كشف مصدر مطلع بملف مفاوضات حوض النيل ل«روزاليوسف» أن خروج التصريح الإثيوبى الأخير برفض طلب مصر الانضمام لاتفاقية عنتيبى من قبل المجلس الوزارى للنيل هو أمر بعيد عن الواقع، وحيث إن المقترح المصرى الحالى لا يتعلق بعودة مصر إلى اتفاقية عنتيبى، وإنما فك عضويتها المجمدة بمبادرة حوض النيل بشرط توقيع وثيقة مبادئ جديدة تحقق التعاون والمنفعة مع التأكيد على مبدأ عدم الضرر. وأضاف: إن مصر عرضت خلال اجتماع المجلس الوزارى للنيل الأخير مقترحاتها بشأن عودتها لمبادرة حوض النيل بدعوة عدد من دول المنابع، وهذه الرؤية تتضمن وثيقة اتفاق مبادئ جديدة تضمن التعاون فيما يتعلق بمشروعات المبادرة المتوقفة والخاصة بالتنمية فى حوض النيل، واستقطاب حصص إضافية من المياه التى تهدر فى البرك والمستنقعات بأعالى النيل، وعمل تنمية بما يحقق المنفعة ولا يسبب أى ضرر لأى طرف، ولفت ذات المصدر إلى أن الجانب الإثيوبى بعدما لمس استجابة وترحيبًا من عدد من دول المنابع على المقترح المصرى طلب من مصر أن ترسل اقتراحها فى تقرير مكتوب بشكل تفصيلى لدراسته ومن ثم الرد عليه، وتحديد موعد لقمة رئاسية لاتخاذ قرار فورى وحاسم فيما يتعلق بالعرض المصرى. واستطرد المصدر: إنه تمت كتابة تقرير وإرساله للمجلس الوزارى للنيل، وهو ما تبعه طلب إثيوبى بمزيد من الاستفسارات والملاحظات، وقامت مصر بالرد بخطاب رسمى على جميع الملاحظات والاستفسارات، وتم تأجيل الموعد الذى كان مقررا لقمة رؤساء وقادة حوض النيل بأوغندا والذى كان قد تقرر له 25 مايو إلى منتصف يوليو، بعد طلب إثيوبيا مزيد من الدراسة للمقترح المصرى، إلا أنه حتى الآن لم يرسل الجانب الإثيوبى أى رد رسمى يفيد بقبول أو عرض المقترح المصرى الخاص بعودة مصر لمبادرة حوض النيل وفقا لاتفاق مبادئ يحدد أسس عدم الضرر. ولفت المصدر إلى أن هذا الموقف الإثيوبى يبرز مخاوفها من انعقاد قمة الرؤساء فى موعدها، وفى ضوء فضح أمرها بشأن بيع الوهم لدول منابع النيل بتوقيع اتفاقية عنتيبى، وحيث مارست الابتزاز السياسى على دول المنابع بتصعيد بالونة أن مصر تحظى بنصيب الأسد من مياه النيل، رغم أن هناك ما يذهب للنيل ما هو إلا 5% فقط من المياه الكلية الساقطة على حوض نهر النيل وتستفيد بها هذه الدول فى شكل حصص مطرية رفضت إثيوبيا حسابها ضمن استخدامات كل دولة، كما روجت إثيوبيا أن الاتفاقيات القائمة استعمارية، رغم أن هناك اتفاقيات أخرى مكملة لهذه الاتفاقيات القديمة تم توقيعها بعد استقلال دول النيل فى ظل شركات حقيقية للتنمية وليس ألاعيب للابتزاز السياسى. وفى ذات السياق كشف مسئول بملف مفاوضات سد النهضة ل«روزاليوسف» أن هناك مزيدًا من التشابك الذى تصدره إثيوبيا لملف المفاوضات الحالى لسد النهضة بإقحامها اتفاقية عنتيبى التى ترفضها مصر ضمن الأسس التى ستعمل الشركات المنفذة لدراسات سد النهضة، وهو ما يبرز ارتباكًا مقصودًا لعرقلة سير الدراسات، لافتا إلى أن هناك نوعًا من الابتزاز السياسى الذى تتم ممارسته على مصر، وبعدما فوجئ الوفد المصرى المشارك فى اللجنة الثلاثية الوطنية لسد النهضة بموقف غير مبرر من رئيس الوفد السودانى المهندس «سيف حمد» يصر على أن هناك حاجة لقياسات الاستخدامات الحالية والحقيقية لمياه النيل، وذلك قبل تحديد حجم المياه التى سيتم إطلاقها من خلف سد النهضة. ويأتى الموقف السودانى بطلب حساب الاستخدامات الحقيقية من مياه النيل ليعيد أزمة إعادة تقسيم حصص المياه وفقا لاتفاقية عنتيبى والذى كانت ترفضه السودان، بينما تبدل موقفها مؤخرا بشكل غير مبرر، فضلا عن قيام رئيس الوفد السودانى فى المفاوضات «سيف حمد» بالاستعانة بوسائل إعلام موالية للنظام السودانى لإبراز المنافع القليلة التى ستعود على السودان، ومنها تنظيم مياه الفيضان ومواسم الرى، وبينما يغفل الكثير عن الحقائق المؤلمة التى ستطرأ على السودان جراء بناء السد. وكشف مصدر سياسى سودانى أن هناك حقائق غائبة عن الرأى العام بالسودان فيما يتعلق بسد النهضة، وأبرزها أن إثيوبيا من خلال هذ السد ستفرض سطوتها على السودان بشكل أشبه بالاحتلال السياسى والاقتصادى والعسكرى، موضحا أن السودان تغرق بمياه الفيضان ويصل الأمر للكارثة عند اندفاع 900 مليون متر مكعب من مياه النيل الأزرق إليها فى يوم واحد، بينما إثيوبيا قادرة على أن تفتح سد النهضة لتمرير هذه الكمية من المياه لإحداث كارثة فيضانات بالسودان أو بزيادتها 120 مليونًا عن ال900 مليون وهناك تغرق السودان بأكملها وتختفى العاصمة الخرطوم تماما. وشدد ذات المصدر على أن هناك دراسات سودانية قام بها خبراء المياه بأشهر الجامعات السودانية ورفعوا بها تقارير تحذيرية للنظام السودانى، بينما هناك تجاهل للأمر، فيما لفت ذات المصدر إلى أن هناك تلاعبًا بالملفات السياسية وخلطها، وذلك بإقحام ملف حلايب وشلاتين فى مفاوضات سد النهضة من خلال خرائط طبوغرافية تبرز دخول المثلث فى الأراضى السودانية وليست المصرية، وتصدير ملف أزمة حلايب للرأى العام بالسودان قبيل أى اجتماعات خاصة بملف التفاوض، وتصعيد الأمور، وذلك على خلاف ما يحدث باتجاه الأراضى التى تحتلها إثيوبيا فى السودان فى مناطق الفشقة الصغرى والكبرى، ومن جانبه اكتفى وزير الموارد المائية والرى د. محمد عبد العاطى بالتعليق على سير المفاوضات الحالية قائلا ل«روزاليوسف» إن الوصول لاتفاق فيما يتعلق بملف عودة مصر لمبادرة حوض النيل أو التوافق فيما يتعلق بملف سد النهضة هو أمر يحقق المنفعة للجميع، بينما عدم التوصل لاتفاق على صعيد الملفين ليس فى مصلحة أحد.