ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    13 شهيدا فلسطينيا حصيلة قصف جيش الاحتلال رفح    مطار الملك خالد يصدر بيانًا بشأن حادث انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    السر في شيكابالا، الزمالك يكشف سبب احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    بعد المشادة مع كلوب| ليفربول يحدد سعر بيع محمد صلاح    لا يوجد بهم خطورة.. خروج 9 مصابين في حادث تسرب غاز الكلور بقنا    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    إصابة 17 شخصا في حادث مروري بالمنيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    آخر ظهور للمخرج عصام الشماع قبل رحيله.. حفل تأبين صديقه صلاح السعدني    أول رد رسمي من الزمالك على احتفال مصطفى شلبي المثير للجدل (فيديو)    مدحت شلبي يقدم اقتراحا لحل أزمة الشحات والشيبي    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الإثنين 29 إبريل 2024    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح مركز البيانات الحوسبة السحابية الحكومية    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    ميدو: لو أنا مسؤول في الأهلي هعرض عبد المنعم لأخصائي نفسي    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار تأخر 60 سنة مع رجائى ونيس
نشر في صباح الخير يوم 07 - 06 - 2023

فى عام 2002 كان لقاء كاتب هذه السطور مع المفكر الراحل د. مصطفى محمود فى منزله بالمهندسين، المناسبة هى تصوير لوحة بورتريه له ضمن تحقيق صحفى بعنوان «لوحة فى حياتى»، يومها روى د. مصطفى محمود مدى تعلقه بهذه الصورة ليست لأنها تظهر ملامح وجهه بدقة.. ولكن لأن الذى رسمها له فنان موهوب اسمه «رجائى ونيس» كان من أعز اصدقائه ولكنه هاجر لأستراليا منذ زمن طويل، ومرت سنوات واسم هذا الفنان يتردد أمامى فى حوارات تالية مع عمالقة أمثال رجاء النقاش ومحمود السعدنى ومصطفى حسين وغيرهم، فهو كان ضمن جيل الموهوبين الذى عمل مع العمالقة أمثال إحسان عبد القدوس وأحمد بهاء الدين وفتحى غانم وغيرهم، وفجأة منذ فترة نشر الصحفى الكبير منير عامر «بوست» على فيس بوك عن ذكرياته مع مجلة صباح الخير.. ثم وجدت ضمن المعلقين اسم «رجائى ونيس»، وبدون تردد سألته إذا كان هو نفسه الرسام الكبير، وبمجرد أن قرأت كلمة «نعم» بدأ الحوار مع شخص انتظرته 15 عامًا.. ولم أتوقع أنه سيأتى.




كنت صحفيًا مشهورًا فى سن صغيرة وتعمل بين عمالقة.. لماذا قررت الهجرة منذ نحو 50 عامًا ؟
منذ صغرى وأنا أتطلع لرؤية دول العالم، فقد كنت أقرأ باستمرار عن شئون العالم الخارجى فى جريدة الأهرام التى كان والدى يحضرها للمنزل كل يوم، وكانت أول صفحة أقرأها هى «السياسة الخارجية» ولطالما تمنيت زيارة تلك البلدان وخاصة بريطانيا وفرنسا، كما أن قراءاتى فى أعداد قديمة لمجلة « المختار من ريدرز دايجست» فى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات جعلتنى أتوق لزيارة أمريكا يومًا ما، ولم تتركنى تلك الرغبة فى السفر والترحال طوال حياتى وحاولت تنفيذها مرتين عندما كنت صغيرًا ولكن لم أفلح، فقررت تأجيل هذا الحلم إلى ما بعد الدراسة وفترة التجنيد، وفى عام 1962، وبينما كنت أعمل بمجلة صباح الخير، طلبنى رئيس التحرير إحسان عبد القدوس وسألنى إن كنت أودّ الذهاب فى رحلة إلى اليابان وهونج كونج مع زميلى مفيد فوزى لرسم انطباعاتى عن الرحلة، وقد بهرتنى اليابان وخصوصًا مدينة «كيوطو» التى أحببتها جدًا ووددت لو عدت إليها مرة أخرى لأعيش فيها وأختبر الحياة والفن اليابانى بتعمق، وذهبت مع فنان يابانى إلى كلية الفنون الجميلة وسألت إن كان من الممكن أن أحجز مكانًا لدراسة فن الطباعة على الخشب، فوافقوا ولكن على الدراسة فى قسم آخر وقالوا إنهم سيرسلون خطاباً إلى السفارة بعد عودتى لمصر، وعشت على هذا الأمل طوال عام حتى وصلنى الخطاب أخيرًا، وبعد رحلة عذاب فى المكاتب الحكومية، حيث إنه لم يكن من السهل الخروج من مصر فى تلك الأيام، وكنت أشعر بأننى بدأت فى تحقيق أحلامى وتقرير مصيرى أخيرًا.
هل شعرت يومًا بالندم على قرارك هذا؟
نهائيًا.. فقد كان هذا هو حلمى وأملى فى الحياة منذ كنت فى الثامنة من عمرى، ورغم الإقامة القصيرة فى اليابان – نحو 4 سنوات - إلا أنه سيظل لها اعتزاز خاص فى نفسى، فقد كانت الباب الذى دخلت منه إلى أحلامى، وتعلمت فيها الكثير عن الفن والفلسفة وعشقت الكتابة اليابانية التى أعتبرها فنًا عريقًا كنت أودّ لو كرست لدراستها وقتًا أطول من حياتى.



بمناسبة الرحلة اليابانية.. ألم تكن هى نفسها التى نجوت فيها بأعجوبة من الموت مع الأستاذ مفيد فوزى ؟
الطائرة التى عدنا بها من طوكيو هبطت فى هونج كونج، وما إن انقضى الليل حتى سمعت مع مفيد نبأ سقوط الطائرة التى كان من المفروض أن تحملنا إلى القاهرة، وقد هزتنى تلك الحادثة وجعلتنى أتأمل فى يد الله فى إدارة دفة حياتى حتى بدون أن أدرى.
نعود لبداياتك الصحفية فى مؤسسة روز اليوسف.. كيف حققت شهرة كبيرة خلال فترة بسيطة بين مجموعة من مشاهير الرسامين ؟
كنت أصغر الرسامين فى المؤسسة، وكان الجميع يهاب السيدة فاطمة اليوسف وخصوصًا الصغار فى السن أمثالى، نعم...كان لى دخل مادى كبير فى مرحلة ما، ولكن تجربة العمل مع شخصيات فذة فى عالم الفن والكاريكاتير والكتابة فى تلك الأيام جعلت اهتمامى هو الاستفادة منهم والانتماء لهذا الجيل الممتلئ بالطاقة الخلاقة أكثر من اهتمامى بالدخل المادى، وكنت أراها مرحلة من علاقات إنسانية جميلة مع الفنانين والكتاب فى تلك الحقبة المهمة من تاريخ مصر، كان الحماس كبيرًا.. ولكنه كان أيضًا ممزوجًا بالسذاجة لتصديق كل الوعود بمستقبل زاهر وجميل ومجتمع تحكمه المحبة... وكل ذلك تبخر عندما بدأت أرى الصورة من بعيد .
وكيف جاءتك فرصة الهجرة النهائية إلى أستراليا ؟
بين فترة اليابان وأستراليا كانت هناك الإقامة فى فرنسا، باريس تحديدًا، لأكثر من عام، وكذلك التنقل بين فرنسا وإيطاليا ثم إنجلترا، وأخيرًا الذهاب إلى أستراليا والاستقرار هناك، وبالمناسبة.. كان بإمكانى الزواج والاستقرار فى اليابان خاصة بعد أن أصبح لى عمل ثابت كمحاضر فى جامعة أوساكا للغات الأجنبية، ولكن شاءت الظروف أن أتعرف على فتاة أسترالية فى اليابان وتوطدت العلاقة حتى التقينا مرة أخرى فى فرنسا، وتزوجنا هناك رغم أننى كنت مصممًا على العودة إلى اليابان، ولكن إرادة الله جعلتنى أذهب إلى أستراليا، ومع ميلاد الأطفال والاستقرار فى العمل بدأت الحياة تأخذ مسارًا مختلفًا تمامًا.



كيف ؟
كانت أكبر مستشفيات الأمراض النفسية فى ولاية غرب أستراليا تبحث عن فنان ليعمل بوحدة علاجية عن العلاج باستخدام الفن، وتقدمت ووافقوا على الفور لانضمامى إليها، وهكذا ساهمت فى تأسيس أول وحدة علاجية بالفن فى الولاية، كان ذلك فى عام 1969 أى بعد أقل من عام من وصولى لأستراليا، وفى البداية كنت أحلم بالعمل لفترة صغيرة ثم أعود بعدها لممارسة الفن، ولكن.. مع استجابة المرضى لى واستجابتى لهم وتفاعلى مع مشاكلهم استمرت مدة عملى لأكثر من 25 عامًا منها 7 سنوات كرئيس للوحدة، وفى تلك الأثناء قررت التخلى عن الفن تمامًا وتكريس نفسى للعناية بهؤلاء المرضى، فقد آمنت تمامًا بأن العمل الإنسانى أصبح بالنسبة لى أهم من عمل وشهرة الفنان، وما زلت أعتبر تلك الفترة من حياتى أكثر تأثيرًا فى أفكارى مقارنة بكل فترات عملى بالصحافة، وذلك رغم عشقى للكاريكاتير السياسى الذى حققت فيه بعض الشهرة، فعندما تركت كل هذا خلفى وهاجرت من مصر تعجب البعض من هذه الخطوة رغم دخولى بالفعل باب النجاح.. ولكن بالنسبة لى كان تحقيق الحلم أهم بكثير من كل أبواب الشهرة والثروة.
وطوال هذه السنوات.. هل كنت ما زلت مرتبطًا بمجلة «صباح الخير» ؟
هناك بعض المواقف بالنسبة لى كانت تخلو من الأمانة والصراحة رغم أنها جاءت من بعض الذين كنت أحترمهم، وقد نشرت أهم أعمالى فى صباح الخير فى التسعينيات عندما كان كل من مفيد فوزى ورؤوف توفيق رؤساء للتحرير، ولكن الوضع بدأ ينقلب فى أواخر التسعينيات فى صباح الخير والأهرام ويكلى ومجلة كاريكاتير مما جعلنى أبتعد، بالتحديد انقطعت علاقتى بمجلتى صباح الخير وروز اليوسف منذ عام 1998.. ولست نادمًا على ذلك!



وأصدقاؤك القدامى.. هل انقطعت أخبارهم عنك أيضًا ؟
بالعكس.. فقد كانت هناك مراسلات مكتوبة ومرسومة منذ أواخر الستينيات وكانت تشمل د.مصطفى محمود وبهجت عثمان وأحد أصدقاء اليابان وكان يعيش فى إيطاليا وأيضًا الفنان جورج البهجورى الذى فاز بنصيب الأسد من خطاباتى المرصعة بالكاريكاتير، وكان جورج يداوم على المراسلة مما شجعنى على الاستمرار من أوائل السبعينيات إلى عام 2010، حيث أرسلت له آخر خطاب، وكنت أستمتع بهذا اللون من المراسلة الذى كان أحد إبداعاتى وكنت أتناول فيها السياسة والمجتمع والفن والكاريكاتير، وكان كل خطاب وكأنه موضوع قائم بذاته، ولكننى كنت أرفض نشر خطاباتى لأَنِّى لم أهدف من ورائها إلا الفكاهة المجردة والتى كان من الصعب على القارئ العادى فهمها، وكلما طلب منى جورج نشرها كنت أرفض وأقول له: «ربما يومًا ما بعد أن نرحل» ! ولكنى وافقت على نشر خطاب منها منذ سنوات، وهناك المئات من هذه الخطابات عند البهجورى.
الكاتب الراحل لويس جريس قال لى فى حوار سابق أنك كنت تتساءل: «ما فائدة الرسم؟».. ولهذا سافرت بحثًا عن إجابة، هل وجدتها ؟
نظرتى للفن تغيرت عندما عملت فى ميدان العلاج النفسى وتعمقت بعد تلك التجربة، وما زلت أؤمن بالفن ورسالته ولكن بدون المبالغات التى نطلقها عليه وكأنه أهم شيء فى الوجود!.



بين العظماء الذين عملت معهم.. من أكثر شخص تأثرت به ؟
عندما شاهدت مجلة روز اليوسف فى عام 1949 تفتحت عيناى على شيء اسمه كاريكاتير سياسى أو رسوم سياسية ساخرة، كان الفنان الأشهر وقتها اسمه عبد السميع، وكانت الرسوم فى عهد الملكية والأحزاب السياسية متميزة، وبدأت أقلد تلك الرسوم فى سن مبكّرة جدًا، وكنت أرسمها على السبورة فى المدرسة مما سبب لى بعض المتاعب، وبرعت فى رسم شخصيات مثل النحاس باشا وفؤاد سراج الدين باشا، ثم انتقلت إلى رسم الأصدقاء بهذا الأسلوب وكانت سببًا فى مشاجرات، وفى تلك الأثناء كان لجورج البهجورى دور كبير فى هذه النقلة لتطوير الشكل فى الكاريكاتير، كان جورج يكبرنى بخمسه أعوام وعلى وشك التخرج فى كلية الفنون الجميلة، بينما كنت أنا فى أول سنة بالكلية، وبدأت فى رؤية رسومه على غلاف مجلة روز اليوسف، وكان لأسلوبه أثر على الكثيرين من فنانى الكاريكاتير الناشئين، وكنت كذلك معجبًا بكاريكاتير حسن حاكم فى مجلة الاثنين والدنيا، وقد قابلت كل هؤلاء فى كلية الفنون الجميلة، وكان البعض يسبقنى بعامين أو ثلاثة من الدراسة مثل مصطفى حسين وإيهاب شاكر ، كانت تلك هى سنوات الحماس والبحث والمحاكاة للتعلم ممن سبقونى فى هذا الميدان من الفنانين المصريين، ولكن بعد تفتحى على الكاريكاتير الإنجليزى والفرنسى والإيطالى بعد ذلك بسنوات أعادت لى هذه الأعمال الأيام الذهبية للكاريكاتير المصرى، وبدأت أتحسر على خسارة المضمون.. ولكنى اكتسبت خبرات كثيرة من الأسلوب وطرق التفكير، وبالتأكيد كان لظهور صلاح جاهين وبهجت عثمان ثم حجازى والليثى بعد ذلك دور فى تطوير مدرسة أخرى، وكان لهؤلاء خط مباشر مع الجمهور لتناولهم قضايا اجتماعية بشكل ساخر بشكل يصل لقلب القارئ، وقد حاولت التوفيق بين الشكل والمضمون فى مرحلة النضج .
حياته الإجتماعية فى اليابان
عندما كنت تتابع أخبار مصر طوال النصف قرن الماضى، كيف كنت ترى الصورة من بعيد ؟
كنت أتابع الأخبار فى مصر فى مرحلة الثمانينيات والتسعينيات عندما كنت أهتم بالنشر، وعندما كنت أتراسل مع بعض الأصدقاء مثل مصطفى محمود وجورج البهجورى، ولكننى لم أعد أؤمن بالسياسة ولا برجالها فى أى مكان فى العالم، فقط أؤمن بالعمل الفنى وفن السخرية الذى يخشاه الآن رجال السياسة، لقد قضيت معظم أيام عمرى خارج مصر والرؤية من بعيد تختلف عن الحياة من قريب، وبصراحة.. أنا أشعر براحة فى ثقافات أخرى، العمر انقضى تقريبًا ولم يعد يهمنى رأى أحد.. المهم هو أننى قررت أن أعيش أحلامى كما تخيلتها تمامًا، وبصفة عامة، أنا أنتمى لأكثر من بلد.. مصر واليابان وأستراليا.. أنا أنتمى لعالم الشرق الأوسط والشرق الأقصى والعالم الغربى.. أنا أنتمى لهذا العالم بشكل مؤقت وللعالم الروحى بشكل دائم. إن العمر يوشك على النهاية وأنا مازلت على وشك فهم واستيعاب أشياء كثيرة عن الفن والحياة، وما هو ضرورى وما هو ليس إلا شوائب لا جوهر لها !.



هناك أسماء لابد من التوقف عندها، د. مصطفى محمود والذى كان يتحدث عنك بكل ود وكأنكما لم تفترقا منذ 40 عامًا تقريبًا، ما سر صداقتكما ؟
صداقتنا بدأت مند عام 1957 وامتدت حتى قبل وفاته، وكنت أزوره كلما حضرت إلى مصر، وهناك مناقشات طويلة بيننا من خلال الخطابات فى أثناء إقامتى فى اليابان وفرنسا وأستراليا، ورغم اختلاف الرأى إلا أن صداقتنا ظلت قوية حتى النهاية، فقد كان يؤمن بفنى أكثر من إيمانى أنا به أو بنفسى.
عملت مع رؤساء للتحرير من الكبار، إحسان عبد القدوس وفتحى غانم وأحمد بهاء الدين، بأيهم تأثرت أكثر ؟
منذ سنوات رسمت من الذاكرة كاريكاتيرًا استعدت فيه حجرة الفنانين فى دار روزاليوسف القديمة، وفيها شخصيات الفنانين والكتاب والمحررين كما كانوا يبدون فى عام 1956، وقطعًا لا أنسى أحد أيام عام 1959 أو 1960 على ما أذكر.. فقد اختفت وجوه بعض الكتاب والفنانين فجأة ودار همس خافت عن حملة اعتقالات لليسار، وكانت دار روزاليوسف تحتوى على أكبر عدد من اليساريين وقتها، كان من بينهم الفنانين جمال كامل وحسن فؤاد وزهدى وفتحى خليل وآخرين، وظل هؤلاء مختفين لسنوات ثم عادوا تدريجيًا، فى تلك الفترة ازداد إنتاجى وبدأت تدريجيًا أكتشف طريقى الخاص فى الرسم والتعبير، وخلال تلك الفترة كان إحسان عبد القدوس مثل الأب المثالى لنا جميعًا، وكان يتواضع معنا خاصة بعد الانتهاء من كتابة مقاله الأسبوعى أو حلقات من رواياته، ثم يأخذنا معه للسهر فى أحد الفنادق، وقد سألنى يومًا ما عن أقصى مخاوفى فقلت له: «أن أنهى حياتى كعجوز يلبس الجلابية ويجلس فى البلكونة يقرأ فى صفحة الوفيات» !، أما أحمد بهاء الدين فقد كان متفهمًا تمامًا للفنانين ولكن اختلاطه معنا كان قليلاً، أما فتحى غانم فقد كان الأقرب لكل الفنانين، وكانت له شطحات كرئيس للتحرير ولذلك يحب شطحات الفنانين، وكان شخصية بسيطة ومحبة للجميع، وأذكر أنه دخل يومًا إلى غرفة التحرير فوجد على مكتب جورج البهجورى ورقة مرسومة وقد أعجبته، كنت رسمتها بشكل عفوى لجدى وكتبت تحتها: «صورة جدى»، وبعد أيام فوجئت بها على غلاف المجلة، أيضًا هناك أشخاص عملت معهم من الصعب نسيانهم.. مثل محمود السعدنى بسخريته الشديدة.



صحفيو هذه الأيام كانت لهم حكايات كثيرة مع الفنانين.. وماذا عنك ؟
فى دار روز اليوسف القديمة كان عبد الحليم حافظ يأتى لزيارة إحسان عبد القدوس وجمال كامل وحسن فؤاد ومصطفى محمود، وكانت أول معرفتى به فى هذه الزيارات ولكن أيضًا فى زيارة لمسقط رأْسه «الحلوات» حيث ذهبت مع مفيد فوزى وعبد الحليم فى سيارة مجدى العمروسى، بعد ذلك كنت أزوره أحيانًا مع مصطفى محمود وجمال كامل فى شقته بالجزيرة.. حيث كان يفصح عن أعماله الجديدة ثم نلعب معه عشرة طاولة أو كوتشينة، وكما كنا ننتمى لجيل الثورة وعبد الناصر.. أصبحنا ننتمى أيضًا لجيل عبد الحليم حافظ، كانت تلك اللحظات تبدو عادية جدًا فى ذلك الوقت، ولكن بعد مضى تلك السنين وبعد رحيل الكثير من أصحابها، وبعد رحيلى أنا من مصر نهائيًا فى يناير 1964، تبدو تلك اللحظات وكأنى لم أعرف قدرها التاريخى كما يجب، وكل المطربين العظماء مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم لن يتكرروا.. ولا يجب أن نطلب تكرارهم.



ما حكاية «خماسيات الأيام» التى تنشر عبرها بعض رسوماتك ؟
هى اسم ساخر مقتبس من «رباعيات الخيام»، وعندى شعر لم أنشره بعد عن محادثة لى مع عمر الخيام، وأنا أسميتها «خماسيات» لأنها تعتمد على خمسة أبيات بالإضافة للرسمة نفسها.
«خطوط الألم وألوان الابتسام».. لماذا أطلقت هذا العنوان بالتحديد على أحد مؤلفاتك؟
هو عنوان لذكرياتى فى ميدان العلاج النفسى، وهى تلخص ما يعبر عنه المريض نفسيًا فى رسومه من الحزن أحيانًا.. والابتسام أحيانًا أخرى، وكتبت بعض تلك الذكريات فى مجلة «صباح الخير» بناء على طلب من رئيس تحريرها وقتها رءوف توفيق، ولكن بسبب أحد «العباقرة» الذين تولوا المسئولية فيما بعد ولم يفهموا شيئًا فى الصحافة أو الفن أو العلاج النفسى أو حتى القراءة ذاتها، توقفت عن نشر باقى الحلقات وسحبت كل أعمالى الباقية من هناك، كنت سأتبع تلك الحلقات بنشر الكتاب نفسه.. ولكنى سعيد بوضعه على الرف!.




خلال مشوارك الطويل مع العلاج بالفن.. ما هى أصعب حالة قابلتك وساعدتها فى عملية شفائها؟
قابلت شابًا كان مريضًا بالاكتئاب بعد تعرضه لحادث، وكان يكره الرسم ويعمل لحّامًا، وكنت أصمم مشاريع نحت بالحديد وينفذها هو، وبالتدريج أصبح يحب هذا الفن، ثم التحق بكلية الفنون الجميلة وأصبح فنانًا معروفًا حاليًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.