لم نكن نتخيل ونحن نشاهد أزمنة الأوبئة فى الأعمال الفنية، وما تحدثه من بؤس وقسوة وانقباض، أن نعايش تلك المشاعر واقعيًا فى زماننا هذا، والذى وصل فيه الإنسان إلى أعلى مراتب العلم، وتسخير نظرياته لتحويل الخيال فى الأدب والسينما إلى واقع!!.. فأصبحنا نعيش فى عزلة جبرية واختيارية، نخشى الوباء ونتابع أخباره بخوف وتوتر. ونتذكر برهبة الأعمال الأدبية والفنية التى تناولت الأوبئة فى أزمنة سابقة، فنتذكر على سبيل المثال فى الأدب «الحرافيش» لنجيب محفوظ، و«الأيام» لطه حسين، والذى تناول كل منهما فى بعض الصفحات إنتشار الوباء فى مصر.. كذلك فى الأدب العالمى «الحب فى زمن الكوليرا» لجابرييل جارسيا ماركيز، أو «الطاعون» لألبير كامو..أما السينما العربية فلا ننس فيلم «اليوم السادس» ليوسف شاهين وبطولة داليدا..وفى الدراما مسلسل «زمن الحلم الضائع»، و«الوتد» ومؤخرًا «أهو دا اللى صار»..تناولت هذه الأعمال وغيرها انتشار الأوبئة وحصدها للأرواح بلا رحمة، ولكن فى الماضى حين كان العلم أقل تقدمًا.. أما فى السينما العالمية فشاهدنا انتشار الأوبئة فى عصرنا الحالى، مع كل هذا العلم والتقدم، سواء بانتشار أوبئة تشبه الكورونا حاليًا، أو أوبئة أكثر خيالًا ظلاميًا، مثل انتشار وباء يصيب الإنسان بسعار، ويجعله متعطشًا لدماء البشر، بعد أن يتحول إلى ما يشبه «الزومبى» كالفيلم الصينى «Contagion» أو الفيلم الأمريكى «World War Z» !..ورغم أننا كنا نشاهد تلك الأفلام كمجرد أفلام تشويق وإثارة، إلا أننا عشنا فعليا كابوس الكورونا الآن، ونتمنى ألا يأتى يوم يحولنا فيه العلم وأهله إلى «زومبى»!!..فالخيال العلمى منذ بدايات ظهوره، تحول إلى واقع فى عصرنا الحالى، بدءًا من آلات الطيران والغواصات فى ملحمة «رامايانا» الهندية التى ترجع أصولها للقرن الرابع قبل الميلاد، والسفر للقمر وحروب الفضاء فى روايات المؤلف اليونانى السورى/لوقيانوس منذ القرن الثانى الميلادى.. وحتى الأفلام السينمائية التى تناولت المكالمات المرئية وعباءات التخفى واستنساخ البشر والطائرات عن بعد، وغيرها من أفكار خيالية تحولت لواقع.. أما السيطرة على العقول والتحكم فى البشر، فقد ظهرت فى الكثير من الأفلام مثل فيلم «The Matrix»، والذى يعيش فيه الأبطال فى عالم افتراضى تتحكم فيه آلات ذكية تسيطر على البشر وتوهمهم أنهم أحرار!!..وتناولت العديد من الأفلام فكرة شرائح يتم تركيبها فى جسم الإنسان، ويمكن من خلالها التحكم فيه مثل: فيلم «Upgrade»، والذى يحكى عن تعرض زوجين لتعطل جهاز سيارتهما الإلكترونية، وتغيير خط سيرهما لمكان مجهول رغمًا عنهما..فيتعرضا لاعتداء مسلح، وتموت الزوجة ويُصاب الزوج بالشلل، حتى يوافق على عرض لإنقاذه، بتركيب شريحة إلكترونية فى رقبته، والتى لا تعيده إلى طبيعته فقط، بل تمنحه قدرة خارقة، فيتمكن من قتل من اعتدوا عليهما، ويكتشف أنهم أيضًا كان لديهم شرائح إلكترونية تم زراعتها فيهم لتجريبها، وأنهم جميعًا ضحية نفس الشركة..وفى النهاية نكتشف أن زوجته لم تمت، وأنه نتيجة للحادث تعرض لغيبوبة.. وقد نشر موقع روسيا اليوم عام 2018، عن تطبيق نظام الشرائح فعليًا فى السويد منذ عام 2015 بشكل سرى، قبل أن تنتشر بتوسع، وتصل لتطبيقها على أكثر من 3000 شخص..وقد طُبقت من خلال رقائق إلكترونية تحت الجلد، تغنيهم عن حمل البطاقات الشخصية أو الائتمانية، وتسمح لهم بالدفع مقابل التسوق، وحجز القطارات، وغيرها من خدمات.. وحذر العالم السويدى بن ليبرتون من خطر اختراق بياناتهم الشخصية، وخاصة أنه إذا كانت المعلومات التى تحويها الشرائح محدودة حاليًا، فقد لا تبق كذلك فى المستقبل..وقد تصل لتشخيص الأمراض فى جسم حاملها!.. وبالتالى ربما تتمكن شركات التأمين أو غيرها من معرفة معلومات عن صحتنا.. ونشرت «سكاى نيوز» العام الماضى تصريح موران سيرف -عالم الأعصاب فى جامعة «نورث وسترن»- أنه خلال خمس سنوات سيتمكن العلماء من تصنيع شرائح ذكية وتركيبها داخل الأدمغة، تزيد قدرة الإنسان على الاستيعاب، وتجعله يحصل على أى معلومة بمجرد تفكيره فيها، لأنها ستكون موصولة بالإنترنت!!.. وفى معهد تصنيع الجزيئات فى كاليفورنيا، تمكن العلماء من السيطرة على وظائف المخ، وبالتالى السيطرة على الحركة والسمع والنظر والنطق والإحساس!!..وقد تداول البعض فى زمن الكورونا، توصل العلماء لإنتاج مصل ضد كوفيد 19، من خلال شرائح لاصقة باسم «بتكوفات»، وأنها قد تكون ضمن وسائل السيطرة على العقول!!..وبالبحث عن مصداقية المعلومة، وجدت على موقع «سكاى نيوز» أن باحثى المركز الطبى بجامعة بيتسبرج، فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، توصلوا للقاح مضاد للكورونا باسم بتكوفات تم تجريبه على الفئران، وجاهز للتجارب على البشر بعد موافقة الحكومة الفيدرالية.. وهو عبارة عن رقعة صغيرة تحتوى على 400 إبرة دقيقة تحقن البروتين الخاص بالفيروس فى الجلد، وهذه القطعة اللاصقة مصنوعة من السكر والبروتين وتذوب فى الجلد، فهل المصل المُنتظر تجريبه برىء من محاولة السيطرة على العقول؟! أم أنه يمكن أن يحيل الخيال إلى واقع؟!.. أم ربما تكون خطوة لقبول العالم فكرة زرع الشرائح، والتى قد تخضع البشر رغمًا عن أنوفهم للسيطرة والتحكم فيهم عن بُعد؟!.. بالتأكيد ستحمل الأيام الإجابة عن كل التساؤلات، ولكن علينا إعادة النظر لما قدمته السينما العالمية من أفلام الخيال العلمى..لعلنا نستقرأ المستقبل، ونواجه ما يحاك بالإنسانية!.