوزهم في بطولة شمال الصعيد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    احتفال الآلاف من الأقباط بأحد الشعانين بمطرانيتي طنطا والمحلة.. صور    جامعة بني سويف تستقبل لجنة المراجعة الخارجية لاعتماد ثلاثة برامج بكلية العلوم    الطقس في الإسكندرية اليوم.. انخفاض درجات الحرارة واعتدال حركة الرياح    «التعليم» تحدد ضوابط تصحيح امتحانات النقل للترم الثاني 2024    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    فرق 60 دقيقة عن المواصلات.. توقيت رحلة المترو من عدلي منصور لجامعة القاهرة    سفير روسيا بالقاهرة: موسكو تقف بجوار الفلسطينيين على مدار التاريخ    لن أغفر لمن آذاني.. تعليق مثير ل ميار الببلاوي بعد اتهامها بالزنا    «قصور الثقافة» تختتم ملتقى أهل مصر لفتيات المحافظات الحدودية بمطروح    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    بلينكن يزور مستوطنة بئيري بعد هجوم 7 أكتوبر    بنك QNB الأهلي وصناع الخير للتنمية يقدمان منح دراسية للطلاب المتفوقين في الجامعات التكنولوجية    انطلاق فعاليات البرنامج التدريبى للتطعيمات والأمصال للقيادات التمريضية بمستشفيات محافظة بني سويف    البنية الأساسية والاهتمام بالتكنولوجيا.. أبرز رسائل الرئيس السيسي اليوم    أحمد مراد: الخيال يحتاج إلى إمكانيات جبارة لتحويله إلى عمل سينمائي    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع مسؤولي السياسات التجارية في السفارة البريطانية بالقاهرة    نجم الأهلي: أكرم توفيق انقذ كولر لهذا السبب    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    المصري الديمقراطي الاجتماعي يشارك في منتدى العالم العربي بعمان    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من مليون مواطن لمن تخطوا سن ال65 عاما    وزير الصحة: «العاصمة الإدارية» أول مستشفى يشهد تطبيق الخدمات الصحية من الجيل الرابع    المصري والداخلية.. مباراة القمة والقاع    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ألفا طالبة.. 4 محافظات تحصد المراكز الأولى ببطولة الجمهورية لألعاب القوى للمدارس -تفاصيل    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    شكوك حول مشاركة ثنائي بايرن أمام ريال مدريد    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    العودة في نفس اليوم.. تفاصيل قيام رحلة اليوم الواحد للاحتفال بشم النسيم    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات القطار بالقليوبية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    رفض الاعتذار.. حسام غالي يكشف كواليس خلافه مع كوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ولماذا حكم السيسى مصر؟ «السيسى» قادر فى يناير 2020 وقواعده جاهزة "8"

أثناء كتابة هذه الحلقات استردت ذاكرتى كثيرًا من الأحداث التى يَرُدُّ عليها الرئيسُ «السيسى» كل يوم بعمل يجعل مَن أرادوا الاستهانة بنا فى يوم ما يحسبون لنا الآن ألفَ حساب، عندما جاءت أول انتخابات رئاسية بعد أحداث 25يناير 2011م، التى أنا بصدد كتابة شخوصها الذين تَصدّروا المشهَد وكيف كانت علاقتهم بالمجلس العسكرى الذى كان يدير شئون البلاد وقتذاك.
ولا يمكن لى أن أنسَى ما قاله الأمريكان للمجلس بالحرف الواحد: (لا نريد منكم أىَّ عوائق تُذكر أمام مرشح الإخوان للرئاسة، إنهم قوة وتنظيم عالمى والقوى السياسية والشبابية معهم، وينوون الوصول إلى الحُكم بأى وسيلة، وإذا تواجَد أىُّ تنافس من المرشحين أمامهم سيسحقونه بطريقتهم، ويجب أن تكونوا على عِلْم بأنهم إذا لم ينالوا ما يريدون فسوف ينشرون الفوضى والإرهاب فى أرجاء البلاد، وسوف تدخل (حماس) تساعدهم فى سيناء ومعهم تيارات جهادية عدة تنتظر إشارة البدء هناك، وإذا حدث هذا سيكون للقوات الأمريكية تواجُد وتمركُز بسيناء؛ لأننا لن نسمح بأن يزحفوا إلى تل أبيب ولا نريد لناقلاتنا وناقلات الدول الحليفة أن يصيبها أى أذى أثناء مرورها بالمجرَى الملاحى قناة السويس، ولا تنسوا بأن الإخوان حولكم فى حدودكم الجنوبية، فنظام البشير إخوانى، وحدودكم الشرقية حماس إخوانية، وها هى ليبيا أيضًا سوف يتنازع عليها الإخوان، وهذا سوف يحتم دخولنا لا محال، فهذه الأطراف الحدودية تحتاج إلى قواعد عسكرية سريعة التجهيز والإمداد وهذا غير متوافر لديكم).
انتهى كلام الأمريكان، ورَدَّ المجلسُ العسكرى المصغر الذى كان يتصدره مع المشير «طنطاوى» اللواء «عبدالفتاح السيسى»- مدير المخابرات الحربية وقتذاك-، وكان رَدُّهم: (لا يحمى أرضَنا سوى جيشنا، ولن نسمح بأى قوات تخطو أرضَ مصر، ونحن جديرون بحماية المجرَى الملاحى على أرضنا، ومتحملون المسئولية الكاملة، أمّا بخصوص الإخوان فلينزل مرشحهم وإذا أتت به الانتخابات فإن الشعب المصرى هو الذى سيحدد إن كان يريده أمْ لا، وفى النهاية إحنا جيش الشعب ومعه فيما يريد).
طبعًا كان الإخوان فى هذا الوقت ينسفون أنابيب الغاز فى سيناء وكلما يتم إصلاحها ينقضّون عليها دون هوادة، ويقومون عَبر فضائياتهم وحلفائهم ببث مسيرات لإرهابيين يرفعون عَلم القاعدة الأسود والسّلفية الجهادية التى كان يقودها المدعو «حازم أبوإسماعيل» وجماعات أخرى ليعطوا الدافع الذى طلبته منهم أمريكا ليمكنها أن تُدخل جنودَها أراضينا وتتمركز فيها.
إن ما سبق هو الذى جعل المشير «عبدالفتاح السيسى» منذ كان وزيرًا للدفاع وهو يعمل بكل جهد ويسابق الزمان ليطوق أرجاء مصر بقواعد عسكرية قادرة على الإمداد والتموين لكل مناطق الجيوش فى أرجاء أرض الكنانة، بدأها بسد ثغرة المنطقة الشرقية فأنشأ لها قيادة تتعامل مع العملية «شامل» ضد الإرهاب فى كل ربوع مصر، ثم «قاعدة محمد نجيب» بالمنطقة الشمالية، وهى قاعدة كبرى كانت متنقلة وأصبحت راسية متمركزة فى مكانها، وهناك «قاعدة جرجوب» بالمنطقة الغربية، والقاعدة «برنيس» فى المنطقة الجنوبية، ويكلل كل هذا التطويق بالقواعد العسكرية الشامخة لحراسة مصر وشعبها وأرضها ويقول للعالم: لقد صرنا فى 2020م (قادرين) على إمداد جيوشنا بكل المناطق فى أسرع وقت بالجنود والتسليح الحديث وكل اللوجستيات المطلوبة.
هل فهمنا معنى رسالة الزعيم «السيسى» بأن يقول فى يناير 2020م إننا جاهزون وقادرون على حماية أراضينا واختيار مَن يحكمنا ولن يرهبنا أى مَن كان ولن يتدخل فى شئوننا أى قوة تحت أى زَعْم.
إن الكلام الذى قاله الساسة الأمريكان للمجلس العسكرى المصغر هو ما أفضَى به المشير «طنطاوى» إلى اللواء «عمر سليمان» دفعته بالكلية الحربية: (بلاش تنزل ياسليمان، الإخوان بتدعمهم قوى خارجية، أمريكا وبريطانيا وقوى داخلية لها مصالح معهم وتابعين لكل الأطراف أطلقوا على أنفسهم «عاصرى الليمون»).. فلماذا قال المجلس هذا الكلام لسليمان ولم يقله ل«أحمد شفيق»؟ هذا ما أجيب عليه.
كيف انضم «عمر سليمان» لمرشحى الرئاسة وكيف خرج؟
كان «سليمان» تحت العلاج فى مستشفى وادى النيل وقابله العديد من زملائه سواء العسكريين القدامَى أو مَن كان فى جهاز المخابرات العامة الذى كان يرأسه، وتحدّثوا معه عن ترشحه للرئاسة، وكان رَدُّه مُحددًا، بل فى بعض الأحيان قاطعًا حتى الأول من مارس 2012م، فكان قوله: «لن أترشح، أريد العلاجَ، فلدَىّ مشكلة تضخُّم فى البروستاتا، وسوف أعكف على قراءة القرآن وكتابة مذكراتى حتى لا يَعبث بها أحدٌ»، ولكن بعد ذلك صار هناك إلحاحٌ مستمرٌّ من حملة دعمه للترشح وقَبِلَ تحت ضغط قُوَى كثيرة ألحّتْ عليه، فقبل الترشح فى 13مارس، وعند ذلك ظهرَتْ مشكلة التصويت بينه وبين «أحمد شفيق» الذى كان قد أنهَى الترشح بشكل فعلى، ووجدوا أن الأصوات سوف تُفَتتْ بينهما، ولكن تقابل الاثنان وتم الاتفاق على أنه فى حال قبول أوراق «سليمان» فإن «شفيق» سينسحب ويتنازل لسليمان وتذهب إليه الأصوات جميعها، وإن هذا سيتم بعد تقديم الطعون فى الفترة التى حددتها لجنة الانتخابات الرئاسية.
لأن لو «شفيق» تنازل قبل ذلك سوف يفسّره البعضُ بأنه خرج من السباق ليتفادى الطعون، أو أن هناك شيئًا يشوبه، ولذلك سيقال إنه اضطر للتنازل لسليمان، وتم الاتفاق على هذا لأن كلّا من «سليمان وشفيق» كان يعلم أن الأصوات التى ستأتى لهما تصب فى خانة واحدة، وأن نزولهما الاثنين ليس من مصلحة أىّ منهما.
وبعد تقديم «عمر سليمان» لأوراقه كانت الضغوط شديدة فى حملة مسعورة ضده، وحتى المجلس العسكرى الذى قام «سليمان» باستئذانه أدبيًّا كأحد القادة العسكريين المنتمين للمؤسّسة بعد أن تمنوا له التوفيق حاولوا أن يثنوه بعد ذلك من الاستمرار بعد أن وصلتهم ضغوط أمريكية التى تصل إلى حد التهديد بأنه فى حال عدم وصول «الإخوان» للحُكم؛ فإن هذه الجماعة سوف تنشر الفوضى والإرهاب فى ربوع مصر وأن أمريكا والمجتمع الدولى سيتدخل بشكل عسكرى لحماية ناقلاتهم التى تمر من المجرَى الملاحى قناة السويس، وأيضًا سوف يتمركزون فى سيناء لحماية إسرائيل والقوات متعددة الجنسيات، وعليه عُقدت الكثير من الجلسات المغلقة للمجلس العسكرى الذى وجَد أن الجيشَ مُنهكٌ فى الشارع ويقوم بوظائف عدة أضيفت إليه بعد أحداث 25يناير وتفكيك أجهزة الدولة ومؤسّساتها وحتى نالت بعض الوزارات، هذا علاوة على أن الجيش فى حاجة إلى تسليح وتدريب جديد ولا توجد التكلفة اللازمة لذلك، فكل ما جناه الجيشُ من مشروعاته فى مدة سابقة قام بتسيير أحوال الدولة بها، فقد كان يدفع رواتب الموظفين وغيرها من أشياء لم تبق على أى فائض لديه.
ومن هنا تم التوصل إلى أن يتركوا الأمرَ للشعب، فإذا ما جاء هؤلاء «الإخوان» فلن تكون هناك ممانعة من الجيش، وأن الشعب الذى أتى بهم قادرٌ بعد أن يجرب حُكمهم أن يطلب رحيلهم ويومها سوف يكونون بجانب اختيارات الشعب فى كل الأوضاع، وهذا ما حدث بالفعل ولم يتحمل المصريون سوى عام واحد فقط من حُكم الجماعة الإرهابية الديكتاتورية البشعة.
ونرجع إلى اللواء «عمر سليمان» الذى وضَع فى اعتباره أولا كلام المجلس العسكرى وثانيًا أنه لم يتحمل ضغوط الرافضين له لعامل السِّن والمرض، وبالتالى كان يريد خروجًا من هذا السباق بأى شكل وأن يستمر «شفيق» الأصغر منه سِنًّا وبصحة جيدة، وعليه حاول جاهدًا الانسحاب من السباق، ولكنْ الأمر لم يكن سهلًا، فالانسحاب سمَة لا يفضلها العسكريون، وكان المَخرج الوحيد هو حكاية التوكيلات المكررة التى يعلم مؤيدوه أن التوكيلات صحيحة تمامًا وليس لهذا السبب خرج «سليمان»، ولكنْ رُبَّ ضارة نافعة، فقد كان هناك اثنان آخران من المرشحين المحتملين لديهما مشاكل حقيقية وخروج «سليمان» معهما كان عملًا ناجحًا على المستويين السياسى والقانونى للجنة الانتخابات الرئاسية.
«مصطفى الفقى» يكتب اعتذار «سليمان» لمؤيديه
حسمَ المؤيدون لسليمان أمرَهم للانضمام إلى «شفيق». وقال د.«مصطفى الفقى» ل «سليمان» إن هذا الخروج لائقٌ وعليه باستكمال الصورة، وهى رسالة اعتذار يوجّهها لكل مؤيديه والشعب المصرى كله، وبالطبع وافق «سليمان» على هذا، وقام «الفقى» بكتابه الاعتذار الذى ألقاه اللواء «عمر سليمان» بنفسه ليكون المشهَد الأخير له، ولتسدل الستار على حياة «عمر سليمان» الذى ناهض المادة 76 من الدستور فى عهد «مبارك»، التى كان تم تفصيلها على مقاس «جمال مبارك»، والذى عارض أيضًا سَفَر «جمال» لأمريكا لأخذ رضاها فى توريثه حُكم مصر، ولايزال هناك ما ستكشفه الأيام فى وفاة «سليمان» ومذكراته، هل كتبها بنفسه؛ حيث كان يخشى أن يكتبها الآخرون عنه، أمْ أنه لم يكتبها؟.
قصة «شفيق» والمجلس العسكرى
تبدأ قصة «شفيق» مع المجلس الأعلى العسكرى منذ يوم 12 فبراير2011م، عندما كلفه المشير «طنطاوى» للقيام بتشكيل حكومة ليترأسها بعد أن قدمت حكومته الأولى التى كلفه بها «مبارك» استقالتها بسقوط نظامه فى 11 فبراير، وبعد تكليف المجلس العسكرى «شفيق» برئاسة الوزراء تعددت أخطاؤه نتيجة أفعال كان يقوم بها منفردًا ودون الرجوع أو استشارة المجلس، وهذا جعل هناك غضبًا وحنقًا من القوى السياسية عليه، الذين بدورهم تواروا خلف ستار ما ادّعوا أنه غضب «شباب الثورة»، لكن الحقيقة أن القوى المعارضة من عهد «مبارك» وجدت أن «شفيق» يعمل على إحياء نظام «مبارك» بطرُق شَتّى؛ خصوصًا أنه لم يشركهم كما كانوا يتصورون فى حكومته الثانية، فوقفوا له بالمرصاد، وكان أول الأخطاء هو الإبقاء على وزير الإعلام «أنس الفقى»، والأكثر من ذلك أنه يوم 13 فبراير قال «شفيق»- وهو يعلن عن حكومة تسيير الأعمال التى كلف بتشكيلها- إن الإبقاء على «أنس» هو لكى يُكمل عمله من واقع أجندته الإعلامية، ومن هنا قام صحفى المجلس بسؤال «شفيق»: أين هذه الأجندة من أحداث يناير، وأين هى من كل التضارب الذى حدث فى أفعال تليفزيون الدولة؟.
من جانب آخر كان المجلس العسكرى أيضًا يتابع أقوال «شفيق» بهذا الخصوص، وكان لديهم أيضًا تساؤل عمّا يفعله، وما هى الأجندة إذا كان الجيش قد وضع مبنى الإذاعة والتليفزيون تحت سيطرته، ولم يعد هناك مجال لأجندة سابقة، ثم إن هذا الوزير حاول إعاقة إذاعة بيانات المجلس وأيضًا التنحى الذى تمت إذاعته و«أنس» متحفظ عليه فى مكتبه حتى لا يتلاعب، كان المجلس قد أعطى «شفيق» صلاحيات كاملة، ولكنه فى الوقت نفسه أثار علامات استفهام لديهم؛ لأنه قال بعد مقابلة تمت فى صباح اليوم نفسه مع المشير «طنطاوى» الذى كان محددًا بدوره فى أن تكون حكومة تسيير الأعمال بها بعض الوزراء السابقين الذين لديهم أعمال لا يعرفها الجُدُد، وأكيد ليس من بينهم «أنس»، وكان على «شفيق» أن يعى هذا بعد أن تعامل المجلس العسكرى مع «عبداللطيف المناوى»- رئيس قطاع الأخبار وقتذاك- ونحّى «أنس الفقى» جانبًا، بحيث لم يعد يدرى ماذا يحدث فى مبنى ماسبيرو القابع بداخله، فكيف لشفيق أن يجعله يستمر، بل يدّعى أن لديه أجندة يقوم بتنفيذها؟!.
وعليه استدعى المجلس «شفيق» ووجّه له لومًا على هذا، ما جعله يتدارك الموقف فقام بدعوة «عماد أديب» يوم الأحد 20فبراير ليعرض عليه منصب وزير الإعلام، وامتدت المقابلة لساعات بعدها خرج «عماد» حاملًا بعض الملفات فتوجهتُ إليه وسألته ماذا حدث؟ فقال: أقنعت الفريق «شفيق» بألّا تكون هناك وزارة إعلام، وأعطيت له دراسة قمتُ بإعدادها فى هذا الخصوص، فى الوقت نفسه كان المجلس العسكرى يستشعر أن هناك أخطاء جوهرية فى الإعلام بكل صوره المرئية والمقروءة والمسموعة فدعا نحو أربعين من المفكرين والصحفيين لاستطلاع رأيهم فى إصلاح حال الإعلام، وكان على رأسهم «إبراهيم سعدة، سيد ياسين، فهمى هويدى، إبراهيم نافع، محمد عبدالمنعم، مكرم محمد أحمد، جلال عامر، جلال دويدار» وغيرهم، ولكنهم جميعًا تحدّثوا عن المشاكل ولم يقدّموا حلولًا، واستشعر المجلس العسكرى أن أهل البيت ليس لديهم رؤية إصلاح أو أنهم فى حرج ما، وأن الأحاديث لا ترقى لمستوى التطبيق فى هذا الظرف الصعب الذى تمر به البلاد.
بعد ذلك قابل «شفيق» «منير فخرى عبدالنور» من حزب الوفد، و«جودة عبدالخالق» من حزب التجمع؛ لأنه وجَد ضرورة أن تكون حكومته الثانية ائتلافية تشترك فيها كل القوى السياسية، فقام أيضًا بمقابلة «عمرو حمزاوى» وعرض عليه وزارة الشباب والرياضة، لكنه اعتذر، على جانب آخر كان البعض يقوم بتقديم نفسه ل «شفيق» مثل: «عبدالله الأشعل» كان يريد أن يكون وزيرًا للخارجية، و«جورجيت قللينى» تريد أن تكون وزيرة للقوى العاملة، وبإعلان «شفيق» لأسماء حكومته التى تكونت من 26 وزيرًا بدلًا من 34، كما كان فى حكومة «أحمد نظيف»، وعندما لم يجد المشتاقون أسماءهم انقلبوا شرًّا على «شفيق» متوعدينه بكل ما يمكنهم فى انقلاب ميدان التحرير عليه.
لماذا هاجم «الأسوانى» شفيق؟
فى هذا السياق كان «علاء الأسوانى» يطمح فى الفوز بوزارة الثقافة، ولكنه وجد «محمد الصاوى» بدلًا منه، عند ذلك لم يتمكن من السيطرة على غيظه وتوعّدَ «شفيق» ونصب له الكمين التليفزيونى الذى أعدَّه مع بعض الإعلاميين فى الحوار الذى كان سببًا فى الإطاحة بشفيق، وكان البطل فى المواجهة المستفزة وغير اللائقة هو «الأسوانى»، من هنا كانت المسألة الإعلامية عند المجلس العسكرى هى الهاجس الأساسى، ولم يكن «شفيق» قادرًا على تقديم وجهة نظر فيها، فهو ملف شائك والمؤسّسات الصحفية قائمة على قَدَم وساق للتخلص من رؤساء التحرير المحسوبين على نظام «مبارك»، وقام بدوره اللواء «إسماعيل عتمان»- مدير إدارة الشئون المعنوية وعضو المجلس العسكرى فى ذلك الوقت- بتسريب معلومات عن إلغاء وزارة الإعلام، ووضع مجالس تحرير الصحف القومية لإدارة شئونها حتى إشعار آخر، ولكن هذا لم يَلقَ القبول فى الصحف، وعليه قام اللواء «مختار الملا» عبر مداخلة تليفزيونية مطالبًا رؤساء تحرير الصحف بتقديم استقالاتهم، وكان ذلك فى العاشرة من مساء يوم 21فبراير، وخلال هذا الوضع وفى 23فبراير تم إحراق الأدلة الجنائية الملحق بوزارة الداخلية- الذى سبق أن كتبتُ عن أحداثه وأسبابه-، ولكن من هنا صار أكثر من أزمة تلاحق حكومة «شفيق»، علاوة على استبقاء بعض الوزراء السابقين والمحسوبين على نظام «مبارك»، مثل: «سيد مشعل»- وزير الإنتاج الحربى- الذى كانت له خطايا كُثُر ضمن انحيازه للحزب الوطنى الذى انتمَى إليه وصار نائبًا عن حلوان، وأيضًا وزير الخارجية «أبوالغيط» و«ممدوح مرعى»- وزير العدل-، و«ماجد جورج»- وزير البيئة-، وكانت الطامّة الكبرَى عندما تم تعيين «يحيى الجمل» نائبًا لرئيس الوزراء، وأخذ يُلوّح بملف الصحافة لكى يجعل نفسَه تحت المجهر، ولكنه قام بإحداث انقلابات صحفية نتيجة تصريحاته وتسريب أسماء سوف يأتى بهم كرؤساء تحرير جُدُد أحدثتْ عدم الرضا لدَى الصحفيين، وفى يوم 27فبراير بدأت المظاهرات الفئوية تتزايد أمام مجلس الوزراء، وكان واضحًا أن مُحركها الأول بعض القوى السياسية التى لم يأتِ «شفيق» منهم بوزير وكانوا يريدون الإتيان ب«عصام شرف» بدلًا منه، والغريب فى الأمر أن الفئويات زادت فى عهد رئاسة «عصام شرف» لمجلس الوزراء؛ لأنها صارت عدوَى وتقليدًا للحصول على امتيازات، ولم يَعُد المحرك قادرًا على إيقافها فانقلب السّحرُ على الساحر.
محمود بركة و«فيس بوك» شفيق
كانت الخطة من ميدان التحرير أن تتم الإطاحة ب«شفيق» والإتيان ب«عصام شرف» الذى لمسَ فيه التيار اليسارى مع الإخوانى أنه سَهْلُ الانقياد والتأثير عليه، وأنه سيكون الشخص الذى سينالون من خلاله كل ما يتمنون من مناصب وغنائم فى دولة قضوا على الأخضر واليابس فيها- ولنا كلامٌ باستفاضة عن «عصام شرف» وحكومته.
ونعود ل«شفيق» الذى وجَد أن هناك قوى سياسية تلعب بغير حساب عازفة على وتر الثورة والثوار، وعليه عزم «شفيق» أن تكون له طريقته الخاصة للتواصل مع الشباب وقرر يوم 27فبراير أن تكون له صفحة على الفيس بوك، وفى تمام الساعة السادسة والنصف مساء هذا اليوم جاء فريق من الفنيين فى هذا المجال وعلى رأسهم «محمود بركة»- صاحب شركة إنتاج وكان الراعى لبرنامج «البيت بيتك» الشهير-، الذى قرّر بعد استغناء التليفزيون المصرى عنه فى عهد «أنس الفقى» أن يقوم بإنشاء قناة تحمل الاسم نفسَه للحفاظ على مُسماه كعلامة مسجلة، و«بركة» أساسًا مهندس ديكور، وهو الذى قام بتصميم صفحة الفيس لشفيق لتمكنه من مناقشة الشباب الذى يدعو لإسقاط وزارته بإيعاز من قوى سياسية معللين ذلك أنه حلف اليمين أمام «مبارك»، فى الوقت نفسه كان «يحيى الجمل» هو الآخر يقوم بالعبث فى ملف الصحافة ويوميّا يظهر فى القنوات الفضائية محددًا ملامح رؤساء التحرير الجُدد، ما أثار حفيظة الصحفيين، والشىء نفسه حدث فى ماسبيرو؛ حيث تم الدفع باللواء «طارق المهدى»- رئيس أركان قوات الدفاع الجوى- وانتدابه لإدارة الشئون الإدارية فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بإيعاز من «سامى عنان»؛ حيث إن الاثنين من قوات الدفاع الجوى وكان «عنان» يرسم لما ينتويه- وسنذكره فيما بعد.
وقد تدفق الآلاف من العاملين على مكتبه مقدمين شكواهم وساءت حالة الإعلام ومعها تناقصت أسهُم «شفيق» ليس لدَى مَن يطلق عليهم شباب الثورة فحسب، ولكن أيضًا لدى الإعلام الذى لم يكن ل«شفيق» يد فيها، بل كان يديره «يحيى الجمل - إسماعيل عتمان» اللذان أساءَا للملف برمته ولينتقل منهما ل«عمرو عزت سلامة» الذى لم يَحلّ ولم يربط واعتمد على الترويسة التى كانت فى أكثر الأحيان هى للشكل فقط فنتجت نتوءات صحفية وتوالت حتى وقتنا هذا.
وانتهت قصة «شفيق» مع رئاسة الوزراء فى الأول من مارس 2011م، وكان فى نظر المجلس العسكرى أنه لم يَقُم بإدارة الأزمة كما يجب، وأنه لم يلتفت لملاحظات المجلس وأيضًا قام بالعزف منفردًا فى كثير من أمور الاختيار لمن يعملون معه، ما أدى إلى اصطياده من المتربصين به من القوى السياسية ووضع مآخذ عليه لم يجد المجلس العسكرى أمامها سبيلًا إلّا مطالبة «شفيق» بالاستقالة، ولذلك عندما ذهب «شفيق» للمجلس العسكرى مستأذنًا للترشح للرئاسة- وهو كما سبق أن ذكرنا تقليد للمؤسّسة العسكرية مع رجالها-، لم يُطلعوه على الأمر مثلما فعلوا مع «سليمان»؛ لعلمهم بأنه لا يفعل إلّا ما يريد، فهو متشبث برأيه لأقصى الحدود، وأيضًا لم يعطوا له نصيحة عدم الترشح، بل طبقًا لشخصيته فقد تمنّى له «المشير» وأعضاء المجلس العسكرى التوفيق، ولم يكن معنى هذا أن «شفيق» كان مدعومًا من المجلس العسكرى كما أشاعت بعض القوى السياسية التى لا تعلم شيئًا.
1
2
3


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.