سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 20 مايو 2024    مصر تنعي وفاة الرئيس الإيراني في حادث طائرة    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء سوداني حياته قفزًا من مسكنه في الشيخ زايد    الأمم المتحدة تحتفي باليوم العالمي للنحل لإذكاء الوعي    اليوم.. مجلس النواب يستأنف عقد جلسته العامة    بدأت بسبب مؤتمر صحفي واستمرت إلى ملف الأسرى.. أبرز الخلافات بين جانتس ونتنياهو؟    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    السيسي: مصر تتضامن مع القيادة والشعب الإيراني في مصابهم الجلل    الاثنين 20 مايو 2024.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب4 مليارات جنيه    اليوم.. محاكمة طبيب نساء بتهمة إجراء عمليات إجهاض داخل عيادته    اليوم.. الذكرى الثالثة على رحيل صانع البهجة سمير غانم    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    الرعاية الصحية تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي من شبكة المستشفيات العالمية الخضراء    مجلس الوزراء الإيرانى: سيتم إدارة شئون البلاد بالشكل الأمثل دون أدنى خلل عقب مصرع إبراهيم رئيسي    مخيم جباليا يكبد الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة.. إصابة 94 جنديا وتدمير 65 آلية    باكستان تعلن يوما للحداد على الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته عقب تحطم المروحية    زد يسعى لمواصلة صحوته أمام الاتحاد السكندري بالدوري اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    تفاصيل الحالة المرورية اليوم الإثنين 20 مايو 2024    الشعباني يلوم الحظ والتحكيم على خسارة الكونفيدرالية    استقرار أسعار الفراخ عند 82 جنيها فى المزرعة .. اعرف التفاصيل    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري قبل اجتماع البنك المركزي    السيطرة على حريق بمنفذ لبيع اللحوم فى الدقهلية    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبدالغفور    اليوم.. محاكمة 13 متهمًا بتهمة قتل شقيقين واستعراض القوة ببولاق الدكرور    جوميز: هذا هو سر الفوز بالكونفدرالية.. ومباراة الأهلي والترجي لا تشغلني    رحل مع رئيسي.. من هو عبداللهيان عميد الدبلوماسية الإيرانية؟    نجمات العالم في حفل غداء Kering Women in Motion بمهرجان كان (فيديو)    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    تسنيم: قرارات جديدة لتسريع البحث عن مروحية رئيسي بعد بيانات وصور وفيديوهات الطائرة التركية    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    فاروق جعفر: نثق في فوز الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    أول رد رسمي من الزمالك على التهنئة المقدمة من الأهلي    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات صوفيا تولستايا

في نوفمبر من هذا العام يحتفل العالم بمرور مائة سنة علي وفاة الكاتب الروسي الشهير ليو تولستوي يتصدر قائمة الكتب الجديدة الصادرة بهذه المناسبة كتاب "حياتي" وهو السيرة الذاتية التي كتبتها زوجة تولستوي، صوفيا أندريفنا، في الفترة من 1913 حتي 1919، والتي صدرت ترجمته الإنجليزية منذ أيام فقط في أوتاوا.
تزوجت صوفيا أندريفنا وهي في الثامنة عشرة من عمرها من تولستوي وكان يكبرها بستة عشر عاما، وحصلت بزواجها عام 1862 علي لقب كونتيسة وأقامت في بيت كبير وعريق ورثه تولستوي عن أمه أنجبت صوفيا ثلاثة عشر ولدا مات منهم خمسة وقيل إنها كانت كثيرة الشكوي من عبء الحياة الزوجية ومن اعتماد زوجها عليها في تربية الأولاد وإدارة شئون البيت فضلا عن رعاية أعماله الأدبية ونسخ رواياته بخطها علي مدار سنين طويلة عاشا فيها معا كزوجين حتي وفاة تولستوي في عام 1910.
ثمانية وأربعون سنة زوجية، حكت عنها صوفيا في يومياتها التي نشرت أجزاء منها بالروسية منذ سنوات، كما كتبت عنها في مذكراتها التي تروي فيها طفولتها وصباها وحياتها مع تولستوي. طريق طويلة قطعتها في ظله رغم أنها كانت تنعم ببعض الشهرة بسبب انتسابها إليه وبسبب مكانتها الاجتماعية واحترافها التصوير، ولكنها عندما تقرر في النهاية أن تكتب "حياتها" تجد أن حياته هو في الحقيقة هي محور الاهتمام وتفاصيل كتاباته ونزواته ومصادر كتبه ومغامراته وملهمو شخصياته كما نعرفهم من رواياته تطفو دائما وتستحوذ علي الحكاية.
الترجمة الإنجليزية لكتاب "حياتي" صدرت منذ أيام فقط عن مطبوعات جامعة أوتاوا الكندية. عكف علي الترجمة اثنان من الباحثين الأكاديميين والمترجمين وقام بتحقيقها وتقديمها البروفيسور أندرو دونسكوف. صدر الكتاب في نحو ألف ومائتي صفحة وتضمن مقدمة وافية بقلم دونسكوف ومئات الصور الفوتوغرافية التي التقطتها صوفيا أندريفنا لزوجها وأسرتها وأبناء الارستقراطية الروسية في نهاية عصر القياصرة وللفلاحين العاملين في أراضي الأسرة الارستقراطية وللمنزل الذي ولد فيه تولستوي ومات ودفن فيه وكان جزءا من تاريخهما معا علي مدار نصف قرن.
أقيم حفل كبير في أجمل قاعات الجامعة احتفالا بصدور الكتاب. حضرت الحفل بدعوة من بروفيسور دونسكوف وهو زميلي في نفس القسم وأستاذ غير متفرغ للدراسات السلوفاكية. كنت التقي به مصادفة من وقت لآخر فيبتسم ويحييني بود ونتبادل كلمات مقتضبة قبل أن يذهب كل إلي حال سبيله.. الأسبوع الماضي، جاء إلي مكتبي يدعوني لحفل توقيع الكتاب كأنه حفل زفاف ابنه أو ابنته.. كنت أجهل قبل هذا الحفل أن سمعة دونسكوف العلمية واسعة وأنه صاحب كتاب عن تولستوي صدر قبل خمس سنوات وأنه وراء ترجمة هذا العمل الضخم عن حياة زوجة تولستوي الذي يعد سبقا علميا وتاريخيا ومصدرا مهماً من مصادر الدراسات الأكاديمية عن تولستوي وأعماله. في الحفل، ألقي دونسكوف كلمة مقتضبة عن صوفيا تولستايا وقرأ جزءا من رسالة أرسلتها إلي الناشر قبل الشروع في كتابة مذكراتها، أشارت فيها إلي حيائها من كتابة مذكراتها باعتبار أن حياتها ليس فيها ما يستحق النشر، وكيف أنها تراجعت عن هذا القرار لأنها فكرت أن رواية حياتها ليست سوي وسيلة لكتابة قصة حياة زوجها.
لم تعجبني فكرة أن تكون صوفيا مجرد ظل باهت لزوجها النابغة، وفكرت أن هذا الامتداد المذهل لعلاقتهما الزوجية دليل علي رسوخها ومكانتها المهمة في تاريخه الشخصي والعام، خاصة أن علاقات تولستوي ومغامراته العاطفية لم تقف عقبة في طريق المشروع الثنائي، مشروع البيت والأولاد والاستقرار، ومشروع الكتابة والشهرة والنبوغ. فكرت أن مثل تلك المشروعات أصبحت اليوم هشة يسهل هدمها سواء كان الكاتب رجلا أو امرأة، وسواء كان الرفيق متفهما أو متعنتا. تحكي صوفيا أن زوجها في أول شهور زواجهما أطلعها علي يومياته التي يحكي فيها مغامراته العاطفية وطلب منها أن تقرأها وأن تتقبله كما هو، لا كما تتمني أن يكون. وهي قبلت المقايضة لتضمن نجاح المشروع، وعاشت لترعاه وتزود عنه بكل ما أوتيت من حنكة ودراية بشروط الحياة مع كاتب بقامة وأهمية تولستوي.
فكرت وأنا أستمع بنصف أذن لكلمات العمداء وكبار رجال الجامعة وهم يتحدثون عن تولستوي وزوجته أن هذا الثبات في الزمن لم يعد ممكنا في عصرنا. نصف قرن من الزواج...أليس الرقم قياسياً؟! لم يكن الأمر كذلك فيما مضي، ربما لأن الناس كانوا يتزوجون في سن صغيرة وربما لأن الإنسان في الماضي كان أكثر انحيازا وتقبلا للبطء والتروي ولأن حساب الزمن لم تكن تتدخل فيه شروط السرعة والرغبة في الإنجاز والشعور بفساد الوقت، وربما لأن الزوجة هي التي كان يقع عليها عبء الموافقة علي شروط الزوج وليس العكس.
كنت جالسة في الحفل إلي جوار زوجي وكنا نلتفت من آن لآخر ونبتسم لبعضنا البعض مزهوين بمرور عشرين سنة كاملة علي زواجنا.. لكني تجهمت حين وسوس لي الوسواس الخناس وقال: ماذا كان تولستوي فاعلا لو أن صوفيا أندريفنا أعطته ثبتا يوميا بمغامراتها العاطفية في بداية زواجهما؟ وماذا كان من الممكن أن يكون رد فعله لو أنها رفضت الحمل المتكرر الذي أجبرها عليه أو رفضت نسخ رواية "الحرب والسلام" كاملة عدة مرات بسبب تردده أثناء الكتابة؟ هل يمكنك ذات يوم الشروع في كتابة "حياتك" كما فعلت صوفيا في آخر أيامها؟ هززت رأسي بغضب فتساقطت الوساوس مثل فراشات محترقة وطمأنتني نفسي بأني رغم إعجابي بها لا أشبه صوفيا في شيء والأهم من ذلك أنني لا أشبه تولستوي نفسه، لأنني لست مسيحية تبحث عن الخلاص ولست مربية أجيال ولست كاتبة روايات تاريخية والشيء الوحيد الذي يجمع بيننا هو رومانسيته علي طريقة "آنا كارنينا" وحنينه للبيت القديم والسلام الأبدي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.