«عاشق الاوبريتات» هكذا يوصف الشاعر الغنائى وخبير التراث إبراهيم عبدالرازق الذى ينتمى لزمن رحل فرسانه فقد قدم ما يقرب من 120 اوبريتًا على مدار 55 عامًا وغنى من اشعاره كبار مطربى الزمن الجميل أمثال عبدالعزيز محمود وعباس البليدى وفايدة كامل ومحمد قنديل وعادل مأمون وغيرهم فخبرة 83 عامًا عاش معظمها مع عباقرة الكلمة واللحن والصوت مما جعل لديه حصيلة مهمة من الاعمال والذكريات ويؤرخ اسمه معهم ومع هذا يخشى مصير بيرم التونسى الذى لم يحصل حقه فى حياته ونهايته كانت مأساوية على حد قوله. وفى هذا الحوار يفتح ابراهيم عبدالرازق صندوق ذكرياته ويتحدث عن زمن الفن الجميل وتفاصيل نادرة ترويها السطور القادمة ■ نعود للخلف عقود وسنوات حدثنا عن بدياتك مع كتابة الأغنية والأوبريت؟ - الموضوع بدأ عام 1954وكان من خلال الاذاعة حيث قدمت مجموعة من الاغنيات بعد الثورة للمطرب عبدالعزيز محمود الذى غنى لجلاء الانجليز عن مصر ثم العدوان الثلاثى كما كتبت اغنيات لشفيق جلال مثل «يا أمنا يا حنينة» وغنى من اشعارى صفوان بهلوان «يا مصرى يا أعظم بطل» وكتبت بعض أغنيات الاطفال فى البرنامج الاذاعى بابا شارو كما اأعددت برامجًا لكبار المذيعين فى ذلك الوقت امثال احمد سعيد وكامل البيطار فلا انسى برنامج ابطال الغد الذى كتبته لاطفال فلسطين وكتب عنى وقتها فى الصحافة الاسرائيلية ان برنامجى يحرض اطفال فلسطين على كرة اليهود ■ هل هناك أغانى رومانسية بجانب الاعمال الوطنية التى ذكرتها؟ - نعم فقد غنت من اشعارى الفنانة فايدة كامل اغنية «عايزة اشوف الحب غنوة فى كل قلب» وهناك أغنية رومانسية لمحمد قنديل تحمل اسم «عاشق الاوهام» التى أعاد تسجيلها فى اواخر ايامه ايضا كتبت اغنيات لعباس البليدى وعادل مأمون وماهر العطار وتم تسجيل هذه الاغنيات فى الاذاعة لكن للأسف تم مسحها بسبب الاهمال وهى اغنيات نادرة والحمد لله مازلت احتفظ بها وعلى الرغم من انتاجى هذه الاغنيات لكن اعتبر نفسى عاشقًا للأوبريت حيث كتبت ما يقرب من 120 اوبريتًا وصورة غنائية منهما 18 اوبريتاً للمسرح الغنائى وللاسف قارب هذا النوع من الاعمال على الانقراض وحل مكانه نوع غريب من الاغنيات ■ ما اشهر الاوبريتات التى تعتز بها؟ - هناك عدد كبير من الاوبريتات اعتز بها مثل «حمدان وبهانة» و«موكب التاريخ» و«البخيلة» التى غنتها صفاء ابوالسعود فى بدايتها وغنى من اشعارى الفنان عبدالمنعم مدبولى اوبريت «الوقت اغلى من الدهب» أيضا هناك اوبريتات مثل «بنت بحرى» و«ثورة بلدنا» و«بنت بطوطة» و«بدلة التشريفة» وحديثا قدمت مع البيت الفنى للمسرح اوبريت «يا ليل يا عين» للمطربة الراحلة فاتن فريد والمطرب احمد ابراهيم كما قدمت «ليلة اسكندرانى» مع احمد ماهر وغادة ابراهيم وعرضت فى الاسكندرية واخيرا كتبت زى العسل الذى يتناول حياة الكسار وقدمتها فرقة السامر المسرحية ■ حدثنا عن الشخصيات الفنية من الملحنين وشعراء الاغنية الذين عاصرتهم وتنتمى لجيلهم؟ - لحسن حظى اننى تعاملت فى بداية حياتى مع رموز موسيقية وفنية صنعت تاريخ الاغنية المصرية والعربية من هؤلاء الملحن الكبير محمود الشريف الذى قدمت معه اغنيات كثيرة كذلك عبدالعزيز سلام ومن الشعراء مأمون الشناوى، ايضا عبدالوهاب محمد وعبدالسلام امين الذى انتمى لجيلهم ■ ما أهم الذكريات التى لا تنساها وعاصرتها مع نجوم الزمن الجميل؟ - اتذكر مرة كنت احضر تسجيل «مصر على مر العصور» فى استديوهات الاذاعة وكان وقتها الملحن بليغ حمدى يضبط فى تسجيل اغنية «حكم علينا الهوى» التى غنتها كوكب الشرق ام كلثوم فى مرضها الأخير وللأسف صوتها كان اصابه الوهن بعض الشىء فتهكمت عليه المطربة وردة وقالت بالنص هو «ده صوت كوكب الشرق» وقتها لم املك نفسى وطلبت منها الخروج من الاستديو وعاتبتها لانه لايصح ما قالته، ايضا لا انسى عندما عرض الملحن محمود الشريف على الفنانة الكبيرة شادية تسجيل «تاريخ مصر» لكن كانت مريضة ولديها نزلة برد فاستعان بمطربة ناشئة اسمها سهير فهمى وبالفعل سجلتها للاذاعة وللاسف هذه الكنوز فى طريقها للاندثار بسبب اهمال المسئولين فى ماسبيرو خاصة فى التعامل مع التسجيلات النادرة ■ هل حقيقى تمتلك مكتبة فى بيتك للتسجيلات النادرة؟ - بالفعل فأنا عاشق للتراث ومنذ فترة طويلة وانا اجمع تسجيلات وموشحات ونوت موسيقية نادرة فمثلا لدى أغنيات كاملة بصوت منيرة المهدية ومجموعة الاوبريتات الكاملة لسيد درويش والتى تصل ل 28 اوبريتًا وستتعجبى عندما تعلمى أن سيد درويش اول من غنى للتحرش فى اغنية تقول مطلعها «ودا مين اللى يستجرى يجى جنب بنت مصر»، كما اشتريت موشحات لكامل الخلعى من بائع الروبابيكيا. لذلك منزلى اصبح مثل «المستوقد» من كثرة المقتنيات التى احتفظ بها وقد اهديت بعضها للمجلس الاعلى للثقافة. ■ رغم تاريخك الطويل الذى تعدى 83 عامًا لكن الدولة لم تكرمك. كيف ترى هذا؟ - انا مثل بيرم التونسى ونجيب سرور الاول اكل فى اواخر ايامه من صناديق الزبالة والثانى أشاعوا عنه الجنون وللاسف حالى لا يختلف كثيرًا عن هؤلاء الكبار فرغم اننى اصبحت فى مرحلة الشيخوخة ووصلت لأرذل العمر لكن أحوالى المالية سيئة ومعاش نقابة السينمائيين لا يكفى لدفع اشتراك التأمين الصحى حتى التليفزيون الذى بدأت معه وعشت بين اروقته واستديوهاته 55 عامًا ومنعونى من دخوله فلم يراعوا سنى وشيخوختى وحبى للموسيقى الذى يجرى فى دمى لكن هذا قدرى.