انطلاق فعاليات مؤتمر اتحاد القبائل العربية الأول وسط حضور كثيف    مفاضلة بين إمام وعبدالمنعم.. مصدر ليلا كورة: صلاح على رأس 5 لاعبين لدعم المنتخب بأولمبياد باريس    القاهرة الإخبارية: آليات إسرائيلية تتقدم تجاه مخيم جباليا شمال غزة    تراجع مؤشرات البورصات الأوروبية مع ترقب المتداولين لبيانات التضخم الأمريكية    إياد العسقلاني يدعم لاعبي الإسماعيلي قبل مواجهة طلائع الجيش    مدرب توتنهام: 99% من جماهيرنا تريد الخسارة أمام مانشستر سيتي    طلب تحريات حول ضبط طالب دهس شخص في النزهة    السجن المؤبد للمتهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا لفتح مقبرة أثرية بالفيوم    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن: الحرب فى بر "رفح"    مفاجأة.. نقيب المهن التمثيلية: منذ 2011 لم يتم تصوير أي مسرحية بشكل احترافي توثيقي.. فيديو    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق الرعاية الصحية والسياحة العلاجية    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    «عباس»: الهيئة تتخذ استراتيجية مستدامة لميكنة دورة العمل بالنيابة الإدارية    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    تعليم النواب توصي بدعم مستشفيات جامعة المنصورة ب 363 مليون جنيه    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    ميريت عمر الحريري تكشف تفاصيل إصابتها بالسرطان وكيف عالجت نفسها بالفن (فيديو)    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    موجة احتجاجات تعصف بوزراء الاحتلال في ذكرى «اليوم الوطني لضحايا معارك إسرائيل» (تفاصيل)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ولماذا حكم السيسي مصر ؟ ( 8 ) «السيسي» قادر فى يناير 2020 وقواعده جاهزة
نشر في أكتوبر يوم 19 - 01 - 2020

وأنا أكتب هذه الحلقات تسترد ذاكرتى كثيرا من الأحداث التى يرد عليها الرئيس السيسى كل يوم بعمل يجعل من أرادوا الاستهانة بنا فى يوم ما يحسبون لنا الآن ألف حساب، عندما جاءت أول انتخابات رئاسية بعد أحداث 25 يناير 2011 والتى أنا بصدد كتابة شخوصها الذين تصدروا المشهد وكيف كانت علاقتهم بالمجلس العسكرى الذى كان يدير شئون البلاد وقتذاك.
ولا يمكن لى ان أنسى ما قاله الأمريكان للمجلس بالحرف الواحد (لا نريد منكم أى عوائق تذكر أمام مرشح الإخوان للرئاسة، إنهم قوة وتنظيم عالمى والقوىالسياسية والشبابية معهم، وينوون الوصول الى الحكم بأى وسيلة وإذا تواجد أى تنافس من المرشحين أمامهم سيسحقونه بطريقتهم، ويجب أن تكونوا على علم بأنهم إذا لم ينالوا مايريدون فسوف ينشرون الفوضى والإرهاب فى أرجاء البلاد، وسوف تدخل حماس تساعدهم فى سيناء ومعهم تيارات جهادية عدة تنتظر إشارة البدء هناك، وإذا حدث هذا سيكون للقوات الأمريكية تواجد وتمركز بسيناء لاننا لن نسمح بأن يزحفوا الى تل أبيب ولا نريد لناقلاتنا وناقلات الدول الحليفة أن يصيبها أى أذى اثناء مرورها بالمجرى الملاحى قناة السويس ولا تنسوا بأن الإخوان حولكم فى حدودكم الجنوبية فنظام البشير إخوانى، وحدودكم الشرقية حماس إخوانية، وهاهى ليبيا أيضا سوف يتنازع عليها الاخوان، وهذا سوف يحتم دخولنا لا محال، فهذه الأطراف الحدودية تحتاج إلى قواعد عسكرية سريعة التجهيز والإمداد وهذا غير متوفر لديكم).
انتهى كلام الأمريكان ورد المجلس العسكرى المصغر والذى كان يتصدره مع المشير طنطاوى اللواء عبد الفتاح السيسى قائد المخابرات الحربية وقتذاك، وكان ردهم:(لا يحمى أرضنا سوى جيشنا ولن نسمح بأى قوات تخطو أرض مصر ونحن جديرون بحماية المجرى الملاحى على أرضنا ومتحملين المسئولية الكاملة، أما بخصوص الإخوان فلينزل مرشحهم وإذا أتت به الانتخابات فإن الشعب المصرى هو الذى سيحدد إن كان يريده أم لا وفى النهاية احنا جيش الشعب ومعه فيما يريد).
طبعا كان الإخوان فى هذا الوقت ينسفون أنابيب الغاز فى سيناء وكل مايتم إصلاحها ينقضون عليها دون هوادة، ويقومون عبر فضائياتهم وحلفائهم ببث مسيرات لإرهابيين يرفعون علم القاعدة الأسود والسلفية الجهادية التى كان يقودها المدعو (حازم أبو إسماعيل) وجماعات أخرى ليعطوا الدافع الذى طلبته منهم أمريكا ليمكنها أن تدخل جنودها أراضينا وتتمركز فيها.
إن ما سبق هو الذى جعل المشير عبد الفتاح السيسى منذ كان وزيرا للدفاع وهو يعمل بكل جهد ويسابق الزمان ليطوق ارجاء مصر بقواعد عسكرية قادرة على الإمداد والتموين لكل مناطق الجيوش فى أرجاء أرض الكنانة بدأها بسد ثغرة المنطقة الشرقية فأنشأ لها قيادة تتعامل مع العملية شامل ضد الإرهاب فى كل ربوع مصر، ثم قاعدة (محمد نجيب) بالمنطقة الشمالية وهى قاعدة كبرى كانت متنقلة وأصبحت راسية متمركزة فى مكانها، وسوف تكون هناك قاعدة (جرجوب) بالمنطقة الغربية، ويختتم يوم الخميس الماضى بالقاعدة (برنيس) فى المنطقة الجنوبية، ويكلل كل هذا التطويق بالقواعد العسكرية الشامخة لحراسة مصر وشعبها وأرضها ويقول للعالم لقد صرنا فى 2020 (قادرين) على إمداد جيوشنا بكل المناطق فى أسرع وقت بالجنود والتسليح الحديث وكل اللوجستيات المطلوبة.
هل فهمنا معنى رسالة الزعيم السيسى بأن يقول فى يناير 2020 اننا جاهزين وقادرين على حماية أراضينا واختيار من يحكمنا ولن يرهبنا أى من كان ولن يتدخل فى شئوننا أى قوة تحت أى زعم.
إن الكلام الذى قاله الساسة الأمريكان للمجلس العسكرى المصغر هو ما أفضى به المشير طنطاوى إلى اللواء (عمر سليمان) دفعته بالكلية الحربية (بلاش تنزل ياسليمان الإخوان بتدعمهم قوى خارجية،أمريكا وبريطانيا وقوى داخلية لها مصالح معهم وتابعين لكل الأطراف اطلقوا على أنفسهم (عاصرى الليمون) فلماذا قال المجلس هذا الكلام لسليمان ولم يقوله ل (أحمد شفيق) هذا ماتجيب عليه هذه الحلقة.
كيف انضم «عمر سليمان» لمرشحى الرئاسة وكيف خرج؟
كان سليمان تحت العلاج فى مستشفى وادى النيل وقابله العديد من زملائه سواء العسكريين القدامى أو من كان فى جهاز المخابرات العامة الذى كان يرأسه، وتحدثوا معه عن ترشحه للرئاسة وكان رده محددا بل وفى بعض الأحيان قاطعا حتى الأول من مارس 2012، فكان قوله لن أترشح أريد العلاج فلدى مشكلة تضخم فى البروستاتا وسوف أعكف على قراءة القران وكتابة مذكراتى حتى لا يعبث بها احد، ولكن بعد ذلك صار هناك إلحاح مستمر من حملة دعمه للترشح وقبل تحت ضغط قوى كثيرة ألحت عليه، فقبل الترشح فى 13 مارس وعند ذلك ظهرت مشكلة التصويت بينه وبين أحمد شفيق الذى كان قد انهى الترشح بشكل فعلى، ووجدوا أن الأصوات سوف تفتت بينهم، ولكن تقابل الاثنان وتم الاتفاق على أنه فى حال قبول أوراق سليمان فإن شفيق سينسحب ويتنازل لسليمان وتذهب إليه الأصوات جميعها، وان هذا سيتم بعد تقديم الطعون فى الفترة التى حددتها لجنة الانتخابات الرئاسية.
لأن لو شفيق تنازل قبل ذلك سوف يفسره البعض بأنه خرج من السباق ليتفادى الطعون أو أن هناك شيئا يشوبه ولذلك سيقال إنه اضطر للتنازل لسليمان، وتم الاتفاق على هذا لأن كلًا من سليمان وشفيق كان يعلم أن الأصوات التى ستأتى لهما تصب فى خانة واحدة، وأن نزولهما الاثنين ليس من مصلحة أى منهما.
وبعد تقديم (عمر سليمان) لأوراقه كانت الضغوط شديدة فى حملة مسعورة ضده، وحتى المجلس العسكرى الذى قام سليمان باستئذانه أدبياً كأحد القادة العسكريين المنتمين للمؤسسة بعد أن تمنوا له التوفيق حاولوا أن يثنوه بعد ذلك من الاستمرار بعد أن وصلتهم ضغوط أمريكية تصل إلى حد التهديد بأنه فى حال عدم وصول (الإخوان) للحكم فإن هذه الجماعة سوف تنشر الفوضى والإرهاب فى ربوع مصر وأن امريكا والمجتمع الدولى سيتدخل بشكل عسكرى لحماية ناقلاتهم التى تمر من المجرى الملاحى قناة السويس وأيضًا سوف يتمركزون فى سيناء لحماية إسرائيل والقوات متعددة الجنسيات، وعليه عقدت الكثير من الجلسات المغلقة للمجلس العسكرى الذى وجد ان الجيش منهك فى الشارع ويقوم بوظائف عدة أضيفت إليه بعد أحداث 25 يناير وتفكيك اجهزة الدولة ومؤسساتها وحتى نالت بعض الوزارات، هذا علاوة على أن الجيش فى حاجة الى تسليح وتدريب جديد ولا توجد التكلفة اللازمة لذلك فكل ما جناه الجيش من مشروعاته فى مدة سابقة قام بتسيير أحوال الدولة بها فقد كان يدفع مرتبات الموظفين وغيرها من أشياء لم تبق على أى فائض لديه.
ومن هنا تم التوصل بأن يتركوا الأمر للشعب فإذا ما جاء هؤلاء (الاخوان) فلن تكون هناك ممانعة من الجيش، وأن الشعب الذى أتى بهم قادر بعد أن يجرب حكمهم وأن يطلب رحيلهم ويومها سوف يكونوا بجانب اختيارات الشعب فى كل الأوضاع، وهذا ماحدث بالفعل ولم يتحمل المصريون سوى عام واحد فقط من حكم الجماعة الإرهابية الديكتاتورية البشعة.
ونرجع الى اللواء (عمر سليمان) الذى وضع فى اعتباره الأول كلام المجلس العسكرى وثانيًا انه لم يتحمل ضغوط الرافضين له لعامل السن والمرض، وبالتالى كان يريد خروجا من هذا السباق باى شكل وان يستمر شفيق الأصغر منه سنا وبصحة جيدة، وعليه حاول جاهدا الانسحاب من السباق ولكن الأمر لم يكن سهلا، فالانسحاب سمة لا يفضلها العسكريون وكان المخرج الوحيد هو حكاية التوكيلات المكررة التى يعلم مؤيدوه أن التوكيلات صحيحة تماما وليس لهذا السبب خرج سليمان، ولكن رب ضارة نافعة فقد كان هناك اثنان آخران من المرشحين المحتملين لديهم مشاكل حقيقية وخروج سليمان معهم كان عملا ناجحًا على المستوى السياسى والقانونى للجنة الانتخابات الرئاسية.
«مصطفى الفقى» يكتب اعتذار «سليمان» لمؤيديه
حسم المؤيدون لسليمان امرهم للانضمام إلى شفيق. وقال د.مصطفى الفقى ل (سليمان) إن هذا الخروج لائق وعليه باستكمال الصورة وهى رسالة اعتذار يوجهها لكل مؤيديه والشعب المصرى كله، وبالطبع وافق سليمان على هذا وقام الفقى بكتابه الاعتذار الذى ألقاه اللواء عمر سليمان بنفسه ليكون المشهد الأخير له، ولتسدل الستار على حياة عمر سليمان الذى ناهض المادة 76 من الدستور فى عهد مبارك والتى كان تم تفصيلها على مقاس جمال مبارك والذى عارض أيضا سفر جمال لأمريكا لأخذ رضاها فى توريثه حكم مصر، ومازال هناك ماستكشفه الأيام فى وفاة سليمان ومذكراته هل كتبها بنفسه حيث كان يخشى ان يكتبها الآخرون عنه أم انه لم يكتبها؟
قصة «شفيق» والمجلس العسكري
تبدأ قصة شفيق مع المجلس الأعلى العسكرى منذ يوم 12 فبراير 2011 عندما كلفه المشير طنطاوى للقيام بتشكيل حكومة ليترأسها بعد أن قدمت حكومته الأولى التى كلفه بها مبارك استقالتها بسقوط نظامه فى 11 فبراير، وبعد تكليف المجلس العسكرى شفيق برئاسة الوزراء تعددت أخطاءه نتيجة افعال كان يقوم بها منفردا ودون الرجوع أو استشارة المجلس، وهذا جعل هناك غضب وحنق من القوى السياسية عليه والذين بدورهم تواروا خلف ستار ما أدعوا أنه غضب (شباب الثورة) لكن الحقيقة ان القوى المعارضة من عهد مبارك وجدت أن شفيق يعمل على إحياء نظام مبارك بطرق شتى، خاصة أنه لم يشركهم كما كانوا يتصورون فى حكومته الثانية فوقفوا له بالمرصاد، وكان أول الأخطاء هو الإبقاء على وزير الإعلام (أنس الفقى) والأكثر من ذلك أنه يوم 13 فبراير قال شفيق وهو يعلن عن حكومة تسيير الأعمال التى كلف بتشكيلها أن الإبقاء على (أنس) هو لكى يكمل عمله من واقع أجندته الإعلامية، ومن هنا قام صحفى المجلس بسؤال شفيق أين هذه الأجندة من أحداث يناير وأين هى من كل التضارب الذى حدث فى أفعال تليفزيون الدولة؟
من جانب آخر كان المجلس العسكرى أيضا يتابع أقوال شفيق بهذا الخصوص وكان لديهم أيضا تساءل عما يفعله وما هى الأجندة إذا كان الجيش قد وضع مبنى الإذاعة والتليفزيون تحت سيطرته، ولم يعد هناك مجال لأجندة سابقة ثم ان هذا الوزير حاول إعاقة إذاعة بيانات المجلس وأيضًا التنحى الذى تم أذاعته وأنس متحفظ عليه فى مكتبه حتى لا يتلاعب، كان المجلس قد أعطى شفيق صلاحيات كاملة ولكنه فى الوقت نفسه أثار علامات استفهام لديهم، لأنه قال بعد مقابلة تمت فى صباح اليوم نفسه مع المشير طنطاوى الذى كان محددًا بدوره فى أن تكون حكومة تسيير الأعمال بها بعض الوزراء السابقين الذين لديهم أعمال لا يجب أن يعرفها الجدد، وأكيد ليس من بينهم أنس وكان على شفيق أن يعى هذا بعد أن تعامل المجلس العسكرى مع عبد اللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار وقتذاك ونحى أنس الفقى جانبا بحيث لم يعد يدرى ماذا يحدث فى مبنى ماسبيرو القابع بداخله، فكيف لشفيق ان يجعله يستمر بل ويدعى ان لديه اجندة يقوم بتنفيذها.
وعليه استدعى المجلس شفيق ووجه له لوما على هذا، مما جعله يتدارك الموقف فقام بدعوة (عماد أديب) يوم الأحد 20 فبراير ليعرض عليه منصب وزير الإعلام وامتدت المقابلة لساعات بعدها خرج عماد حاملًا بعض الملفات فتوجهت إليه وسألته ماذا حدث؟ فقال أقنعت الفريق شفيق بألا تكون هناك وزارة إعلام وأعطيت له دراسة قمت بإعدادها فى هذا الخصوص، فى الوقت نفسه كان المجلس العسكرى يستشعر ان هناك اخطاء جوهرية فى الإعلام بكل صوره المرئية والمقروءة والمسموعة فدعا حوالى أربعين من المفكرين والصحفيين لاستطلاع رأيهم فى إصلاح حال الإعلام وكان على رأسهم (إبراهيم سعده، سيد ياسين، فهمى هويدى، إبراهيم نافع، محمد عبد المنعم، مكرم محمد احمد، جلال عامر، جلال دويدار) وغيرهم، ولكنهم جميعا تحدثوا عن المشاكل ولم يقدموا حلولا، واستشعر المجلس العسكرى ان أهل البيت ليس لديهم رؤية إصلاح أو انهم فى حرج ما، وأن الأحاديث لا ترقى لمستوى التطبيق فى هذا الظرف الصعب الذى تمر به البلاد.
بعد ذلك قابل شفيق (منير فخرى عبد النور) من حزب الوفد، وجودة عبد الخالق من حزب التجمع لانه وجد ضرورة ان تكون حكومته الثانية ائتلافية تشترك فيها كل القوى السياسية فقام أيضا بمقابلة (عمرو حمزاوى) وعرض عليه وزارة الشباب والرياضة لكنه اعتذر، على جانب آخر كان البعض يقوم بتقديم نفسه ل (شفيق) مثل عبد الله الاشعل كان يريد ان يكون وزيرا للخارجية، وجورجيت قللينى تريد ان تكون وزيرة للقوى العاملة، وبإعلان شفيق لاسماء حكومته التى تكونت من 26 وزيرا بدلا من 34 كما كان فى حكومة (أحمد نظيف)، وعندما لم يجد المشتاقون أسماءهم انقلبوا شرا على شفيق متوعدينه بكل مايمكنهم فى انقلاب ميدان التحرير عليه.
لماذا هاجم «الأسواني» شفيق؟
فى هذا السياق كان (علاء الأسوانى) يطمح فى الفوز بوزارة الثقافة ولكنه وجد (محمد الصاوي) بدلا منه، عند ذلك لم يتمكن من السيطرة على غيظه وتوعد شفيق ونصب له الكمين التليفزيونى الذى أعده مع بعض الإعلاميين فى الحوار الذى كان سببا فى الإطاحة بشفيق وكان البطل فى المواجهة المستفزة وغير اللائقة هو (الأسوانى)، من هنا كانت المسالة الإعلامية عند المجلس العسكرى هى الهاجس الأساسى ولم يكن شفيق قادرا على تقديم وجهة نظر فيها، فهو ملف شائك والمؤسسات الصحفية قائمة على قدم وساق للتخلص من رؤساء التحرير المحسوبين على نظام مبارك، وقام بدوره اللواء إسماعيل عتمان مدير ادارة الشئون المعنوية وعضو المجلس العسكرى فى ذلك الوقت بتسريب معلومات عن إلغاء وزارة الإعلام ووضع مجالس تحرير الصحف القومية لإدارة شئونها حتى إشعار آخر، ولكن هذا لم يلق القبول فى الصحف وعليه قام اللواء مختار الملا عبر مداخلة تليفزيونية مطالبا رؤساء تحرير الصحف بتقديم استقالاتهم وكان ذلك فى العاشرة من مساء يوم 21 فبراير وخلال هذا الوضع وفى 23 فبراير تم إحراق الأدلة الجنائية الملحق بوزارة الداخلية والذى سبق وكتبت عن أحداثه وأسبابه، ولكن من هنا صار اكثر من أزمة تلاحق حكومة شفيق علاوة على استبقاء بعض الوزراء السابقين والمحسوبين على نظام مبارك مثل سيد مشعل وزير الإنتاج الحربى والذى كانت له خطايا كثر ضمن انحيازه للحزب الوطنى الذى انتمى اليه وصار نائبا عن حلوان، وأيضا وزير الخارجية أبو الغيط وممدوح مرعى وزير العدل وماجد جورج وزير البيئة،وكانت الطامة الكبرى عندما تم تعيين يحيى الجمل نائبا لرئيس الوزراء وأخذ يلوح بملف الصحافة لكى يجعل نفسه تحت المجهر ولكنه قام بإحداث انقلابات صحفية نتيجة تصريحاته وتسريب اسماء سوف يأتى بهم كرؤساء تحرير جدد احدثت عدم الرضا لدى الصحفيين وفى يوم 27 فبراير بدأت المظاهرات الفئوية تتزايد أمام مجلس الوزراء وكان واضحا ان محركها الأول بعض القوى السياسية التى لم يأت شفيق منهم بوزير وكانوا يريدون الإتيان ب (عصام شرف) بدلا منه، والغريب فى الأمر أن الفئويات زادت فى عهد رئاسة عصام شرف لمجلس الوزراء لانها صارت عدوى وتقليدا للحصول على امتيازات ولم يعد المحرك قادرا على ايقافها فانقلب السحر على الساحر.
محمود بركة و«فيس بوك» شفيق
كانت الخطة من ميدان التحرير ان يتم الإطاحة ب (شفيق) والإتيان ب (عصام شرف) الذى لمس فيه التيار اليسارى مع الاخوانى انه سهل الانقياد والتأثير عليه وأنه سيكون الشخص الذى سينالون من خلاله كل مايتمنون من مناصب وغنائم فى دولة قضوا على الأخضر واليابس فيها، ولنا كلام باستفاضة عن عصام شرف وحكومته فى حلقات قادمة بإذن الله.
ونعود ل (شفيق) الذى وجد ان هناك قوى سياسية تلعب بغير حساب عازفة على وتر الثورة والثوار، وعليه عزم شفيق بان تكون له طريقته الخاصة للتواصل مع الشباب وقرر يوم 27 فبراير بان تكون له صفحة على الفيس بوك وفى تمام الساعة السادسة ونصف مساء هذا اليوم جاء فريق من الفنيين فى هذا المجال وعلى رأسهم (محمود بركة) صاحب شركة انتاج وكان الراعى لبرنامج (البيت بيتك) الشهير، الذى قرر بعد استغناء التليفزيون المصرى عنه فى عهد (انس الفقى) ان يقوم بإنشاء قناة تحمل نفس الاسم للحفاظ على مسماه كعلامة مسجلة، وبركة اساسا مهندس ديكور وهو الذى قام بتصميم صفحة الفيس لشفيق لتمكنه من مناقشة الشباب الذى يدعو لاسقاط وزارته بايعاز من قوى سياسية معللين ذلك أنه حلف اليمين أمام مبارك، فى الوقت نفسه كان (يحى الجمل) هو الآخر يقوم بالعبث فى ملف الصحافة ويوميا يظهر فى القنوات الفضائية محددا ملامح رؤساء التحرير الجدد مما اثار حفيظة الصحفيين والشيء نفسه حدث فى ماسبيرو حيث تم الدفع باللواء (طارق المهدي) رئيس اركان قوات الدفاع الجوى وانتدابه لإدارة الشئون الإدارية فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون بايعاز من سامى عنان حيث ان الاثنين من قوات الدفاع الجوى وكان عنان يرسم لما ينتويه وسنذكره فيما بعد.
وقد تدفق الآلاف من العاملين على مكتبه مقدمين شكواهم وساءت حالة الإعلام ومعها تناقص اسهم شفيق ليس لدى من يطلق عليهم شباب الثورة فحسب، ولكن أيضا لدى الإعلام الذى لم يكن ل (شفيق) يد فيها، بل كان يديره (يحى الجمل – إسماعيل عتمان) الذين أساءوا للملف برمته ولينتقل منهم ل (عمرو عزت سلامة) الذى لم يحل ولا يربط واعتمد على الترويسة التى كانت فى اكثر الأحيان هى للشكل فقط فنتجت نتوءات صحفية وتوالت حتى وقتنا هذا.
وانتهت قصة (شفيق) مع رئاسة الوزراء فى الأول من مارس 2011 وكان فى نظر المجلس العسكرى انه لم يقم بإدارة الأزمة كما يجب وأنه لم يلتفت لملاحظات المجلس وأيضا قام بالعزف منفردا فى كثير من أمور الاختيار لمن يعملون معه مما أدى الى اصطياده من المتربصين به من القوى السياسية ووضع مآخذ عليه لم يجد المجلس العسكرى أمامها سبيلا الا مطالبة (شفيق) بالاستقالة، ولذلك عندما ذهب شفيق للمجلس العسكرى مستأذناً للترشح للرئاسة وهو كما سبق وذكرنا تقليد للمؤسسة العسكرية مع رجالها، لم يطلعوه على الأمر مثلما فعلوا مع سليمان لعلمهم بانه لا يفعل الا مايريد فهو متشبث برأيه لأقصى الحدود، وأيضا لم يعطوا له نصيحة عدم الترشح بل طبقا لشخصيته فقد تمنى له المشير وأعضاء المجلس العسكرى التوفيق ولم يكن معنى هذا ان شفيق كان مدعوما من المجلس العسكرى كما أشاعت بعض القوى السياسية التى لا تعلم شيئا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.