على خطى جيرانها، السنغال تشهر الكارت الأحمر في وجه الجيش الفرنسي    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    برشلونة يحسم موقفه من رحيل أراوخو إلى بايرن ميونخ    طقس اليوم: موجة حارة.. وعظمى القاهرة 35 درجة    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    الدولار يواصل السقوط ويتجه لتسجيل انخفاض أسبوعي وسط مؤشرات على تباطؤ في أمريكا    ارتفاع سعر الذهب اليوم في الأسواق    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 17 مايو 2024    شقيق ضحية عصام صاصا:"عايز حق أخويا"    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    «الأرصاد» تكشف طقس الأيام المقبلة.. موجة حارة وارتفاع درجات الحرارة    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    باسم سمرة يروج لفيلمه الجديد «اللعب مع العيال»: «انتظروني في عيد الاضحى»    استئناف الرحلات والأنشطة البحرية والغطس في الغردقة بعد تحسن الأحوال الجوية    دعاء تسهيل الامتحان.. «اللهم أجعل الصعب سهلا وافتح علينا فتوح العارفين»    موعد مباراة ضمك والفيحاء في الدوري السعودي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    «قضايا اغتصاب واعتداء».. بسمة وهبة تفضح «أوبر» بالصوت والصورة (فيديو)    بسبب زيادة حوادث الطرق.. الأبرياء يدفعون ثمن جرائم جنون السرعة    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    كندا تفرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين بسبب انتهاكات    وزير الدفاع الأمريكي يؤكد ضرورة حماية المدنيين قبل أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الجمعة 17 مايو 2024    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    لبلبة: عادل إمام أحلى إنسان في حياتي (فيديو)    وقوع زلازل عنيفة بدءا من اليوم: تستمر حتى 23 مايو    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    أضرار السكريات،على الأطفال    شبانة يهاجم اتحاد الكرة: «بيستغفلنا وعايز يدي الدوري ل بيراميدز»    الذكاء الاصطناعى.. ثورة تكنولوجية في أيدى المجرمين الجدد    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    سيد عبد الحفيظ ل أحمد سليمان: عايزين زيزو وفتوح في الأهلي (فيديو)    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر إبراهيم عبدالرازق.. عاشق التراث الغنائى : مال القمر ماله

تاريخ طويل من الإبداع.. عمره ثلاثة وثمانون عامًا.. عاصر فيه رواد نجوم الفن والشعر والموسيقى والطرب- تجاوزت إبداعاته الفنية المائة وعشرين أوبريت غنائيا والمئات من الأغنيات والاسكتشات التى تغنى بها وقدمها أشهر الفنانين من المطربين والمطربات.
قدم العديد من البرامج التليفزيونية والإذاعية التى حملت بين طياتها عبق التاريخ والتراث الفنى لكبار الأدباء والشعراء ونجوم الفن والطرب.. إنه عاشق الأوبريت وخبير التراث الغنائى الشاعر إبراهيم عبدالرازق.
ولد الشاعر إبراهيم عبدالرازق فى حى باب الشعرية يوم 1933/11/2 بعطفة البيومى أو الست آمنة.. كان والده صاحب مصنع بسكويت ڤانيليا لزوم الآيس كريم.. حصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة بيومى ثم منسى الإعدادية ثم خليل أغا الثانوية ثم دبلومة معهد السينما شعبة إخراج سينمائى وعضو نقابة الفنانين السينمائيين.
• أول غنوة
- قال: البداية مع شقيق والدى «عمى» الموسيقى عبدالرحمن إبراهيم والقائد لإحدى فرق حسب الله الذى كان يقيم بشارع محمد على.. ومن خلال زياراته لنا وزياراتنا له.. كانت تبهرنى بدلته وبدل فرقته التى تشبه البدلات العسكرية فى ذلك الحين.. وكان يصطحبنى معه على مقاهى شارع محمد على.. وفى يوم من الأيام.. كان على المقهى المغنى ذائع الصيت إمام النبراوى وكان موسيقيا أيضًا.. وعرف من عمى أننى أكتب الشعر فطلب منى أن أسمعه شيئًا مما كتبت.. فألقيت عليه:
مال القمر ماله
ماجيناش على باله
هو اللى متربى على العز
ياربى.. يعمل كده فيا
أشوفه أنده له
وأسوق عليه أهله
بالألف والميه
فايت ولا همه
يرن خلخاله
وجريت ورا عمه
وبوست ايد خاله
ماله القمر ماله
ويقول الشاعر: وأخذ يغنيها حتى استمع إليها بالصدفة محمد فوزى فأخذ هذه الكلمات وأعطانى جنيهين.. وبعد ذلك استمعت إليها وقد أضاف إليها الشاعر فتحى قورة عدة أبيات وغناها محمد فوزى.
ويسترسل: كان يتوسط شارع محمد على مقهى شهير اسمه «التجارة» كان بمثابة أكاديمية فنية لتخريج أشهر المطربين أمثال عباس البليدى وصالح عبدالحى وعبدالعزيز محمود وشفيق جلال وغيرهم.. كان يجتمع على هذا المقهى كل فنانى مصر من مطربين وموسيقيين وشعراء وكتاب.
ومنهم سيد درويش الذى جاء من الإسكندرية لتلحين أوبريت لجورج أبيض وتم اختيار المطرب حامد مرسى الذى غنى أروع وأخلد ألحان سيد درويش «زورونى كل سنة مرة» للشاعر يوسف القاضى.. وكان ضمن حضور العرض «بديع خيرى» الذى اصطحب فى اليوم التالى الفنان نجيب الريحانى ليشاهد عرض سيد درويش.. ومن بعدها تكون الثالوث نجيب الريحانى وبديع خيرى وسيد درويش، الذى قدم أروع الأوبريتات التى كانت السلاح الموجه للاحتلال البريطانى والإقطاع والفساد.. وعلى هذا النمط أيضًا كان الفنان على الكسار رائد الكوميديا المصرية بالاشتراك مع المؤلف أمين صدقى والد الممثلة لولا صدقى فى تقديم عروض وطنية لحنها سيد درويش.
ويضيف الشاعر: كان فن الأوبريت ينحصر فى عدد من المؤلفين على رأسهم بديع خيرى.. بيرم التونسى.. محمود يونس القاضى.. محمد تيمور.. أمين صدقى.. وكامل الخلعى أكبر من قدم الموشحات التى تذاع حتى الآن فى فرقة الموسيقى العربية.. هذا العصر الذهبى للمسرح الغنائى كان له أكبر التأثير فى حياتى وتحولت إلى مؤلف وشاعر وباحث فى التراث إلى خبير به وعاشق لفن الأوبريت الذى قال عنه بيرم التونسى:
لو كان فى نوابنا
نايب يفهم الأوبريت
أو حتى ينظم على
تربة أبوه كام بيت
أو حد قال له
مين روميو ومين جوليت
ماكنش يصبح قانون الفن
والإبداع منشور لغاية
ما بتفرق ورق تواليت
• ليلة ولا ألف ليلة
وعن بيرم التونسى وعلاقة الشاعر إبراهيم عبدالرازق به.. يقول: بدأت علاقتى بعمنا بيرم التونسى بعد عودته من المنفى عن بلده وأسرته المصرية.. ووجدت بصحبته رفيقًا أقرأ له أشعارى ويقرأ لى كل جديد.. يحدثنى عن فترة نفيه وعن سيد درويش وأوبريتاته للفنانة ملك.. ليالى عشتها وسهرتها بطولها وقصرها فى فيللا شيخ الملحنين زكريا أحمد مع الطرب والسمر.. نسيت بعضها.. ولكن من الصعب أن أنسى من بينها ليلة كان فيها عمنا بيرم التونسى.. ليلة ولا ألف ليلة احتضن فيها الشيخ زكريا عوده وبدأ يغنى من أشعار بيرم أهل الهوا.. والأمل.. وأنا بانتظارك.. والورد جميل.. والأولة فى الغرام.
وكان معنا لفيف من الأصدقاء.. وفى لحظة تحول العم بيرم من شاعر إلى مغنى مع الشيخ زكريا أحمد.. وأخذا يطربان باللحن المسرحى «يا صلاة الزين» من أوبريت «السفيرة عزيزة» ثم «ياريت يا خونة مارحتش لندن ولا باريس».. ثم «يا حلاوة الدنيا يا حلاوة».. وقبل أذان الفجر غنى الشيخ زكريا «القلب يعشق كل جميل» التى أعاد تلحينها رياض السنباطى لأم كلثوم أثناء وجود بيرم فى المنفى وتوتر العلاقة بين الشيخ زكريا وكوكب الشرق.. أما عن مناسبة وجودى فى هذه الليلة بالتحديد.. فكانت إبلاغ الشيخ زكريا أحمد بموافقة د.عبدالقادر حاتم - وكان وزيرًا للإعلام آنذاك - على تصوير مجموعة من ألحانه بصوته للتليفزيون.. وكان ذلك فى 1960 والتى تم تصويرها بالفعل بمصاحبة الفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن لتقديمها فى برنامجى «مع الموسيقى العربية».. ولشدة متعتى كنت أود أن يطول الليل.. وحين حان وقت الانصراف شعرنا بالتعب والإرهاق يسيطران على عمنا بيرم.. فرافقته حتى منزله بالسيدة زينب بشارع السد.. وكان مرض «الربو» رافقه منذ سنوات.. ولن أنسى أبدًا هذه الليلة التى لم نلتقيا بعدها أبدًا.. فقد رحل عنا عم بيرم تاركًا لنا تراثًا من أجمل الأغانى وأروع الأوبريتات مثل «شهر زاد» ألحان سيد درويش.. «ليلة من ألف ليلة» ألحان أحمد صدقى.. ومن الأغنيات المصورة لأكثر من خمسين فيلمًا وأشعار إذاعية مثل «ليه يا بنفسج بتبهج وأنت زهر حزين» من ألحان رياض السنباطى.
بعد رحيل بيرم وزكريا أحمد فى أسبوع واحد استدعتنى الفنانة ملك وطلبت منى مع المخرج فؤاد الجزايرلى أن أعيد صياغة الأوبريتات التى كتبها لها بيرم ومنها أوبريت مايسة.. سفينة الفجر.. وطباخة بريمو.. وهذه الأعمال كانت مسجلة للتليفزيون.. ولكنه مع الأسف وكعادة عدم تقدير قيمتها تم مسحها.
• يا ليل يا عين
ويستطرد الشاعر إبراهيم عبدالرازق: بعد ذلك قدمت العديد من الأوبريتات التى عرضها المسرح والتليفزيون.. وكان أول أوبريت من تأليفى هو «ثورة بلدنا» الذى افتتح به مسرح الجمهورية بمناسبة الاحتفال بثورة يوليو.. والذى رشحنى لهذا العرض هو الرئيس الراحل أنور السادات الذى كان وقتها رئيسًا لمجلس إدارة جريدة الجمهورية.. وأحمد سعد الدين مدير مكتب ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك.. وأسند العرض للمخرج العظيم زكى طليمات.. وألحان فؤاد حلمى وعبدالعظيم عبدالحق.
قدم شاعرنا عاشق الأوبريت وخبير التراث الغنائى إبراهيم عبدالرازق مائة وعشرين أوبريت منها ما هو من تأليفه.. ومنها من التراث الشعبى الذى ظل باحثًا فيه مع أستاذه وصديقه زكريا الحجاوى الفنان الشعبى الكبير.. الذى كان يصطحبه فى جولاته من نجوع ومراكز الصعيد إلى قرى ومدن الدلتا مدونين التراث وحاملين الموروثات الشعبية وبعض حفظتها.. أحد هذه الأوبريتات يحمل عنوان «يا ليل يا عين» من التراث.. قدمها أول مرة للمسرح الفنان زكريا الحجاوى مع الأديب على أحمد بكثير وأخرجها زكى طليمات فى عام 1956.. وفى عام 2004 أعاد صياغتها دراميًا وكتب أشعارها إبراهيم عبدالرازق وأخرجها حسن سعد..وغيرها.
من أوبريت «موال على ضفتى النيل»، أو «مصر القوية» كما يحب أن يطلق عليه مؤلفه الشاعر إبراهيم عبدالرازق.. وهو ملحمة موسيقية غنائية استعراضية وضع ألحانها الموسيقار محمود الشريف وأخرجها زكى طليمات.. وسبق إذاعتها على حلقات بالتليفزيون يتناول أيضا مدينة الإسكندرية.. يقول:
يا شباب إسكندرية
مشيكم ع البحر غيه
والمراكب والبواخر ع الموانى
رايحة جاية
رايحة شايلة من بلدنا
للوجود أجمل تحية
من مدينة الحضارة
والجمال والإنسانية
إسكندرية
فى الخمسينيات من القرن الماضى توجه الشاعر إبراهيم عبدالرازق إلى الإذاعة المصرية التى اعتمدته مؤلفا.
أول أغنية قدمها للإذاعة كانت من ألحان الموسيقار على إسماعيل الذى كون الثلاثى المرح.. ويقول مطلعها:
اسم الله يا حلو
ذى البدر فى ليلة قدر
وكلك سحر ورقة يا حلو
ويضيف الشاعر إبراهيم عبدالرازق: هناك عشرات الأغانى كان يأخذها الموسيقار كمال الطويل الذى كان مستشارا للموسيقى بدولة الكويت.. كما طلبت منى إذاعة صوت أمريكا وكانت ستديو داخل السفارة الأمريكية بمصر تسجيل أغنيتيه «جافينى إن كانت أجافيك» التى غناها عبدالحليم حافظ ولحنها الموسيقار محمد الموجى.. وبالفعل تم التسجيل وحليم تغنى من كلماتى ولحن حسن أبوالنجا أغنية عيد الهنا يا عيد التى كان يغنيها من العديد من المناسبات يقول مطلعها:
عيد الهنا يا عيد
تجيتا فى المواعيد
وقلوبنا تفرح بيك
ونغنى كلنا ليك
يا عيد الهنا يا عيد
ومن ألحان الموجى شدت ليلى مراد من كلمات شاعرنا إبراهيم عبدالرازق غنوة «سؤال وجواب» والتى بدأها:
اسأل عينيه يمكن تجوبك
يمكن تطمن بنظرة قلبك
ومش حدلك لكن حقولك
أسأل عينيه.
تغنى من كلمات الشاعر إبراهيم عبدالرازق معظم مطربى ومطربات جيله مثل محمد قنديل ومحمد عبدالمطلب وسعاد محمد وشفيق جلال ومحمد رشدى وشريفة فاضل ومها صبرى وغيرهم.. وقدم لفرقة الموسيقى العربية 270 عملا من موشحات من التراث والأدوار والطقاطيق.. وفى هذه الأثناء.. يقول الشاعر إبراهيم عبدالرازق: التقيت بالمونتير السينمائى كمال أبوالعلا الذى طلب منى فيلماً تسجيلياً عن سيد درويش وبعض رواد الموسيقى الأوائل.. وبعد تسجيل الفيلم كلفنى بعمل برنامج يحمل التراث الغنائى.. وكان ذلك فى عام 1960 وبالفعل كتبت 120 حلقة بعنوان «مع الموسيقى العربية».
• السادات كان عاشقا للتراث أما عن تكوين فرقة الموسيقى العربية.. فلها حكاية يرويها لنا الشاعر إبراهيم قائلا:
فى عام 1967 وقبلها توقفت العروض المسرحية ودار الأوبرا.. وكان صديق عمرى أحمد شفيق أبوعوف يعمل رئيسا لمعهد الموسيقى العربية ورئيس لجنة الموسيقى العليا.. فاتفقنا على تكوين فرقة للموسيقى العربية كتخت شرقى يؤدى التراث الغنائى من موشحات وأدوار وطقاطيق، على أن تقدم عروضها بدار الأوبرا.. وبعد عدة شهور من البروفات.. أرسل إلينا د.ثروت عكاشة وزير الثقافة لجنة لكتابة تقرير عن الفرقة.. وكانت اللجنة مكونة من د.جمال عبدالرحيم.. د.سمحة الخولى.. والسيدة رتيبة الحفنى.. ورفضت اللجنة الفرقة بحجمها الكبير والاكتفاء بخمسة أفراد فقط ولحبى وعشقى للموسيقى بصفة عامة والموسيقى العربية بصفة خاصة.. ومما قدمته من أعمال خلال سبع سنوات شارك واشترك معى فيها شيخ الملحنين زكريا أحمد.. محمود مرسى.. وسيد مصطفى وعدد كبير من الحفظة لتحفيظ الألحان من تسجيلات تم نقلها من مصادر متعددة من بعض المحافظات ومن تسجيلات للإذاعة.. ذهبت وحملت التقرير إلى الوزارة المركزية حيث التقيت بكل من فوزى عبدالحافظ وعبدالرءوف جبريل ومحمد الجيار.. ثم أنور السادات الذى كان عاشقا للتراث الغنائى وكنت أقوم بنقل بعضها على شرائط «بكر» يشتريها لى وأرسلها إليه.. وعرضت عليه تقرير اللجنة، ورغم خوفى من د.ثروت عكاشة، فإن أنور السادات وبشجاعة خارقة صمم على أن يحمى هذه الفرقة وطلب منى التواجد فى اليوم التالى بدار الأوبرا.. وهناك فوجئت برفض صالح عبدون وشكرى راغب رؤساء دار الأوبرا القديمة.. بحجة أن الموسيقى العربية لا تليق بفنون الأوبرا.. وبقرار من السادات تم إنشاء الفرقة وإعداد مبنى قاعة سيد درويش بالهرم على أعلى مستوى.. وكان الطريق لها غير ممهد ومردوم بالحجارة.. فأمر بإحضار كساحات لرفع الحجارة وتمهيد الشارع.. وقيام سيارات وأتوبيسات من أمام دار الأوبرا لتوصيل الجماهير إلى قاعة سيد درويش.
ويتذكر الشاعر إبراهيم عبدالرازق: علاقتى بالسادات بدأت منذ لقاءاته ومصاحبتى لزكريا الحجاوى رائد الفن الشعبى، حيث كان حب السادات له وللفن بصفة عامة.. ومن هنا حدث التقارب.. وكان الرئيس الراحل أنور السادات رئيس مجلس إدارة دار الجمهورية.. وكان له عمل آخر فتعلق بالثقافة لم أعد أذكره.
• مواقف وشخصيات
هناك مواقف وشخصيات وأبيات شعرية لم ينسها الشاعر إبراهيم عبدالرازق.. من المواقف يتذكر: مرة كنت أحضر تسجيل حلقة من حلقات «مصر على مر العصور» من تأليفى وألحان الموسيقار محمود الشريف فى أحد استديوهات الإذاعة.. وكان وقتها الملحن بليغ حمدى يضبط فى تسجيل أغنية «حكم علينا الهوى» التى غنتها كوكب الشرق أم كلثوم فى مرضها الأخير وللأسف صوتها كان أصابه الوهن بعض الشيء.. ففوجئت بالمطربة وردة الجزائرية تتهكم وتقول: «ده بقى صوت أم كلثوم» لم أتمالك نفسى وعاتبتها وطردتها من الاستوديو.
وممن لا ينساهم شاعرنا إبراهيم أبدا الشاعر الراحل حسين السيد الذى كتب أروع ما غنى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.. فقال عنه: لم أر فى أخلاقه الرفيعة مثالاً وحتى كلماته من الأشعار كانت فيها الرقة والصفية والوطنية وتحمل دائما قيما ومبادئ ومثل عليا.. مثل عاشق الروح.. الحبيب المجهول ولا أنسى كلمات فى لحن «الهى ما أعظمك» الذى شدت به نجاة الصغيرة ويقول فيها:
على خدود الحجر
ترك الزمن تجاعيد
تحكى لكل البشر
قصة ملوك وعبيد
فيه اللى راح واندثر
واللى اتقابلوا فى المواعيد
وكذلك لا أنسى الشاعر حافظ إبراهيم الذى كتب مصر تتحدث عن نفسها والتى يقول فيها:
قد ودعت العلى من رجالى
فأنجزوا اليوم وعدى
فالعلم وحده ليس يجدى
نحن نجتاز موقفا
تعثر الآراء فيه
وعثر الرأى تردى
أى اختلاف الرأى «يدمر».. وكذلك فحافظ إبراهيم الذى رحل عنا منذ أكثر من تسعين عاما يخاطبنا وكأنه معنا ينادى فينا العلم والأخلاق والتوافق والاتفاق.. وكذلك يحذرنا من خلاف الرأى الذى يؤدى إلى الدمار.
ومن حافظ إلى شوقى أمير الشعراء الذى كان يخشى على الفصحى من عامية بيرم.. يكتب أعلى وأرقى عامية فى تعبير:
النيل نجاشى حليوة أسمر
عجبنى لونه ذهب ومرمر
أرغوله فى إيده
حياة بلادنا
يارب زيده
حس شوقى أدرك قيمة المياه ونقاءها.. وأذكر أيضا بديع خيرى الذى قال:
قوم يا مصرى
مصر دايما بتناديك
خد بنصرى
نصرى دين واجب عليك
شوف جدودك
فى قبورهم ليل نهار
كل عظمة من جهودك تستجار
صوت آثارك ياللى دمرت الآثار
دول فاتولك مجد ما تقلقش عار
مصر طول ما أنت فيها يا نيل
عمر اللى فيكى ما راح يعيش أبدا ذليل.
ومازال شاعرنا إبراهيم عبدالرازق يتذكر الشاعر الرقيق المحب طيب القلب، ضخم الجسم كامل الشناوى الذى كان عاشقا لعصفورة وبلبلة الغناء من جانب واحد نجاة الصغيرة.. ويشعر أن ضخامة جسده عائق يحول بينه وبينها.. وكم كانت نجاة تجعل كل من يلتقى بها يعتقد أنها تحبه وتعشقه.. وعلى رأسهم محمد عبدالوهاب.. محمد التابعى دون جوان عصره أحب نجاة لكن لم يستطع أبدا أن يجعلها تحبه.
الشاعر عاشق الأوبريت وخبير التراث الغنائى إبراهيم عبدالرازق.. انتهى وقتى معه.. ولكن ذاكرته مازالت تحمل كنوزا من الذكريات والحكايات والمواقف والشخصيات.. ويتمتع بقدرة فائقة على السرد والعطاء والعشق للتراث الغنائى وموسيقاه.. ومؤمنا تماما بأن التراث هو التاريخ.. هو الهوية والشخصية.. ليتنا نحافظ عليها. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.