شخصية أفلام الخيال العلمى الشهيرة «سايبورج» بدأت تتحقق مؤخراً على أرض الواقع عبر أجساد البشر الطبيعيين، فهذه الشخصية مزيج من العناصر الحيوية والميكانيكية والإلكترونية، تمنح صاحبها قوى خارقة للطبيعة جسدياً وذهنياً تتحكم فى الأشياء وتهيمن عليها بقوة لا يعرفها البشر من خلال زيادة قدراتهم الجسدية أو حواسهم عبر هذه التكنولوجيا، وبالفعل تمكن علماء من زرع شرائح إلكترونية ببعض أجساد من يجرون عليهم التجارب العلمية، ومن خلال هذه الشرائح يكتسب هؤلاء الأشخاص قدرات تفوق القدرات البشرية مثال التحكم المغناطيسى فى الأشياء، أو تحديد الاتجاهات أو قدرات فتح الأبواب عن بعد أو ترجمة الألوان ليتعرف عليها المخ ومن الشرائح ما يجعل الأعمى مبصراً، على غرار البريطانى «نيل هاربسون» المصاب بعمى الألوان منذ مولده، وهو فنان وعالم فى نفس الوقت ونجح فى تطوير نفسه وأصبح يمتلك «عينا إلكترونية» مع هوائى لترجمة الألوان وتحويلها إلى موجات صوتية يتم نقلها مباشرة إلى المخ وقد أسس هاربسون مع شريكته مون ريبا شركة «سايبورج فاوندشن» فى برشلونة بإسبانيا عام 2010، وقامت مون بدورها بزراعة شريحة مغناطيسية فى جسمها حيث تستطيع من خلالها رصد الزلازل فى مختلف أنحاء العالم، وقد تم نقل الشركة حالياً إلى نيويورك، وتعتزم شركة أخرى شارك هاربسون فى تأسيسها وهى شركة «سايبورج نست»، طرح بوصلة دقيقة يمكن زراعتها فى جسم الإنسان وتعتمد على ذبذبات ضوئية تساعد الشخص المزروعة فيه على تحديد اتجاه القطب الشمالى. وفى مدينة سياتل الأمريكية هناك شخصية أخرى من الرواد فى مجال هذه التقنيات هو «أمال جرافسترا» الذى نجح عام 2005 فى زراعة شريحة متناهية الصغر فى حجم حبة الأرز تحت الجلد بين الإبهام والسبابة وهذه الشريحة تحتوى على شفرة رقمية تقوم بفتح بابه، وأسس جرافسترا شركة باسم (أشياء خطيرة) باع من خلالها أكثر من 10 آلاف شريحة من هذا النوع منذ 2013 وهى بمثابة بطاقة هوية تعمل بموجات الراديو، كما تم تطوير شريحة جديدة باسم «نورث ستار» (النجم القطبى) وهى عبارة عن شريحة مزودة بخمسة صمامات ضوء ثنائى «إل. إى. دى» ويظهر الضوء من تحت الجلد وتمكن حاملها من تحديد اتجاه القطب الشمالى، بجانب قدرات تمكنه من غلق هاتفه الذكى عن بعد بمجرد التلويح بالذراع. وقد فجر هذا التطور التكنولوجى من زرع شرائح إلكترونية بأجسام البشر ومنحهم هذه القوى والقدرات غير الطبيعية، فجر مخاوف سيطرة القراصنة على هؤلاء الأشخاص من خلال اختراق الشرائح والتحكم فيها وتسيير أصحابها وفقاً لأهواء القراصنة لتنفيذ عمليات ومخططات شريرة، وهى مخاوف أثيرت بقوة مؤخراً حول شركة «جريند هاوس ويت وير» التى طوّرت هذه التقنية، حيث ثارت عاصفة من الجدل فى مؤتمر «قرصنة الأجساد» السنوى المخصص لبحث موضوعات التكنولوجيا التى تتم زراعتها فى جسم الإنسان فى مدينة أوستن الأمريكية، غير أن «جريند هاوس ويت وير» أعلنت أنها زودت نورث ستار بأكثر التقنيات أمناً حماية للمستخدمين، وأنها حريصة على خصوصياتهم وأجسادهم، إلا أن هذه التطمينات لم تنه مخاوف الخبراء من انقلاب رغبة البشر فى توسيع نطاق حواسهم إلى وقوعهم تحت سيطرة الهاكرز من قراصنة الكمبيوتر والناشطين فى الجريمة الإلكترونية الذين سيستغلون زراعة البشر للشرائح ليحكموا السيطرة عليهم، حيث تظل إمكانيات اختراق الهاكرز لكل تقنية تكنولوجية جديدة أمراً وارداً جداً رغم كل الاحتياطات التى يغطّى بها المصنعون أدواتهم. بل ذهب بعض الباحثين فى المجال التكنولوجى إلى مخاوف أبعد من ذلك، حيث يرجحون أن تسهم هذه التقنيات الجديدة فى خلق مجموعة من البشر مبرمجة إلكترونياً لتحقيق أغراض الهاكرز، حيث سيعمد القراصنة إلى الاستعانة بأىّ ثغرات أمنية بأنظمة الشرائح لخداع المستخدمين واستغلالهم وفق أهوائهم ليكونوا فريسة سهلة الانقياد لهم، خاصة أن عدد هؤلاء البشر الذين يماثلون شخصية الخيال العلمى الشهيرة «سايبورج» كبير.